العزاء الحار للكويت عامة ولأهل الجهراء خاصة في المصاب الجلل بوفاة العشرات من النساء في حفل العرس الذي تحول الى مأتم، فللفقيدات الرحمة والمغفرة ولاهلهن وذويهن الصبر والسلوان وإنا لله وإنا اليه راجعون.
امور السلامة وبشكل عام سيئة الى حد خطير في بلدنا، والقائمون على السلامة هم في العادة آخر من يلتقيهم كبار المسؤولين في قطاعاتهم لان لا احد يهتم بالسلامة او يجعلها في اول سلم اهتماماته حتى تقع الفأس بالرأس وتدفع ضريبة الدم وتتناثر الجثث ليبدأ الجميع بعد ذلك بالتنصل من المسؤولية والايحاء بأنهم لم يقصروا وان المسؤولية تقع بشكل تام على الآخرين، وعلى رأس الآخرين بالطبع ..الضحايا!
ومن الامور التي تساعد على عدم الاهتمام او العناية بقضايا السلامة عدم الحزم والاستخدام السيئ لبعض الموروثات الثقافية والدينية وحتى الامثال الشعبية مثل «قول خير يجيك خير» و«لا تتفاول علينا يوبا» اي لا تحدثنا بأي امور سيئة قد تحدث، وهو للمعلومة احد اهم اعمال مسؤولي السلامة الذين عليهم دائما ان يتصوروا ويتحدثوا بالسيناريوهات الاسوأ ـ لا الاجمل والامثل ـ للمسؤولين وكيفية التعامل معها.
ومن اشكالات السلامة قضية التحليل الخاطئ للحوادث والكوارث من قبل غير المختصين ـ او المجاملين ـ وهو ما يعني منطقيا عدم ايجاد الحلول الناجعة لها ويمهد لتكرارها، ولم اجد، شخصيا، في الكوارث التي نتعرض لها بين حين وآخر، ومنها كارثة النساء في الجهراء، شيئا جديدا فجميعها فواجع حدثت لنفس الاسباب بالامس وتحدث اليوم وستحدث بالقطع في الغد ما لم نقر بالخطأ ـ كنوع من التغيير ـ ونضع الحلول الناجعة لها.
والخيام القابلة بحكم مكوناتها للاشتعال السريع ليست اختراعا جديدا او سريا ومع ذلك لا نرى احدا يستخدمها في الدول المتقدمة للافراح او الاتراح او المناسبات العامة المكتظة بالناس لعدم توافقها مع شروط السلامة خاصة عندما يحصر الخروج منها في باب واحد ويمتلئ داخلها بنيران البوفيهات ووايرات الاضاءة والمسجلات.
آخر محطة:
سؤال جاد، هل نحن بلد عميان؟! تجاوزات على اراضي الدولة تجاوزت اعدادها عشرات الآلاف قيل انها قامت دون علم الدولة بها ! خيام الاعراس التي تهدد الارواح بالموت الجماعي سواء كانت للنساء او للرجال تتم كما قيل دون علم الدولة (من تاني) رغم مشاركة المئات فيها، الى متى القبول بمبدأ المجاملة السابقة والتنصل اللاحق بعذر الجهل السخيف؟! والى متى تذهب الارواح البريئة هدرا كل عام دون محاسبة؟!