نعلم ويعلم الجميع ان الطريق الى جهنم يمر بطريق مليء بأصحاب النوايا الحسنة، ونعلم ويعلم الجميع ان أعداء الأمة هم أسعد الناس بانشغال الشعوب والقادة العرب بالهموم السياسية التي لا تنتهي والتي كلما أطفأنا نارا منها اشتعلت بفعل فاعل نار أخرى.
لقد أتت فكرة القمة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية العربية بمثابة ضخ كم هائل من الأوكسجين الصحي للرئة العربية التي كادت تتوقف بسبب مزايدات المزايدين وزعيق الصارخين وألعاب المشاغبين طوال العقود الماضية، وقد بدأت هذه الأيام جولة جديدة من التدمير عبر محاولة بث الدخان الكثيف على أعمال قمة الكويت الاقتصادية بحجة ما يحدث في قطاع غزة من مآس وكوارث.
وأول تساؤل يطرحه المواطن العربي هو ما ستفعله قمة سياسية عربية جديدة تجاه تلك الأحداث المتكررة عدا إضاعة الأوقات في بيانات الشجب والتنديد المعتادة، وتساؤل آخر يطرحه نفس ذلك العربي البسيط عن السبب في عدم مشورة الفاعلين لإخوتهم العرب في القرارات الجسام التي يتخذونها ومدى عدالة تحميل العرب بعد ذلك نتائج تلك الأفعال التي لم يُسألوا عنها؟!
وما يزيد الطين بلة ان العرب ـ لا غيرهم ـ هم من سيدفع الكلفة المليارية للخراب والدمار الناتج عن الكارثة والمأساة القائمة، وستخصم تلك المليارات من مشاريع التنمية العربية وتذهب لمعادلات صفرية عبثية، أي إعمار ما كان قائما ثم دمر بسبب قرارات انفعالية تهدف لخدمة أغراض لم تعد خافية على أحد.
ولتقريب ما نقول لذهن المواطن الكويتي والعربي نتساءل: هل كان سيوافق أحد فيما لو قررت احدى فصائل المقاومة الكويتية بعد تحريرنا عام 91 اتخاذ قرار منفرد بالتحرش بالنظام الصدامي آنذاك عبر إطلاق الصواريخ عليه أو خطف أحد جنوده بحجة وجود أسرى كويتيين لديه.. الخ، ومن ثم السماح له بالدخول للكويت مرة أخرى وقتل الآلاف وهدم المباني والمنشآت؟!
ثم هل يجوز ضمن ذلك السيناريو البكاء والتشكي ولوم الشعوب العربية الأخرى وقادتها على تقصيرهم في إنقاذنا من الأوضاع التي وضعنا أنفسنا فيها عبر تحرشنا بقوة لا طاقة لنا بها؟! ولن أسأل تحديدا عن رد فعل هذه الدول أو ذاك القطاع وما سيقوله منظروهم ومفكروهم وإعلاميوهم على الفضائيات العربية في حقنا، فتلك أمور جربناها وخبرناها جيدا من قبل عندما حملت الضحية لا الجاني مسؤولية الغزو.
آخر محطة:
الفارق بين قمم المآسي السياسية الطارئة المعتادة وقمم التنمية الاقتصادية المخطط لها جيدا، كقمة الكويت، ان الأولى تبدأ بقضية كبيرة ساخنة تصغر وتختفي دون أثر بعد أشهر قليلة، والثانية تبدأ بمشاريع استراتيجية تكبر مع كل يوم يمر إلى ما لا نهاية وتشعر بفوائدها الشعوب العربية.