سامي النصف

أرواح وأرواح

الحفاظ على الأرواح في الأرض والجو هو أحد أهم واجبات الدولة وقد امتلأت الصحف بأخبار أخطاء الجراحين العاملين في احد المستشفيات الحكومية وقد تسابق البعض في طلب معاقبة المهملين وهو أمر جيد الا انه حل فردي لن يؤدي الغرض منه، حيث سنكتشف بعد حين وجود مهملين آخرين في مستشفيات اخرى او حتى في المستشفى نفسه كوننا لم نعالج الإشكال بشكل مؤسسي.

تتسبب أخطاء الأطباء ومضاعفات ما بعد العمليات في موت ما يقارب المائة ألف في الولايات المتحدة وقد اكتشف احد اطباء جامعة هارفرد مؤخرا نظاما قلل من عدد الأخطاء الطبية بمقدار 38% أي ما يقارب النصف وهو حل مستوحى مما يحدث في كبائن قيادة الطائرات أي لزومية استخدام لائحة «Check List» قبل وبعد كل عملية يتم التأكد خلالها من ان كل شيء يتم حسب الأنظمة والقواعد الطبية وبشفافية تامة، مقترح نرجو ان نراه مطبقا لدينا.

ومقترح آخر كنت قد تقدمت به إبان ترؤسي للجان التدريب والسلامة في الاتحاد العربي للنقل الجوي للجنة الطبية في الاتحاد وارجو ان تأخذ به الكويت وهو ان يطبق على الطبيب ما يطبق على الطيار اي ان يمتحن تحريريا وشفهيا وصحيا كل عدة اشهر حتى يتم التأكد من اهليته المهنية والصحية واذكر ان احد الأطباء اعترض آنذاك بحجة ان الطيار غير المؤهل يمكن ان يقتل 400 راكب وكانت اجابتي ان خطأ الطيار يفقده حياته ويعلم به الجميع، اما الطبيب المهمل وغير المؤهل فيمكن ان يقتل بتشخيصه القاصر او جراحته الخاطئة اكثر من ذلك العدد بكثير دون ان يشعر به احد.

فقدنا خلال السنوات الماضية مئات الشباب في حوادث انقلاب السيارات بسبب انفجار اطارات السيارات في اجوائنا الحارة ولجهلهم بكيفية التعامل الصحيح مع الانفجار، في بريطانيا والولايات المتحدة يضغط خبراء السلامة وأولياء امور ضحايا الاطارات لتحديد عمر الاطار الجديد بـ 6 سنوات فقط كونه لا يعد آمنا بعد تلك المدة حتى لو بقي مخزّنا دون استعمال، فهل لنا بحملة مماثلة في الكويت تحفظ لنا الأرواح قبل قدوم اشهر الصيف؟

أتى على موقع «نيوك بلز دوت كوم» ان الكويت اشترت 5.4 ملايين جرعة مضادة للإشعاع من الشركة صاحبة الموقع والسؤال المهم هو كيفية الاستفادة من ذلك الدواء؟ نرجو الا تكون الاجابة هي اننا سننتظر حتى ينفجر المفاعل النووي في بوشهر ثم نطلب بعد ذلك من 3.5 ملايين مواطن ومقيم أن يصطفوا امام الصيدليات لأخذ تلك الحبوب، وزعوها او بيعوها الآن لا عند وقوع الكوارث حفاظا على الأرواح.

تفاؤلنا شديد بوزير المواصلات م.نبيل بن سلامة الذي ارجو ان يقرأ بتمعن شديد ما اتى في تقرير ديوان المحاسبة، فلم تعد الكويت تملك الاموال اللازمة للتغطية على العبث الشديد القائم في «الكويتية» كما ان ارواح الكويتيين والمسافرين ليست لعبة بيد من سيكونون اول المتنصلين مما تفعله ايديهم المخربة هذه الايام والموضوع ذو شجون.

آخر محطة:
كتبنا عبر عدة مقالات في الماضي عن الفشل الذريع المتوقع لمشروع خصخصة «الكويتية» بالطريقة الخاطئة القائمة وهو ما تم، لذا نرجو عدم التفريط في المال العام عبر توزيع المكافآت والمنح يمينا ويسارا بحجة تلك الخصخصة المفترى عليها، وللعلم بيعت قبل ايام شركة «تي ام اي» اللبنانية العريقة للشحن الجوي بدولار واحد فقط لا غير بسبب خسائرها التشغيلية التي لم تتجاوز 15 مليونا، فبكم ستباع «الكويتية» بعد ان ضاعفت ادارتها خسائرها؟!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *