أكتب من القاهرة حيث احضر مؤتمر مؤسسة الفكر العربي السابع الذي تجرى أنشطته تحت رعاية الرئيس محمد حسني مبارك وتستمر لاربعة ايام بدأت بافتتاح مقهى الشباب العربي ثم تتلوه حوارات مقهى التعليم، ويشارك في المؤتمر المئات من المفكرين والمثقفين والاعلاميين والمختصين من جميع الاقطار العربية.
وتشتهر العواصم العربية تاريخيا بوجود حراك فكري وثقافي وسياسي واعلامي جميل يتمركز في المقاهي التي يرتادها المبرزون في مجالات الحياة المختلفة فمن مقاهي الفيشاوي والريش وعرابي في القاهرة الى كوستا ودي باري في بيروت، وهافانا وبورسعيد والبرازيل في دمشق وبالحاج في تونس الذي خرج منه العلامة الكبير عبدالعزيز الثعالبي رافعا راية الاصلاح حتى وصل بها الى الكويت، وانتهاء بمقهى بدر في البصرة الذي قال عنه شاعر العراق الكبير بدر شاكر السياب «مقهى بدر موقد لا ينطفئ وشاي لا يبرد» ومازال ذلك المقهى التاريخي قائما حتى اليوم على ضفاف شط العرب، سهل لنا الله امر زيارته بعد ان زرنا اغلب المقاهي والمنتديات العربية الاخرى.
وتنقصنا في الكويت وبشدة مقاه لتصبح مكانا يلتقي فيه الاعلاميون والمفكرون والادباء والشعراء وحتى النواب والساسة ورجال الاعمال كي يتعارفوا ويتشاوروا وليسهل على الزائر للكويت الالتقاء بمبرزيها ومفكريها، ولا شك في ان المقاهي الحديثة التي انشئت في السنوات الاخيرة يمكن لها ان تكون المكان المناسب لمثل تلك التجمعات كحال كوستا مارينا او الكوت، او ستاربكس الصالحية او الاڤنيوز، او كاريبو الراية او الصالحية.
ويمكن ان تأتي المبادرة من الاعلاميين انفسهم فيتم اختيار المكان المناسب واعلانه ثم الالتزام به او بالمقابل ان تأتي المبادرة من بعض اصحاب تلك المقاهي كوسيلة لترويجها وتخليدها ولا يحتاج الامر منهم الا الى طلب حجز ركن في احد المقاهي لتفعيل تلك الملتقيات ولا شيء غير ذلك.
وزرت قبل مدة قصيرة بيت الراحلة هدى شعراوي في حدائق القبة بالقاهرة الذي اشتراه رجل الاعمال المعروف نجيب ساويرس وحوله الى ناد وملتقى جميل للنخب الاعلامية والثقافية والاقتصادية العربية وزوده بأطقم خدمة افريقية راقية وطباخين من الدرجة الممتازة وهو امر لا يمكن تصور مثله – حقيقة – في الكويت.
آخر محطة:
التقيت قبل يومين في الكويت بمنتدى قلم نسائي واعد لسيدات فضليات منقبات وكان مستوى طرحهن وفهمهن شديد الوعي والرقي مما يدل مرة اخرى على ان المهم ليس ما يلبس فوق الرأس بل ما في الرأس من افكار ورؤى.