مع بداية كل عام تمتلئ الصحف بأخبار من يقومون بالتنبؤ بأحداث العام الجديد والحقيقة ان الفارق بين النجاح والفشل في الحياة يكمن في كثير من الاحيان في القدرة على التوقع «العلمي» الدقيق بما سيأتي وذلك عبر القراءة والربط المنطقي بين احداث الامس والحاضر والغد فثوب المستقبل تحاك خيوطه في نهاية المطاف من نسيج الحاضر ولا يأتي منفصلا عنه.
ندرة القراءة والاطلاع وقلة المشورة والاستماع كانتا سبب تباينا مع بعض الاحبة المنضوين للتيارات السياسية في اعتقادهم الجازم بالامس بأن تغيير الدوائر الانتخابية لم يقض على امراض اللعبة السياسية في الكويت من شراء اصوات وتفشي القبلية والعائلية والطائفية واعتقادنا بغير ذلك وان تطبيق القانون وتفعيله هما الحل وان من يدعون للتغيير فسيكونون اكبر المتضررين منه، وحدث ما حدث.
وابان الانبهار الشديد لبعض اقتصاديينا بما يجري في بعض دول الاقليم من مشاريع عمرانية ضخمة وتكرار طلبهم بتقليده تباينت معهم وكتبت في 12/7/2008 مقالا بعنوان «الانهيار الكبير» حذرت فيه من ظاهرة تحويل البترودولار الى مشاريع عمرانية لن تجد من يشتريها واستغربت ان دولنا قليلة السكان اصبحت تحوي «اكبر» الاسواق و«اطول» العمارات و«اضخم» المدن الترفيهية والفنادق في وقت يفترض ان تكون تلك المنشآت في البلدان شديدة الثراء كأوروبا وأميركا واليابان او وافرة السكان كالهند والصين واندونيسيا كما أتى نصا في المقال.
واستطردت بالقول اننا قد نشكر «يوما ما» بيروقراطيتنا العتيدة وازمات مجلس الامة المتكررة كونها حدّت دون قصد من قيام الكويت بمثل تلك المشاريع الضخمة عالية المخاطر ومن ثم منعنا خسارة ثلاثية كانت ستتم عبر دفع المليارات لانشاء تلك المشاريع ثم دفع مليارات لاحقة لصيانتها وتشغيلها ومليارات ثالثة «لانهيارها» انتهى، بالفعل هل لنا ان نتصور وضعنا الحالي فيما لو كنا قد قمنا بشكل مستعجل بتلك المشاريع الاسمنتية الضخمة التي أوصى بها وبقوة مختصونا وحدث الانهيار المالي.
وكنا قبل ذلك قد تباينا كذلك مع خبرائنا النفطيين ممن اشاعوا وصدقوا مقولتهم بان الطلب الصيني والهندي المتزايد على النفط سيمنع هبوط سعره عن 100 دولار، كما رفضنا الفكرة المجنونة التي روج لها بعضهم بانشاء انابيب نفطية تنقل نفطنا الى بحر العرب تحسبا لاغلاق مضائق هرمز التي قلنا في حينها انها لن تغلق كونها تمتد لاكثر من 55كم وليست كقناة السويس التي لا يزيد عرضها على مئات الامتار حتى لو اغلقت فلن يتعدى الامر الا سويعات او اياما قليلة لفتحها.
تبعا لما سبق نقول ودون حاجة لكثير من الشطارة والذكاء والاطلاع ان عام 2009 سيكون اسوأ بكثير من عام 2008 اقتصاديا وامنيا وسياسيا وضمن محيطنا المحلي والاقليمي والعالمي، فالازمة الاقتصادية التي اصابت الربع الاخير من العام الماضي ستمتد تداعياتها لجل العام الحالي حيث ستفلس الشركات وتتفشى البطالة ويهتز الأمن وتتكرر الازمات السياسية، والحديث ذو شجون.
آخر محطة:
أمنية قلبية بالشفاء العاجل للزميل خليفة علي الخليفة رئيس تحرير «الوطن» وما تشوف شر يا بوعلي.