امتلأت المكتبات العربية بكتب تتناول مأساة عائلة الجنرال اوفقير حيث قامت زوجته وأبناؤه وأصدقاؤهم بتأليف العديد من المطبوعات بالعربية والفرنسية والانجليزية للتحدث عن فجيعتهم التي تقوم على الاعتراض على مبدأ ان تؤخذ عائلة من يخطئ بجريرته فهل كانت تلك الحادثة الاولى ام ان في مشرقنا العربي قصة مماثلة انتهت فصولها قبل عام من بداية مأساة الأسرة الاخرى؟!
ولد سلمان المرشد عام 1907 من اسرة فقيرة في قرية «جوبة برغال» الواقعة ضمن سلسلة جبال اللاذقية، وقد نسجت الصحف المصرية القريبة آنذاك من خصمه الزعيم الوطني سعدالله الجابري حوله اساطير عدة وصلت الى حد اتهامه بأنه اعلن ربوبيته ودعا قومه لعبادته كما انه تآمر مع الفرنسيين وعمل جاهدا على تقسيم سورية مما ادى الى اعدامه في 16/12/1946، وتأليه أتباعه – كما قيل – لابنه مجيب الذي اغتيل في 27/11/1952 على يد العسكري عبدالحق شحادة بأمر من الرئيس السوري أديب الشيشكلي وصدر امر بعد ذلك بسجن من ينتمي الى الجماعة المرشدية من 6 اشهر الى سنتين، ونفيت عائلة سلمان المكونة من أطفال صغار دون اب او ام الى دير الزور في اقصى الشرق السوري منذ عام 46 حتى عام 70.
صدرت عدة كتب في السنوات الاخيرة عن المرشدية ومؤسسها سلمان المرشد منها كتاب «لمحات حول المرشدية» الذي كتبه ابنه نور المضيء المرشد و«شعاع قبل الفجر» مذكرات احمد السياف وتحقيق المؤرخ والأديب محمد جمال باروت و«المرشدية وسلمان المرشد» لمنذر الموصلي وتكاد تجمع تلك الكتب على انكار قضايا الألوهية والتعاون مع الفرنسيين والتآمر على تشطير سورية.
وحسب تلك الكتب كان سلمان المرشد ثائرا على الإقطاع خارجا عن طوع مشايخ وزعامات الطائفة العلوية، حيث أبطل الاعتقاد بـ «الترائي» و«التقية» و«وراثية المشيخة» وألغى اللباس الديني وأنكر قدسية عبدالرحمن بن ملجم وحارب الفرنسيين حتى نفوه الى مدينة الرقة كما نزل الانتخابات معاديا ومنافسا لقائمة كنج ـ بدوي الجبل الانفصالية وكان ضمن قائمته كبار الوطنيين امثال بطل معارك جبل صهيون عمر البيطار، وتضيف تلك الكتب أن المرشد هو من اقترح إلحاق قضاء الجبة بحلب منعا لإنشاء الدولة العلوية.
وقد انتخب المرشد لدورتين برلمانيتين، وفي عام 1945 القى الزعيم الوطني المعروف فخري البارودي كلمة سلمان المرشد التي أعلن فيها انه يضع قواته وعشائره تحت تصرف الحكم الوطني بقيادة الرئيس شكري القوتلي، ويرى مؤيدوه ان خصومه من الإقطاع العلوي المنتمين لآل شريتح هم من حركوا قوات الحكومة ضد معقله في قريته «جوبة برغال» مما جعله يبادر بإطلاق النار وقتل زوجته الاسطورية المشهورة بالشجاعة الفائقة والجمال الباهر هلالة بنت داود الملقبة بـ «أم فاتح» حتى لا يتم الاعتداء عليها من قبل الأعداء.
وتمتلئ المراجع بصوره وأبنائه إبان محاكمته التي بُرئ خلالها من تهم الخيانة العظمى والتعاون مع الفرنسيين وهو ما شكر هيئة المحكمة عليه ولم يطلب الرحمة عندما حكم عليه بالإعدام على معطى قتل زوجته هلالة وقد نفذ الحكم بعد 3 ايام وتم نفي ابنائه دون اب او ام الى خارج القضاء، وفي عام 1965 اصدر وزير الدفاع حافظ الاسد امرا بالتوقف عن مطاردة المرشديين مما جعلهم يقفون معه في صراعه ضد خصمه صلاح جديد، وفي عام 1984 انحاز المرشديون العاملون في سرايا الدفاع للرئيس حافظ الاسد بعد لقائه معهم ضد شقيقه رفعت وقد ألغيت أوامر النفي والعقوبات ضد المرشديين بعد ثورة التصحيح عام 1970 وقد أعلن نور المضيء المرشد بعد وفاة اخيه ساجي عام 1998 انه ليس اماما للجماعة واكتفى فقط بدور ملقن تعليم الصلاة لمن يبلغ عمره سن 14 من البنين والبنات.