علي محمود خاجه

محمد الجاسم ذكي


قد يكون الجاسم مخطئاً فيما يكتب ومتجاوزاً للقانون لا أعلم، فأنا لست من متابعيه، ولكن التصرف معه بهذا الشكل قد يجعل بعض الكتاب والصحف يقللون من هامش الحرية ما استطاعوا كي يضمنوا التخلص من غياهب التحقيقات ودهاليزها، مما يحول إعلامنا إلى إعلام باهت كريه مليء بـ»استقبل وودع». لم ولن أكون أبداً معجباً بالمحامي محمد عبدالقادر الجاسم، وبغض النظر عن جودة بعض أطروحاته من عدمها، إلا أنني لن أقبل أبداً نصيحة ترك التدخين من مدخن، أو التوقف عن السرقة من لص، أو عدم التطبيل من مطبّل، وما أكثرهم في وقتنا الحالي للأسف. لنفترض جدلا أن محمد الجاسم خالف قانون المطبوعات أو أي قانون آخر ذي صلة من خلال ما يكتبه في موقعه أو في أي موقع ينشر من خلاله، فهل يعني ذلك أن «نحكره» على ذمة التحقيق على مدى أيام طوال قد تفوق العقوبة نفسها إن ثبت تجاوزه للقوانين؟ إلى اليوم لم تحدد الجريمة بالضبط: هل هي عبارة أو لفظة أو مقالة كاملة أو كتاب؟ كل ما نعرفه أن الجاسم متهم، وتم التحقيق معه على مدى ساعات طوال لا يوقفها سوى إرهاقه، وأنا هنا أتساءل لجهلي لأنني لم أُستدعَ للتحقيق من ذي قبل ولله الحمد، ولكن ما الحوار أو التحقيق الذي يستدعي قضاء كل تلك الأيام الطوال؟ فهو ليس متهماً في جريمة قتل قد يؤدي طول التحقيق فيها إلى زلة لسان تكشف خيوط الجريمة مثلا، وليس بجاسوس أيضا يؤدي الضغط النفسي إلى انهياره، هو كاتب ومتهم على كتاباته وعليه فالتحقيق في تصوري، على اعتباري من العامة، يكون على سبيل المثال كهذا؛ «النيابة: أنت كتبت هذه العبارة، فما الذي تقصده بها؟»، ويُسأل سؤالين أو ثلاثة على هذا المنوال وينتهي الأمر. إني أثني على تصرف الجاسم وذكائه في إضراباته التي قد تشكل خطراً جماً على حياته، ولكنها في الوقت نفسه ربما تجعل النيابة ترزح تحت ضغط شعبي محمود لإخلاء سبيله حتى إن كان مشروطاً بعدم السفر مثلاً. قد يكون الجاسم مخطئاً فيما يكتب ومتجاوزاً للقانون لا أعلم، فأنا لست من متابعيه، ولكن التصرف معه بهذا الشكل يجعل بعض الكتاب والصحف يقللون من هامش الحرية ما استطاعوا كي يضمنوا التخلص من غياهب التحقيقات ودهاليزها، مما يحول إعلامنا إلى إعلام باهت كريه مليء بـ»استقبل وودع». نحن اليوم لا ندافع عن الجاسم بل عن أنفسنا الحرة التي لن نقبل بعد نضال مَن سبقونا أن يأتي كائن من كان ليسلبها «عالبراد»، فإن كان هناك أي تعدٍّ فالقضاء يحاسبه كما حاسب غيره على مر السنين، علماً أن غيره ممن عوقبوا أسهم بشكل مباشر في «توتير» الأجواء في علاقاتنا الخارجية، بل مع دول خليجية شقيقة، ولم نستمع يوماً عن معاملة تلقوها مثلما يلقى الجاسم اليوم. وما نشهده على الساحة يجعلنا لا نكتفي بالشك بل نقترب أكثر من اليقين بأن مسألة محمد الجاسم انتقائية لحد كبير، وتستهدف أشخاصا أكثر منها صونا للقوانين أو الدستور. أكرر لست معجبا أبدا بمحمد الجاسم ولكن إعجابي من عدمه لن يؤثرا في قناعتي بأن القضية «مصخت» ولابد من وقفة. خارج نطاق التغطية: خبر تم تداوله الأسبوع الماضي مفاده أن رجل أعمال يأمر بتصفية أعمال عدة صحف ومجلات وقنوات تلفزيونية من مجموعته الإعلامية. نقولها بكل فخر «دفعة مردي» أعلم أنك يا رجل الأعمال لن تفهمها لأنها مصطلح كويتي بحت. 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *