زرت قبل أيام عمان الهادئة والجميلة، بدعوة من هيئة سوق المال العمانية لتقديم محاضرة حول دور الصحافة في تشجيع الوعي الاستثماري، وقد تزامنت تلك الزيارة التي سنكتب عنها لاحقا مع بدء فعاليات دورة الخليج التي بودنا ان تتوسع مستقبلا وتمزج الرياضة بالاقتصاد والفن والثقافة عبر خلق مهرجانات تسويق وسياحة وحفلات غنائية وعروض مسرحية وندوات ثقافية وفكرية وشعرية تتزامن مع إقامة تلك الدورات بحيث لا تقتصر الزيارة على جمهور شبابي يشاهد المباراة لمدة ساعتين ويرحل، بل تصبح فرصة لزيارة آلاف العائلات والرجال للتسوق وغيره.
أكتب المقال قبل مباراتنا مع العراق وبالطبع بعد مباراتنا مع البحرين واعتقد ان فريقنا من أفضل الفرق الا ان هناك اسبابا متكررة منذ سنوات تمنعه من حصد البطولات منها الإعداد النفسي السالب والخاطئ للاعبين، حيث ينصح عادة المختصون النفسيون الآباء وقادة الفرق الرياضية والعسكرية ومديري الشركات بالعمل بما يسمى «التحفيز الموجب» اي تكرار مقولة «انكم قادرون على الفوز والنصر وحيازة البطولة.. الخ».
لدينا نقوم دائما بالعكس من ذلك، حيث يتم تكرار المقولات المحبطة منذ البدء مثل «انتم جايين للمشاركة لا للفوز» و«نحن نرشح الفريق المنافس للفوز بالمباراة والبطولة» و«الحكام راح يستقصدونكم ليخسروكم» وقد اثبتت مثل تلك التصريحات انها تقتل روح الطموح وتجعل اللاعبين محضرين بشكل مسبق للهزيمة وواضح ان مثل تلك التصريحات تطلق في العادة لحماية الجهاز الفني حتى يقال «ما قلنا لكم اننا لن نفوز» ورغم تكرار خسارتنا للمباريات والبطولات عبر السنين فمازلنا نعيد ونكرر ذلك التحفيز السالب بدلا من الموجب.
وهناك إشكالية فنية متكررة منذ عقود كذلك، ولا نرى مثلها لدى الفرق الدولية وحتى لدى الفرق الخليجية والعربية المتكررة الفوز بالبطولات، وهي ان فريقنا ما ان يحرز هدفا على الفريق الخصم بسبب خطة جميلة يلعب بها، حتى ينكمش على نفسه ويقوم بلعب دفاعي ممل ويتساقط خلاله اللاعبون ويكثرون الاحتجاج على الحكام دون مبرر، ومما يدل على غباء تلك الخطة العقيمة ان عملية التعادل مع البحرين كانت ستساهم في إخراجنا من البطولة ومع ذلك اكتفينا بهدف واحد وكان بإمكان البحرين ان تعوضه في اي دقيقة من دقائق المباراة الاخيرة.
وقد قرأت في إحدى الصفحات الرياضية تصريحات للجهاز الفني حول مبررات اللعب غير المرضي امام البحرين بعد تسجيل الهدف اليتيم قيل ضمنه ان السبب هو الشحن النفسي الذي خلقته جماهيرنا الرياضية (!) وهو عذر اقبح من ذنب وكأن المطلوب ألا تشجع جماهيرنا فريقنا، بل وكأن الفرق الأخرى في هذه البطولة وخارجها لا تملك جماهير بالملايين تقف خلفها دون ان يلومها احد على سوء الأداء.
وقد تابعنا مباراة السعودية واليمن ـ ومثلها مباراتا عمان والبحرين مع العراق ـ ولم نشهد تراجع الفريق السعودي للخلف بعد تسجيله هدفه الأول كحال فريقنا، كما شاهدنا مدرب الفريق ناصر الجوهر يجلس بهدوء ويسجل الملاحظات طوال المباراة، بينما تظهر صور مدربنا وهو شديد الانفعال والحركة دون تدوين اي ملاحظات وهو ما يمهد لتكرار نفس الأخطاء، لذا بودنا كجماهير ان نتعظ مما جرى وان نتجنب اللعب الدفاعي بعد تسجيل الاهداف، ومثل ذلك ترشيح الفرق الاخرى للفوز بالمباريات والبطولة كونها تؤدي لنتائج عكسية.
آخر محطة:
(1) يروي الإعلامي الإماراتي محمد الجوكر ذكرياته في ملحق صحيفة «الشبيبة» العمانية حول الدورة الرابعة في قطر فيقول ان كابتن الفريق العراقي آنذاك مجبل فرطوس أسرّ له بأن الرئيس احمد حسن البكر اتصل ليلا باللاعبين ليبلغهم بتخصيص ڤلل لهم ان فازوا على الكويت وقد اتت تلك المكالمة بأثر عكسي، حيث لم ينم اللاعبون طوال الليل من الفرحة وهو ما جعلهم يخسرون المباراة امام الكويت (2)4 بسبب الارهاق!
(2) تقوم الصحف الخليجية بخلق ملحق رياضي منفصل لدورة الخليج، كما لاحظت انها تملأ لوبيات الفنادق والمراكز الإعلامية بنسخات من تلك الملاحق والصحف.