في عام 90 احتل صدام الكويت، ورغم مخاوف كل دولة خليجية على امنها الذاتي الا ان جميع دولنا وقفت صفا واحدا لتحرير الكويت، وهو ما تم، ولولا تلك «الفزعة» لكانت الاوضاع الخليجية بالمجمل قد تحولت للاسوأ ولربما واصل رابع جيش في العالم اجتياحه ولكنا نتحدث الآن عن المحافظة الرابعة والعشرين لعراق صدام.
لدى دول الخليج العربية هذه الايام اشكالات اقتصادية شائكة لا تخفى على احد الا ان تلك الاشكالات الذاتية يجب الا توقف دولنا الخليجية مجتمعة وعبر قمتها الحالية عن المساهمة في اكمال مشاريع امارة دبي الواعدة وانقاذ تلك الدرة الخليجية ـ التي يذكر لها الكويتيون كرم ضيافتها لهم ابان الاحتلال ـ من اشكالها المالي الحالي اظهارا للتضامن الخليجي في أجمل صورة وحماية للنفس، فسقوط دبي – لا سمح الله – سيعني سقوط آلاف الشركات الخليجية الكبرى وافلاس كثير من رجال الاعمال الخليجيين والعرب.
نشرت صحفنا المحلية حجم مديونيات شركاتنا المساهمة وهي تفوق مديونيات عدة دول افريقية مجتمعة، اذا كنا نعلم عبر الرؤية المجردة اين ذهبت قروض دبي والفائدة المرجوة من اكمال مشروعاتها الضخمة، فهل لنا ان نسأل اين ذهبت قروض شركاتنا المساهمة؟ وهل استخدمت في انشاء المصانع والمزارع والمطارات والقطارات ومراكز الخدمات بحيث تصبح اصولا ذات فائدة لمن يقوم بشرائها او تعويمها، ام انها اقتسمت ما بين العمولات والبونصات وعمليات التنفيع الشخصية وشراء اصول وهمية ذرتها رياح السونامي الاقتصادي الحالي؟!
هل العالم في نهاية السونامي الاقتصادي ام في بدايته؟! اعتقد ان بعض دول العالم التي تعاملت باحتراف شديد مع الازمة ولم تخف من اعلان الافلاسات قد تكون تخطت خط البداية وقد نشهد في نهاية عام 2009 قرب نهاية اشكالاتها، اما بعض دولنا فمازالت في بداية الازمة، وسنشهد في الاعوام المقبلة النتائج الكوارثية لـ 1 ـ الانهيار الاقتصادي، 2 ـ انخفاض اسعار النفط بشكل دائم، 3 ـ التردد في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
وكويتنا الحبيبة هي البلد الوحيد في التاريخ الذي تنهار فيه الاسواق المالية كل عام او عامين وتتعرض فيه البنوك والشركات لخطر الافلاس ويثرى البعض من تلك الانهيارات ـ او السرقات ـ ثراء فاحشا ولا يحاسب احد قط، ورحم الله ايام احالة فراش البلدية للنيابة العامة، فعلى الاقل كان هناك من يحترم العقول ويقر بأنه لا جريمة تتم دون فاعل.
تضمنت بعض مقترحات المدغدغين من رجال البرلمان عمليات تدمير وتخريب منظمة للاقتصاد الكويتي حيث تم عبر بعض تلك المقترحات، كالتقاعد المبكر للمرأة وغيرها، الإضرار الشديد بمؤسسات رابحة وناجحة كالتأمينات وصندوق التنمية وهيئة السكان وبنك التسليف.. الخ، وكانت حجة هؤلاء الوحيدة كلما تصدينا لهم ان فوائض الميزانية العامة للدولة تضمن عدم افلاسها، المال العام في المقبل من الاعوام لن يكفي لدفع رواتب الموظفين، والواجب اعادة النظر في كثير من التشريعات قصيرة النظر التي صدرت خلال سنوات «غياب الوعي» الماضية.
آخر محطة:
«النفط» و«المالية» هما من اهم الوزارات في الفترة الصعبة والحرجة المقبلة حيث تشكلان مجمل دخل الدولة، الوزارتان بحاجة ماسة لوزيرين كفؤين وافضل من الحاليين ممن اذا سكتوا مصيبة واذا نطقوا كارثة. انتقد وزير الطاقة ـ وبذكاء شديد ـ منتقدي مشروع «الداو» من النواب وتساءل من اين يأتون بمعلوماتهم وارقامهم؟ والحقيقة ان سؤالا كهذا يدينه ولا يدينهم حيث يظهر اخفاقه واخفاق القيادات النفطية الشديدين في ايصال المعلومات الصحيحة للجهات الرقابية كمجلس الامة، وحجة كهذه يستشهد بها فقط في الكويت.