في السبعينيات إبان احترام رجال الاقتصاد الكويتيين الشديد لأسمائهم وسمعتهم المالية وقبل ان تجتاحنا موجة مناخ الثمانينيات ونظريات خلق طبقة اقتصادية جديدة ذات أخلاق خربة، قام احد الآسيويين بسرقة شريكه الكويتي ما جعله مكشوفا امام عملائه فقام بالانتحار حفاظا على اسمه وسمعته، وهو بالمناسبة عم لإحدى المذيعات الشهيرات بالبلد.
كما تسبب انهيار البورصة عام 76 في انكشاف رجل أعمال كويتي آخر وهو ابن عم لنائب برلماني سابق، مما جعله يقتل نفسه حفاظا على سمعة عائلته الكريمة، لذا أعتقد ان حالة الانتحار الأخيرة لرجل أعمال كويتي ـ ان صدقت الروايات، وقد لا تصدق ـ هي نهاية آخر الرجال المحترمين ممن لا يزالون يدفعون أرواحهم رخيصة حفاظا على اسمائهم وسمعتهم.
ومما سمعته شخصيا من العاملين مع ذلك الشاب الثناء الشديد على أخلاقه وسمعته وذكائه وكفاءته، وكان أغلب من تحدثت معهم لا يصدقون الدعاوى والاتهامات التي قيلت بحقه، كما يستغربون مما أشيع من انتحاره، حيث ان القضايا التي يفترض ان تقام ضده تمس مركزه كمدير ولا تمسه شخصيا.
ويخبرني احد الأبناء انه التقى «المغدور» الشهر الماضي وكان الوحيد الذي يرتدي كماما في الطائرة طوال الرحلة ولما سأله عن السبب ذكر انه زيادة في الاحتياط الصحي وحتى لا يصاب بعدوى انفلونزا الخنازير، مما يعني حرص الشاب الشديد على الحفاظ على حياته، فلماذا اشترى إذن قبل ذلك بمدة قصيرة مسدسا؟ ألا يشير ذلك الى الرغبة في الدفاع عن النفس أمام تهديد ما، لا إيذائها؟!
ومن مساوئ الصدف ان يضار تجمع اقتصادي كويتي عبر الوفاة المفاجئة لعميده، ثم يتلوه في اقل من شهر وفاة مفاجئة لعميد تكتل اقتصادي كويتي آخر، ثم يأتي الخبر الحزين الأخير ليمس تكتلا اقتصاديا ثالثا مشهودا له بالنجاح وحسن الأداء والإدارة، ونجاح الاقتصاد الكويتي مرهون في نهاية الأمر بنجاح تكتلاته الاقتصادية، وفشلها يعني فشله.
آخر محطة:
(1) ما يزيد الطين بلة انتشار اشاعات مغرضة عن انكشاف مالي لتجمعين اقتصاديين كبيرين، فنرجو تفعيل خطط الإنقاذ المالي قبل «وقوع الفاس في الراس».. لا بعده كما هي العادة.
(2) يقول المثل العامي «اللي اختشوا ماتوا»، ولدينا لم يعد احد يموت في الحمام الشعبي المحترق خوفا من الخروج عاريا على الناس فتمس سمعته، هذه الأيام الأمة «مصلعة» ولا يحتاج احد لحريق كي يتعرى امام الخلق.