سعيد محمد سعيد

نواب الشعب… لخولة أطلال؟

 

رأيت فيما يرى خيراً، اللهم اجعله خيراً. أنني مرغماً، وجدت نفسي في محفل كبير جداً امتلأ بالناس والأجناس وكبار القوم وعلية البشر، وإذا برجل له شارب كقوس «النصر» يرتدي جلباباً عظيماً مزخرفاً مطرزاً يقصدني مباشرةً وهو يضحك ويقول: «أهلاً وسهلاً أيها الرجل. حياك حياك. هاهنا نحتفل ونحتفي بنوابنا العظماء تقديراً لما بذلوا من جهد وعمل وسهر وكد وكدح من أجل هذا الوطن وأبناء هذا الوطن، وحاضر هذا الوطن، وخير هذا الوطن. حياك تفضل (شفيك متردد.. حياك يبه). كل ما نريده منك هو أن تُلقي على مسامعنا بيتين من الشعر تقديراً ومديحاً لهذه الكوكبة العظيمة من الـ (رياييل).. الـ (موب) مقصرين.

في الحقيقة، وجدت نفسي متورطاً أيما ورطة. قلت له بأنني لست شاعراً أيها الرجل المليء برائحة العود، إنما أنا من محبي الشعر، ثم أنني لست على استعداد لهذا المحفل. ابتسم ثم ضحك ضحكة عالية وقال: «لا بأس يا ولدي. ما عليك زود. كل ما أريده منك هو أن تقول بيتين من الشعر تُطيب بهما خاطر هؤلاء الرجال الذي ضحوا وتعبوا وقدموا الكثير للبلد».

وضع الرجل يده على كتفي، وأنا مازلت في الحلم يا جماعة، وابتسم فنظرت إليه وقلت: «بصراحة أنا لا أرى رصيد أولئك الرجال الذين تريد مدحهم إلا كالحاً بالسواد والخيبة».

«خذ..خذ. تفضل. خذ هذا الميكرفون وقل بيتين من الشعر وإلا (بلعن حبايبك هنيه.. يلله تكلم)». بعد موجة الغضب السريعة من ذلك الرجل، مسكت الميكرفون وقلت للمحفل العظيم من نواب الشعب الذين قدموا في ثلاث سنوات ما لم يقدمه أجدادنا أبداً، وما كان لهم أن يقدموه، قلت متحدثاً في مكبر الصوت:

مكرٌ مفرٌ مقبلٌ مدبرٌ معاً

كجلمود صخر حطه السيل من عل

صفق ذلك الرجل مسروراً وهو ينظر إلى ذلك المحفل الذي امتلأ بالتصفيق لي على ذلك البيت المسروق من الشاعر العظيم امرئ القيس، وزاد الرجل قوله: «لقد أفرحتني. هل أستطيع القول أن ما قدمه هؤلاء الرجال للوطن جعلك كمواطن قوياً كالحصان: مكر مفر مقبل مدبر معاً. مرحى.. مرحى». أجبته: «لا يا حجي، أنا لست الحصان. أنا جلمود الصخر الذي حطّه السيل من عل بسبب سواد وجه بعض الناس وما فعلوه من تجاوز للأمانة وللمسئولية الوطنية. أما المواطن كحال الصخرة التي تهاوت وسقطت و…». قبل أن أكمل، استدعى بعض الرجال قائلاً: «تعالوا. أخرجوه من هنا.. أبعدوه تلله عليكم».

على أية حال، كان من بين أولئك الرجال، رجل رقيق القلب. قال وقد أبعدني عن القاعة: «هذا الحفل له أهمية بالغة، ألا تعرف أنك تعيش في بلد يسير بالمقلوب؟ فمن يدعي حب الوطن والدفاع عنه تمثيلاً وزيفاً يتم تكريمه وترفيعه، ومن يعمل بصدق وإيمان وقناعة وإخلاص للوطن يصبح خائناً متآمراً. وشفيك إنت ما تفهم. المهم، سآخذك لمرفاعة (شرفة) تجلس فيها هناك دون أن يراك أحد. وسأحضر لك ما لذ وطاب من الشراب والطعام وتجلس لتتابع هذا الحفل البهيج. لا تتحرك ولا تصدر صوتاً حتى لا يكتشفك أحد. يلله فج».

ما حدث بعد ذلك كان مفاجئاً ومدهشاً للجميع، فقد أمسك مكبر الصوت رجل آخر فحمد الله وأثنى عليه واستهل بالإشارة إلى تاريخ البلد وأهل البلد، وحضارتها الضاربة في التاريخ مستذكراً الأدباء والعلماء والمشايخ والأفاضل والشعراء ومنهم طرفة بن العبد الذي قال في أروع أبياته:

لخولة إطلال ببرقة ثمهد

تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

فأنتم الطل أيها السادة! وأنتم كالبرق أيها الكرام. وأنتم كالوشم.. كل ما قدمتموه لا يتعدى أن يكون (خرطي في خرطي)!

«أسكتوووه.. أخرسوووه»! صرخ ذلك الرجل صاحب الجلباب المطرز، إلا أن الرجل المتحدث كان أشد بأساً مما كنت عليه حتى جرى هنا وهناك ورأيته يقترب من المكان الذي أنا مختبيء فيه فأخرجت رأسي ولوّحت بيدي حتى رآني ودخل مختبئاً معي وواصل حديثه في مكبر الصوت مطمئناً: «فيا أيها السادة. شكراً لكم. لقد رفعتم مستوى المعيشة من جيد إلى سيء. شكراً لكم أيها السادة.. فقد كنتم عوناً للمواطن وخير عون. تنصرون الظالم على المظلوم. شكراً لكم أيها السادة، فما قدمتموه من عمل، رفع اقتصاد البلد من الكساد إلى دون الكساد. شكراً لكم فقائمة أفضالكم وإنجازاتكم العظيمة، لا يمكن ذكرها بالتفصيل، فإن التفصيل فيها يعني إصابة الناس بمسببات الموت المفاجيء. لكن ما أقول إلا… حسبي الله ونعم الوكيل فيكم. حسبنا الله ونعم الوكيل».

على أي حال، استيقظت من ذلك الحلم وأنا أكرّر: «أي والله…

مكر مفر مقبل مدبر معاً

لخولة إطلال ببرقة ثمهد

مبارك عليكم الشهر الفضيل أعزائي، جعله الله شهر خير ويمن وبركات على الجميع. وبعض الناس عاد تعال شوفهم… قمة في الخشوع بعد أعوام من الخنوع!

محمد الوشيحي

سايبركوف… والنداء المضاعف

كل سنة، يناديني شهر يوليو للاستراحة وإغلاق غطاء القلم، وكذلك يفعل شهر رمضان، فما بالك إن اجتمعا، سيكون النداء مضاعفاً، وتلبية النداء مضاعفة. متابعة قراءة سايبركوف… والنداء المضاعف

احمد الصراف

هارون هاشم وفيروز

أعتقد أن قلة سمعت بالشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد، الغزاوي العتيق المصنف من شعراء النكبة الكبار، والذي ولد عام 1927. أتذكره أنا جيدا لسببين، أولهما أن مدرس اللغة العربية في المرحلة المتوسطة حببنا فيه وفي شعره، ولكن لم يعلق في ذهني شيء منه، ولا من شعر أي شاعر آخر، غير بضعة أبيات من قصيدة لامرئ القيس، التي يقول فيها:
مكر مفر مقبل مدبر معاً
كجلمود صخر حطه السيل من عل.
والسبب الثاني لتذكري له أنه شاعر أغنية «سنرجع يوما»، التي غنتها المطربة الرائعة السيدة فيروز، والتي ربما فاق مرات استماعي لأغنيتها تلك مئة مرة، على مدى نصف قرن تقريبا، ولا أعتقد أنني سأسأم يوما منها، فلا يزال لحنها يطربني، وكلماتها تعيدني لأيام خلت ومضت بعيدة، ولمأساة بدأت واستمرت، ولعمر بدأت ايامه بالتناقص السريع، ونحن لاهون عن كل شيء بنزواتنا وأحقادنا وكل صغائر الدنيا، وكأننا خالدون أبدا!
تقول كلمات الأغنية الجميلة والحزينة، والتي اختار الرحابنة حذف بعض أبيات القصيدة:
سنرجع يوماً الى حيّ.نا ونغرق في دافئات المنى
سنرجع مهما يمر الزمان وتنأى المسافات ما بيننا
فيا قلب مهلا ولا ترتم. على درب عودتنا موهنا
يعز علينا غداً أن تعود رفوف الطيور ونحن هنا
هنالك عند التلال تلال تنام وتصحو على عهدنا
وناس هم الحب أيامهم هدوء انتظار شجي الغنا
ربوع مدى العين صفصافها على كل ماء وهى فانحنى
تعب الظهيرات في ظلها عبير الهدوء وصفو الهنا
سنرجع خبرني العندليب غداة التقينا على منحنى
بأن البلابل لم تزل هناك تعيش بأشعارنا..
ويختم قصيدته بالبيتين الجميلين التاليين:
وما زال بين تلال الحنين وناس الحنين مكان لنا
فيا قلب كم شردتنا رياح تعال سنرجع هيا بنا..

• ملاحظة:
سأحاول، خلال شهر رمضان التفرغ لدراسة جرائم بعض الأحزاب الدينية في دولنا، والبحث في التاريخ السيئ لبعض من اعتبروا انفسهم من قادة الإخوان، في الكويت ومصر بالذات، والطرق غير الأخلاقية التي سلكوها في تكوين ثرواتهم، وبالتالي قد أنقطع عن الكتابة خلال هذه الفترة.

أحمد الصراف

طارق العلوي

شين.. وقواة عين!

سمعنا أنباء بأن الرئيس «الكومبارس» تنحى جانبا، ولسان حاله يقول: «اش لي بالطلايب..وبشت أطول منك..يعتّك»! وتأكد الخبر عندما دخل على الخط الرئيس «الصجي» جاسم الخرافي، بشكل «رسمي» وبعيدا عن تكتيكاته الدبلوماسية المعتادة خلف الكواليس.
أذكر أنه عقب استدعاء الشيخ أحمد الفهد الى النيابة، للمرة الأولى في قضية المغرد «الا الدستور»، كتبنا مقالا بعنوان «بو عبدالمحسن..شوف شغلك»، قلنا فيه: «اذا كنت ترضاها لنفسك يا معالي رئيس مجلس الأمة السابق، جاسم الخرافي، فنحن لا نرضى بحقك ان يذهب الفهد للنيابة، ويقول: وصلتني مقاطع تكشف عن تعاملات مالية مشبوهة، وقضايا خطيرة تمس الأسرة..وفي هذه المقاطع يظهر سمو الشيخ ناصر المحمد وجاسم الخرافي»!
وأكدنا في مقالنا أن «سمو الشيخ ناصر المحمد ومعاليك من رجالات الدولة المعروفين، وهذه الشهادة التي صدرت عن الفهد قد تسيء اليكما، وربما تبادر الى أذهان البعض، والعياذ بالله، ان لكما علاقة بالأفعال «المشبوهة» التي يؤكد الفهد وجودها في «مقاطع» الفيديو.. بالصوت والصورة!..لهذا فان واجبنا الوطني يحتم علينا ان ننصح أبا عبدالمحسن بأن «يشوف شغله»، ويستعين بـ«أجدع» محام لرفع قضية ضد الشيخ أحمد الفهد على هذا «الادعاء» الخطير»! متابعة قراءة شين.. وقواة عين!

