رغم أن الكويت هي الأقدم خليجيا وعربيا في إنشاء سوق للأوراق المالية، إلا أن بورصتنا اشتهرت بأنها الأكثر انهيارا في المنطقة وربما في العالم، مما يضر أمنيا بالدولة واقتصاديا بالبنوك والشركات واجتماعيا بالأفراد، والملاحظ أن أسواقنا تنهار عندما تنخفض أسواق الآخرين وتنهار مرة أخرى عندما ترتفع أسواقهم، رغم تكرار تلك المآسي، إلا أن أحدا لم يفكر في وضع حلول مؤسسية تمنع عودة الإشكالات بدلا من الاكتفاء بضخ الأموال التي هي أشبه بإعطاء حبة بندول لمريض السرطان!
إن ترك انهيار البورصة الحالي يستشري ويستفحل سيعني الإضرار الدائم باقتصاد البلاد وإنهاء حلم كويت المركز المالي ومن ثم العودة للنهج الشيوعي الذي تتملك فيه الدولة كل شيء علما بأن تجربة الاحتلال أظهرت لنا فائدة وجود مؤسسات قطاع خاص فاعلة، حيث تكفلت بعض البنوك الكويتية الخاصة آنذاك بإقراض الحكومة ما تريده من أموال لسد احتياجات الناس.
إن للأزمة الحالية أسبابا عدة منها تشدد البنك المركزي في سياسات الإقراض وإلغاؤه التسهيلات المعتادة بناء على التشريعات والتوصيات التي أصدرها مجلس الأمة كردة فعل عفوية ومستعجلة على شكاوى قلة قليلة من المواطنين تجاوزوا بإرادتهم الحرة حدود الاقتراض الطبيعي، كما أريد من تلك التشريعات سد الذرائع أمام الاقتراح المجنون بإلغاء القروض، إن الدرس المستقبلي المستفاد هو عدم الاستعجال في إصدار تشريعات تفيد مواطنا واحدا وتضر بمليون شخص آخر.
ومن ضمن الحلول المطلوبة الإسراع بتعديل قانون التجارة كي يواكب العصر ومتطلبات المرحلة القادمة، وضمان عدم تداخل السياسات المالية (وزارة المالية) والسياسات النقدية (البنك المركزي) ومن ذلك عدم الحاجة لهيمنة البنك المركزي على إنشاء الشركات الاستثمارية التي يجب ان تختص بها هيئة سوق المال التي تهيمن عادة على شؤون البورصة والتي نأمل رؤيتها في القريب العاجل.
ومن الحلول المؤسسية والدائمة كذلك ضرورة إنشاء محافظ مالية تمولها البنوك (كما حدث قبل أيام في بورصة نيويورك) وتديرها شركات الاستثمار للحفاظ على التوازن المطلوب في السوق ومنع انهياراته، كما يمكن للهيئة العامة للاستثمار أن تدخل شركات في استثماراتنا المحلية وبنوكنا ضمن مشاريع صناديقها السيادية الضخمة المنتشرة في العالم لضمان عوائد مالية جيدة ودائمة للبورصة، كما يمكن لمؤسسة التأمينات الاجتماعية أن تستثمر جزءا من أموالها في السوق الكويتي كوسيلة للإفادة والاستفادة منه.
آخر محطة:
تستضيفنا قناة «العالم» الساعة 11 هذا المساء (الخميس) للحديث عن الاستثمارات الكويتية والخليجية في الولايات المتحدة وسيكون الضيف الآخر هو دكتور الاقتصاد والقانون المصري عبدالخالق فاروق الحائز جائزة الدولة مرتين، ود.عبدالخالق ذو توجه ناصري وأحد قيادات حركة كفاية، فرؤية ممتعة لمن يرغب.