التقيت ابان عطلة العيد في لبنان بالقبطان البحري فيصل ثنيان الغانم وقد وجدت في مشوار حياته قصة تستحق ان تروى للشباب الكويتي بعد ان تاهت بوصلتهم وغاب عن افق اجيالنا المقبلة القدوات الحسنة التي يمكن ان تكون منارا واشعاعا يوصلهم لشواطئ الحياة المستقرة الآمنة لهم ولوطنهم.
والسيد فيصل الغانم هو اول كابتن او نوخذة اعالي بحار كويتي «مؤهل» من قبل جهات الاختصاص البريطانية والعالمية وقد امضى سنوات طوالا يعمل على السفن الانجليزية متدرجا في الرتب ثم انتقل بعد تأهله للكويت حيث تدرج كذلك في العمل بشركة K.D.C المملوكة آنذاك مناصفة بين الكويت والانجليز والاميركان حتى وصل بجده وجهده لمنصب نائب الرئيس لشؤون العمليات.
ومما يرويه ابوثنيان انه كان متدربا صغيرا على احدى السفن الانجليزية عندما رست في الخمسينيات بميناء بومباي وذهب في وقت فراغه للقنصلية الكويتية بحثا عن جرائد ومطبوعات كويتية وعربية حيث التقاه مصادفة قنصل الكويت هناك فيصل العيسى وتعرف عليه وسأله عن سبب تواجده في المدينة.
عاد البحار المبتدئ لسفينته ليفاجأ بعد ذلك بسيارة كاديلاك سوداء ترفع العلم الكويتي تقف في الميناء ويسأل سائقها عنه ليقله لمبنى القنصلية حيث دعاه حاكم الكويت الشيخ الجليل عبدالله السالم ليجلس بجانبه مبديا اعجابه بما يقوم به ومظهرا متابعته لرحلاته عبر الاخبار التي كان ينقلها والده المرحوم ثنيان الغانم وكان احد جلساء الامير آنذاك.
وقد رست باخرة ابوثنيان ذات مرة في حوض الامازون وكان هو المسؤول عن المركب عندما اختل توازن الطباخ الذي كان قد جرح يده وسال الدم منه وسقط في النهر ليشاهد فقاعات تخرج سريعا من الماء وقبل ان يلقي له بطوق النجاة كانت جمجمة الضحية قد طفت على السطح فالمنطقة كانت تعج بأسماك «البيرانا» شديدة التوحش والتي تثير الدماء جنونها، تجربة حياة ثرية يجب ان تدون على صفحات كتاب كما اقترحت على صاحبها الكابتن فيصل.
آخر محطة:
1 – احدى القصص الحقيقية في تاريخ الكويت هي حكاية البدوي الذي اودع ماله عند تاجر كويتي وعاد بعد عام ليطالبه بها امام الحاضرين فاعطاه اياها على الفور وما ان مشى البدوي قليلا حتى تعرف على تاجر آخر وتأكد انه من اودع لديه المال وبعد ان تسلم وديعته عاد ليرجع مال الاول بكل امانة ويسأله لماذا اعطاه ما لا حق له فيه، فأجابه التاجر الاول كي احافظ على سمعتي ولا يقال انني تجاوزت على اموال الآخرين.
2 – هذا كان وضع الكويت عندما كان لدينا شح في المال ووفرة في الاخلاق الحميدة، هذه القصة لو حدثت هذه الايام ـ عندما توافرت الاموال وغابت الذمم والاخلاق الحميدة ـ لاستدعى التاجر الاول الشرطة للبدوي دون ان يكترث لسمعته، ولما ارجع التاجر الثاني الوديعة لو لم يكن لدى صاحبها اوراق موثقة وشهود معها، ولفر البدوي بالمال الذي تسلمــه مرتين لاحدى العواصم السياحية وانفقه هناك، نحن بحاجة ماسة للقدوات الحسنة في المجتمــع لذا.. عد لبدايــة المقال!