أحد أهم أحداث العالم هذا الأسبوع هو الانتخابات الأميركية، ولو حاولت التنبؤ بالفائز الذي سيقبل الناخب الأميركي طرحه ويصوت له عن طريق قراءة استطلاعات الرأي فلن تنجح حيث سبق أن اخفقت الاستفتاءات في تحديد اسم الفائز، الأمر الذي لم يخطئ قط هو أن المرشح الرئاسي الذي يجمع ويدفع أكثر لوضع رسائله وخططه وبرامجه عبر وسائل الإعلام هو من يفوز دائما بالانتخابات.
ضمن لقاء قناة «سكوب» قبل مدة سألني مقدم البرنامج عن السبب الذي يجعلني أقف في بعض مقالاتي مع ما تطرحه الحكومة، وكانت إجابتي: أن ما يجعلني أقوم بذلك هو إيماني الشديد بالديموقراطية التي تقوم على الرأي والرأي الآخر، فالرأي الواحد حتى لو كان معارضا يعني الدكتاتورية بعينها، وما نراه في الكويت قائما بشكل يومي منذ عقود هو استفراد الساحة برأي واحد تمثله ثقافة سائدة سالبة تعارض كل ما تطرحه الحكومات المتعاقبة من مشاريع وبرامج وقوانين، مما أوقف عمليات التنمية وأفقد المواطن العادي حق الاستماع للطرح المتوازن في ظل غلبة الرأي الواحد.
وضمن ندوة لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة، اقيمت قبل أيام قليلة وحضرها جمع من الأساتذة والطلبة والضيوف العرب، عقّب أحد الدكاترة على الورقة التي القيتها في المنتدى بالتساؤل عن سبب تحول النخب المثقفة ورجال الاقتصاد للتحالف مع الحكومة بعد أن كانوا معارضين لها في مرحلة الاستقلال الأول، وكانت إجابتي: أن على جميع شرائح المجتمع وكتلة السياسيين أن تقف مع الحكومة أحيانا وتعارضها أحيانا أخرى طبقا للقضايا المعروضة، أما غير المعقول أو المقبول فهو العمل على جعل جميع النواب معارضين للحكومة طوال الوقت، حيث إن ذلك أمر غير مسبوق في أي ديموقراطية أخرى وسيوقف بالتبعية أحوال البلد ويجعلنا نتباكى على تخلفنا وتقدم الآخرين.
إن حل الأزمات السياسية المتلاحقة هو العمل بما نراه قائما في الانتخابات الأميركية من حق إبداء الرأي (الحكومي) والرأي الآخر (المعارض) ضمن القنوات الإعلامية كافة ولاسيما الخاصة منها كي تتحول الثقافة السالبة الغاضبة لدى الناخبين الكويتيين، والتي تؤثر بالتبعية على النواب الأفاضل، إلى ثقافة موضوعية وعقلانية لا تبني مواقفها بشكل مسبق ولا تصدر حكمها قبل المداولة لا بعدها.
إن تجربة 46 عاما من الديموقراطية الساخنة القائمة على الاحتراب الدائم والسلبية وسوء الظن وتعطيل المشاريع ثم الشكوى من عدم الإنجاز، توجب علينا خلق آلية حضارية للطرح والطرح المضاد، فقد مللنا الصراعات السياسية وباتت قلوب الشعب تصبو وتهفو لعمليات التنمية وحل المشاكل العالقة ويكفي تسبّبنا للأسف في كفر الشعوب الشقيقة بممارستنا السياسية وتفضيلهم عمليات التنمية عليها، فلنقف ولنقدم العقل والحكمة قبل أن يمتد ذلك الكفر السياسي منهم إلينا فنندم يوم لا ينفع الندم.
آخر محطة:
العزاء الحار للزميل خضير العنزي في وفاة المرحوم ابنه نواف، للفقيد الرحمة والمغفرة، ولوالديه وأهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.