مبارك الدويلة

التناقض والتطرف عندهم

قبل أكثر من عشرين عاماً.. كتب أحدهم في زاويته يقول: ما جاءنا هذا الغبار الا بعد انتشار ظاهرة الملتحين في الكويت! وقبل تسعة عشر عاماً كتب أحدهم ينسب غزو صدام للكويت الى انتشار المد الاسلامي فكراً وسلوكاً في العالم الإسلامي! وهكذا لا يجد خصوم التيار الإسلامي تبريراً لضعفهم وتفسيرا لتخاذلهم إلا تعليق العتب على هذا التيار وهذه الدعوة!
واليوم يكتب أحدهم مفسراً ظاهرة انحدار الخطاب السياسي في مجتمعنا بانه نتاج التربية الدينية التي تربينا عليها في السابق، بل ويدعي زوراً ان «الحرامية والمفسدين والقتلة والمجرمين هم الذين يتزايدون ويتكاثرون بشكل متواز مع التدين»! وهذا بلا شك تطرف في الفكر وشذوذ في تفسير الظواهر الاجتماعية.
ومن غرائب الطرح العلماني لهؤلاء في تفسير الظاهرة الدينية التعميم غير المبرر! وأقصد تعميم سلوك فردي على الجماعة! فإذا قام شاب ملتحٍ أو امرأة منقبة بسلوك غير عادي أرجعوا سبب هذا التصرف الى التربية الدينية التي تلقاها في بيته او مدرسته او جماعته! وكم سمعناهم يطالبون باجراءات تتعارض مع ما يعلنونه من مبادئ في الحرية والمساواة! ولا أظن انني احتاج الى عناء كثير لتأكيد هذا التناقض بين أفكارهم التي ينادون بها علنا ومطالباتهم للحكومة بالتضييق على خصومهم كإغلاق جمعياتهم وتقييد المنابر وكبت الآراء في صحفهم! فعندما يكون الحدث لهم فالأمر يتصل بحرية الرأي وحرية الاعتقاد، وعندما يكون الحدث لخصومهم فالويل والثبور وعظائم الامور ان سكتنا عنهم وتركناهم يخربون أفكار ابنائنا وينشرون خزعبلاتهم!!
حتى كلمة «اسلامي» استكثروها عليهم! فهم متأسلمون! او جماعات الاسلام السياسي، وهذه اخف الالفاظ التي اطلقوها عليهم. يرفضون الدروشة والتقوقع في زوايا المسجد، واذا تحدثنا في الشأن العام ثاروا واتهمونا بتسييس الدين! أمرهم عجيب!!
لم يجدوا من الحق ما يتهمون خصومهم به.. فلجأوا الى الباطل وتلفيق التهم وتحريض السلطة عليهم، ومن يقرأ لهم يظن أنهم شعبة من أمن الدولة او قسم خاص بالمباحث السياسية ولا يظن انهم اصحاب فكر ورأي سياسي!
ركزوا على الحركة الدستورية الاسلامية في مقالاتهم و«جلّبوا» في سالفة الانتماء للاخوان المسلمين، ولما لم يجدوا في تاريخ الحركة الدستورية إلا كل ما هو مشرق فتحوا تاريخ الاخوان في مصر نقلا من ملفات ومذكرات زكي بدر واحمد سالم علهم يجدون ضالتهم.
فماذا كانت النتيجة؟ انشغال الناس والصحافة بالتهم والرد عليها، وانشغلت النخبة المثقفة في المجتمع بالرد على الخصوم. لذلك كانت الحاجة الى ميثاق شرف نترفع فيه عن سفاسف الامور ونتفرغ لبناء هذا المجتمع الصغير بعد ان تفتت وانقسم وتشرذم.
***
لفتة: ذكرى الغزو الغاشم تذكرنا بأهمية تكوين علاقات جيدة مع جيراننا، ويجب ألا تذكرنا بأن العراق جار سوء، كما ذكر البعض، قدرنا أن هؤلاء جيراننا، فاذا كان في العراق آلاف الصداميين ففيه ايضا ملايين ضد صدام.

مبارك فهد الدويلة

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *