أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع

وجوهٌ تبدلت.. والحكومة باهتة

نهج تشكيل الحكومة هو هو لم يتغير لم يتقدم.. لم يتطور ولم يتبدل، فمنذ ١٩٧٨ وتشكيل الحكومات لدينا مفهومه في وادٍ ومفهوم الدستور عنه في وادٍ آخر، فمع ثبات شخص رئيس الوزراء، الذي ينتمي للأسرة الحاكمة «خلافا لمقاصد الدستور وأحكامه» وأمام تكريس مفهوم التراتبية العمرية فيمن يتولى رئاسة مجلس الوزراء من أبناء الأسرة، بالرغم من وجود كفاءات شابة في الأسرة تبعث فيها الحيوية والتجديد، ومع قناعتنا التامة بأن إسناد رئاسة الوزراء لأحد أبناء الشعب، دون الأسرة، يتفق مع الدستور من جهة، ويضمن تداول هذا المنصب شعبياً للأكفأ، وفيه حفظ لمكانة الأسرة بعيداً عن التجريح كما قصد الدستور ذلك.
أما اختيار الوزراء فانه يمثل اخفاقاً متكررا في عدم سلامة نهج التشكيل، ففكرة وجود أربعة لنواب الرئيس ليس لأداء مهمة أو إنجاز عمل وانما لمنح وضع تشريفي لمن يمنح هذا المسمى، فوالله ذلك هو الفشل بعينه، وعند تثببت الوزراء من أبناء الأسرة في مناصبهم رغم اخفاق بعضهم ورغم عدد من التساؤلات حول بعضهم، ندرك أننا أمام حكومة «لا طبنا ولا غدا الشر»، وهو سيكون سبباً للضعف المستمر للحكومة، التي ينبغي أن يكون عدد أبناء الأسرة الحاكمة فيها رمزياً (٢ أو ٣ حسب مقاصد الدستور).
وعلى الرغم من تبدل سبعة وجوه في الحكومة الجديدة واستمرار ثلاثة من السابقين، فإن اللافت هو أن تبدل وجوه الوزراء لا يحمل إحدى ثلاث صفات:
– لا يحمل نفساً للإصلاح السياسي الذي ينتظره الكويتيون، فالوجوه الجديدة والمستمرة قدراتها وحدودها أعمال وزاراتهم وليسوا صانعي سياسة عامة على مستوى مجلس الوزراء بما يحقق نقلة للإصلاح السياسي، وهو ما يحتاج اليه البلد بشكل ملح.
– تركيبة التشكيلة ووجوهها في غالبها، غير مسبوقة بقصص نجاح مشهودة أو معروفة عندهم أو عند البعض منهم، وهو ما قلل فاعلية العمل كفريق لعدم وجود هذا المكون بينهم، فهم قد كلفوا بالوزارة ربما لإتمام التشكيل وليس للنهوض بعمل فريق.
– ان هناك ملفاتٍ وشبهات وقضايا لحقها خلل من بعض الوزراء الحاليين تشكل سبباً واضحاً لتعثر الحكومة ومن ثم عدم قدرتها في الاستمرار، ومن ذلك ملف التسليح وميزانيته الضخمة، التي ينبغي أن تُراجع وتكون تحت المجهر، قانون البصمة الوراثية وما فيه من شبهات للتنفيع المالي، تأمين المتعاقدين (عافية) وانفاقات وزارة الصحة المشبوهة، مشروع سرقة قوت الناس من خلال مشروع خضخصة الجمعيات التعاونية، الذي تحوم بشأنه شبهات قانونية وتنفيعية، مشروع جامعة الشدادية الذي بلغت ميزانيته ٣ مليارات، وما يمثله من تجاوزات تحتاج إلى التحقيق والمراجعة، وأخيراً بنود الإنفاقات السرية في الميزانية وما صاحبها من مهمات تحتاج أن توضع تحت المجهر.
ولكل ما سبق ومن واقع تجارب حكوماتنا الفاشلة دون فريق متجانس ودون برنامج عمل محدد بجدول زمني، أقول نعم وجوه تبدلت لكن ما زالت الحكومة باهتة.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *