مررنا خلال العقود الماضية بالعديد من الازمات والكوارث، الا أن الازمة الحالية قد تفوق كل ما شهدناه وعشناه حتى اليوم لغموض معطياتها الثلاثة وهي تحديدا (أ) تداعيات الازمة الاقتصادية المالية واستحقاقاتها وتأثيراتها على الناس، (ب) مدى مستوى انحدار أسعار النفط وهل سيبقى سلعة استراتيجية أم يتحول مستقبلا الى سلعة خاملة كالفحم والموز وغيرهما، (جـ) الملف النووي الايراني وما سيحدث له وكيف سيستخدم الملف بالتوازي مع الوضع الاقتصادي الخانق هناك، حيث يقال ان ايران هي إحدى اكثر ثلاث دول في العالم تضررا بما يجري.
لقد وفرت لنا الوفرة النفطية في السابق الاموال التي تكفلت بتغطية العيوب وتصحيح الاخطاء وعمليات الارضاء، والواجب ان نحتاط للاسوأ هذه المرة ونبتعد عن السقوط المتكرر والمعتاد في الحفر الاقتصادية والسياسية والامنية، حيث قد لا تتوافر لنا مستقبلا الموارد الكفيلة باخراجنا منها وعليه فالحكمة والقراءة الصحيحة للاوضاع تحتم علينا ان نستبدل اللائحة أو الخريطة الزرقاء للماضي بخريطة ولائحة جديدة للمستقبل من مكوناتها:
إعادة تعديل الهرم المقلوب منذ عقود عبر اختيار أكفأ وأذكى وأفضل العناصر البشرية المتاحة في البلد ـ لا أسوئها ـ لتسلم زمام الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية، فقد استشعر الاخوة النواب واعضاء الكتل السياسية والمثقفون والاعلاميون خطورة المرحلة غير المسبوقة المقبلة وطالبوا علنا باختيار الاكفأ والافضل، وعدم التذرع بالمحاصصة، وهو ما سيرضيهم ويرضي قبلهم الشعب الكويتي قاطبة. تبنى على تبني تعيين شخصيات غير كفؤة في السلالم الوظيفية إذا اصبحنا القدوة غير الحسنة في عقد الصفقات الاقتصادية والتنموية في المنطقة وقد تفرض ظروف المستقبل أن نتحول للقدوة الحسنة، فلا نقبل قط بأن يقوم المفاوض الكويتي بشراء ما قيمته مليار بخمسة مليارات، أو ندفع ما تبقى من اموالنا العامة لحيازة ما لا نحتاجه. استيعاب حقيقة مهمة بأننا في اللحظات الاخيرة لاتخاذ قرارات كبرى لصالح ديمومة الكويت فبقاء وازدهار الامم لا يتم بالمصادفة والركون للدعة وغياب التخطيط الصحيح، ومن ثم انتظار الكوارث لمعرفة اضرارها، ان القرارات الاستراتيجية الصحيحة تحتاج الى سنوات طويلة لتؤتي ثمرها فلا يوجد شيء اسمه «مصباح علاء الدين» الذي يلبي الطلبات ويحقق الاحلام في التو واللحظة، كما ان العناصر الصالحة والدماء الكفؤة تحتاج لفسحة من الزمن لنجني خيرها وثمرها فقد ولّى زمن المعجزات. ضرورة العمل على التحول من منهاجية الاقتصاد الكسول غير المنتج الذي ساد عمل القطاعين العام والخاص في السابق الى منهاجية الاقتصاد الصناعي والزراعي والتجاري والعقاري النشط والمنتج كي تتحول البورصة «غير المنتجة» أو للمرة الاولى من اول اهتمامات الناس الى آخرها.. يتبع في الغد.
آخر محطة:
كشفت احدى الصحف الزميلة ان حذاء النائب الذي هدد به القيادة الفلسطينية التي لامها على تحالفها مع «الغرب» هو من نوع «هش بوبي» الانجليزي الفاخر ـ رغم توافر الاحذية المصنوعة في الدول الاسلامية بالاسواق ـ وقد شوهد النائب الفاضل وهو يغادر الحفل في سيارته الاميركية، وهيك نضال وإلا فلا!