أتى في الأثر ان سيدنا عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) رأى ضوء سراج في بعض البيوت وسمع حديثا عرف منه ان في الداخل قوما يشربون الخمر، فتسوّر السطح ونزل عليهم من الدرج ومعه الدرة فقال له أحدهم يا أمير المؤمنين ان أخطأنا في واحدة فقد أخطأت في ثلاث، قال تعالى: (ولا تجسسوا) وأنت تجسست، وقال تعالى: (وائتوا البيوت من أبوابها) وأنت أتيت من السطح، وقال تعالى: (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) وأنت دخلت وما سلّمت، فهب هذه بتلك.
هذا المبدأ والمفهوم الإسلامي الرائع والمنصف القائم على ألا يجوز الفصل بين اي اتهام وطريقة الحصول على الدليل فيه، حيث لا تبرر الغاية الوسيلة، قد سبقنا أميركا والعالم المتمدن فيه حيث اصبحوا لا يعتدون هذه الايام بأي اتهام لا يتم الحصول على الدليل فيه بطريقة شرعية وقانونية.
هذا المبدأ الإسلامي الذي أصبح دوليا يجب ان يطبق حرفيا على الاتهام الموجه للدكتورة اسيل العوضي فهل تم الحصول على ما سمي بالإثباتات بطريقة مشروعة؟ وما كان أسهل على الدكتورة الفاضلة ان تقوم بما قام به غيرها فتنكره خاصة أنه لا دليل على الدعوى إلا «أصوات مشوشة» و«أشرطة ممنتجة»، وهل نتصور بالمقابل ما سيتمخض عنه تسجيل ما يقوله منتقدوها في جلساتهم الخاصة حول مجتمعهم ومنافسيهم؟! ان القبول بالتسجيل الصوتي «الممنتج» امر لا تأخذ به أي محكمة في العالم، فكيف يمكن القبول به كوسيلة للإعدام السياسي لدكتورة جامعية ومرشحة بارزة، ثم أين ستتوقف عملية القبول بتلك الوسائل غير المشروعة والدعايات السوداء المغرضة؟!
ومع كثرة أخطاء وحتى فساد بعض نواب المجالس السابقة خلقت حالة ذهنية موجبة لدى الناخب والناخبة الكويتيين فيما يخص التوجه هذه المرة لانتخاب النساء كوسيلة لدرء المفاسد وللبحث عن أداء أفضل للمجلس التشريعي المقبل لما عرف عن النساء بشكل عام من ممارسة أقل للفساد والتأزيم، وجهد اكبر في الدراسات وتقديم المقترحات.
وعليه فإن الحملة القائمة ضد د.أسيل العوضي لن يتوقف تأثيرها على المرشحة ذاتها بل يقصد منها العودة للحالة الذهنية السابقة التي لا تود ان تصل النساء للبرلمان الكويتي، وعليه سيصل تأثير الحملة لبقية المرشحات الفاضلات أمثال د.معصومة المبارك ود.فاطمة العبدلي ود.سلوى الجسار ود.رولا دشتي والمحامية ذكرى الرشيدي، وأعتقد ان الواجب يستدعي من الأغلبية مواجهة تلك الحملة المغرضة برفع شعار «نساء أكثر لفساد أقل»، فقد مللنا من العودة لنفس المسار السابق.
آخر محطة:
الأحصنة السوداء في هذه الانتخابات هي أصوات النساء في الدوائر الثلاث الأولى وأصوات الأقليات في الدائرتين الرابعة والخامسة، حيث ان كيفية تصويت هاتين المجموعتين ستقرر وجه الانتخابات الكويتية لسنوات قادمة.