وارن بفت هو أغنى رجل في العالم، حيث تقدر ثروته بأكثر من مائة مليار دولار صنعها جميعا من تجارة الاسهم، ويقال إن من وضع 10 آلاف في شركة بفت للاوراق المالية عند بدئها تحولت الآن الى 300 مليون دولار، سئل السيد بفت قبل مدة قصيرة عن النصيحة التي يقدمها هذه الايام فقال «باي، باي، باي» ولم يقصد بتلك الكلمة «Bye» وداع الاسواق، بل الشراء Buy منها.
ولبفت نصائح عدة للشراء منها ألا تشتري سهما لم تقم بعملية بحث حقيقي عنه، كما يحذر من الافراط في التنويع ومن عمليات الشراء المتأخر أو البيع المبكر ويطلب الا تهتم بخسائر الفترة القصيرة، وان تشتري السهم الواحد وكأنك تشتري الشركة بأكملها، وأن تحرص على أن يكون للادارة القائمة على الشركة حصة كبيرة وفاعلة فيها، كما ينصح بأن تدفع دائما سعرا معقولا في السهم، فأحسن شركة في العالم يعتبر شراء اسهمها صفقة خاسرة اذا ما اشتريتها بأسعار اكثر من قيمتها.
وقد يكون لنصيحة الشراء لا البيع من أغنى رجل في العالم اسباب عدة منها ان البيع يحول الخسائر غير المحققة الى خسائر قائمة، كما أنه يساهم في خفض مؤشرات الاسواق ومن ثم زيادة الخسائر، اضافة الى ان وضع الاموال بعد تلك الخسائر في ودائع نقدية ذات عوائد منخفضة يعني ان الخاسر سيحتاج الى قرن من الزمن ليسترد ما فقده في الكارثة الحالية بعكس البقاء والشراء المدروس من السوق.
في عام 82 حدث انهيار المناخ واعتبر الناس ان الاسهم – كالحال هذه الايام – هي ورق لا قيمة له، لذا تم بيع اسهم شركة الاتصالات «زين» بـ 800 فلس للسهم، رغم أن سعر اكتتابها آنذاك كان بـ 1.100 دينار، اي ان قيمة 50 الف سهم كانت بـ 40 الف دينار، جزئت الاسهم بعد ذلك وتحولت 50 الف سهم الى 500 الف سهم، اصبح سعر الواحد منها بـ 4 دنانير اي ما مجموعه 2 مليون دينار، واذا ما اضيفت لها المنح والارباح لتحول مبلغ الـ 40 الفا المستثمر إلى 4 ملايين دينار لاحقة عبر – فقط ـ الاحتفاظ بأسهم التأسيس تلك.
وبالقطع هناك فرص مماثلة هذه الايام في العديد من الشركات التي اصبحت تباع بأقل من قيمتها الدفترية أو التأسيسية أو حتى من قيمة السهم فيما لو وزعت اصولها على المساهمين، وقد يكون اقرب مثال لما سبق هو سهم شركة «زين» السعودية التي تأسست قبل 6 اشهر في اكتتاب عام بسعر تأسيس هو 10 ريالات وبيعت في حينها بـ 25 ريالا، الا انها تباع هذه الايام بسعر التأسيس أي 10 ريالات، وهناك مقترح لتجزئة السهم لعشرة فيما هو اقرب مستقبلا للمثال الوارد في الفقرة السابقة.
ان الاستثمار في قطاع الاتصال والمعرفة وعلوم المستقبل هو الامثل حيث يقول السيد بفت انه أيّاً كان مستوى الركود الاقتصادي فسيبقى الانسان في حال اتصال بالآخرين ويملك هاتفا للبحث عن عمل وغيره (أسهم شركات الاتصالات) مع معرفة ان شركات المعرفة والاتصالات لا تحتاج الى مواد خام باهظة الثمن أو عمالة كبيرة، أي المصانع والمزارع وقطاع العقار، بل يقوم عملها على ركوب الهواء وبيع الكلام وهما أرخص مواد خام متوافرة هذه الايام على الارض.
آخر محطة:
نرجو ألا نبقى بعد الكارثة الاقتصادية الحالية على طمام المرحوم والا يعود السوق الكويتي الى سابق عهده مرتعا للسرقات وتكوين الثروات غير المشروعة دون خوف أو محاسبة.. وشبعنا طراقات ولم نتعلم!