مبارك الدويلة

دروشة الدين

انتشر مفهوم «الإسلام السياسي» بأقلام بعض الزملاء الخصوم، الذين يريدون ان يحصروا الدين في العبادات فقط، ويطوقوه بالتواشيح الدينية، في محاولة منهم لعزل الدين عن بقية شؤون الحياة.
هذا المفهوم للإسلام هو إسلام الدراويش، اي ان من يطالب بذلك فهو يطالب بدروشة الانسان المسلم! وهذا العزل للدين عن الحياة ليس له اصل في شرع الله، بل ان مفهوم الدين منذ القدم جاء لتحرير الانسان من رق البشر، وتبيان كيفية تعامله مع الآخرين. فها هو موسى عليه السلام يطالب فرعون بـ«أن أرسل معي بني اسرائيل ولا تعذبهم»، فرسالته تحرير شعبه من عبودية الطاغية، وها هو عيسى عليه السلام يجسد رسالة الدين في تعامله مع الآخرين «وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا» ثم يأتي محمد صلى الله عليه وسلم ليختتم هذا المفهوم الدقيق للرسالة: «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين».
والسياسة في مفهوم العصر هي كيفية التعامل مع الآخرين، سواء كانوا خصوما او أصدقاء، لذلك شارك الرسول صلى الله عليه وسلم في قيادة الحروب، وشرّع ضوابط للأسرى والجزية والغنائم، وسنّ المعاهدات السلمية مع خصوم الدولة الاسلامية ووضع لها تشريعا، وأنزل الله قرآنا مفصلا في كيفية التعامل مع اليهود والنصارى والمشركين، ناهيك عن التشريعات الواضحة في البيع والشراء والمكافآت والعقوبات ومؤهلات الحاكم وضوابط التنصيب القيادي، إلى آخره من امور تتعلق بالحياة العامة.
فمن يدَّع أن الاسلام محصور بزوايا المسجد وأداء الفرائض والنوافل، فادعاؤه هذا تهميش متعمَّد لمفهوم الدين، القصد منه عزله عن ممارسة دوره في حياة البشر!
بالأمس كانوا يعيبون علينا اننا دراويش لا نفقه من امور الدنيا شيئا.. واليوم وبعد مرور رياح الصحوة الاسلامية المباركة على العالم الاسلامي، والنضج الفكري لدى العاملين في مجال الدعوة الاسلامية، أخذوا ينعتوننا بأننا من جماعات الاسلام السياسي! لذلك نريح زملاءنا الخصوم ونقول لهم: نعم.. نحن اسلامنا سياسي.. واسلامنا شرعي.. واسلامنا تعبّدي.. واسلامنا نمارسه في امور ديننا ودنيانا، وهو الاسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.. ولا ننتظر منكم ان تعلمونا إن كان هذا هو الاسلام ام لا. نرفض الدروشة ونرفض قصر الدين على العبادات. ومما يؤسف له أن الحكومة تبنت بعض هذه المفاهيم في دروشة الدين عندما حصرت دور المسجد في العبادات فقط، وتناست ان المسجد كان مركز إشعاع حضاري لكل بقاع الأرض.

***

• لفتة كريمة
نتقدم في الحركة الدستورية الاسلامية بالشكر والتقدير لكل من شاركنا في حفل استقبالنا السنوي لهذا العام، وأخص بالذكر الزملاء وليد النصف وعلي البغلي وفهد الخنة وغانم النجار وسعد بن طفلة وزايد الزيد وطارق المطيري ووليد الطبطبائي وعلي الطراح وساجد العبدلي وعلي العدواني وبشار الصايغ ومحمد عبدالقادر الجاسم ومرضي عياش، وعددا كبيرا من الزملاء الذين لا تسعفني الذاكرة لذكرهم، ولهم جميعا الشكر والتقدير، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

مبارك فهد الدويلة

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *