سامي النصف

الحل «الوحيد» لمشكلة الإسكان والتنمية

بلغت فترة انتظار الشباب للاسكان الحكومي ما يقارب 20 عاما مما يضطرهم إما للانتظار حتى الشيخوخة أو للشراء بأغلى الاثمان والمطالبة بإسقاط القروض ولا شك أن «حصر» حل مشكلة الإسكان في يد الحكومة سيعني الانتظار الطويل وصرف جل موارد الدولة والأموال العامة على الرواتب والإسكان ولا يتبقى شيء بعد ذلك للادخار المستقبلي أو لصرفه على المشاريع التنموية المدرة للأموال.

تتشابه الكويت ومصر في حقيقة ان 95% من اراضيهما العامة صحاري قاحلة غير مستغلة، في الكويت رفع بعض المشرعين شعار «الأرض عرض» يجب ألا يفرط فيها ولا تمنح للقطاع الخاص إلا بأعلى الأسعار مما اوقف مساهمة ذلك القطاع في حل مشكلة الإسكان وعمليات التنمية الأخرى، وهربت المليارات الكويتية لتعمر البلدان الأخرى وانشأوا مدنا ومشاريع تكفي لاسكان حتى من لم يولد بعد من الكويتيين، بعد ان تعهد بعض مشرعينا بأن يورثوا لاجيالنا المستقبلية – التي قد لا تتوافر لديهم الموارد المالية – أراضي صفراء قاحلة لا يسكنها أحد.

في مصر (بل وفي غيرها من دول العالم) يتم التعامل مع الأراضي العامة على العكس تماما من تفكير العباقرة من مشرعينا فيتم التساهل الشديد في منح الأراضي العامة للمطورين وباسعار رمزية وشبه مجانية مع شروط مشددة بالاعمار السريع لا البيع، والثاني ان تكون 80-90% من المساحة مخصصة للحدائق والبحيرات وملاعب الغولف والبيئة النظيفة مما جعل ڤيلا موظف بسيط في مصر (مدن 6 أكتوبر والقاهرة الجديدة) افضل كثيرا من اغلى ڤيللا ملايينية بضاحية عبدالله السالم الكويتية والتي تطل فقط على ڤيللا خراسانية اخرى، وقد تسبب سعر الأراضي شبه المجاني والمنافسة في خفض شديد لاسعار تلك الڤلل الجميلة الموزعة على آلاف المشاريع، كما ساهمت البنوك والاقساط الطويلة المريحة في تمكن حتى متوسطي الدخل في مصر ليس فقط من حيازة ڤلل جميلة قائمة بين المروج الخضراء والمياه المتدفقة بل في تملك منتجعات ومساكن ثانية قائمة على نفس المبادئ على سواحل البحرين الأبيض والأحمر.

ان ما نحتاجه من حكومتنا الرشيدة ومن خلفها «كتلة الانماء» المدعومة من اغلبية المواطنين هو الاسقاط السريع لتشريعات الحقد والحسد القائمة، وان تطلق يد الدولة في منح الأراضي العامة دون شروط اذعان وبشفافية تامة للقطاع الخاص كي تبنى عليها ڤلل باسعار واقساط مسهلة مع فرض شروط المساحات الخضراء، واراهن ان كثيرا من سكان المناطق الحكومية الحالية – الفاخرة وغير الفاخرة – سيبيعون بيوتهم ليسكنوا تلك الجنات الغناء وستحل مشكلة الاسكان بالتبعية خلال 4 سنوات على الاكثر دون ان تصرف الميزانية العامة فلسا احمر عدا توفير الأراضي وازالة العراقيل.

ومن التشريعات التي تحتاج الى اسقاط سريع من قبل الحكومة و«كتلة الانماء» قانون الـ B.O.T الأخير الذي اوقف حال البلد وهجر الاموال، والتساؤل هو ما الذي خسرناه من مشروع الـ B.O.T القديم عدا تحويله ـ بعكس الجديد ـ الاراضي الصفراء القاحلة الى مشاريع تنموية جميلة يسعد بها المقيمون وتجلب آلاف الزائرين والسائحين كالاڤنيوز والمارينا وشرق والسالمية والكوت والخيمة والأسواق الداخلية وحديقة الشعب.. الخ.

آخر محطة: (1) لنتحدث عن «الذكاء» الكويتي في التشريع، في العالم اجمع إما أن تعمل وتدخر منذ العشرينيات من عمرك وتسكن بالايجار حتى تصل الى سن التقاعد فيتوافر لك حينئذ فقط مبلغ لشراء منزلك نقدا او – وهذا ما يفعله الشباب في جميع الدول الاخرى – ان تقوم بالاقتراض وانت في العشرينيات عبر (نظام الرهن العقاري) وتعيش منذ ذلك الوقت المبكر في منزلك، وما ان تصل لسن التقاعد حتى تكون قد سددت اقساطه وتملكته، هذا الخيار الجيد اغلق في الكويت بسبب تشريعات منع الرهن العقاري وتحديد مدة القروض بـ 15 عاما، تشريعات حقد اخرى تحتاج لاسقاط.

(2) منحت الحكومة المصرية رجل الاعمال احمد بهجت ارضا اقام عليها مشروع «دريم لاند» الذي اسكن الآلاف ثم تراكمت عليه الديون فلم تسترد الحكومة باقي الارض غير المعمرة كما ينص العقد بل سمحت له بأن «يبيعها» بملياري جنيه لمطورين آخرين لسد مديونيته حتى يستكمل مشروعه ولا يتضرر من اشترى منه أو تتضرر البنوك الممولة وفي ذلك درس لبعض نوابنا.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *