نحمد الله ان على سدة الرئاسة في مصر قيادة واعية حكيمة ممثلة بالرئيس الطيار محمد حسني مبارك، لا تخدع ولا تقبل الانجرار وراء قضايا الدغدغة والانفعال التي تهدف لتوريط الآخرين وإدخالهم في معارك وحروب تدمر مواردهم وتقتل شعوبهم ثم تقوم بالتشفي فيهم بعد ذلك كما حدث عام 67.
ففي 13 نوفمبر 66 قامت اسرائيل باعتداء مدروس على قرية «السموع» بالضفة الغربية قتلت خلاله 18 شخصا وجرحت 125 آخرين وهدمت 125 منزلا، وقد وصف ذلك الاعتداء من قبل الاعلام الثوري آنذاك بأنه أقوى وأكثر فظاعة من مذبحتي دير ياسين وكفر قاسم، وبدأت الخطوة الاولى في الطريق الطويل الذي انتهى بالنكسة الكبرى التي سميت بحرب الايام الستة.
وقد تلقفت الترويكا الثورية المزايدة الحاكمة آنذاك في دمشق ـ والتي أطاحت بها فيما بعد حركة التصحيح التي قادها الرئيس المحنك حافظ الاسد ـ والممثلة بـ «زعين، ماخوس، جديد»، اخبار ذلك الاعتداء لترفع عقيرتها بالصياح وعبارات التهديد والوعيد، ولتعلن بدء حركة التحرير الشعبية لفلسطين والتحول لـ«هانوي العرب» كما ادعت أن إسرائيل تحشد الألوية العسكرية على حدودها استعدادا لدخول دمشق، وقد ثبت فيما بعد عدم صدق تلك الادعاءات.
وقد تفاعلت القيادة الثورية المصرية آنذاك مع تلك الدعاوى الكاذبة في اغلبها دون تفحيص أو تمحيص فسقطت سريعا في الفخ المنصوب لها، وقد كشفت فيما بعد مذكرات القادة كمال حسن علي ومحمد فوزي وعبدالمحسن مرتجي وعبدالحميد الدغيدي وأنور القاضي وصلاح الحديدي، الكثير من اخطاء ردة الفعل السريعة تلك، وأظهرت الاثمان الباهظة لاستخدام العاطفة بدلا من العقل عند الازمات.
لذا فهل نذكّر من يوجه سهام نقده للرئيس حسني مبارك بدلا من توجيهها لمن سبب الإشكال بأن مصر وقيادتها قد حاربت اسرائيل 5 مرات (48، 56، 67، الاستنزاف، 73)، وهل يخبرنا هؤلاء عن عدد الحروب الحقيقية التي خاضوها لأجل القضية الفلسطينية بعيدا عن حروب الاذاعات والحناجر والطناجر والقنادر التي استجدت هذه الايام؟!
وقد عدنا فيما نسمعه ونراه لمعادلة ان من لا يملك المعاهدات مع اسرائيل يطالب بتمزيقها، ومن لايملك السفارات يطالب بتجميدها، ومن لا يملك النفط يطالب بقطعه، ومن لا يملك الحدود يطالب بالحرب والتضحية بآخر طفل وامرأة فلسطينية، وبأصدقاء كهؤلاء من يحتاج حقيقة للأعداء؟!
آخر محطة:
تعقيبا على قرار وقف التطبيع كوسيلة «لوقف» العدوان الاسرائيلي المتكرر على الجيران، يرى بعض قادة حركات السلام في اسرائيل أن العكس هو الصحيح، حيث ان التطبيع ـ برأيهم ـ هو ما سيمنع الصقور في بلدهم من شن الحروب بين فترة وأخرى، حيث ستخلق العلاقات المتبادلة بين الشعوب مصالح مشتركة لا يمكن التفريط فيها، كما ستجعل الرأي العام الاسرائيلي يختار الحكومات المسالمة لا المحاربة.