الأمة التي نعنيها هي أمتنا العربية الواحدة، ذات الرسالة الخالدة، والزراعة التي نقصدها هي زراعة الأعضاء لا زراعة الأمن الغذائي حيث ان الأولى أهم كثيرا من الثانية فقد ابتلي جسد الأمة العربية بعلل كثيرة وحان وقت زراعة أعضاء جديدة له لعل وعسى نعيده للحياة ونكتب له شهادة ميلاد جديدة يكون يومها الأول هو 19/1/2009.
أول الأعضاء العربية التي تحتاج الى استبدال سريع هو الذاكرة العربية حيث انها سهلة الخراب والعطب فهزائمنا على سبيل المثال هي نسخ كربونية من بعضها ،فنكسة 67 هي صورة طبق الأصل من هزيمة 56، ودخول اسرائيل لبنان 82 هو نفسه دخولها 78، وضرب الجيش الصدامي 2003 هو نفسه ضربه 91، وغزوة غزة 2009 هي نفسها، في الأهداف والوسائل، غزوة لبنان 2006، لقد وصل ضعف الذاكرة العربية لمستوى خطير هذه المرة فنسيت بعض دولنا ممثلة بوزراء خارجيتها صباح أمس مصالحة قياداتنا في الليلة الماضية وقبل ان يجف حبر ورقها، اننا بحاجة لزرع ذاكرة عربية جديدة نذكر من خلالها الانكسارات حتى لا نكررها والاتفاقيات حتى ننفذها.
ثاني الأعضاء التي تحتاج للاستبدال السريع هو الضمير العربي كي يتوقف البعض منا عن التجارة بدماء الأطفال وبكاء النساء ونواح الأرامل وعويل الثكالى لبناء أمجاده الذاتية وتعظيم ثرواته الشخصية، ضمائر عربية جديدة لا تفسد ولا ترتشي ولا تباع ولا تشترى في أسواق النخاسة المحلية والدولية كي تدعي بطولات وتنسب لنفسها انتصارات أحسن منها ألف مرة الهزائم والنكبات..!
كما أننا بحاجة لزراعة عقول جديدة لا يخدعها الأعداء ولا يسيرها الغوغاء، عقول ليست مخادعة والمخادع لا يخدعها، عقول تميز بين الغث والسمين وتصدق ما ترى من أفعال لا ما تسمع من أقوال، عقول لا تبحث عن حلول لمشاكل الحاضر والمستقبل بالتفرغ التام لدراسة علوم الماضي بل تستخدم العلوم الحديثة والتقنيات المتقدمة لايجاد حلول واقعية مؤلمة بدلا من تسويق أحلام سعيدة تتحول عند كل صباح لكوابيس مرعبة تضر أكثر مما تنفع.
أخيرا نحن بحاجة لزراعة عضلات جديدة لجسد عربي جديد يؤمن، وبحق، بأن حل مشكلات البطالة والفقر والتنمية والأمن الغذائي والمائي والصحة والصناعة والتعليم والتحول للاقتصاد الحقيقي، ولمشروع الوطن العربي الجديد القادر على منافسة شركائه في القرية العالمية الصغيرة، يقوم على القدرة على العمل الشاق الخلاق لمدة 12 – 15 ساعة في اليوم (المعدل العام الحالي هو 12 – 15 دقيقة) ودون ذلك سنبقى في خانة اليك أو المربع الأول أو مكانك سر التي نمارسها منذ نصف قرن.
آخر محطة:
تظهر الاحصاءات ان انتاجية المزارع الهولندي تعادل انتاجية 19 مزارعا عربيا، وان انتاجية العامل الصناعي الكوري تزيد على العامل الصناعي العربي بثلاثة أمثال و… أمجاد يا عرب أمجاد..!