درت وصلت في وطننا العربي من محيطه حتى خليجه، وزرت قراه ونجوعه وجباله واريافه وسهوله قبل زيارة مدنه وحواضره، واقول كمراقب ان حكوماتنا العربية لا تسيطر بأحسن الحالات الا على 60% من السكان و70% من الاراضي، اما الباقي فهو خارج سيطرة الدولة المركزية ولا ترتبط الاطراف بالعواصم الا بشكل شكلي مما سيسهل مستقبلا على تلك الاطراف ان تتخلى عن القلب وتستقل بذاتها، خاصة ان اغلب الثروات تتمركز فيها لا في العواصم.
واحد الاشكالات الحقيقية ضمن اقطارنا العربية التي هي للعلم من اجمل بلدان العالم في جبالها وسواحلها ومناخها وآثارها وتاريخها ومراكزها الدينية انها تعاني في الاغلب من الفقر الشديد وضعف البنى الاساسية من طرق ومستشفيات ومدارس رغم وفرة الثروات بسبب سوء الادارة وتضييع الموارد في الحروب العبثية المتلاحقة منذ نصف قرن حتى اليوم، فمن حروب خارجية الى حروب اهلية الى سرقات علنية للموارد.. الخ.
ان الحل الامثل للإشكال العربي بعيدا عن الشعارات المدغدغة الكاذبة التي جربت مرارا وتكرارا والذي سيحيل وطننا الكبير الى جنات تسعد بها الشعوب يتلخص فيما يلي:
البدء بهجمة سلام حقيقية شاملة تجاه جيران الوطن العربي، ونعني اسرائيل وايران وتركيا، ونحو الدول المؤثرة في العالم كالولايات المتحدة واقرار مبدأ اللا حروب معلنة او خفية مع الآخرين للمائة عام المقبلة، على الاقل. وخلق حالة سلام شاملة في الداخل عبر ايقاف حالات القمع والاستعلاء على الوان الطيف الدينية والمذهبية والعرقية الشركاء لنا في اوطاننا والبعض من هؤلاء هم اصل تلك الاوطان التي يتم الاستعلاء عليهم فيها. وجوب الطلاق النهائي للعمل السياسي من قبل شعبنا العربي وترك قلة محترفة تمارسه بنجاح، فقد اثبتت شعوبنا المرة تلو الاخرى انها اسوأ شعوب الارض قاطبة في ممارسة العمل السياسي الذي يعتمد على العقلانية والحكمة وأنصاف الحلول، بينما تمارسه شعوبنا طبقا لمقولة «لنا الصدر دون العالمين او القبر»، يعني «يا قاتل او مقتول». البعد كل البعد عن خيار الارهاب والحرب والاعتقاد بأن الغاية تبرر الوسيلة، فالاختلاف مع الآخر يبرر خطف طائراته وتفجير عماراته وقتل الابرياء من نسائه واطفاله، وهي امور لم تقم بها اي من الامم الاخرى، كما ان علينا الايمان بعدم احتكارنا للحقيقة، والتواضع والاعتراف بأن فضل الآخرين علينا وعلى الانسانية جمعاء يفوق ودون مبالغة بملايين المرات فضلنا التاريخي على الآخرين. والبعد كذلك عن الاعتقاد الخاطئ بأن بامكاننا حل مشاكل العصر المستعصية عبر النظر للماضي، ان علينا الاهتمام الشديد بالعلوم الحديثة والتكنولوجيات المتطورة والعمل الجاد منذ الصباح حتى المساء وباتقان شديد حتى نحاول ان نجاري الشعوب الاخرى التي باتت تسبقنا بقرون عدة. البدء بعمليات الحد من التكاثر والتناسل، فالشعوب المتقدمة تتناقص تباعا لمعرفتها ان القوة هي في نوع الانسان لا عدده، وان الاعداد المتزايدة على نفس الموارد تعني افتقار الجميع والضعف والانشغال بعد ذلك بالحروب المدمرة داخل الاوطان للحصول على مصادر العيش. كما علينا ان نتوقف عن الحلم بحلول تتحول عند وصولها الى كوابيس، فقد جربنا في السابق جميع ما يدعى هذه الايام انه حل، حيث لبسنا لباس الديموقراطية والليبرالية والدولة الدينية والاشتراكية والشيوعية والحكومات الثورية والعسكرية والقومية، وانتهت جميعها دون استثناء بكوارث، ان الإشكال هو في الشارع لا في القصر، وفي الناس لا في الحكومات، ولن تنهض امتنا الا بنهوض شعوبنا عبر الايمان بالفكر الجديد ودون ذلك سنبقى ندور كدوران الثور في الساقية.
آخر محطة:
علينا كذلك كجزء مهم من الحل ايقاف عمل مئات الفضائيات الاخبارية التي تبلبل فكر المواطن العربي.