علي محمود خاجه

الجودة لا المسمى

جودة المنتج هي ما يحدد السعر، هذا هو المعيار الأول المفترض ليأتي بعده بعض الاعتبارات الأخرى كجهة صنع المنتج والشركة المصنعة له، حتى هذه الاعتبارات التي قد ترفع من سعر المنتج بشكل أكبر من جودته لم تكن لتتحقق لو لم يكن هناك خلفية تاريخية معيارها الجودة بالمقام الأول، مكنت اسم الشركة أو جهة الصنع من رفع أسعارها.
على أي حال فما أقصده بالمنتج هنا ليس بالضرورة أن يكون سلعة معينة، بل قد يكون خدمة أيضاً، والتي من الطبيعي أن يرتفع سعرها، أي الخدمة، إن كانت تقدم جودة أفضل من غيرها، فعلى سبيل المثال لو قارنا خدمات الخطوط الجوية الكويتية مثلاً وجودتها وسرعتها بخدمات الخطوط الجوية القطرية، فإننا سنجد أن خدمات القطرية أفضل بكثير من حيث الجودة مقارنة بالخطوط الكويتية، وهو ما يجعلنا نفضل القطرية على الكويتية حتى إن كانت القطرية تكلفنا مبالغ أكبر.
مشكلتنا في الكويت أن القطاع الحكومي يتحمل تكاليف تشغيل جميع القطاعات الخدماتية الأساسية كالكهرباء والماء والصحة والتعليم، ولا تراعي الحكومة الجودة في الأداء في تحملها التكاليف، بل المسميات الوظيفية لمشغلي تلك القطاعات فقط.
وإن سألنا أي مواطن عن أفضل الجهات الحكومية في تقديم الخدمات من حيث الجودة والسرعة أعتقد أن كل الإجابات لن تخلو من ذكر مؤسسة التأمينات الاجتماعية في المراتب الأولى لتلك الخدمات، وعلى الرغم من جودة أداء هذه المؤسسة فإنها تعامل في سلم الرواتب كبقية الجهات الحكومية ذات الجودة الأقل، بل حسبما وصلني فإن الرواتب في التأمينات تعدّ من أقل الرواتب بين معظم القطاعات الحكومية، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية وليست على حالة موظفي التأمينات فقط، فالعمل الجاد والحرص على السرعة في إنجاز معاملات المواطنين في أي قطاع حكومي لا يؤخذان بعين الاعتبار من الحكومة، بل يتحصل العمل السيئ أو الأقل جودة، في أحيان كثيرة، على مميزات مالية أكبر، وهو ما يجعل الموظف أي موظف يبحث بالتأكيد عن الراحة والعمل القليل مقابل راتب أكبر، وهو ما يقتل روح العطاء لدى الموظفين ويجعلهم يسعون إلى المادة بغض النظر عن العمل.
وهذا ما يرجعنا إلى ما ذكرته في السطر الأول من المقال، جودة المنتج هي ما يحدد السعر، تلك هي القاعدة الأساسية التي تحدد عليها الأعمال دون سواها، فإني أتفهم أن توظيف المواطنين حق دستوري لكن ما لا أفهمه هو ألا يعامل الموظفون بناء على جودة أدائهم في القطاع الحكومي، بل فقط على المكان الذي يعملون فيه، كما أني أتفهم أيضا خشية الحكومة الحالية من تلبية بعض المطالب المنطقية لموظفي التأمينات المضربين عن العمل منذ أسابيع من أن تحذو بعض الجهات الأخرى نفس السبيل للضغط على الحكومة، وهو ما يتطلب حلاً جذرياً للمسألة بدلاً من أسلوب العلاج الحالي؛ مطالبة فإضراب فتلبية، بل يكون المعيار الوظيفي في الرواتب مبنياً على الجودة لا المسمى أو الموقع.
 فلا مانع من أن يتحصل قطاع في المواصلات مثلا على أعلى الرواتب إن كانت جودة ذلك القطاع تفوق أي قطاع آخر في الدولة، وبهذه الحالة يتنافس الجميع على جودة الخدمة للحصول على مزايا مالية أكبر، على أن تنخفض تلك المزايا في حال تردي الخدمات، بهذه الحالة ستضمن الحكومة أن أموال الدولة تصرف في اتجاه واحد وهو الجودة، فإن قلت انخفضت الرواتب، وبذلك يحدد المواطنون أو الموظفون مقدار الأموال التي يستحقونها بناء على ما يقدمونه من خدمات.

خارج نطاق التغطية:
لكل مواطن يملك دليلاً أو شكاً في ما أثير حول التحويلات المالية أن يتجه إلى ديوان المحاسبة خلال شهر مدعماً بأوراقه التي يستند إليها، ويختار الجهة التي يريدها محلية أو دولية للبحث عن حقيقة ما يثار بخصوص التحويلات.

سامي النصف

العراق على مفترق طرق!

إشكال العراق الحقيقي خلال السنوات العشر الأخيرة قائم على أن كل طرف يريد الانتصار المستحيل على الطرف الآخر، والخاسر والمنهزم في تلك المعادلة هو الوطن. إن الخارطة الزرقاء التي عمل بها العراق منذ سقوط صدام قائمة على معادلة «الخسارة – الخسارة»، والواجب تعديلها الى خارطة طريق جديدة يتفق عليها تقوم على مبدأ «الربح- الربح- الربح»، أي ربح كل الأطراف وربح العراق معهم.

***

وأول ما يجب عمله للعراق الجديد القادم هو معرفة أن الديموقراطية في صلبها هي تداول وتغيير متواصل للسلطة، وتبادل الأدوار بين الحكم والمعارضة، لذا لا يصح التمسك بالزعامات التي قسمت العراق ودمرته، ومن ذلك ضرورة إبعاد المالكي والنجيفي، وأن يستبدلا بوجوه جديدة تعزز الصلة بين السلطتين الثانية والثالثة، وإيقاف صراع الديكة القائم بينهما.

***

كما لا يجوز منطقا استبدال ظلم وتهميش وقمع الشيعة القائم إبان حكم ما قبل 2003 بظلم وتهميش وقمع السنّة في حقبة ما بعدها، فالظلم إن قبل من حكم ديكتاتوري قمعي فإنه لا يقبل قط من حكم ديموقراطي تعددي، إن الديموقراطية هي المحاسبة والإعفاء والإبعاد، ولو لم يكن هناك خطأ للسيد المالكي إلا الانهيار السريع للجيش العراقي في الشمال لكفى ذلك سببا لإبعاده، ودون ذلك الإبعاد سيكتشف الشعب العراقي أنه يُحكم بصدامية دون صدام، حيث حلول الكوارث الكبرى بالبلد وبقاء القيادات في مراكزها لا يهتز لها جفن.

***

والعراق في أمسّ الحاجة للتعلم من تجربتي رواندا وجنوب أفريقيا في كيفية مواجهة الماضي الأليم، وخلق مصالحة وطنية حقيقية بين أطياف الشعب، والعمل بمستلزمات تلك المصالحة عبر النظر في المناهج المدرسية والدينية، والتعامل بشدة مع وسائل الإعلام كالصحف والفضائيات التي تبث خطاب الكراهية المؤجج نحو الأطياف الأخرى.

***

آخر محطة: (1) العراق على مفترق طرق خطير، فإما الاستمرار في المسار الانتقامي السابق و الانتهاء بحروب أهلية تسيل فيها الدماء أنهارا لتصل بالعراق الى التقسيم والانشطار، أو العمل على بداية جديدة تحقن الدماء وترفع الغبن، وتبتعد عن مسار الغالب والمغلوب لتبدأ عجلة التنمية في التحرك، وليسعد العراق وشعبه بمستقبل مشرق طال انتظاره.

(2) بودنا لو تُرجم ودُرس في مدارس العراق كتاب «THE BOOK OF FORGIVING» أو «كتاب المغفرة» الذي كتبه الحائز على جائزة نوبل الأب ديزموند توتو وابنته موفو حول كيفية حلهم لإشكالات جنوب أفريقيا المليء تاريخها بإشكالات الدم والكراهية عبر خطوات عملية، منها اخبار ما حدث، وتحديد المؤلم فيما جرى، ومنح المغفرة والنسيان، وإعادة الصلات، ثم التقدم إلى الأمام.    

@salnesf

احمد الصراف

فلسفة المشي

“>أستمتع شخصياً بالمشي وأعتبره رياضتي المفضلة، أو ربما الوحيدة. وأقضي أحيانا فترات طويلة وأنا أمشي، وغالبا بمفردي، وبغير الاستعانة بجهاز الموسيقى أو برفيق درب أو هاتف نقال، وأتوقف لدقائق بين الفترة والأخرى، لتناول فنجان قهوة أو كأس ماء. ولكن تقريرا في الـ«بي بي سي» ونقدا صحافيا لكتاب «فلسفة المشي» لمدرس الفلسفة الفرنسي فردريك كروFrederic Gros أضافا الكثير للقليل الذي أعرفه عن المشي.
يقول كرو إن المشي ليس رياضة بل ممارسة، فالرياضة تتطلب الالتزام بقواعد أخلاقية معينة وتتطلب بذل جهد محدد، ولكن ممارسة المشي أمر مختلف فهي الطريقة الافضل لأن نبطئ من تسارع حياتنا العصرية، التي على من يود مجاراتها الانشغال مثلا بقيادة سيارة سريعة أو طائرة، وليس المشي.
يقول كرو ان المشي هو هروب من الهوية ونوع من الصفاء النفسي الذي يأتي من أتباع درب ما، وانه نوع من العيش لساعات مع النفس، وان كثيرا من الفلاسفة كانوا مشاة عظاما وجادين، وان المشي يوميا ليس فقط عاملا للابتعاد عن موقع أو مكان العمل، بل وايضا أمر جوهري لأنه يقوم بتحريرنا من فضاء أو مكان العمل ومن تسارع نبض الحياة. كما أن التكرار في المشي يعطي الدافع لأن ننسى أمورا غير مهمة ولكنها تشغلنا، والأفضل نسيانها والانشغال عنها بالتفكير الإيجابي. ويقول ان سكان المدن الكبيرة، وفي الغرب بالذات، يُعتبر المشي بالنسبة لهم نوعا من الترف الذي ليس بمتناول الكثيرين منهم، وهذا يعني أننا في الكويت مثلا محظوظون أكثر من غيرنا في وجود هذا الخيار بمتناولنا جميعا تقريبا، ولكن قلة فقط تستفيد من هذا الأمر. كما أن بضع خطوات لا ينتج عنها طريق فإن التفكير القصير لا يخلق فكرة، وبالتالي نحن بحاجة الى أن نسير مسافة أطول لنفكر لفترة أطول. ويورد المؤلف روايات عدة عن شخصيات خلاقة شهيرة توصلت للكثير أثناء سيرها، وهي تفكر. وأن النحات الشهير Constantin Brancusi سار لمسافات طويلة. كما أنPatrick Leigh Fermor كتب عدة مجلدات عن الترحال، عندما كون أفكارها وهو يقطع المسافة بين مدينته الصغيرة في هولندا ومدينة اسطنبول التركية. كما أن الكاتب البريطاني الشهير جورج أورويل George Orwel، والاقتصادي نسيم طالب هما ممن استلهما الكثير من أفكارهما أثناء مشيهما. ويقول اننا لسنا بحاجة لأن نكون عباقرة أو مؤلفين كبارا لكي نمشي، فالسعي لأن نمشي لغير هدف أمر مهم جدا. كما أثبتت تجارب علمية أنه حتى المشي على الآلة treadmill يمكن أن يحسن التفكير الخلاق. وأن كثيرين يعتقدون أن بقاءهم خلف مكاتبهم سوف يمكنهم من حل ما قد يواجههم من معضلات، ولكن الحقيقة ان الخروج من محيط المكتب والسير لغير هدف يساعدان أكثر في إيجاد الحل لما يشغلنا.
كما أن ممارسة المشي على انفراد أو مع شخص آخر أفضل من المشي في مجموعات، فالضوضاء التي يخلقها الجمع الكبير تكون آثارها سلبية على التفكير عادة.
والآن هل نحتاج الى أدلة أكثر لأن نتحرك ونمارس المشي، يوميا؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

انهزام العقل

عندما تسمع أن هندوسياً في بلاد الهند أحرق مسجداً وقتل من فيه من المصلين ثم أخذ يرقص فرحاً، يتبادر إلى ذهنك أنه الحقد على الإسلام من قبل أعدائه. وعندما تقرأ أن نصارى في أفريقيا الوسطى نحروا المسلمين ومثّلوا بجثثهم، تفهم أن ذلك الحقد الأعمى على المسلمين. وإذا شاهدت بالتلفاز نساء المسلمين وأطفالهم يتم جمعهم وسط حوش للماشية ويطلق عليهم الرصاص من قبل مجرمي ميانمار حتى تتكون بحيرة من دمائهم بينما القتلة يضحكون طرباً، فإنك بلا شك تتذكر حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء».

إذاً، نحن نتفهم كره خصومنا لنا، ولديننا وعقيدتنا، لكن أن تقرأ مقالاً لمن يفترض فيه أن يكون مسلماً يُظهر فيه استياءه من ممارسة المسلمين لشعائرهم في بلاد الغرب من دون مضايقة من النصارى هناك، فهذا دليل على أن هناك خللاً ما في طريقة تفكير هذا الرجل..! متابعة قراءة انهزام العقل

محمد الوشيحي

قلمات

إلى الزملاء الأميركان مع التحية وفارق التوقيت والحريات… إن كان في أمهاتكم خير، تعالوا نتبادل المواقع، أو تعالوا اكتبوا عندنا في صحفنا، أو اطرحوا آراءكم في فضائياتنا عن أي شأن سياسي تريدون.
و”ذس از ماي فيس، أن تضيع أعماركم كعب داير بين أروقة المحاكم والنيابة وإدارة التحقيقات، وأن تضيع زهرة شبابكم، وتشيب رؤوسكم الشقراء بحثاً عمن يكفلكم”. متابعة قراءة قلمات

سامي النصف

الحكيم..إن حكى!

