سامي النصف

لماذا ينضم الشباب إلى «داعش»؟!

نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» بالأمس القريب تحقيقا اثبت ان سبب انضمام كثير من الشباب وخاصة الاجانب الى «داعش» هو الثراء الفاحش لذلك التنظيم حتى انه يدفع رواتب مغرية بالدولار للمقاتلين ويتم اسكانهم في المنازل التي يتم تهجير ملاكها ومعها علاوات للزواج والأبناء تدفع بالدولار وسيارات وبدل بنزين، وان ما يدفع للشباب الأجنبي ـ كحال لاعبي الكرة الأجانب عند الأندية الرياضية ـ يفوق ما يدفع للمقاتل المحلي أو العربي.

****

واعتقد ان هناك سببا آخر لانضمام بعض الشباب العربي والخليجي الى «داعش»، فكثير من هؤلاء هم أما من العاطلين عن العمل او من المستويات الوظيفية الدنيا في بلدانهم، أي ممن اعتادوا ان يكونوا مأمورين لا آمرين، لذا تجد تلك الشريحة نفسها عند الانضمام الى «داعش» قد اصبحت فجأة تحكم وتأمر في مصائر المدن والقرى والبشر والأموال، ويسمى البعض منهم باسم «أمير» وتقدم له فروض الطاعة العمياء وهو مازال في العشرينيات من عمره، ولا شك في أن الشعور المصاحب لتلك العظمة مغر جدا حتى يسهل للمرء الموت لأجله، خصوصا اذا كانت معه رواتب مغرية و«غنائم حرب»، أي الثروات التي تقع تحت يديه من ذهب وأموال وسبايا تصبح ملكا خالصا له دون ان يعتبر ذلك سرقة!

****

آخر محطة:

(1) يذكر التاريخ طمأنة رسول الانسانية والرحمة محمد صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران وبعده خليفته عمر لنصارى القدس، وهذه محجة الإسلام وتعليماته، فمن اين أتت «داعش» بالأعمال القبيحة والتنكيل الذي قامت به ضد نصارى الموصل وكنائسهم؟!

(2) وصمة عار ستبقى في جبين الأمتين العربية والاسلامية كما بقيت افران الغاز والمحارق وصمة في جبين الأمة الألمانية إذا لم يشهد العالم تحركا جادا وإدانة واضحة من القيادات السياسية والمرجعيات الدينية العربية والإسلامية تجاه ما تقوم به «داعش» تجاه نصارى العراق والشام!

(3) اذا قبلنا بتدمير تراث إنساني عمره 1500 سنة، كحال ما قامت به القاعدة في أفغانستان تجاه التماثيل البوذية، وقبلنا بعده بتدمير «داعش» كنيسة عمرها 1800 عام، فهل سيقبل العالم احتجاجنا إذا ما هدمت مساجدنا التاريخية كحال المسجد الأقصى؟!

سامي النصف

زيارة لبيت الله الحرام

قام الأديب ورجل الأعمال عبدالعزيز البابطين- وكعادته كل عام- باصطحاب ثلة من كبار رجال الكويت لأداء مناسك العمرة ولقاء المسؤولين السعوديين، وأول ما يلحظه المعتمر هو عمليات التوسعة التي لا تتوقف للحرمين الشريفين والتي لا تمنع ولا تحد من عمليات أداء المناسك، ولا اعتقد ان هناك مركزا دينيا في العالم يحظى بما تحظى به الأماكن المقدسة في السعودية من عناية واهتمام بالغين.

***

وأولى دلالات الاهتمام الفريد والشديد بالمقدسات الاسلامية هي ان الملك قد جعل لقبه الرسمي هو «خادم الحرمين الشريفين» وما يعكسه ذلك من اهتمام متواصل بالعناية والتوسعة المتلاحقة للحرمين الشريفين رغم الصعوبات الفنية المصاحبة بسبب الزحمة الدائمة في الأماكن المقدسة والملكيات الخاصة المحيطة بها، وقد كان أمرا متميزا اقامة وقف الملك عبدالعزيز للصرف على تطوير تلك الأماكن تحوطا لأي تذبذبات في أسعار الطاقة او نقص في الميزانية العامة للمملكة العربية السعودية.

***

وقد التقينا على مأدبة سحور الأمير أحمد بن عبدالعزيز بالمهندس بكر بن لادن الذي ارجع الفضل فيما يحدث من توسعة لعناية ومتابعة خادم الحرمين الشريفين وقد اثنينا انا وزميلي صالح الغنام على اهتمام القيادة السياسية السعودية وعلى الفكر الخلاق والاتقان الشديد في العمل الذي تقوم به شركة بن لادن، فهناك إبداع جسور الطواف حول الكعبة التي خصص أحدها للكراسي المتحركة فأوقف الحاجة للطواف المحمول حول الكعبة، كما ان هناك برج الساعة الذي اخبرنا م.بكر بن لادن بأنه يزن 80 ألف طن والذي سهل معرفة مكان الكعبة المشرفة من مسافات بعيدة جدا فجزى الله القائمين على تلك المناسك عن المسلمين خير الجزاء.

***

آخر محطة: أغلب البلدان التي توجد بها مراكز دينية رئيسية ومنها دول ثرية في غرب أوروبا وشرق آسيا تكتفي بتحصيل الأموال من تلك المراكز بطرق مباشرة أو غير مباشرة، وندر ان تصرف على توسعتها او تملك ما حولها كحال المملكة، وهو دلالة- كما قيل- على ان رب العباد يعرف أين يضع بيته.

سامي النصف

العالم يريد سماع صوت حكمائنا!

الأذى الشديد الذي يتعرض له هذه الأيام ملايين المسافرين من مختلف أصقاع الأرض بسبب الخوف من قيام جماعات متشددة كالقاعدة او داعش بتفجير ـ لا خطف ـ الطائرات، يتسبب في توجيه غضب وكراهية الشعوب لنا بسبب ذلك الإزعاج اليومي وهو ليس أمرا مستجدا بل مستمر منذ نصف قرن، حيث انفردنا دون شعوب الأرض بأغلب الأعمال الإرهابية التي أضرت بالأبرياء واستباحت الدماء، كخطف البواخر والطائرات وقتل ركابها والهجوم على المطارات وما نتج عنه من إجراءات أمنية مشددة لم تكن موجودة في السابق حين كان وصول الركاب للطائرة لا يستغرق إلا دقائق قليلة.

***

والغريب ان قضايا المشرق العربي تزامنت مع قضايا مماثلة في روديسيا وجنوب افريقيا وفيتنام وحتى الجزائر ومع ذلك لم يلجأ احد من مناضليهم لتلك الأعمال الإرهابية الخسيسة التي تثير الحنق والغضب، لذا انتصروا ونجحوا في نهاية المطاف في تحقيق مرادهم بينما ثبت في كل مرة ان من يلجأ للإرهاب ينتهي بالهزيمة وعدم إنجاز شيء لقضيته، وهو ما حدث للمنظمات الفلسطينية في الستينيات والسبعينيات، والمنظمات الشيعية في الثمانينيات والسنية في التسعينيات وحتى يومنا هذا.

***

ان الصوت الأعلى في منطقتنا مازال للإرهابيين أمثال القاعدة وداعش .. الخ، فمتى يسمع العالم اصوات الحكماء والعقلاء من اصحاب القضية الفلسطينية والسورية والعراقية واليمنية والليبية .. الخ؟، ومتى يتم استيعاب حقيقة ان الإرهاب والتعدي على الأبرياء يضر ولا ينفع وان كل تبرير لأي عمل ارهابي يشجع الارهابيين ويخذل العقلاء كما ان ربط القضايا ببعضها بعضا لا يقنع احدا؟

***

آخر محطة: (1) كان طواقم الطيران ينزلون من الطائرات الى فنادقهم دون تفتيش ثقة بهم حتى قام صدام ذات مرة بتهريب إرهابيين في ملابس مضيفين الى لندن وقاموا بعمل إرهابي هو إطلاق الرصاص على احد الباصات وغادروا في اليوم التالي الى بغداد، فتغير الحال وأصبح طاقم الطائرة يتعرض للتفتيش الشديد كحال غيرهم.

(2) وظل الطيارون اما ابطالا او ضحايا لأعمال الإرهاب حتى قام بن لادن بعملية سبتمبر الإجرامية (وبعدها لربما حادثة الماليزية) فتحول الطيارون الى جناة وأصبحوا يبهدلون كحال الآخرين!

 

سامي النصف

المحاق الأكبر قادم!

تظهر الحقائق التي تكشفت عنها ثورات الغضب لجماهير العرب الكيفية التي كان يحكم بها حكام كالقذافي وصدام شعوبهم التي حملتهم على الاكتاف بعد انقلاباتهم التي تحولت الى ثورات في الستينيات، فقد تعاملوا مع الاوطان على انها املاك خاصة بهم، ومع الشعوب على انهم سبايا وعبيد لهم يفعلون بهم ما يشاؤون فاستباحوا اعراض النساء وسفكوا الدماء ونصبوا المشانق وفتحوا المعتقلات بل حولوا الأوطان الى سجن كبير.

****

وقد استمعت شخصيا وقرأت كذلك لشهادات اقرب من الخيال تظهر كيف حكم صدام العراق ـ ولا يختلف عنه كثيرا القذافي ـ حيث عاش حياة لم يعش مثلها كبار القياصرة والاباطرة والفراعنة منذ نشوء الدول ولم يكن يهتم كما يروي مدير قصوره لعشر سنوات في كتاب ذكرياته بموت مئات الآلاف من العراقيين في حروبه الخارجية والداخلية بل استمر وابناؤه في التصرف بدماء واعراض العراقيين ولم يسلم من ذلك حتى اقرب مقربيهم من وزراء ومرافقين وضباط كان صدام وابناؤه ـ ومثله في ليبيا ـ القذافي وابناؤه يسطون على نسائهم وبناتهم في بلدان يقدم فيها الموت على المساس بالشرف، فقد رفعوا شعار «انا الدولة والدولة بمن فيها تختزل بـ أنا».

****

وقد اعتقد الجميع ان سقوط تلك الديكتاتوريات القمعية سيفتح الابواب لغد مشرق جميل لشعوب عانت طويلا من الفقر والعوز وهي تعيش على بحيرات من النفط، الا ان الواقع يثبت عكس ذلك وكأن الطغاة لم يبتعدوا الا بعد ان تأكدوا من انهم زرعوا فيروسات اكمال تدمير الاوطان والاضرار بالشعوب عبر آلاف الخطط الشيطانية الماكرة، لذا فالمحاق الاكبر للدول العربية لم يصل بعد بل ما حدث ويحدث هو فقط طلائعه ومقدماته ولا يبدو في الافق للاسف اي بوادر تصحيح لمسار القطار العربي المتجه وركابه من الشعوب الى.. الهاوية السحيقة!

****

آخر محطة: 1ـ يروي مرافق خاص لصدام وأحد اقرب مقربيه ـ حتى انه من كان يلفه بالفوطة عند خروجه من حمام السباحة في قصوره المتعددة ـ ان صدام لم يكن يكتفي بإحضار طالبات الجامعة والمتزوجات لقصوره لهتك اعراضهن، بل ان البعض من لياليه السوداء الخاصة كانت تنتهي بقتل الضحية اما خنقا او برصاص مسدسه خلال سكره وعربدته وممارساته العنيفة معهن في غرفة نومه، وكانوا يتكفلون بدفن جثث الضحايا في الاماكن القريبة، لذا لا عجب من وجود عشرات الآلاف من المختفين على أرض الرافدين.

2ـ كم نحتاج من كتب تكتب لتثبت حقائق تلك القيادات الثورية كي لا يتحولوا مع الزمن وضمن تاريخنا الزائف الى.. ملائكة واخيار وقديسين يتم الترحم عليهم!

 

سامي النصف

رحلة خاصة إلى ليبيا!

في الثمانينيات دعا الرئيس القذافي الزعماء العرب إلى حضور احتفاليات الفاتح من سبتمبر وقد قدت الطائرة التي أقلت سمو ولي العهد الكويتي المشارك الشيخ سعد العبدالله رحمه الله، وما ان وصلنا حتى كان العقيد في الاستقبال وخلفه مظاهرة غوغائية صغيرة تسير أينما سار وتهتف باسمه كزعيم للأمة العربية (قبل أن يصبح ملك ملوك أفريقيا)، ثم استقل العقيد الفقيد وضيفه سيارة كاديلاك أميركية خضراء مصفحة، وفي المساء دعا القادة إلى احتفال في الساحة الخضراء ووصل إليهم بعد طول انتظار وهو يقود سيارة أوروبية خضراء صغيرة كدلالة على الزهد والتواضع وعدم الاهتمام بالمظاهر.

****

بعد أن أبقى القادة العرب وهم يستمعون لخطبه المطولة حتى ساعات الصباح الأولى ذكر لهم أنه سيقلهم في اليوم التالي فجرا إلى بنغازي لإكمال الاحتفالات هناك، بعد عودة الوفد إلى مقر إقامتهم دعوني وطلبوا مني التواجد مع طاقم الطائرة في المطار صباحا خوفا من ألا يوفر العقيد الفوضوي بالترتيب وصاحب الأعمال السوداء الشهيرة الطائرات لتقلهم إلى بنغازي وحينها سنتوجه مباشرة بالوفد الى الكويت، رجعت إلى الفندق الذي كان يعتبر الأفضل في ليبيا وكانت الحرارة تقارب الأربعين والرطوبة خانقة و.. التكييف لا يعمل!

****

وصلت اليوم التالي الى المطار مع الطاقم واتجهت للطائرة الليبية التي تقل الشيخ سعد رحمه الله وكان جالسا بالقرب منه أبوبكر يونس الرجل الثاني فعليا في ليبيا وذكرت لسموه أنني سأتوجه بالطائرة والطاقم للمبيت في تونس وسنحضر يوم المغادرة كما هو مقرر لنقل الوفد إلى الكويت كوننا لا نستطيع النوم بسبب الحرارة والرطوبة الشديدة مما يؤثر على سلامة الرحلة وقد وافق الشيخ سعد إلا أن يونس أعطاني ورقة طلب مني أن أعطيها لمرافقنا كي يقلنا للمكان الذي حدده وإذا لم يعجبنا الوضع فلنا أن نتجه إلى تونس.

****

أخذنا المرافق إلى منطقة الميناء المحظورة في طرابلس والذي تحيط به حراسة شديدة وأوصلنا إلى باخرة (كروز) شديدة الفخامة للإقامة بها وكان في وسطها مرقص ضخم وعلمت أنها مخصصة للقيادات الليبية كي تقلهم إلى مالطا وإيطاليا والتجول في جزر البحر الأبيض مع من يحبون، وكان إلى جانبها يخت أكبر منها وأكثر فخامة اسمه «هانيبال» ملك للقائد الذي وصل تحت الأضواء إلى الساحة الخضراء وهو يركب سيارة أوروبية شديدة التواضع.. وأمجاد يا عرب أمجاد!

****

آخر محطة: صباح اليوم التالي وبعد أن أخذنا كفايتنا من النوم في أجنحة الباخرة توجهنا إلى المطار وطلبنا غذاء وكراتين ماء لسد حاجة الوفد في طريق عودته للكويت في الرحلة التي تستغرق ما يقارب 5 ساعات، وصل الماء ولم يصل الغذاء وما ان أبلغت الشيخ سعد رحمه الله بذلك حتى طلب منا الإقلاع دون غذاء ما دام هناك ماء فلا نريد البقاء دقيقة واحدة في هذا المكان دون داع، حسب قوله، وهو ما تم وقد أخبرني مسؤول التموين في مطار طرابلس أن رحلة الرئيس حافظ الأسد المتجهة من طرابلس إلى هافانا في رحلة تقارب 11 ساعة قد أقلعت قبلنا كذلك بالماء فقط ولا أعلم ان كانوا قد رتبوا للتوقف في الطريق للتزود بالتموين، وقد كان هذا آخر احتفال للفاتح من سبتمبر يحضره قادة عرب في ليبيا الفوضى والمظاهر الخداعة الكاذبة.

سامي النصف

حرب البشر والشجر والحجر في غزة!

لن نتكلم عما هو معروف بالضرورة من وحشية آلة الحرب الإسرائيلية في حربها على القطاع ولا يمكن تباعا القبول بمن يدعى أنه فوجئ بحجم الرد، ولكن هل يصح ان يبقى مصير الملايين في غزة رهنا بعمليات لا يعرف أحد من يقوم بها ولا الهدف منها كحادثة خطف وقتل الشبان الثلاثة التي اعطت المبرر والذريعة للحرب اللاحقة وحدت من التعاطف الدولي مع الضحايا.

****

وكالعادة نلحظ تكرار الظاهرة المميتة المتمثلة في تغييب صوت الحكمة والعقل والاستماع لمدغدغي العواطف من المتشددين بمختلف توجهاتهم ممن يبقون في منازلهم ووسط أبنائهم دافعين بالآخرين لمواصلة الحرب أو المجزرة غير المتكافئة في غزة لآخر بشر وشجر وحجر فلسطيني، ووصم من يطالب بالتعقل لحماية الأبرياء بأنه ينتمي للصهاينة العرب حسب قولهم وليت المتشددين جعلوا من أنفسهم قدوة في العطاء وبذلوا القليل من أموالهم لا أنفسهم الغالية بدلا من الصياح والصراخ وتخوين الآخرين.

****

وقد ظهر على احدى الفضائيات شاب فلسطيني ذكر أنهم تلقوا اتصالا إسرائيليا بإخلاء منزلهم خلال 5 دقائق كونه سيتعرض للقصف إلا أن اهله بقوا فيه كوسيلة لمنع هدمه الذي تم فقتل الساكنون، والحقيقة أن المباني التي تهدم في القطاع كالأرواح التي تزهق لا يمكن عودتها لضيق ذات اليد ولطبيعة الحصار الذي يمنع دخول مواد البناء حتى اننا في زيارتنا الأخيرة لغزة بعد سنوات من الحرب عليها عام 2007 وجدنا أن المصانع التي دمرت والمزارع التي جرفت مازالت على حالها لاستحالة البناء دون توافر مواد البناء من اسمنت وحديد وجرارات زراعية…إلخ.

****

آخر المحطة:

1 ـ استمعت ومعي جمع من الإسلاميين ورجال الخير الكويتيين للرئيس إسماعيل هنية في غزة وهو يشتكي مر الشكوى ممن لا يقدرون عواقب العمليات التي يقومون بها دون إذن ضد إسرائيل مما يعطيها المبررات التي تحتاجها لتدمير القطاع وزيادة الحصار عليها.

2 ـ نرجو ألا تكون صواريخ القسام كحال صواريخ صدام أي تكتفي بدغدغة المشاعر دون ضرر حقيقي إلا على مطلقيها ممن يصبحون في مرمى الأسلحة الحقيقية التي تطلق عليهم كرد فعل.

3 ـ في القطاع توجد 18 منظمة فلسطينية لا يعرف أحد من يقف خلفها إلا أن كثيرا منها مرتهن قراره وفعله بدول أخرى تأمره فـ… يطيع وهؤلاء هم سبب المشاكل المتكررة ومنها الإشكال الأخير.

سامي النصف

صديق العمر

يعرض هذه الايام مسلسل «صديق العمر» الذي يروي العلاقة بين الرئيس جمال عبدالناصر وصديق عمره المشير عبدالحكيم عامر، والاثنان للمعلومة من صعيد مصر، حيث حكمت القيم والثقافة السائدة هناك علاقتهما ببعض، كما حكمت علاقة مصر التي تولوا زمام امورها بالعالم الخارجي فطغت على سبيل المثال على علاقتهما الشخصية قضية «المرجلة» وعيب التخلي عن الآخر مهما أخطأ ودمر، وما اكثر ما دمر المشير وما اكثر ما غفر عبدالناصر.

***

اما مع العالم الخارجي فقد سادت سياسة «العند» الشديد والمكابرة حتى وصل الامر بمصر في بعض الحقب الى العداء للمعسكرين السوفييتي والاميركي على حد سواء، كما امتد العداء الى جميع الانظمة العربية والاسلامية في المنطقة، لا فرق في ذلك العداء بين دولة ثورية او ملكية، فقد تسبب العند وروح «الثأر» وعدم نسيان العداء السائدة جنوب مصر بالتأثير المباشر على سلوكيات وقرارات الاثنين، وقد استغل ذلك من قبل اعدائهما خير استغلال، فيكفي ان يعير الاثنان من راديو دمشق آنذاك بمرور العلم الاسرائيلي من مضائق تيران حتى يطلب المشير ويستجيب عبدالناصر لإغلاق المضائق وطرد القوات الدولية دون ان تملك مصر ذلك الحق كونها قد قبلت به ووقعت عليه كشرط لانسحاب اسرائيل من سيناء عقب حرب السويس 56.

***

وقد تسبب تفشي نظريات التآمر الدائمة على مصرـ وهي نظرية مدمرة تبناها ستالين وهتلر حيث توجد خلف كل شجرة مؤامرةـ الى تقديم عبدالناصر «اهل الثقة» كحال عامر على «اهل الكفاءة» مما تسبب في الاخفاقات والكوارث المتلاحقة، وما لم يقله مسلسل «صديق العمر» هو ان هناك سببين رئيسيين للانفصال، اولهما تسلط ضباط المشير وإذلالهم للضباط السوريين والثاني محاولة تطبيق القوانين الاشتراكية والتأميم على سورية.

***

وسبق للسودان ان انفصلت عن مصر منتصف الخمسينيات بسب تسليم ملفها لضابط متسلط يدعى صلاح سالم ورفع حكومة عبدالناصر لشعار «مد السيادة المصرية على السودان» بدلا من تعزيز فكرة «الاتحاد المصري – السوداني» سواء بسواء كما هو الحال ابان الملكية، وفيما بعد تسبب تسلط عسكر المشير في اليمن بعد عام 62 في مهازل لا يمكن ان تقبل بها اي دولة ذات سيادة، فقد ألقي مجلس قيادة الثورة اليمني الزائر لمصر بأكمله في سجون القاهرة، كما دخل ذات مرة د.عبدالرحمن البيضاني على الرئيس عبدالناصر وهو رئيس لوزراء اليمن فخرج وهو سفير لمصر في بيروت.

آخر محطة: (1) احدى الاكاذيب التي سوّق لها وزير الداخلية السوري آنذاك عبدالحميد السراج (لا يزال حيا يعيش في مصر) ان احد الملوك العرب قد دفع له الملايين لتخريب الوحدة المصرية – السورية، إلا ان الحقيقة تظهر الكذب التام لذلك الادعاء حيث شهد من حضر لقاء عبدالناصر بذلك الملك اعتزاره له عن تلك الكذبة الشنعاء.

(2) وفي تلك الحقبة خطط السراج (السلطان الاحمر) للقيام بثورة على نظام عبدالكريم قاسم عام 59 بقيادة الشواف لاستبداله بنظام يقبل الانضمام الى الوحدة المصرية – السورية كي تبدأ عملية تحرير فلسطين من قبل الدول الثلاث، الا ان مفتي فلسطين امين الحسيني علم من احد مصادره بذلك السر فباعه بمليون ليرة لسفارة قاسم في بيروت كما يروي السفير نجيب الصائغ في مذكراته وفشلت الثورة لعلم قاسم المسبق بها.

(3) وضمن تلك الحقبة اشعل السراج فتيل الحرب الاهلية في لبنان كي يضمها الى دولة الوحدة وارسل كمية اسلحة ضخمة محملة على ظهور الحمير للقوى «الوطنية» اللبنانية وكان في رفقتها ضباط سوريون والصحافي المصري جميل عارف فقامت الطائرات اللبنانية بضرب الحمير وتقديم شكوى للامم المتحدة اعطيت يومين لمناقشتها. يقول عارف ان الاسلحة استبدلت بشعير ومنتجات غذائية وتم تصويرها وإرسالها على الفور الى نيويورك، لذا ما ان تقدم مندوب لبنان بشكواه حتى قدم مندوب الجمهورية العربية المتحدة صور الحمير النافقة وحمولتها من الشعير وكانت ليلة ليلاء على المندوب اللبناني.

 

سامي النصف

الإنجاز الخليجي والإخفاق العربي!

 الخليجيون هم عرب أقحاح وجزء أساسي من الأمة العربية التي لا يجوز تقسيمها تعاليا وتكبرا، كما يقوم بذلك الأستاذ هيكل وحواريوه، إلى مراكز حضارة (عربية) ومراكز بداوة (خليجية)، أو التفرقة بين القلب (العربي) والأطراف (الخليجية لا المغاربية على سبيل المثال) بدلا من التواضع والتعلم من الإنجاز الخليجي العربي المبهر الذي بات يضاهي في كل مجالات الحياة أكثر الدول تقدما ورقيا بالعالم.

***

ووجود النفط ليس قطعا السبب في تقدم دول الخليج، فعراق صدام وليبيا القذافي وغيرهما كانا ومازالا يعومان فوق بحيرات من النفط، إضافة إلى الموارد الأخرى التي لا تملكها الدول الخليجية ودون إنجاز يذكر إلا الخراب والدمار، إن الإنجاز الخليجي سببه الأول والأهم هو «الحكمة والتعقل الخليجي» مقابل «الغوغائيات الثورية العربية»، فالدول الخليجية على سبيل المثال في مرحلة ما بعد الاستقلال لم تعادِ أكثر دول العالم رقيا وتحضرا وتقدما ممثلة بالمعسكر الليبرالي الغربي بل استفادت منه بينما صادقت الثوريات العربية معسكر القمع والتخلف وعدم الإنجاز ممثلا بدول المعسكر الشيوعي الشرقي.

***

وقد تفرغت أغلب الدول الخليجية في مرحلة ما بعد الاستقلال لقضايا التنمية الاقتصادية والحضارية والعلمية والحرص على رفاه شعوبها، بينما تفرغت عواصم الحضارة العربية إلى تبديد الموارد في المغامرات والهزائم العسكرية وتعويض الإنجاز الحضاري بالخطاب الغوغائي المدغدغ للمشاعر وإدخال نفسها كمخلب قط في حروب الوكالة ممثلة لمعسكر الاستعمار السوفييتي القمعي.

***

فكل ما حدث بالمنطقة العربية في فترة الإخفاقات الكبرى منذ بداية الخمسينيات حتى أعوام قليلة خلت لا علاقة له على الإطلاق بدعاوى الوطنية الزائفة ومحاربة الاستعمار الغربي الراحل اصلا باختياره، وغيرها من أكاذيب خدعت بها النخب المفكرة قبل الشعوب، بل كانت تلك الإخفاقات والهزائم نتيجة لأوامر أمليت من قبل السوفييت على الأنظمة الثورية التي كانت تدعي كذبا السيادة، والطريف أن القواعد العسكرية الغربية التي أخليت بمعاهدات الجلاء التي طبل لها قد استبدلت بقواعد عسكرية سوفييتية(!) مثلما استبدل حلف بغداد بمعاهدات مصرية ـ سورية ـ عراقية ـ يمنية ـ ليبية ـ جزائرية مع الاتحاد السوفييتي كانت أكثر إذلالا وضررا من ذلك الحلف المأسوف عليه.

***

آخر محطة:

1 ـ في قضايا السيادة الوطنية، استبدل الحاكم العام البريطاني أو الفرنسي بحاكم أشد سطوة وقوة منه هو السفير السوفييتي في عواصم الحضارة العربية الذي كان يأمر فيطاع في التو واللحظة حتى انه أمر القيادة الوطنية المصرية في يونيو 67 بعدم البدء بالحرب فسمعت وأطاعت و… هزمت، وبالطبع انتهى أمر عواصم الحضارة العربية بخلق نسخ طبق الأصل من الأسياد السوفييت، أي دول قمع وقتل وقهر ودمار اقتصادي وتخلف حضاري.

2 ـ وناصبت عواصم الحضارة العربية الدول المحيطة بها العداء تنفيذا لأوامر السوفييت وأفشلت مشروع حلف بغداد الذي كان يفترض ان يضم الدول العربية وتركيا وإيران وباكستان، ومازلنا ندفع إلى يومنا هذا تبعات تلك السياسة الخاطئة.

@salnesf

سامي النصف

الفوضى نهاية التاريخ لمنطقتنا!

كانت الحرب العالمية الثانية التي حصدت 50 مليون ضحية اغلبهم من الشعوب الأوروبية بمثابة مباراة اعتزال وارتحال لإله الحرب مارس من محطة استقراره في اوروبا لقرون طوال الى منطقة الشرق الاوسط التي باتت منذ منتصف القرن الماضي محطة حروب الوكالة بين المعسكرين الشرقي والغربي، لذا شهدنا عدد حروب لا يعد ولا يحصى مثل حروب 48 و56 وحرب اليمن 62 و67 والاستنزاف والاردن 70 و73 ولبنان 75 و78 و82 والعراقية – الايرانية و90 و91 وحروب اليمنين و2003 و2006 وثورات وحروب الربيع العربي 2011 حتى اليوم وهذا غيض من فيض والقادم اعظم بكثير.

***

مع انتهاء الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي اوائل التسعينيات كتب المفكر د.فرانسيس فوكوياما كتابه الاشهر «نهاية التاريخ والانسان الاخير» عام 92 قال فيه ان الديموقراطية والليبرالية هما خيار الانسان الامثل والأخير معلنا انتهاء حقبة الصراع الايديولوجي الذي كان يتسبب في الحروب وهو ما كان سيفرض بالتبعية تصغير الجيوش والانفاق عليها لانتفاء الحاجة ولاختفاء الاعداء، الا ان المفكر د.صموئيل هانتغتون اتى في العام الذي يليه 93 بنظرية تبقي الصراع محتدما الى الابد لا على حدود الايديولوجيات التي يمكن سقوطها وتوقفها بل على خنادق الحضارات الباقية، فالحضارة الغربية في صراع دائم مع الحضارة الاسلامية التي ستستعين حسب كتابه «صراع الحضارات» بالارهاب كسلاح فاعل لها في حرب البقاء تلك، وبعدها هلت علينا تنظيمات القاعدة وبن لادن والزرقاوي والظواهري واحداث سبتمبر وداعش وفروخهم.

***

وتلا ذلك في منتصف التسعينيات صدور الكتاب الاشهر للمفكر د.زبيغنيو بريجنسكي المسمى «الفوضى على اعتاب القرن الواحد والعشرين» الذي تنبأ فيه قبل ما يقارب العقدين من الزمن بأن بدايات القرن الواحد والعشرين التي نعيشها حاليا ستشهد خلالها المنطقة الممتدة من غرب الصين الى شرق أوروبا، اي منطقتنا، فوضى عارمة وثورات شعبية وحروبا خارجية واهلية وانقسامات للدول قد تستخدم فيها حسب قوله الاسلحة النووية!

***

آخر محطة: (1) اذا كانت الديموقراطية السياسية والليبرالية الاقتصادية والرخاء والانماء نهاية التاريخ بالنسبة للشعوب الاخرى فالفوضى العارمة والانقسامات والحروب والثورات والخراب الاقتصادي وهدم المباني نهاية التاريخ لمنطقتنا لقرون قادمة.

(2) ورضينا أم أبينا سيبقى إله الحرب مارس ضيفا ثقيلا على منطقتنا الى أجل غير مسمى يشرب كل يوم الدماء ويتغذى على الاشلاء ما دمنا نحكم عواطفنا لا عقولنا فيما نفعل!

 

سامي النصف

حرب سنية ـ شيعية تدمر الإسلام!

يرى بعض الساسة والمؤرخين ان ما يمر به الإسلام هذه الأيام في قرنه الخامس عشر يتشابه الى حد كبير مع ما مرت به المسيحية في عصورها الوسطى، والتي من ضمنها سلسلة من الحروب الطائفية بين البروتستانت والكاثوليك في الفترة ما بين اعوام 1524 و 1648 ومن ضمنها حرب الثلاثين عاما التي تعتبر الأكثر تدميرا في تاريخ أوروبا لطول امدها وكثرة الدول الأوروبية المشاركة فيها والتي تمخض عنها تقليل عدد سكان القارة بسبب القتل والامراض والمجاعات وتدمير الدول المشاركة فيها اقتصاديا وافقار الشعوب الأوروبية بشكل كبير.

***

وكان جزء من الصراع المذهبي الأوروبي ليس دينيا بقدر ما كان سياسيا واقتصاديا وطبقيا، فالمذهب البروتستانتي كان يمثل الثراء والانظمة الرسمية بينما كان المذهب الكاثوليكي هو مذهب الفقراء والثورة، وهو أمر بقي حتى الصراع الاخير بين المذهبين في ايرلندا الشمالية اي بين البروتستانتية ممثلة الثراء والدولة البريطانية، والكاثوليكية ممثلة العامة والثورة الايرلندية قبل ان يضم الاتحاد الأوروبي جميع المذاهب والاديان في القارة وهو ما يفترض ان تعمل وتسعى اليه الجامعة العربية التي ما زالت تغط في سبات عميق.

هناك من متطرفي مذاهب الاسلام بالمنطقة من يريد اعادة تجربة عصور المسيحية الوسطى عبر إشعال حروب طائفية بين مكونات الدين الاسلامي تستمر لعقود وقرون من الزمن لبديهية عدم قدرة طرف على القضاء على الطرف الآخر، وبنفس النتيجة النهائية أي شلالات من الدماء وهدم للبنيان وتهجير وافقار للشعوب وتدمير للاقتصاد، ونرجو الا يتهم احد الغرباء، فالحرب الطائفية ان استعرت هي من بنات افكار متطرفينا ومن صنع ايدي سذجنا التابعين وقد بانت رايات بدايات تلك الحرب ولن يعرف احد قط متى سنتهي.

***

آخر محطة: (1) سينتج عن اي حرب طائفية معين لا ينضب من الارهابيين وقطع الرقاب ممن سيتحولون الى ابطال وسيتخندق اثناءها حتى العقلاء والحكماء كل لفريقه، واسألوا من عاش حرب 15 عاما بين الطوائف اللبنانية وكيف انتهى الحال بحكمائها؟.

(2) بعد ان وصلت اخبار الزرقاوي لمشارق الأرض ومغاربها، ظهر اخيرا على وسائط الإعلام قبل اعوام وقد صاحب ظهوره فضيحة كبرى حيث تبين ان الطرف الذي يقود الحرب ضد اكبر قوة عسكرية في التاريخ لا يعرف ان يستخدم حتى ابسط الاسلحة.

(3) وفضيحة لحظتها صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية هذه الايام مع الظهور الاول لأمير المؤمنين ومحيي دول الخلاقة الزاهد ابوبكر البغدادي حيث تبين انه يرتدي ساعة يد من أغلى الساعات، وكان المتطرف الآخر المسمى أبو الدرع قد ظهر عليه شريط يفضحه ويكشف ستره، وكيف لأمة يقودها متطرفوها ان يصلح حالها؟!