أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع

معشوقتي

ظللت شارد الذهن.. متناثر الأحاسيس.. أشعر بانكسار قلبي وألم في صدري، ويكاد أن يتوقف نبضي وأنا بعيد عنها، أشعر بحنين العودة إليها بشعور الطفل لأمه واليتيم لمن مات من والديه، وبافتقاد الزهور لنسائم الربيع، وشوق ورق الشجر لقطرات الندى، ورغبة الطير بالعودة لعشه حماية وذودا عن صغاره، أو تدركون موقع معشوقتي ومكانتها في كل خفقة لقلبي؟! لا أظن ذلك، فذاك أمر صعب لمن ليس لديه معشوقة مثلها، فمكانتها لا توصف كما لا توفيها الكلمات وعجزت عن أن تسطرها العبارات،، فلا تستغربوا ولا تستعجلوا في إبداء رأيكم في معشوقتي فقط أطلب منكم التمعن في طبيعتها ومزاياها وسجاياها، بعدها لكم الحكم الأخير، ولن أتفاجأ بحكمكم وقتذاك.
طبيعتها بسيطة وسهلة في كل جوانبها لا تحتار كثيرا في إدراكها واستيعابها، فتية في عمرها.. يافعة في شبابها مرور السنين يزيدها نضجا وزهوا وحيوية، قلبها كبير وإن قست فتلك قساوة الأم الحنون التي تذود عن ولدها، فقسوتها حفظاً له وحماية؛ لأنها تملك عاطفة جياشة تريح المستظل بظلالها، وسرعان ما تتجرد من تلك القسوة لتحل مكانها الطيبة والعطاء، ولذا فهي تعطي وتبذخ بلا حدود كعطاء العاشق الذي يتدفق نهراً غامراً بلا توقف، بل وتجدها واحة من الحب والحنان فلا أرغب في تركها ولا الابتعاد عنها، وأعاني لحظات الفراق بوله العودة السريعة إليها ولحضنها ودفئها الفريدين.
قد تكون حامية في اجوائها في مواسم اشتداد تقلبات مزاجها والأجواء التي تلحق بها، لكن احتماء أجوائها لا يؤثر على فضائل هدوئها واستقرارها، إذ إنها تملك وجها مضيئا يتوسط قلبي كعاشق وتمتلك سواداً لشعر ٍتغار منه قريناتها وسحراً لجمال يهنأ بين أمواج بحرها الصافي، كما تملك لساناً تنطق به بعفوية الكلمة وديموقراطية تبرز بيئتها المميزة ولها أذن مرهفة تسمع صوت محبيها وتفسح لهم المجال بقلبٍ واعٍ، وتفوح منها رائحة زكية تعكس تماماً جمال أنفها الذي تشتم به عطر النوير المنبعث منها وفيها. ولذا لا أملك مقاومة قلبها الذي يخفق بحبي وحب كل محبيها وهي عروس متوجة لديهم، تملك قواماً ورسماً تزينهما انسيابية لعنق بجمال يبرز معالمها ويرسم حدودها.
إن ابتعدت أعادني الوله إليها ولم يأسرني غيرها، وإن ضاقت بي الأحوال وجدت عندها سعة وتيسيراً يفرج ضائقتي، وإن حزنت وجدتها مكمناً للفرح، وإن شعرت بالتعب والقلق وجدت لديها الراحة والهدوء، وإن عشت الخوف لقيت باحتوائها لي الأمان والطمأنينة، وإن عانيت حماوة أجوائها هبت علي نقاوة رياحها التي لم تلوث، فأتنفس هواها المنعش لحياة متجددة. وإن هممت بتركها شعرت بانجذاب خفي يعيدني إليها خالياً من التعب أو العتب، كل من حولي ممن لديه صدق في جوهره ومن ثم عرف طيب معدنها وأصالة منبعها شد على يدي وحرصني على التمسك بمعشوقتي، وهم يؤكدون أنهم لا يسعهم غير ذلك، تلك هي معشوقتي.. يتكون اسمها من ستة أحرف بنقاوة الألماس أعرفتموها؟!.. إنها الكويت.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *