أغمض عينيك للحظة وتصور ما كان سيحدث لو أن صدام مازال على سدة الحكم في بغداد وهو من قام بالدخول على الكويت مرة ثانية وعاث في البلاد والعباد خرابا ودمارا، ثم تناقلت وكالات الأنباء صور مبانينا المهدمة وأطفالنا القتلى ونسائنا الأرامل وأمهاتنا الثكالى أي إعادة لما حدث عام 90 فهل سيرق قلب الآخرين هذه المرة على مصابنا ودمارنا أم سنجد هناك من سيلوم ـ كالعادة ـ الضحية ويترك الجلاد؟!
وأغمض عينيك للحظة وتصور ما كان سيحدث لو أن منظمة حماس كانت من يتولى السلطة بالضفة الغربية الهادئة الهانئة وأن أبو مازن ومنظومة فتح من كان يحكم غزة وهم بالتالي من اطلق الصواريخ دون حساب لرد الفعل الإسرائيلي وما نتج عن ذلك من تدمير القطاع للمرة الثالثة خلال 3 سنوات (حرب خطف الجندي، حرب طرد الأشقاء والحرب الحالية) وما كانت ستقوله قيادات بعض الدول والمنظمات والأقلام المؤدلجة في محيطنا العربي والإسلامي من أن في ذلك إلقاء للنفس بالتهلكة المحرمة شرعا، وان قيادة السلطة لم تعد مؤتمنة على أرواح الشعب الفلسطيني أو على إدارة القطاع وأن أموال البناء يجب أن تذهب لمن عمّر وحقن دماء المسلمين (أي حماس الحاكمة في الضفة) لا من دمر وتسبب في ازهاق الأرواح (أي بالطبع سلطة أبو مازن الحاكمة في غزة).
وأغمض عينيك وعُد بذاكرتك لعام 90 وتذكر هل رأيت من بعض ساستنا ونوابنا وكتابنا ولو جزءا قليلا من تحركهم الفاعل الحالي ونشاطهم السياسي إبان محنتنا الكبرى واحتلال ارضنا أو حتى إبان تهديد صدام المتواصل لنا أعوام 91 – 2003؟! ثم استمر في قدح ذاكرتك وتذكر هل شاهدت بعض إعلاميينا المؤدلجين والمفوهين من أصحاب البرامج التلفزيونية والندوات مدفوعة الثمن في الأسواق العامة وهم يتصدون ولو لمرة واحدة لفيلق الإعلام الصدامي؟!
ثم افتح عينيك وعقلك وتساءل هل كان اختفاؤهم المشين والمريب عن الدفاع عما يفترض أن يكون وطنهم هو لعدم إيمانهم بالوطن والوطنية، خاصة أن بعضهم لم يخجل ضمن حروب «الوكالة» التي شنها علينا من القول ان ولاءنا لا يتعدى الأرض الممتدة من العبدلي حتى السالمي والنويصيب ناسيا متناسيا أن الولاء لغير حدود الوطن يعتبر في نظر الشعوب والشرائع «خيانة عظمى»، أم أن السبب الحقيقي هو أن الدفاع ضد فيلق الإعلام الصدامي هو جهد مجاني بينما تدر عليهم برامجهم الفضائية والاسواقية المال الوفير الذي يدخرونه لصرفه على حفلات الزواج الأسطورية للأبناء كحال ذلك القيادي الفلسطيني القابع في دمشق؟!
وضمن فوائد فتح الأعين والعقول معرفة أن احدى نتائج الأزمة الحالية هي بدء آلاف الشركات إعادة النظر في مواقع تمركزها في منطقة الشرق الأوسط وإذا كنا أذكياء (ولسنا كذلك) فسنستغل هذه الفرصة التاريخية كي نعرض عليهم كويت المركز المالي الآمنة سياسيا واقتصاديا كبديل مناسب لما هجروه بدلا من ذهابهم للدول الأجنبية، إن الحل بأيدينا متى ما أوقفنا عمليات الشحن السياسي (الماسخة) واهتممنا بقضايا الاقتصاد المفيدة ضمن ثقافة مرحلة ما بعد القمة الاقتصادية في الكويت.
وضعنا في الكويت أشبه بأب يبكي بحسرة وألم على أبنائه الذين يتضورون من العطش والجوع وفي يده اليمنى أكياس خبز وطعام لا يستطيع حملها من ثقلها وفي يده اليسرى أكياس أخرى مليئة بقناني المياه العذبة الباردة، الحكومة لديها الأموال الكفيلة بإعادة الحياة للاقتصاد الكويتي، إلا أنها تمتنع عن ذلك خوفا من غضبة هذا النائب أو ذاك الذي لن يحاسبه التاريخ فيما لو انهار الاقتصاد وأفلست الشركات وأصدرنا شهادة وفاة لحلم كويت المركز المالي بل سيحاسبها.
آخر محطة:
هل أكل الطير لسان الفريق الذي تم تشكيله للتعامل مع الأزمة التي تحولت الى كارثة وفي طريقها للتحول لانهيار كامل للاقتصاد الكويتي؟! لقد قلنا منذ البدء اننا لا نملك الخبرات المحلية القادرة على التعامل مع الأزمة الحالية وبودنا أن نحضر هذه المرة خبراء من كل الجنسيات للتعامل معها وعلى رأسهم كبير الاقتصاديين إبراهيم دبدوب.