في البدء العزاء الحار إلى أسرة آل الصباح الكرام ولوزير الداخلية الشيخ جابر الخالد في وفاة المرحومة حرمه، للفقيدة الرحمة والمغفرة، ولأهلها وذويها الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.
نقرأ ونسمع عن أرقام ونتائج انتخاباتنا التشريعية منذ عام 1938 حتى عامنا هذا، ونقرأ بالتوازي معها أخبار إنشاء الحركات والتجمعات السياسية وموقفها من القضايا المختلفة، وهي تدوين صادق لما يجري فوق الطاولة السياسية الكويتية الا ان احدا لا يسجل قط «اسرار وخفايا» ما يجري في الخفاء وتحت الطاولة من صفقات وتحالفات وخيانات ضمن تلك السيرة كحال الدول الأخرى.
هذه الأيام نسمع ويسمع غيرنا الكثير من خفايا اللعبة السياسية المحلية ودور المال السياسي الرئيسي في تشكيل كثير من المواقف السياسية وخاصة «البطولية» منها والتي اذا ما عرف السبب فيها بطل العجب وانكشف حال بعض المرشحين ممن اصبح دورهم لا يزيد عن دور «حصالة» أموال، فلكل موقف ثمن ولكل مقام مقال مدفوع.
فمن ضمن حقائق الانتخابات الكويتية المؤسفة والمسكوت عنها، والتي تسبب فيها عدم وجود آليات محاسبة لمن يصل بطرق غير مشروعة للكراسي الخضراء، انها أصبحت مصدر رزق واثراء فاحش لبعض المرشحين، فهناك من يدفع لزيد كي يضعف فرص منافسه في المناصب والمراكز، وهناك من يدفع لعمرو للقيام بهجوم مضاد، والاثنان من المرشحين ما هما إلا أحجار على رقعة الشطرنج السياسية الكويتية.
وهناك ضمن اللعبة من يستفيد من الدعم المالي لأصحاب المصالح والصفقات مع الوزارات الحكومية وحال وصول تلك الاحجار الفائزة تبدأ عملية «رد الجميل» والهجوم والضغط على هذا المسؤول أو ذاك واتهامه بكل الموبقات وحتى استجوابه لإرغامه على تمرير الصفقات والمعاملات ويتم ذلك كله تحت رداء الوطنية والمصلحة العامة التي تذرف دموع التماسيح أنهارا عليها.
والحقيقة انه لو انكشف للناس ما يخفى من اسرار وخفايا العملية السياسية الكويتية الحاضرة والماضية لتغيرت نظرة كثير من الناس اليها ولعلم كثير من المستغفلين والبسطاء ان هالة القدسية والملائكية التي يحاول البعض إضفاءها على ديموقراطيتنا تخفي تحتها كثيرا من الشياطين والفاسدين والمتلاعبين ممن يحرّمون نقدها ويتهجمون على من يريد اصلاح مسارها للافضل كي لا يفقدوا مناجم الذهب التي يجلسون عليها، ولا عزاء بعد ذلك للأغبياء.
آخر محطة: من مساوئ نظام الدوائر الخمس الكثيرة انها زادت من كلفة الحملات الانتخابية بسبب كبر الدوائر ومن ثم احوجت بعض المرشحين للمال السياسي، وانتظروا حتى نصل للدائرة الواحدة الموعودة كي ننشئ معها سوق نخاسة لبيع ضمائر المرشحين، فمن سيستطيع تحمل كلفة حملة انتخابية من أقصى شمال الكويت الى أقصى جنوبها؟! ولا عزاء للأذكياء إن وجدوا.