حوراء معرفي

الأطفال المساء إليهم

البعض من الأطفال في مجتمعنا في خطر، حيث أنهم يعانون من سوء المعاملة من قبل أولياء الأمور والأفراد المحيطين بهم، وكذلك عدم تلبية احتياجاتهم الأساسية والاجتماعية والنفسية والإهمال، ولا تقصتر مشكلة الإساءة على لحظات آنية يتعرض فيها الطفل إليها، إنما لها آثار تمتد على المدى البعيد، فتنعكس تلك الإساءة على سلوكه ومعاملته للآخير، فيمكن أن يسيء إلى أقرانه، وأيضاً أولاده في المستقبل، وقد لا تقتصر الإساءة على الآخرين، إنما يمكن أن يسيء حتى إلى نفسه، بالإضافة إلى تعرضه لمشكلات اجتماعية ونفسية تتثمل في سوء التكيف من المحيط الذي يعيش فيه، وضعف العلاقات الاجتماعية والعزلة.

ما المقصود بالإساءة إلى الأطفال؟
جاء في تعريف ( باركر، ١٩٩١) بأنها إنزال العقوبة البدنية أو العاطفية التي تسبب الأذى المستمر للطفل، والتي تكون بتوجيه من القائمين على رعايته، واشتملت تعاريف أخرى على بعض المفاهيم المتعلقة بالإساءة كالجرح الجسدي أو العقلي، والإساءة الجنسية، والإهمال، وإلحاق الأذى.
من المؤسف بأن ما جاء في التعاريف أن الإساءة تكون من الآباء والقائمين على رعاية الطفل، الذين من المفترض أن يكونوا مصدر أمان وحنان عليهم، فكيف يمكن أن يكونوا على النقيض، ويصبحوا مصدر للضرر لهم!! أجابت الدراسات على هذا السؤال المحير، وأثبتت أن الآباء الذين يسيئون إلى أطفالهم كانوا بالأساس ضحايا الانتهاك والإهمال، فلم توفر لهم الخدمات الطبية والاجتماعية والنفسية الملائمة لهم، ومنهم من يعانون من مشكلات أسرية كالطلاق ووجود إنحراف داخل الأسرة لدى أحد أفرادها، بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية التي تسبب ضغط على رب الأسرة.
مهما كانت الأسباب فإن الإساءة إلى الطفل أمر مرفوض، ويجب مواجته والحد منه تدريجياً حتى يتم القضاء عليه نهائياً، وهنا يظهر دور جميع الأفراد بالمجتمع، من آباء ومربين ومعلمين واختصاصيين، وحتى مؤسسات الدولة الصحية والتربوية وكذلك المؤسسات التابعة لوزارة الشؤون والعمل لمواجهة المشكلة، ويكون الأب هو بداية الإنطلاق، فيتجمل بالصبر وتنظيم وقته وميزانيته، ويتقرب من أبنائه ويستمع إلى مشكلاتهم ويشترك معهم في وضع الحلول، بالإضافة إلى دور المؤسسات في نشر الوعي عن مخاطر الإساءة إلى الطفل والآثار المترتبة عليها، وغرس الثقة بالنفس لدى الطفل وإعطائه دور يشعره بروح المسؤولية، وتزويده بالمهارات التي تمكنه من التكيف مع المواقف التي يتعرض لها، إلى جانب عمل برامج هادفة لتطوير قدراتهم، وبرامج لتقدير الذات وتنميتها.

آخر مقالات الكاتب:

One thought on “الأطفال المساء إليهم”

اترك رداً على محمد عبد الحكيم إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *