كان عملاقاً فتقزّم. أتحدث هنا عن أدونيس، الشاعر السوري المعروف (اسمه الحقيقي علي أحمد). ولإنصافه، لم يكن أدونيس هو المتقزم الوحيد، فقد زاحمته، على لوحة “شرف” التقزم، أسماء عديدة، لعل مواطنه دريد لحام من أبرزها.
هي موجة تقزم، أو موجة تعرية، كشفت لنا المعادن من الداخل. ولو لم يكن للربيع العربي من فائدة سوى كشف حقيقة معادن الناس لكفاه. متابعة قراءة أدونيس… دجاجة الأعذار البياضة
التجنيد الإلزامي وجيش الاحتياط
مرة أخرى يعود الحديث عن التجنيد الالزامي وضرورة تطبيقه في الكويت، ويبدو ان الحكومة والبرلمان متحمسان لاقرار القانون الجديد للتجنيد والذي سيشمل الجنسين (الذكور ـ الاناث) على السواء.
يعتبر التجنيد الالزامي من الضرورات الامنية للدول وخاصة قليلة السكان كالكويت من اجل تعزيز قدراتها الدفاعية، فالتحالفات الدولية تتغير حسب المصالح ولا يعتمد عليها طويلا.
يمكن للتجنيد الالزامي ان ينجح في الكويت حيث تتناسب التركيبة السكانية ومع وجود اكثر ٦٠% من المجتمع الكويتي من فئة الشباب التي يمكن ان تزود القوات المسلحة بكل احتياجاتها من الطاقة البشرية، وخصوصا مع عزوف الشباب عن التوظف بالقطاعات العسكرية.
من المهم جدا ان يتجنب قانون التجنيد الجديد سلبيات القانون القديم الذي اثبت فشله، والاكثر اهمية ان تكون فكرة التجنيد ضمن رؤية استراتيجية شاملة.
كان التجنيد في السابق ورغم الصعوبة والمشقة التي يكابدها الشباب فيه الا ان الجيش لم يستفد منهم كثيرا ـ ليس لقصور بالمجندين بل لعدم توافر سلاح كاف لهم.
في الدول التي تعتمد في سياساتها الدفاعية علي المجندين كعدوتنا (اسرائيل) تقوم بإنشاء معسكرات كاملة مجهزة بأحدث الاسلحة وأثقلها مخصصة فقط للمجندين لتشكل جيشا من الاحتياط يكون رديفا للجيش النظامي ولا يقل جاهزية عنه (ملحوظة: في حرب ٦٧ وخلال ساعتين من استدعاء الجيش الاحتياطي الاسرائيلي كان قد انتشر وبكامل معداته على طول جبهة القتال).
ليس المهم تجنيد وتدريب الشباب بل الاكثر اهمية هو توفير معدات وآليات دفاعية وقتالية لهم ليشكلوا قيمة عسكرية مضافة، ويجب ان تفصل معسكرات وقيادات وآليات المجندين عن القوات النظامية.
اما التجنيد بالطريقة القديمة فما هو إلا اهدار للمال والطاقات ـ ان لم يكن الهدف من قانون التجنيد الجديد انشاء جيش احتياط كويتي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
الدفاع عن النفس والوطن من الواجبات الشرعية قبل ان تكون من الوطنية، فالشرع يحث على حفظ الكليات الخمس ومنها النفس والمال، وعلى ان يكونوا على استعداد دائم لقتال الاعداء والدفاع عن أنفسهم فقد أمرنا الله سبحانه بكتابه (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم …) الأنفال ٦٠.
فعند النفير يجب على المؤمنين القتال ومن يتخلف يكون قد ارتكب إثما، وفي عصرنا هذا لا يمكن للمدنيين القتال واستخدام معدات الحرب وآلياته ما لم يتدربوا عليها، لذلك يرى الكثيرون ان من الواجب الشرعي التحاق الرجال بالتجنيد.
اما التجنيد الالزامي للنساء فلا أصل له في الشرع ولا يتناسب مع عاداتنا وتقالدينا، اما تطوعهن الاختياري في التجنيد للمساعدة في تقديم الخدمات الصحية والامداد فبكل تأكيد لا أحد يعارضه، فسبق للصحابيات رضوان الله عليهن الخروج في الغزوات للتطبيب ونحو ذلك.
ختاما ـ لا تنمية ولا ديموقراطية ولا حرية بلا أمن ـ ولكل دولة ظروفها الامنية واحتياجاتها الدفاعية ـ اتمنى ان يعالج قانون التجنيد الجديد سلبيات القانون القديم ـ ليعالج مشكلاتنا الامنية ويخدم مصالحنا الوطنية وفق استراتيجية دفاعية شاملة.
غزة بين الأرغون والهاغانا!
منذ بدء المسألة الصهيونية اقتسمها نهجان يمكن اختزالهما في نهج «الهاغانا» وهو الأقرب للعقلانية والاعتدال وكان على رأس قيادتها حاييم وايزمان وبن غوريون وأشكول وغولدا مائير ممن تحولوا بعد عام 1948 الى حزب العمل وتحولت منظومتهم العسكرية الى جيش الدفاع الإسرائيلي، وخلقوا نظام المزارع الجماعية (الكيبوتس) لتعزيز مدنية الدولة، وكان قادتها قد قبلوا عام 1937 بمشروع «لجنة بيل» البريطانية المتضمن قيام دولة يهودية على 10% من أرض فلسطين، وعربية على 90% من الأرض، كما قبلوا مشروع التقسيم ولم يحاول العرب بدء عملية سلام جادة معهم وفضلوا المعادلة الصفرية أي كل شيء أو لا شيء.
***
قابلت سياسة الهاغانا سياسة «الأرغون» المتشددة التي كان أول من ابتدعها ونادى بها المتشدد الديني والقومي الروسي فلاديمير جابونسكي (1880 ـ 1944) وسار على نهجها بيغن وشامير وشارون وغيرهم من المؤمنين بحق إسرائيل في التوسع غير المحدود وطرد الفلسطينيين من ارض اسرائيل، ويهودية الدولة وقد فاز بيغن عام 1977 برئاسة الوزراء، والغريب ان عملية السلام وأول اعتراف عربي بوجود اسرائيل بدآ في عهده.
***
ويروي عازار وايزمان في مذكراته ما حدث في كامب ديفيد والذي يختلف تماما عما يعتقده العرب، حيث أعلن المتشدد بيغن عدم رغبة إسرائيل في الانسحاب من سيناء التي يعتبرها ارضا تاريخية لإسرائيل وتشكل بجبالها وممراتها ارض دفاع مثالية عنها، ناهيك عن ثروات النفط والغاز فيها، كما رأى بيغن ان اسرائيل عاشت 30 عاما دون اتفاقية سلام وتستطيع العيش 300 عام أخرى دون تلك الاتفاقية والتي يمكن ان تمزق في أي لحظة، ولم يرضخ بيغن إلا بعد تدخل الرئيس كارتر شخصيا فجر يوم المغادرة وإصراره على نجاح اتفاقية السلام، وان عدم تحقيق اتفاقية سلام مع اكبر بلد عربي رغم زيارة زعيمها للقدس يعني ألا يكون هناك سلام أبدا بين العرب وإسرائيل.
***
آخر محطة: على مائدة عشاء أقامها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله أخبرني المفاوض الفلسطيني د.صائب عريقات وهو صديق شخصي للرئيس كارتر قصة كامب ديفيد حيث أخبره الرئيس الأميركي ان أوضاع أميركا لم تكن جيدة في عهده، حيث تعرضت لمشاكل اقتصادية وإخفاقات سياسية وأمنية لذا بحث ومستشاروه عن قضية دولية شائكة يقوم بحلها ومن ثم تعتبر إنجازا تاريخيا له وهذا ما صنع مشروع اتفاقية كامب ديفيد التي وكالعادة سبها العرب و… بكوا عليها..!
العقل زين
يكفي الكويت في هذه الأيام البغيضة سياسة العقاب اللاإنساني من السلطة بسحب الجناسي عن غير المرضي عنهم سياسياً من المواطنين وبحجج العبارات المطاطة التي يضج بها قانون الجنسية، والتي تخرق الشرعية الدستورية، يكفي الكويت مثل تلك الممارسة التي يجب أن يوضع حد لها، فلا يصح أن تكون تلك السياسة العقابية باباً للاستثمار الطائفي من قبل بعض النواب أو السياسيين المنزوين تحت ستار المذهب، حين ينفخون في جمر الطائفية تشفياً وتحريضاً للسلطة على الغير، ولا يشفع لهؤلاء المتحمسين لسياسة سحب الجناسي أن يكون هذا "الغير" من المواطنين كانت له مواقف، هي بدورها، طائفية، فحين يمتعض شيعة الكويت من خطب المواطن نبيل العوضي على سبيل المثال، التي، تدور، عادة، في فلك إدانة "الصفوية" وأتباع الصفوية، وكأن شيعة الكويت يتحملون وزر جرائم بشار الأسد، أو كأنهم فقط جماهير متحمسة لحسن نصر الله، لا يصح أن تكون واقعة سحب جنسية نبيل، الذي يمكن وصم عقوبة السحب عليه باللامشروعية، مناسبة للتذكير بسحب جنسية ياسر حبيب، أو يتم استحضار وقائع من سحبت جناسيهم في الثمانينيات من القرن الماضي من الشيعة، نتيجة مواقف سياسية من الثورة الإيرانية في ذلك التاريخ، فالمبدأ واحد هنا، هو إدانة عقوبة سحب الجنسية بالمطلق سواء كان موضوع العقاب ياسر حبيب أو سليمان بوغيث أو غيرهما، ولا يصح أن يستثنى من هذا المبدأ غير حالات "التزوير أو الغش" في الحصول على الجنسية، وحتى في هذا الاستثناء يجب أن يكون سحب الجنسية خلال زمن معقول من كسبها، فلا يصح أن يترك العلم بواقعة "الغش والتزوير" لزمن طويل، ويصبح أبناء وذرية من كسبها ضحايا لا ذنب لهم بما فعل الأب أو الجد منذ عقود طويلة، أو يكونون موضوعاً للابتزار السياسي من السلطة في حالة اعتراضهم على ممارساتها.
الكويت لا تتحمل اليوم هذا الاستقطاب المذهبي الذي يمارس من جماعات غير مسؤولة من بعض البارزين عند السنة والشيعة على حد سواء، فما يحدث حولنا خطير، فمع بداية الغزو الأميركي للعراق عام 2003، حين فتح صندوق "بندورا" لشرور الحرب الأهلية هناك، وما تبع ذلك من نتائج الربيع العربي، المتمثلة في تفجر الأورام العرقية والمذهبية في المنطقة، والتي لا يمكن إعفاء أنظمة الحكم من التلاعب بها واستغلالها تحقيقاً لمبدأ فرق تسد، أضحت المنطقة على كف عفريت. تعقلوا، وكونوا على مستوى المسؤولية في هذه المرحلة الحرجة.
أنا وهاتفي والعذاب..!
يعتبر العامل الياباني الأكثر إنتاجا في العالم، ولكنه كان قليلا ما يطالب بإجازات سنوية، وكونه سلعة جيدة، وخوفا عليه من الإصابة بالإرهاق أو المرض، أجبره رؤساؤه في العقود الأخيرة على التمتع بإجازات عمل أطول، وهكذا اصبحنا نرى السائح الياباني بكثرة في العالم، بعد أن كانوا سلعة نادرة! كنت في عام 1965 مشتركا، كزملاء عمل آخرين، في مجلة ناشيونال جيوغرافيك National Geographic. وفي أحد الأعداد استوقفتني صورة لعامل مصنع ألماني يعمل على آلة ضخمة، وبجانبها وضعت طاولة عليها مختلف علب الهدايا بربطاتها المميزة. ودون تحت الصورة ان ذلك الرجل رفض – في آخر يوم عمل له في المصنع – طلب زملائه الاحتفال بالمناسبة، قائلا إن الوقت الذي يطالبون به هو ملك للمصنع، الذي قضى فيه أربعين عاما. وإن عليهم – إن أرادوا الاحتفال – البقاء لبضع دقائق بعد ساعات العمل. وكان له ما أراد! في عالمنا الأمور مختلفة تماما، فإن كنا مقبلين على إجازة لشهر فإننا نتوقف عن العمل قبلها باسبوع، ولا نعمل شيئا بعد عودتنا من الإجازة بأسبوع، بحجة أو بأخرى. * * * بيّنت دراسة قام بها «بنك اوف أميركا» Bank of America أن %47 من مستخدمي الهواتف الذكية لا يستطيعون ان يقضوا يوماً واحدا من دون هواتفهم، وهذا الرقم يعتبر خطراً، خصوصا مع ازدياد تعلق المستخدمين بهواتفهم الذكية بشكل كبير، وبصورة مبالغ فيها، لدرجة انهم لا يمكنهم الاستغناء عنه، حتى ولو ليوم واحد. وبيّنت الدراسة – أيضاً – أن نسبة عالية لا يمكنها التخلي عن هواتفها لأكثر من ساعة، في حين ان نسبة أعلى (51 %) من مستخدمي الهواتف الذكية يفتحون هواتفهم للتحقق منها مرة واحدة على الاقل كل ساعة، و%35 يفحصون هواتفهم باستمرار، اي بمعدل مرة كل 10 دقائق. وعند سؤال المستطلعين عن الأشياء التي هم على استعداد للتخلي عنها، من «متع الحياة»، في حال سرق شخص هاتفهم الذكي، وقال لهم ان السبيل الوحيد للحصول عليه مرة اخرى هو من خلال التضحية بشيء واحد من متع الحياة، فأتت الاجابات كالآتي %45 قالوا انهم مستعدون للتخلّي عن الكحول. و%34 قالوا انهم مستعدون للتخلي عن الشوكولاتة، و%35 قالوا انهم مستعدون للتخلي عن الجنس. وبيّنت الدراسة أن الكثيرين، من الشباب بالذات، يصنّفون هواتفهم كأهم جزء من حياتهم اليومية. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
هل نحن بحاجة لانتداب جديد؟!
من يرقب الفوضى العارمة التي تضرب أوطانا عربية (حتى أفريقية) كحال الصومال والسودان واليمن والعراق وسورية وليبيا والمستمر بعضها منذ عقود والتي لا يوجد أمل في إصلاح أحوالها في المستقبل المنظور، يجعلنا نتساءل هل تلك الدول بحاجة لنظام انتداب دولي جديد ليقوم بتأهيلها وحفظ الأمن فيها كي تصبح مشاريع دول مستقرة ومتقدمة كبديل لمشاريع التوحش وسفك الدماء القائمة؟! ويتبقى تساؤل عن ماهية مصطلح الانتداب لمن يجهله. وهل أحسن تطبيقه في الماضي؟!
***
ظهر مفهوم الانتداب بعد الحرب العالمية الأولى كوسيلة انتقالية للدول التي تم استعمارها لتأهيلها لعهد الاستقلال، وقد بدأ العمل به عام 1923 ونص على ان على الدولة المنتدبة ان تضع دساتير دائمة للدول التي تم انتدابها عليها، وإنشاء قوات أمنية ووضع نظام قضائي مستقل ومتطور وضمان إلغاء الامتيازات الأجنبية وصيانة أراضي الدول وحماية الحدود ووضع تقرير سنوي عن حالة البلدان يرفع الى عصبة الأمم..
***
والحقيقة ان الأخطاء التي شابت الانتدابين الإنجليزي والفرنسي في بلاد الشام والعراق كانت بسبب سوء التطبيق لا سوء الفكرة، فمن عينوا لإدارة دولنا العربية آنذاك واصلوا إكمال المشروع الاستعماري على أيدي شخصيات متشربة بفكر الاستعمار مثل الجنرال غورو في الشام وهربرت صموئيل في فلسطين، ومما يدل على إيمان العرب في حينها بتلك الفكرة ان كثيرا من القادة الفلسطينيين والعرب صارحوا اللجنة الأميركية المكونة من كينغ ـ كراين عام 1919 بقبولهم لانتداب أميركي على فلسطين والشام.
***
ولقد طبقت الولايات المتحدة بعد عام 1945 وبنجاح باهر فكرة «الانتداب» وان سميت بـ «الاحتلال» على ألمانيا واليابان فتمت إعادة تأهيلهما وخلق دساتير لهما فوصلتا الى ما وصلتا اليه من رقي وتقدم، وقد حاولت أميركا مرة أخرى تطبيق ذات الفكرة على العراق بعد عام 2003 إلا اننا كعرب وبعبقرية شديدة ركزنا على مسمى «الاحتلال» فتمت محاربته وخرجت القوات الأميركية ليتحول العراق الى الغابة القائمة..
***
آخر محطة: قد تكون فكرة الانتداب الدولي الذي تشرف عليه الأمم المتحدة ويمنح مددا محددة لتأهيل الدول التي تسودها الفوضى، الأمل «الوحيد» لدول عربية وأفريقية باتت مهددة بالتقسيم والتشرذم.. والانقراض!.
مات «إيرانيون»… احتفل «خليجيون»!
«حين تسقط طائرة ويتسبب ذلك في سقوط ضحايا أبرياء ويطربك ذلك… ابحث عن إنسانيتك المفقودة».
العبارة أعلاه، واحدة من عشرات، بل ربما مئات التغريدات على حساب «تويتر»، وردت تحت وسم (هاش تاق): «تحطم_طائرة_ركاب_إيرانية» انتشر بين المغردين بعد الحادث المؤسف بسقوط طائرة ركاب إيرانية قرب مطار مهرآباد بالعاصمة طهران يوم الأحد الماضي (10 أغسطس/ آب 2014)، وذلك خلال رحلة داخلية. وقد أجمعت التقارير الصحافية على مقتل جميع الركاب، ولكنها تفاوتت في تقدير عددهم؛ إذ قدر البعض العدد بـ20 راكباً، في حين رفعته تقارير أخرى إلى 50، فيما قالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا) أن عدد القتلى 48 شخصاً على الأقل.
بالفعل، تحت ذلك الوسم، تستطيع أن تقرأ مستوى التخلف والرجعية والطائفية والأمراض النفسية والانحطاط، وأقبح قذارة وصل إليها البعض من الشامتين والمحتفلين والمهنئين والمباركين! كان ذلك واضحاً دون شك، وللأسف، غالبية أولئك المسوخ من جراثيم الطائفية هم من دول الخليج بتفاوت قطعاً. نفخ شيطاني قبيح جداً جمع أولئك الذين يسري في عروقهم إبليس الرجيم كما تسري الطائفية والأحقاد، حتى تجاوز بعض المرضى حدود الفرح والسرور للهجوم على المعتقدات والمذاهب.
تلك الصورة السيئة حقاً، بل هي الأسوأ من بين عشرات المشاهد والصور في المجتمعات الخليجية والإسلامية ذات الضمائر الميتة، والممارسات التي لا علاقة لها بسماحة الدين الإسلامي العظيم، ولا بالإنسانية أصلاً.
وبغض النظر عن أعمار ومستويات أولئك المغردين، إلا أن المجتمع الخليجي، مع كل ذلك الوحل السيء من جراثيم الطائفية، أظهر صوتاً أقوى هذه المرة، حين علا صوت المواطن «المسلم» الحقيقي، أو لنقل «العربي» الحقيقي، برفض ذلك الانحطاط الحيواني الشيطاني المقيت الذي اجتمع حوله الطائفيون (مثال: بعض الطائفيين استخدموا تغريدة واحدة مشتركة تقول: «بمثل هذا الخبر ما تدري أن تفرح وتدعي عليهم أو تحزن وتدعي لهم. لكن نقول إن كان بينهم (من طائفتي) فارحمه واغفر له»! هل لمثل هذه المفردات ارتباط بأخلاق الدين الإسلامي؟
على أية حال، فإن هذا هو الوجه المشرق الجميل، فالتغريدات التي كتبها ذوو القلوب المطمئنة والمتسامحة والرافضة للطائفية، كنست تغريدات ووسخ وقذارة الطائفيين، وإن استمروا في عفنهم، وكان العنوان الأكبر لهؤلاء الطيبين: «أوسخ إنسان هو من يشمت في ميت أياً كان مذهبه وجنسيته»، ومع أنهم ترّحموا على الضحايا، إلا أنهم كتبوا الكثير مما يكشف وجود فئة كريمة نقية من أبناء الخليج والعالم العربي والإسلامي، قبال جراثيم الطائفية التي تقتات ليل نهار على صديد أسيادهم ومشايخهم وكبرائهم ممن غذّوهم بكل هذه السموم ليفتكوا بالمجتمع.
الشيء المفرح حقاً لمن تابع الوسم، أن العديد من دواب الطائفية حذفوا تغريداتهم بعد أن تحرّك ضمير بعضهم ليستغفر الله، ثم يستغفر الله، ثم يستغفر.. لكن حتماً، سيعود بعضهم إلى سيرته الأولى. فمن عاش في زريبة الطائفية منذ ولادته، لا يخرج منها إلا إلى المقصب أو النفوق.
ثمة مواقف جميلة سطرتها تغريدات بعض المغردين المعروفين المناهضين للطائفية وأهلها يمكن ربطها بالأوسمة التغريدية التي تكشف وجه الطائفيين الممسوخ، فعلى سبيل المثال، كتب الصحافي البرلماني الكويتي مبارك البغيلي: «رئيس المخابرات الأميركية في 2006: سنضع لهم إسلاماً يناسبنا، ونجعلهم يقومون بالثورات فتنتشر الطائفية بينهم»، وساند التغريدة بقصاصةٍ من صحيفة عربية فيها تصريح رئيس وكالة المخابرات الأميركية السابق جيمس وولسي يقول فيه: «سنصنع لهم إسلاماً يناسبنا، ثم نجعلهم يقومون بالثورات، فيتم انقسامهم على بعض لنعرات تعصبية، ومن بعدها، قادمون للزحف وسوف ننتصر».
ولعل الناشط نصير العمري كان شديداً: «العرب مضحكة.. تنتفخ أوداجهم نصرةً للدين والطائفة، والغرب يعبث بنفطهم وأوطانهم وكرامتهم. أغنامٌ تحرّكها الطائفية ويسوقها الحكام إلى مذبح صهيون». وكتب سعود مطلق السبيعي أيضاً: «المندسون والمحرّضون صبيان السفارات في الداخل والخارج يستغلون أي حدث محلي لتأليب الرأي العام بشعارات براقة لضرب وحدة المجتمع فاحذروهم».
المغرد نبيل المعجل طرح تساؤلاً: «س: ما سبب خلو منطقة الإحساء من القاعديين والداعشيين وقاطعي رؤوس البشر؟ ج: تعايش وتناغم وتسامح بين كل المذاهب والطوائف والملل». ووجّه في آخر الكلام سؤالاً لكل طائفي: «ما جوابك؟». أما عبدالله محمد البارقي فقد كان يسير في مسار المتفائلين: «ستشرق شمس التآلف والمحبة بين أهل القبلة حين تعي الأجيال الحاضرة معنى سماحة الإسلام، وتأفل شمس الطائفية البغيضة بينهم».
مهما كثرت النكرات في وسائل الإعلام الجديد، ومهما حشد الطائفيون قطعانهم، سيبقى الأصل في أهل الخليج أنهم يعرفون قيمة الإنسان دون النظر إلى دينه أو عرقه، فلن تتمكن حشرات الطائفية من تشويه ذلك الوجه المليء بالسماحة.
عبدالرحمن السميط.. المسلم الحقيقي!
عندنا نستذكر مشهد تشييع الشيخ المرحوم عبدالرحمن السميط في جنازة عالمية وتاريخية فاقت جنازات رؤساء الدول، فلا ريب ان يراودنا هذا السؤال: لماذا كل هذا الحب؟ من يقرأ جيدا تاريخ أبي صهيب الحافل سيعرف حينئذ ان هذا الرجل مضى في صراط الاسلام وهو يحمل بيده «جمرة» باتت اشد وطأة واحمرارا وحرقة عن ذي قبل، تلك الجمرة التي افلتها مسلمون كثيرون شيوخا كانوا ام افرادا في زوبعة عصر الشهوات، جمرةٌ اسمها: الصدق! يقول موقع ويكيبيديا ان 11 مليون افريقي اسلموا على يدي ابي صهيب، اي ما يقارب 972 مسلما في اليوم الواحد، واربعين مسلما تقريبا بالساعة الواحدة! انقذهم، اسعدهم، درسهم، داواهم، لاعبهم، اطعمهم، وشاطر همهم وحزنهم وبات خيره المنثور حياةً لمن لا حياة لهم، ولا غرابة ان يدينوا له -بعد الله- بكل شيء وكأنما بايعوه سلطانا واميرا: وماذا بعد؟ اين كانت الخطوة الثانيه؟ هل جيّشهم ابوصهيب؟ ام استغل شعبيته وتعلقهم به للظفر بمنصب ما؟ هل توسع حلمه لتأسيس حزب سياسي لا سمح الله؟ او تنظيم فكري يبث به خططه وافكاره بايعاز من انظمة الدول العربية؟ هل امر الشباب بالجهاد في سورية او غيرها بينما هو جالس في البيت؟ هل استغل سلطة الدين لاغواء الشباب والتغرير بهم؟ هل كانت تعنيه الدنيا اصلا؟ قطعا لا! ولم يكن ابو صهيب يحمل في قلبه الصادق خطوة ثانية ولا ثالثة ولا مليونا سوى الدعوة في سبيل الله وخدمة الاسلام وهداية الملايين بالصدق والسماحة: فمكث 29 سنة في ادغال افريقيا الحالكه وهو يطبق تعاليم القرآن الكريم باحترام الاديان، واحترام العقائد، واحترام المذاهب! وما لبث الا ان فتح الشيخ عبدالرحمن قلبه ومدارسه ومستشفياته وبيوته لغير المسلمين أيضا: فكان الحصاد ان ينطق %80 منهم بشهادتي ان «لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله» بعد ان استقر الاسلام الحقيقي بقلبهم، وتيقنوا وقتئذ ان الاسلام هو دين الحب والانسانية والسماحة والصدق بعيدا عن التكفير، والتحقير، والتعصب، والارهاب، والقتل، والدين السياسي!
مضت سنة كاملة على وفاتك يا ابا صهيب: وليتنا تعلمنا منك اخلاق الدعوة الى الاسلام! فمن يقرأ تاريخك المنير سيستدل صدقاً الى صراط الاسلام الحقيقي في زمن سادت به فوضى الفتاوى، والقتل، والفتن.
من غزة: المعبر الجديد لحركة التحرر الفلسطيني
أصبح من المألوف في منعطفات القضية الفلسطينية الأساسية أن يتحول جزء من فلسطين إلى رافعة بالنسبة إلى بقية الأجزاء. الجديد في المعادلة في هذا الصيف الساخن أن غزة أخذت بقية الفلسطينيين والمتضامنين معها من العرب والمسلمين والعالم الأوسع نحو قيم كفاحية جديدة. صراع غزة لتفتيت الحصار المفروض عليها وطريقة خوضها للمعركة الحربية في عام ٢٠١٤ حوّلها بامتياز إلى الحاضن المرحلي الأهم لحركة المقاومة الفلسطينية. غزة المدينة والقطاع وذلك الممر الساحلي الضيق خاضت حرباً متكاملة الأركان وفرضت نفسها بالتالي جزءاً قيادياً في الحركة الوطنية الفلسطينية المقاومة للاحتلال. في هذه الحرب بينت مقاومة حركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي» عن مقدرة عالية على التخطيط والانضباط، بل تحول بعض رموز المقاومة إلى رموز تاريخيين كما هو الحال مع قائد كتائب عزالدين القسام محمد ضيف ونائبه أبو عبيدة. لقد اكتسبت المقاومة الفلسطينية في معركة غزة زخماً لم نعهد مثله منذ زمن طويل، فهناك تواصل مع تجارب المقاومة التاريخية، وتطور لثقة جديدة بإمكانياتها. لقد غيرت الحرب أشياء كثيرة، يكفي أنها أنعشت ذاكرة أمة وحفزت روح صمود. متابعة قراءة من غزة: المعبر الجديد لحركة التحرر الفلسطيني
سافل إكلينيكياً
حتى الحشرة، وهي حشرة، لا يمكن أن تشمت أو تتشفى في أحد. لن تجدها تشمت في حشرة أو في طائر أو سمكة أو إنسان. ليش؟ لأن لديها حدوداً دنيا من “الحشرية” والقيم التي تمنعها من التشفي بالآخرين في عز مصابهم.
وبالأمس، رأينا من يتشفى بمن سُحبت جنسيته، ويعلن فرحته، تقرباً لأصحاب القرار، ظناً منه أنهم سيحترمونه، أو يقرّبونه، أو حتى يمنحونه الجنسية، إن كان من “البدون”. متابعة قراءة سافل إكلينيكياً