انتقل إلى رحمة الله تعالى قبل أيام الصديق العزيز والإعلامي المصري الكبير وجدي الحكيم الذي يعتبر شاهد عصر على المتغيرات الكبرى التي شهدتها مصر والمنطقة العربية في مرحلة 1952 وما بعدها، حيث كان مذيعا ثم مسؤولا عن إذاعة صوت العرب في عز مجدها، إضافة إلى فعاليات فنية وإعلامية كثيرة استمرت حتى يوم وفاته.

***

ومما رواه لي الراحل الكبير وجدي الحكيم كيف استدعاه وزير الإعلام المصري محمد فائق ثاني أيام نكسة 1967 وطلب منه أن يعد مجموعة أغان تطالب الرئيس عبدالناصر بالعودة عن استقالته، وأن الوزير طلب منه ألا يذيعها إلا إذا أتاه أمر مباشر وليس خطيا منه عبر تلاقي العين بالعين، وكيف أن تلك الأغاني استخدمت لاحقا في دعم الرئيس السادات عندما حاول الوزير محمد فائق ومن معه من وزراء الإطاحة به عبر تقديم استقالات جماعية له.

***

ولا يعلم شباب هذه الأيام أن العرب من المحيط إلى الخليج قد انقسموا كعادتهم منذ الخمسينيات حتى السبعينيات إلى مناصرين لعبدالحليم حافظ ومؤيدين متعصبين لفريد الأطرش، ويكشف الحكيم أن عبدالناصر كان وبعكس ما يعتقد محبا للأطرش ولا يطرب لأغاني «مطرب الثورة» كما كان يسمى عبدالحليم، وأن الأخير كان يعلم بذلك الأمر، لذا احتال لدخول بيت عبدالناصر والتعرف عليه عن طريق إحياء أعياد ميلاد أبنائه.

***

ويكذب الحكيم فيما روى حكاية اشتهرت في حينها بأن لقاء أم كلثوم وعبدالوهاب في أغنية «انت عمري» والتي سميت بـ«لقاء السحاب»، كان بتدخل شخصي من عبدالناصر، ويروي التفاصيل الدقيقة لذلك اللقاء الذي كان شاهدا عليه، وكيف كان عبدالوهاب قلقا من ألا تقبل أم كلثوم لحنه وترفض غناءه، وأن السبب الحقيقي لرفض أم كلثوم ألحان عبدالوهاب أو حتى فريد الأطرش اعتقادها بأنهما سينسبان الفضل لهما لا لها فيما لو نجحت أغانيهما.

***

وفي العشاء الأخير الذي ضمنا خرجنا بعده للتجوال بالسيارة، ولما كان الليل وكعادته في القاهرة مازال في أوله، فقد قرر أن يريني بعض الأماكن المرتبطة بأحداث فنية معينة، فقد كان بحق موسوعة في الفن والأدب والأحداث السياسية، فهنا كما ذكر جلس الشاعر العاشق أحمد رامي يكتب على ورق السجائر كلمات رائعته «رق الحبيب» بعد أن اتصلت أم كلثوم به تدعوه لزيارتها في منزلها بالزمالك، وعلى هذا المقهى كان يجلس أمير شعراء العامية المصرية بيرم التونسي ليكتب كلمات أغان سهلة تقطر بالرقة مثل «هو صحيح الهوى غلاب» و«الآهات» و«الأمل» و«شمس الأصيل».

***

آخر محطة: للراحل وجدي الحكيم الفضل الأول في إنجاز ملحمة «الليلة المحمدية» عام 1990 التي كتب كلماتها عبدالرحمن الأبنودي ولحنها جمال سلامة وشدا بها عبدالله الرويشد، والتي أسالت الدمع من المآقي وعبّرت بحق عن نصرة الشعب المصري الأصيل للحق الكويتي، وكان من كلماتها المعبرة.. «بلدي انظلم واللي ظلمني ناسي عمومة ودين ودم، يا أمة الإسلام خلص مني الكلام لا عيني شايفة حد ولا شايفة ملام.. واللهم لا اعتراض.. رحم الله وجدي الحكيم وأسكنه فسيح جناته.