أمضيت الأيام القليلة الماضية في زيارة سـريعة لجـاكـرتا وبالي الاندونيـسيـتين، والأخـيرة زارها وفـد برلماني كـويتي أخيـرا وسـيـزورها بعـد أيام قلـيلة سـمـو رئيس مـجلس الوزراء الشيخ ناصـر المحمـد، وتلك الجـزيرة تعتـبر بحق إحـدى جنات الله في أرضه، بسواحلها البيضاء وبحيراتها العذبة المتكونة على قـمم جبـالها البـركانيـة، التي تختلط فـيهـا زرقة المياه بخـضرة الأشـجار وبياض السحب المتقطعة في السماء.
وقد سبق أن زرت أمـاكنها السيـاحية مـرات عدة في الماضي، والملاحظ هذا العـام هو انخفاض أعداد السـائحين الاستراليين ـ والبـيض بـشكل عـام ـ بسـبـب الأعـمـال الإرهابيـة التي تسـبب بها تنـظيم القاعـدة والتي اتهم بهـا الداعية بابكر باعـشيـر، ما أعطى سمعـة غير طيبة لاندونيسيين من أصول عربـية ممن لم تكن تخلو منهم وزارة في الماضي، وقـد أصـبحت جـمـيع الفنادق والأسـواق تمتلئ هـذه الأيام برجـال الأمن الخـاصين ممن أطلقنا عليـهم اسم «أبناء بن لادن» كـونهم حصـلوا على وظائفـهم غيـر المنتــجـة ـ بعكس أقــرانهم العــاملين في الزراعـة والصناعـة والخدمـات ـ نتـيجـة للأعـمال التـخـريبـية التي قـامت بهـا تلك الشـخـصـيـة المدمـرة في ذلك البـلد المسلم المسالم.
وتمتد جـزيرة بالي 140 كلم من الشرق إلى الغرب، و80 كلم من الشمال إلى الجنوب، ومعدل درجة الحـرارة بها طوال العام هو 28 درجة، ويدين أغـلب سكانها البـالغ عددهم 3 ملايين نسمة بالهندوسية المختلطة بالتقاليد المحليـة مما يجـعلهـا بعـيدة كل البـعـد عن الهندوسـيـة التقليـدية الممـارسـة في الهند، وتسـمى بالي بجزيرة الآلهـة لكثرة المعـابد والتـمـاثيل فـيهـا وقـد دخلت الهندوسـيـة الجزيرة قـبل ما يقارب الأربعـة قرون أي مع دخول الإسلام إلى اندونيسيا.
وقد اعـتبر برنامج السفـر على محطة CNN ذات مــرة فندق الفــور سـيــزن في الجزيرة أجـمل فندق في العالم، مما جـعلني في زيارة سابقة أزوره واسكن فـيه، وقد فتح قبل مدة فندق «بلغاري» الشهير فرعه الثاني في العـالم بالجـزيرة، وهو آية في الجـمـال والفـخـامة ومـعـروف أن الجـزيرة يزورها مليـون ســائح سنويا أغلبـهم مـن اليـابان والصين وكوريـا وروسيا، وسـتفـتح إحدى الشركات الخليجية بعد أيام رحلات مباشرة لها مما سـيشـجع السياحـة الخليجـية على الذهاب إليها.
وقـد التقـيت على العـشاء مـصادفـة بسفيرنا الفاضل مـحمد خلف الذي استغرب مرافقونا الاندونيسـيون قدرته على الحديث بطلاقـة معـهم بلغتـهم رغم قصـر المدة التي قضاها في البلد، والسفيـر الخلف كحال سمو رئيس الوزراء عندما كان سفـيرا، وكذلك عدة سـفراء كـويتيين آخـرين منهم سـفيـرنا في الصين الصديق فيـصل الغيص ممن يملكون القـدرة على الغـوص في المجتمعات التي يعملون بهـا واكتسـاب لغة أهلها مما يسـعد مسؤولي أهالي تلك البـلدان ويؤهلهم لخدمة بلدهم بشكل أفضل.
آخــر مـــحطة:
أهداني ابن قـائد سـلاح الجـــو إبان حكم الرئـيس ســـوهـارتو وسفيرهم اللاحق في واشـنطن كتابا صدر قبل أيام يروي تفـاصيل حقبة حـكمه، وقد اكـتشـفت بعد قـراءته أن إنجاز دولهم قـد فـاق إنجاز دولنا، حــتى عند مـقــارنة الديكتاتوريات بالديكتـاتوريات، فالرئيس سوهارتو قـام بتعمـير اندونيسـيا بشكل ليس له مثيل ـ كـان صدام وأمثاله الآن في منطقـتنا لا يتوقـفـون عن تدميـر بلدانهم بشكل ليـس له مـثـيل ـ وقـد أنـقـذها من الفـوضى العـارمـة والعـجـوزات الماليـة الفادحة والسـقوط في أحضان الشيـوعية المدمرة التي كاد يتسـبب بها خلفه الرئيس الوطني احمـد سوكارنو الـشهيـر بخطبه الحـماسـية الرنانة على الفـاضي، كحـال بعض زعمـائنا الثوريين من خـالدي الذكر على الفاضي!