تمرّ هذه الأيام الذكرى الثالثة لحرب لبنان 2006 وقد أمضيت الفترة الماضية في بحث متواصل اطلعت خلاله على العديد من الكتب والدراسات والأبحاث اللبنانية والإسرائيلية وحتى المواقع العسكرية الأميركية والأوروبية لنقل الحقيقة المجردة وغير المجاملة للقارئ ومن ثم فما اكتسبته ليس رأيا شخصيا بل هو خلاصة تلك القراءات والمتابعات الصادرة من قبل تلك الجهات الموثوقة والرصينة.
السؤال الأول: من بدأ تلك الحرب المدمرة؟! الحقيقة وباعتراف حتى بعض الأطراف الإسرائيلية الرئيسية بأنهم ـ ليس حزب الله ـ من بدأ تلك الحرب، فاختطاف جنديين يمكن أن يحل بالمفاوضات غير المباشرة والطرق الديبلوماسية كما حدث في نهاية الأمر دون الحاجة لغزو لبنان وتدمير بناه الأساسية.
والسؤال الثاني والأهم: من انتصر في تلك الحرب؟! الإجابة عن ذلك السؤال المهم تأتي من الجانب الإسرائيلي قبل غيره، ومعروف ان الحروب بنهايتها وبحصد جوائزها وليست بعدد ضحاياها وكمّ تدميرها وإلا اعتبرنا ألمانيا النازية قد انتصرت على الاتحاد السوفييتي كون خسائرها أقل في البشر والحجر من خسائره، وان أميركا بالمثل قد انتصرت على ڤيتنام.. الخ.
لقد دخلت اسرائيل الحرب ولديها أهداف واضحة ومعلنة منها (1) تحرير الجنديين المخطوفين، (2) ضرب وتدمير الآلة العسكرية لحزب الله، (3) خلق حالة تباعد وشقاق بين الشعب اللبناني والحزب، وتظهر الاستقالات ولجان التحقيق واللقاءات الإعلامية والكتابات الصحافية الإسرائيلية الفشل الذريع في تحقيق أي من تلك الأهداف الثلاثة ولا يجوز لأحد بعد ذلك أن يصبح إسرائيليا أكثر من الإسرائيليين أنفسهم ممن اعترفوا للمرة الأولى في تاريخهم بالهزيمة المذلة وأصبحوا يفكرون ألف مرة قبل تكرار العدوان وقد قال الشاعر العربي: شمائل شهد العدو بفضلها والفضل ما شهدت به الأعداء
فقد رضخت القيادة الإسرائيلية في نهاية الأمر لمطالب حزب الله وتبادلت جثتي الجنديين الإسرائيليين بالأسرى اللبنانيين مما يعني أن اللجوء للحرب كان خطأ فادحا من البداية، كما أقرت بالفشل الذريع في ضرب البنية العسكرية لحزب الله حيث تضاعفت هذه الأيام قدراته العسكرية، كذلك لم تنجح على الإطلاق في خلق حالة تباعد بينه وبين الشعب اللبناني الذي بات يفخر في مجمله بذلك النصر الذي يحسب للبنان وللعرب والمسلمين كافة.
آخر محطة:
(1) يعتقد المراقبون والمختصون أن التهديد الأخير الذي أطلقه أمين عام حزب الله بجعل ضرب بيروت أو أي قرية لبنانية يقابله ضرب تل أبيب أو أي قرية إسرائيلية هو أخطر تهديد جدي تتعرض له إسرائيل منذ نشأتها كونه ـ كما علموا ـ قولا يترجمه فعل.
(2) أذكر تلك الحقائق المجردة كونها شهادة تاريخية يأثم من يكتمها بعد معرفته بها.