نشرت احدى الصحف العربية صورة لرجل كويتي يلبس نظارة شمسية (خطير) له اسم لم اسمع به قط في بلدنا وقد احتلت اعلاناته 3 صفحات كاملة، الاولى احدى موظفاته ذكّرت ضمن مقالها بأريحيته وكرمه واعمال الخير التي يقوم بها حتى انه لا يرد قط محتاجا او سائلا.. يا سلام!
الصفحة الاعلانية الثانية امتلأت باسماء مشاريع له تم الادعاء انها قائمة في الاماكن الشهيرة والغالية في ذلك البلد ولا يعلم احد حقيقة او حجم او نسبة مشاركته في تلك المشاريع المدعاة، والصفحة الثالثة امتلأت بأرقام هواتف ودعوات لاصحاب الثروات لايداع اموالهم لديه كي يستثمرها لهم بعوائد مرتفعة، ودعوات اخرى لاصحاب العقارات او الاراضي الفضاء لتقديمها له كي يطورها ويرفع من قيمتها.
احدى الالعاب الشهيرة التي يلعبها الصغار في كل مكان لعبة «عسكر وحرامية» حيث يمثل البعض دور«الحرامية» فيقومون بالاختباء عن اعين الشرطة وتنتهي عادة تلك اللعبة باصطياد من يمثلون رجال الامن لـ«الحرامية» ومحاسبتهم محاسبة شديدة تتمثل احيانا بالصفع والركل، ومع مرور السنين تحول الصغار الى كبار وتغيرت معهم قواعد اللعبة واختلطت اوراقها فلم يعد احد يميز بين العسكر وبين «الحرامية»، ولم نعرف من الذي يختبئ من الآخر، او من الذي ينهب ويسرق ومن الذي يحاسب ويعاقب.
ففي كل صباح يقرأ الناس عن عمليات السرقة والتجاوزات، فالوزارات تنهب عبر العقود غير المراقبة ويعلم من يقوم بتلك الامور ان احدا لن يسأله قط عن الاموال التي سلبت والدنانير التي سرقت بل ستتحول القضية الى ازمة سياسية اخرى تنتهي كالعادة الى لا شيء، او الى ما هو اشبه بالدخان المتصاعد في الهواء، ويستمر قطار السرقة والتجاوز مسرعا في طريقه وسط عشرات الاجهزة الرقابية مظهرا لسانه الاحمر الطويل لهم وللناس المتابعين لتلك القضايا.
وقد وصلت الرسالة سريعا الى شعبنا الفاهم والواعي فبدأت عمليات التسابق على النهب والنصب من قبل الجميع، و«اخذ ما يمكن أخذه قبل نفاد الكمية وانتهاء عصر النفط»، وتم رفع المتجاوزين على الاكتاف بدلا من دوسهم، والا فكيف نفسر اعادة انتخاب مجالس ادارات الجمعيات التعاونية التي تحول الملايين من ارباح الجمعيات الى حساباتها الخاصة؟! ولولا القرارات الحكومية بالاقالة والاحالة للنيابة وتعيين البدلاء لسرقوا كل ما يمكن تحريكه ونقله فوق الارض ولما ابقوا حتى على الكحل في العيون!
آخر محطة:
نخشى ان نكون قد تحولنا من مدينة الحقد والحسد الى عاصمة النصب والاحتيال، ولا حول ولا قوة الا بالله.