لا تعتبر الكويت على الاطلاق من بلدان الثراء الحقيقي، حيث إن بلدنا لا صناعة ولا زراعة ولا حتى تجارة أو حتى قطاع خدمات فيها (بعكس جيراننا)، إنها تعتمد في دخلها على بيع مادة خام ناضبة لا يستطيع أحد التحكم في أسعارها التي تقفز إلى أعلى وإلى أسفل كالكرة المطاطية.
ولا تستثمر بلدنا في الثروة الحقيقية الدائمة أي الثروة البشرية، حيث تدخل كبار العلماء من النواب في المناهج المدرسية الحكومية وحتى الخاصة فتحول التعليم إلى مصنع لتخريج وتفريخ الأميين والموظفين بدلا من المنتجين والمبدعين القادرين على العمل وجلب الموارد المالية.
ولم يسمع خلال التاريخ بمطالبات «شعبوية» قريبة من مطالبات كبار العلماء من نوابنا الأفاضل فمنذ الدولة الرومانية والعباسية ومرورا بالإخشيدية ودولتي الخروف الأبيض والأسود في العراق، وحتى دول الثراء الشديد الحالية أمثال النرويج وسويسرا ولوكسمبرغ وسنغافورة وبروناي واليابان وألمانيا والولايات المتحدة، إلا أن أحدا منهم لم يطالب بإسقاط الضرائب والقروض والمكوس وإعطاء المنح المالية المجانية للناس كما طالب بذلك أحد كبار العلماء من النواب في لقاء تلفزيوني عرض مؤخرا.
ولم يكتف كبار العلماء من النواب بتدمير حاضرنا بالمطالب الشعبوية كما بين ذلك الأخ الفاضل أحمد باقر ضمن سلسلة مقالاته الشائعة التي تنشرها تباعا الزميلة «الرؤية» بل امتد تدميرهم للمستقبل، فقد تمخضت تلك المطالبات عن خلق عجوزات مالية ضخمة تقدر بعشرات المليارات في مؤسسة التأمينات الاجتماعية التي يعتمد عليها جميع الكويتيين لتأمين معيشتهم في أواخر عمرهم مما يجعل مستقبل الشعب الكويتي وخاصة محدودي الدخل فيه.. كحلي غامق.. جدا!
آخر محطة:
1ـ وفي جميع أنحاء العالم دون استثناء يتدرج الراتب التقاعدي للنائب والوزير حسب عدد سنوات الخدمة (كحال الوظائف الأخرى)، أما في بلد الشعبوية المدمرة فما ان يتقلد أحد منصب الوزارة أو النيابة ولو لأسابيع أو أشهر قليلة حتى يمنح راتبا تقاعديا كاملا يدفع من أموال الشعب الكويتي الصابر المودعة لدى التأمينات الاجتماعية.
2 ـ نتقدم في هذا السياق بتعديل شعبوي هام كي يتبناه أحد كبار العلماء النواب من غلاة الشعبوية وذلك بأن يمتد هذا الكرم الحاتمي لجميع الوظائف الأخرى فمن يعمل شهرا أو شهرين من الموظفين يستحق ـ كحالهم ـ راتبا تقاعديا كاملا تطبيقا لنصوص وروح الدستور الذي يفرض المساواة بين الشعب و.. نواب الشعب.. ومرة أخرى لك الله يا كويت.