تعلمت منذ أمد بعيد أن أخالف توجه القطيع أو الجموع، لذا ما ان أرى أروقة البورصة قد ازدهرت واكتظت بالمتعاملين الفرحين بالأرباح المحققة وغير المحققة حتى انسحب بهدوء وابيع ما أملك من أسهم وانتظر ما يحدث، لذا لا مصلحة مباشرة لي في دخول أو عدم دخول الحكومة لدعم سوق أوراقنا المالية.
في ظل هذه الحيدة الواجبة أرى ضرورة تدخل الحكومة في دعم سوق أوراقنا المالية لكون تلك التوصية قد أتت من الجهات المختصة كالسيد إبراهيم دبدوب الذي دعا لذلك وقال ان ما نراه أسوأ من أزمة سوق «المناخ»، كما انه أمر لم يسبق ان رقب مثله عبر حياته البنكية التي جاوزت 48 عاما وتلك التوصية مطابقة تماما لتوجه اتحاد المصارف واتحاد الشركات الاستثمارية.
ان الاستماع لجهات الاختصاص بدلا من تجاهلها أمر محبذ ولقد تعلمنا من تجربة المناخ ان ترك الأمور على سجيتها يضر في النهاية باقتصادنا الوطني ويحرق أيدي الجميع، أي من تعامل بالبورصة أو لم يتعامل.
والسبب الآخر الذي يدعو لذلك هو متابعة ما قامت به دول الليبرالية الاقتصادية في العالم كحال اليابان في حقبة انهيار بورصتها وسوق عقارها (1990 وما تلاها) حيث تدخلت الحكومة واشترت الأسهم والأصول العقارية ومثلها هونغ كونغ عام 1998 عندما اشترت حكومتها كل ما عرض من أسهم في بورصتها وقد سبقتهم إلى ذلك حكومة الكويت عام 76 وفي «جميع» تلك الأمثلة حققت الحكومات المعنية أرباحا طائلة لاحقة كون الشراء وقت الكوارث والأزمات والبيع وقت الانتعاش هو النهج الأمثل لتحقيق الأرباح والعوائد.
في المقابل «تشتكي» حكومتنا والحكومات الخليجية من فوائض وسيولة مالية أتتها دون حساب وقد استخدم البعض منها في شراء أصول لشركات أميركية متعثرة وهو مر قد يكون له تأثير استثماري موجب على المدىين المتوسط والبعيد، والواجب ان يتم استخدام تلك الأموال في شراء الأسهم الجيدة في اسواقنا المالية كوسيلة للإفادة والاستفادة وكي لا يعم الضرر الماحق اللاحق وتلام الحكومة مرة ثانية.
وترتبط صحة الأسواق عادة بالسياسة النقدية للدول ولا شك في أن أحد أسباب انهيار بعض المؤسسات المالية الأميركية هو «التوسع» في السماح بإعطاء القروض والتسهيلات للأفراد والشركات، الوجه الآخر للعملة يظهر ان «الشح» في اعطاء تلك القروض والتسهيلات يمكن ان يسبب انهيارات اقتصادية كما هو الحال لدينا، حيث تضررت البنوك وهي أعمدة الاقتصاد الراسخة بسبب تقييد يدها، الحل بالطبع هو الوسطية فلا منح دون ضوابط ولا شح مطلقا.