سامي النصف

تحت ظلال الدستور

أمضيت يوم امس في ندوات ولقاءات اخذتنا الى ندوة عقدت لدى الزميلة «الصوت» ولقاء مع الزميلة «الوسط» وحضور تجمع شباب «صوت الكويت» وافتتاح انشطة منتدى الحوار الوطني للإصلاح السياسي في مبنى المجلس البلدي وإلقاء كلمة في مبنى الأمانة العامة للأوقاف في تجمع صحافيات الغد، وقد كان محور أغلب تلك اللقاءات هو الحديث عن الدستور الكويتي في عيد ميلاده الـ 46.

ومما قلته في بعض تلك المنتديات ان اكبر الضرر الذي اصاب العملية السياسية في الكويت اتى ممن تعاملوا مع الدستور بطريقة رفعته الى منزلة القدسية وبشكل لم يقل به الآباء المؤسسون ومن ثم اصبحوا ملكيين أكثر من الملك، وحدّوا من ايجاد تعديلات تجعل الدستور مرنا ومتطورا ليواكب حاجيات ومتغيرات العصر، مستفيدين من حسنات وسيئات التطبيق كي تخلق له انياب حادة تحاسب وتعاقب من يستغل الكراسي الخضراء للاثراء غير المشروع او لتقييد الحريات العامة.

وضمن المسار التاريخي للدستور لا اعتقد ان احدا يستطيع المزايدة على اثنين من كبار مؤسسيه وهما رئيس المجلس التأسيسي المرحوم عبداللطيف ثنيان الغانم ووزير العدل آنذاك المرحوم حمود الزيد الخالد، ممن آمنوا كما اتى في المحاضر بان تعديل الدستور ليس هجمة عليه كما يدعي بعض المستفيدين والمتمصلحين منه هذه الأيام، بل ان في ذلك التعديل تقديرا وتوقيرا لذلك الدستور ولآبائه الحكماء المؤسسين.

فمن ضمن محاضر لجنة انشاء الدستور انقل الحوار الهام الذي تم بين الراحلين الكبيرين واتى في صفحتي 86 و87 من تلك المحاضر، ونصه «سؤال على لسان وزير العدل: لماذا «قيدنا» الدستور بمضي خمس سنوات حتى يمكن تعديل اي مادة من مواده؟» اي ان الأب المؤسس المرحوم حمود الزيد الخالد لا يرفض التعديل، بل يستغرب من الانتظار 5 سنوات – لا خمسين – للقيام بذلك التعديل والتطوير.

وبالمقابل سنجد في ثنايا رد رئيس المجلس انه لم يرفض او يستهجن عملية التعديل كما تقوم بذلك هذه الايام بعض التوجهات والكتل المستفيدة من جموده، بل يوافق على ذلك الأمر بعد فترة من التجربة، حيث اجاب بما يلي نصه «ان المقصود بعدم جواز اقتراح التنقيح او التعديل قبل مضي 5 سنوات ان يطبق هذا الدستور فترة حتى يتبين من التطبيق نقاط الضعف التي قد تكون فيه وحتى تتم التعديلات على ضوء التجربة العملية لا قبلها».

واتى ضمن المادة 174: «للأمير ولثلث اعضاء مجلس الأمة حق اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل او حذف حكم او اكثر من احكامه او بإضافة احكام جديدة اليه ويشترط لإقرار التعديل او التنقيح موافقة ثلثي الأعضاء وتصديق الأمير عليه واصداره»، وضمن المادة 175: «الأحكام الخاصة بمبادئ الحرية والمساواة لا يجوز اقتراح تنقيحها ما لم يكن التنقيح للمزيد من ضمانات الحرية والمساواة».

ان مسؤوليتنا امام الكويت وامام التاريخ ان نصبح الأبناء المجددين لدستور الآباء المؤسسين، والا نمثل دور الأبناء الخائفين او الجامدين او المستفيدين من الجمود الذي اصاب الدستور، لقد حان الأوان لخلق الآليات والأدوات التي توفر الصلاحيات اللازمة للمحكمة الدستورية كي تلغي وتسقط اي تشريعات قد صدرت تخل بالمساواة أو تحد من الحريات العامة، وما أكثرها!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *