سامي النصف

الأحزاب والدواوين

السماح بالحزبية حاله كحال التحول للدوائر الخمس الذي قيل انه سيقضي على الفئوية والقبلية والطائفية ويمنع شراء الأصوات، فأظهر الواقع عكس ذلك تماما.

ان هناك دائما فارقا بين النظرية والتطبيق، فإقرار الأحزاب سيعني تشريع وتقنين التخندقات القائمة ومن ثم بقاءها للأبد كحال التجربة الحزبية المدمرة في لبنان والعراق والصومال وغيرها من دول العالم الثالث.

ومن يقل إنه لا ديموقراطية دون حزبية فهو في حقيقة الأمر يهرف بما لا يعرف، فلكل مجتمع ديموقراطيته الخاصة به، والديموقراطية القادمة للدول الخليجية الخمس الأخرى ستكون قطعا دون حزبية، وبالمقابل كان عراق صدام وصين ماو وروسيا ستالين والمانيا هتلر وايطاليا موسليني تقر وتزخر بالحزبية ولكن دون ديموقراطية، حيث لا صلة بين الاثنتين، كما لم يقل الآباء العباقرة المؤسسون لأميركا ان الديموقراطية لن تقوم لديهم ما لم يخلقوا نظاما ملكيا دستوريا كحال الديموقراطيات في العالم آنذاك، بل خلقوا ديموقراطية خاصة بهم.

ومن رفض الأحزاب المشتتة الى رفض الدواوين الدافعة للخمول والكسل والتي اثبتت عمليات الإزالة ان ما يقارب الخمسين الفا منها، اي 90% مما تمت ازالته، كان يستخدم كمخازن وعمليات تأجير وايواء للعمال والعزاب الذين كانوا يتسببون في مضايقة اهل المنطقة ونسائها، وقد تسبب تفشي الدواوين بشكل عام في قتل الابداع والتفوق في البلد مقارنة بما لدى الجيران، حيث تفرغ الطبيب والمهندس والاكاديمي والمحامي والاعلامي والرياضي والطيار الكويتي لمنتديات الكلام و«الحش» تلك، بدلا من التفرغ للعلم والقراءة والارتقاء بالذات او ممارسة الرياضة او قضاء الوقت المفيد مع العائلة والأبناء.

وقد خلقت الدواوين محدودة العدد في الكويت لزمن لم تكن هناك فيه بدائل لقضاء الوقت، ولا يوجد هذه الايام في 199 دولة اخرى من العالم مثل تلك الدواوين التي ساهمت في عمليات التفكك الأسري والعزوف عن الزواج وكثرة الطلاق، ولو كان للدواوين فائدة لما سبقْنا الألمان واهل اليابان اليها، بل ان الدول الاخرى ترفض تأجير الأراضي العامة المجاورة للبيوت حتى لخلق مصانع ومزارع منتجة.

وفي الوقت الذي يُتباكى فيه على زيادة 50 دينارا يُرضى بجلوس الشباب الكويتي دون عمل في المساء الذي يبقى فيه القطاع الخاص مفتوحا للعمل ولزيادة الدخل، والملاحظ ان الاخوة الوافدين من عرب واجانب ممن لا يرتادون الدواوين يستفيدون من تلك الفترة المسائية لتطوير ذواتهم وزيادة دخولهم، ولو احتجت الى اي خدمة بعد الظهر لوجدت ان من يقوم بها هم اخوة وافدون يعملون صباحا في الحكومة ومساء في القطاع الخاص دون كسل أو ملل.

آخر محطة:
 طالبنا في مقال سابق بإيجاد حلول للإشكال الاقتصادي الحالي عبر الاستعانة بالخبراء الاجانب المعتادين على التعامل مع تلك القضايا الشائكة الكبرى، لذا نود الا يكتفى باستخدام هؤلاء الخبراء القادمين لحل إشكال بنك الخليج، بل ان يمتد عملهم لإعطاء النصح للإشكال الاقتصادي بشكل عام.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *