عادل عبدالله المطيري

دروس في مكافحة الفساد

هل تعلم نوابنا الدروس في كيفية مكافحة الفساد، بحيث لم يعد يكتفون باستجواب الوزراء المتهمين بالتقصير والفساد او يرتضوا فقط باستقالتهم او حتى طرح الثقة فيهم، بل يجب ملاحقتهم قانونيا ومحاسبة كبار الموظفين المتورطين والمتنفذين الذين استفادوا من ذلك الفساد.

وبالعودة الى الاستجواب الأخير، كان بإمكان الحكومة ان تطلب من الشمالي تقديم الاستقالة (وكفى الله المؤمنين شر القتال) ولكنها تخشى ان تطول يد المساءلة ما هو ابعد من الوزير المستجوب، فكان من المؤكد ان مجلس الأمة سيقوم بتشكيل لجان تحقيق في محاور الاستجواب والتجاوزات وكان سيكشف المتورطين المباشرين في الفساد في حالة استقال وزير المالية.. لذلك اختارت الحكومة (أهون الشرين) وزجت بفلذة كبدها الوزير الشمالي للنواب ليفترسوه ويكتفوا بذلك.. ولذلك على نوابنا الأفاضل ان يدركوا «الحقيقة التاريخية» ان الاستجوابات السابقة لكل الوزراء لم تعالج الخلل وخصوصا استجوابات وزراء المالية لأن المحاسبة تقتصر على الوزير دون القياديين بوزارته ومؤسساته التابعة، فكم وزير مالية تم استجوابه ولم تقف التجاوزات، وربما يرحل الوزراء وهم محملون بالغنائم دون مساءلة قضائية ليبقى الفساد مستمرا!

يجب ان يتخذ مجلس الأمة اجراءات لإعادة الأموال العامة وسحب المناقصات غير القانونية وأراضي أملاك الدولة التي أخذت دون وجه حق، ومحاسبة الوكلاء والمدراء التنفيذيين وحتى التجار والشركات الفاسدة التي تواطأت معهم واستولت على أموالنا.

لن تقف التجاوزات إلا إذا تيقن المسؤولون أنهم سيجبرون على ترك مناصبهم وسيحاسبون قضائيا أيضا، وعرف التجار الفاسدون ان ما أخذوه سيرد وسيخسرون معه أموالهم التي استثمروها بمشاريعهم المشبوهة، عندها سيكون للمحاسبة السياسية أثر عميق في وقف التجاوزات على الأموال والأملاك العامة!

عادل عبدالله المطيري

قدر إسرائيل والثورة السورية..!

مما لا شك فيه أن النظام السوري يحتضر وفي طريقه الى الزوال طاويا معه صفحات سوداء من تاريخ سورية ولبنان. حيث أفسد حكم الطغاة هناك الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الأديان طالها فساد الديكتاتور. ومع ذلك مازالت الثورة تزداد اتساعا وعمقا في المجتمع السوري مع استمرار فشل حلول النظام الدموية.

وبغض النظر عن مدى صحة الشائعات التي راجت مؤخرا عن مقتل كبار اركان النظام السوري، فهناك مؤشرات واضحة على قرب سقوط بشار وأعوانه، ومن أهمها تشكيل«حكومة الوحدة الوطنية» في إسرائيل منذ بضع أسابيع، حيث جرى العرف في اسرائيل على تشكيل مثل هذا النوع من الحكومات في أوقات الحروب والأزمات الكبرى، وقد حاول الإسرائيليون والإعلام الغربي تبرير هذا الإجراء على ضوء احتمال ضرب اسرائيل للمفاعلات النووية الإيرانية لتخفي غايتها الحقيقية وهي الاستعداد للحظات الأكثر خطورة في تاريخ الكيان الإسرائيلي وهي سقوط النظام السوري الذي طالما كان يحمي حدودها.

وتكمن الخطورة من وجهة نظر الإسرائيليين فيمن سيخلف النظام السوري، فالثورة في سورية تختلف كثيرا عن حالة الثورة في مصر، فالجيش المصري لم يتورط في قمع الثورة المصرية كما فعل الجيش السوري، كما ان المؤسسة العسكرية المصرية مؤسسة وطنية لا تعتمد على العرقيات او الطوائف كما هو الحال في الجيش السوري الذي تحول الى «سوكيورتي للبعث والطائفة» دون سواهما.

لذلك لن يسمح للجيش السوري بإدارة البلد بل ربما يعاد تشكيله من جديد، ولا أحد يعرف ما شكل النظام السوري الجديد؟ ولكن بكل تأكيد لن يكون مواليا لإسرائيل التي ستتعرف على القلق والخوف مرة اخرى، خاصة ان الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية قائمة على أساس «المناطق الحدودية الآمنة» وبعدم وجود قوات معادية بمسافة لا تقل عن 40 كلم!

وفي لبنان يحاول السوريون وأتباعهم اعطاء انطباع لما ستكون عليه الحالة بعد سقوط بشار فأخرجوا «فيلم الحرب الأهلية» بين السنة والعلويين في طرابلس.

بكل تأكيد لن تكون هناك حروب أهلية في سورية، فالسكان أغلبيتهم من السنة ولا قبل لأحد على مواجهتهم بالقوة، كما ان المجتمع السوري سيفوت الفرصة على الأعداء فهو شعب مثقف وواع وعروبي الهوى ولا يميل للتعصب الديني.

وحتى مع أسوأ سيناريوهات الحرب الأهلية والإرهاب الإسلامي التي يروجون لها ستواجه إسرائيل قدرا مأساويا وتحديا لم يسبق ان واجهته منذ حرب الاستنزاف!

 

عادل عبدالله المطيري

العالم يتغير من حولنا

العالم كله يتغير من حولنا، ولا نزال في منطقة الخليج العربي جامدين ولا نستوعب من الماضي القريب الدروس.

لقد بدلت رياح الثورات تضاريس الأنظمة السياسية من حولنا، لدرجة اننا لم نعد نستطيع ان نجزم بمن سيأتي في الحكم هناك وكيف سيحكم؟ كل شيء في منطقتنا يتغير لدرجة اننا لم نعد نعرف محيطنا جيدا!

حتى في إقليمنا الخليجي الملتهب طرأت الكثير من التغيرات العميقة في موازين القوى والتحالفات، وخاصة بعد ان اصبح الغريمان التقليديان (العراق وإيران) حلفاء استراتيجيين بل توأمين سياميين!

ولا نزال نحن «الأشقاء الستة» نتحدث عن فكرة الاتحاد وكأنه من الكماليات السياسية وليس ضرورة استراتيجية ملحة جدا. دائما ما نستذكر «محاسن الوحدة» ولكننا نخشى كثيرا على «مكتسباتنا الوطنية» ونتناسى ان التحديات الاقليمية قد تعصف «بوجودنا بأكمله» وليس فقط بعض المكتسبات السياسية هنا وهناك!

من أجل بقاء دول «الخليجي» على ضفاف الخليج المتلاطم يجب الإسراع في تطبيق الاتحاد الكونفيدرالي، لقد أصبحنا صغارا جدا في ميزان القوى الجديد ولابد لنا أن نتحد لننشئ قوة إقليمية توازي القوى الأخرى بالمنطقة وتردعها!

ان الاتحاد هو الحل الأسلم من زاوية الأمن القومي لدول مجلس التعاون الخليجي، والأمن القومي هو الأساس في أي تنمية وإصلاح سياسي واقتصادي وبدونه لا سيادة ولا ديموقراطية ولا اقتصاد.

حتما ان آليات الاتحاد الكونفيدرالي ستكون قادرة على معالجة الأوضاع السياسية الخارجية والامن والاقتصاد الكلي لدول الاتحاد، ولكنها وبالضرورة لن تتطرق الى مشكلات السياسة المحلية العالقة بين الحكومات وشعوبها، لأن حلولها ستبقى دائما من الشأن المحلي والوطني، ويجب ان تعالجها وفقا لآليات الاصلاح السياسي المعتمدة في الدولة نفسها، وبحسب خيارات شعبها وطموحه بعيدا عن الآخرين.

 

عادل عبدالله المطيري

البروباغندا ومزدوجو الجنسية

عندما تملك الآلة الاعلامية، فإنه من السهل عليك ان تخلق من بعض الاخطاء المحدودة قضية، وتصنع لها ابطالا، فكيف بمن يملك عدة صحف وقنوات فضائية؟

والبروباغندا هي بالتحديد الحالة التي تنشأ من اقتران الاعلام مع الدعاية السياسية، فتتوحد بذلك الآلة الإعلامية والطرح الايديولوجي من اجل قلب الحقائق وتزييف الواقع.

تصور انه بإمكان البروباغندا أن تجعل من «الجاهل» عالما أو حتى سياسيا عظيما، تسوق للصغير فيصبح كبيرا جدا، تقلب الحق باطلا وتنهى عنه، وتجعل الباطل حقا وتدعو اليه.

كما انه بإمكانها ان تصطنع الازمات والمشكلات في المجتمع، فتخلق حالة من «الفوبيا العامة» من وضع معين.

والدليل على ذلك، استخدام بعض السياسيين لما اصطلح عليه «وسائل اعلام فاسد» لترويع المجتمع من ظاهرة «ازدواج الجنسية»، لا لشيء سوء الضغط على بعض السياسيين وتهديد بعض فئات المجتمع والحط من قدرها.

والطامة الكبرى انها استخدمت لعرض تلك الفكرة المجنونة بعض «الشخصيات المثيرة للجدل» وبعض المتطرفين والعنصريين والشاذين فكريا، وحاولت اظهارهم على انهم الابطال المخلصون وحماة الوطن وابنائه الاوفياء.

والنتيجة سقوط هؤلاء السياسيين وابتعادهم عن الأضواء، وتحول أبطالهم التي صنعوها الى مجرد مهرجين مبتذلين، خاصة بعد ان اتضح زيف ادعائهم وبطلان قضيتهم (ازدواجية الجنسية).

ان البروباغندا خطر حتى اذا استخدمته بحسن نية ولأهداف مشروعة وضد الاعداء الخارجيين، ولو انها تسعى الى تحويل الواقع المأساوي الى واقع جميل، مثال النازية واعلام غوبلز او الناصرية واعلام احمد سعيد.

فكيف اذا استخدمت بين الخصوم السياسيين في البلد الواحد، من أجل تلميع طرف دون الآخر؟! او ان تقوم بما هو أشد وأخطر من ذلك، وهو ضرب هؤلاء الخصوم وتخوينهم واتهامهم بـ «ازدواج الجنسية وازدواج الولاء»؟!

لم يشهد التاريخ السياسي الكويتي كله استخداما لـ «قضية ما» كورقة سياسية واعلامية كما استخدمت «قضية الازدواجية» في الآونة الاخيرة.

اخيرا: اتمنى، وخاصة بعد الاستعراض الهزلي الاخير، واحتراق ورقة ازدواجية الجنسية وسقوط بطلها المزعوم، ان تسعى «السلطة والمجتمع» الى وقف هذا العبث السياسي، ومحاسبة العابثين بأمننا الوطني قبل حدوث المزيد من الكوارث.

عادل عبدالله المطيري

أخطأت الأغلبية وأصاب الوسمي

ربما كان النائب عبيد الوسمي متعجلا في محاولته السابقة بتقديم استجواب لرئيس الحكومة سمو الشيخ جابر المبارك على خلفية أحداث قناة الوطن، ولم يترك مجالا للوساطة السياسية، وكان الصواب مع الأغلبية كما جرت الأمور!

أما الآن فيبدو أن الصورة اختلفت، فلقد صرح النائب الوسمي أكثر من مرة بأن محاور استجوابه لوزير المالية جاهزة وينتظر مباركة الأغلبية له، وحتى في آخر اجتماع عقدته الكتلة في ديوان النائب مبارك الوعلان، أبلغ الوسمي رفاقه عن جاهزيته لاستجواب الشمالي، بينما رأت الأغلبية الانتظار حتى تستكمل الكتلة محاور أخرى للاستجواب، وشكلت لجنة تنسيقية من المؤكد أنها لم توفق بالتنسيق!

والدليل هو إعلان الأغلبية البرلمانية فجأة موعد استجوابها لوزير المالية، دون أن تتصل بالنائب الوسمي لتأخذ محاوره أو رأيه في الاستجواب، كما أن النائب الوسمي لم يبادر بالاتصال بها، وهذا أكبر دليل على أن الاتصالات بين زعماء كتلة الأغلبية والنائب الوسمي شبه مقطوعة، وكنت أتمنى لو لعب النائبان محمد هايف ومبارك الوعلان دورا في التنسيق بينهم.

في النهاية لا يسعنا إلا أن نحيي شجاعة عبيد الوسمي بأن يذهب إلى تقديم استجوابه للشمالي (منفردا) كعادته وبكل هدوء ودون تصريحات غاضبة ضد من يعتقد أنه أخطأ بحقه من الأغلبية.

وأتمنى على الأغلبية التي نحبها ونؤيدها أن تعترف بخطئها ضد النائب عبيد الوسمي وأن تدمج استجوابها معه، وأن تتمثل بمقولة الشيخين «أخطأ مالك وأصاب الشافعي»!

 

عادل عبدالله المطيري

استجواب سيئ السمعة

  عندما تخلط الأوراق في الساحة السياسية لدرجة غير مقبولة مطلقا، تصبح القضايا الكبيرة والمستحقة والخطيرة في يد من لا يؤمن بها، بل من كان يجاهر بكفره بها، وعندما تنقلب الأمور ويصبح الرأس موضع القدم والعكس صحيح.

وضمن مسلسل العبث السياسي أو «سيرك الأقلية البرلمانية» إصرار النائب الجويهل على استجواب وزير الداخلية على خلفية مواضيع عدة، منها على سبيل المثال لا الحصر، قضية مقتل المغدور به (الميموني)، بالرغم من ان الجريمة ارتكبت في عهد وزير الداخلية السابق وهو الصديق للجويهل، والذي دافع عنه سابقا بكل شراسة، رافضا حتى التشكيك في إجراءات وزارة الداخلية آنذاك، بل وشن هجوما عنيفا ضد قضية الميموني.

والآن ينقلب الجويهل على قناعاته، باستجواب الوزير الحمود على نفس القضية، وهذا الاستجواب أرى أنه لا يتجاوز مواصلة الحملة العنيفة التي بدأها الجويهل على شبكة التواصل الاجتماعي ضد وزير الداخلية منذ تعيينه، لا لشيء سوى أن وزير الداخلية ليس من الشخصيات الوزارية التي يمكنها أن تنشئ علاقة صداقة مع نوعية النائب الجويهل.

من الخطأ السكوت عن التخبط السياسي الذي تقوم به بعض الشخصيات، فعملية التغيير من الموالاة إلى المعارضة السياسية أمر مشروع، ولكن غير اللائق سياسيا أن يستجوب بعض النواب الحكومة على قضايا هم مرتبطون بها أصلا، مثال استجواب الإيداعات المالية، او استجواب الإعلام، وأخيرا استجواب النائب الجويهل، وهذا الاستجواب الأخير سيئ السمعة إلى نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الذي عرف عنه «حسن السمعة»، ربما يتطرق فيه المستجوب إلى مواضيع تسيء إلى سمعة الكثير من الأحياء والأموات على السواء.

عادل عبدالله المطيري

التنمية المجانية!

لا تستقيم الحياة بلا تطور وتقدم، كذلك الدول لابد لها ان تعمل على تطوير انظمتها السياسية والاقتصادية بل تحسين انماط الحياة الاجتماعية والثقافية والتعليمية.

دائما ما تتعذر الحكومة بعدم مقدرتها على توفير الموارد المالية للتنمية في ظل تضخم باب الرواتب والأجور في الميزانية العامة للدولة.

ولو أخذنا بأعذار الحكومة الواهية في توفير الاعتمادات المالية لمشاريع التنمية، وغضضنا النظر أيضا عن الصرف السخي على دول العالم قاطبة تحت بند مساعدات دولية، فإن الحكومةتستطيع أن تحرك عجلة التنمية الشاملة ودون ان تكلف المال العام فلسا واحدا!

إننا بحاجة إلى قرار سياسي فقط، وبعدها ستتحول الكويت إلى سنغافورة، فالتنمية الاقتصادية الحديثة تقوم على سياسات حكومية مثل «إعطاء التسهيلات المالية والإعفاءات الضريبية ومنح الأراضي فقط»!

فمثلا إذا كنا بحاجة الى مدن وليس مدينة طبية، فليس علينا سوى أن نخصص أراضي كبيرة لذلك الغرض، وستتنافس كبرى مؤسسات الرعاية الصحية في العالم للفوز بها، وكذلك الحال في المدن الجامعية والصناعية، وبذلك تنطلق عجلة التنمية ودون تكاليف ضخمة على المال العام.

وستوفر الدولة أكثر من نصف مصاريف العلاج بالخارج والتعليم في الخارج، وستخلق فرص عمل حقيقية للشباب الكويتي في تلك القطاعات الحيوية.

نحن بحاجة لقرار تنموي سريع يقوم على مبدأ الشفافية لتدخل كبرى المؤسسات الدولية ولتوفر أفضل الخدمات بعيدا عن الوكلاء والمحسوبين، وتعم الفائدة على الوطن والمواطنين.

عادل عبدالله المطيري

خلاف السلطات والإصلاحات الدستورية

    الدستور يعد من أهم إنجازات السلطة والمجتمع في الكويت، وهو علامة فارقة بين التخلف والتطور، فلا يتصور أي وجود للدولة الحديثة من دون دستور أو قواعد عامة للحكم.

ورغم أن الدستور الكويتي أقر في العام 1962 إلا أنه كان مشروعا تقدميا نظرا لحالة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية آنذاك.

ومن المؤكد أيضا أن صدمة الدستور والديموقراطية والتغيير السياسي لم تكن قد استوعبت من كلا الطرفين، السلطة والمجتمع حينذاك، مما أدى إلى فشل التجربة الديموقراطية في بداياتها وتسبب في تعطيل العمل بالدستور والديموقراطية وحل المجالس البرلمانية.

قد نجد العذر في التعامل مع الديموقراطية سابقا، حيث لم تكن السلطة في الماضي مستعدة لاستيعاب الديموقراطية والتزاماتها، وكذلك المجتمع أفرادا ونوابا لم يتصوروا كل تلك الحقوق السياسية ولم يعتادوها.

لكن بعد عودة الحياة الديموقراطية عام 1992، واستمرار الممارسة الديموقراطية دون انقطاع، وتفعيل أكثر مواد الدستور التي لم تكن تستخدم بالسابق، كاستجواب رئيس الوزراء والنقاش حول اختصاصاته، وكيفية تشكيل الحكومات، وطرق التصويت داخل البرلمان، يرى الكثير من المراقبين ان الدستور الذي وضع قبل 50 عاما لم يعد يناسب الحياة السياسية في الوقت الحالي، ويجب تنقيحه للمزيد من الحريات، ولمزيد من الصلاحيات البرلمانية مقابل تقليص نفوذ السلطة التنفيذية.

ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن تطوير الممارسة الديموقراطية يحتاج الى تعديلات دستورية تمكن مجلس الأمة من إعطاء الثقة للحكومة عند تشكيلها، لكي يتمكنوا من التعاون معها، ودرءا للاختلافات المبكرة.

كذلك يجب إعادة النظر في مشاركة الحكومة في التصويت داخل البرلمان، لأنه يعد تدخلا في صلاحيات النواب التشريعية وتداخلا صريحا في السلطات، ففي النهاية الحكومة سلطة تنفيذ لا تشريع، ولا تملك حق الاعتراض على القوانين مباشرة عن طريق المشاركة في التصويت، بل يجب أن ترفع طلب الاعتراض إلى رئيس السلطات صاحب السمو الأمير، حفظه الله، وسموه هو الذي يقرر رد القوانين او إمضاءها، ويحق لمجلس الأمة بعد اعادة القوانين اقرارها بالأغلبية الخاصة او الانتظار إلى دور انعقاد آخر.

من الواضح أن هناك الكثير من التعديلات الدستورية المستحقة لكي تستقيم الأمور، دون الاخلال بنظام الإمارة وصلاحياتها أو الانتقاص من دور السلطة التنفيذية وواجباتها.

وكلما كانت الإصلاحات الدستورية مبكرة، قللت من حدة الصراع بين السلطات وتداركت خطورة اتساعه.

 

عادل عبدالله المطيري

عقلية الخطوط الحمراء!

العقلية التي مازالت تردد أن «الوزير الفلاني خط أحمر»، يبدو أنها نست او تناست ان الشعب الكويتي الناضج سياسيا قد شب عن الطوق، ومسح كل خطوط الفساد الحمراء والمصطنعة «بأستيكة ساحة الإرادة»، ولم يعد هناك من يحدد ما هو المسموح والممنوع إلا صاحب السمو ثم الدستور والقانون.

وصحيح أن خيار عدم التعاون وحل مجلس الامة مازال متاحا (دستوريا) للحكومة، لكنه سيعيد الأكثرية البرلمانية وبالتبعية الأغلبية من المواطنين إلى خيار التصادم السياسي مع الحكومة ويصعد من مطالبهم الشعبية، ولا أحد يمكنه التكهن بما ستؤول إليه الأمور.

فعلى الرغم من أن الحكومة الحالية لا ترقى إلى مستوى الطموح الشعبي، باعتبار أن الغالبية العظمى من المواطنين هم من كانوا في ساحة الإرادة، أعتقد أن الحكومة الحالية جاءت مخالفة لأغلبية الشعب بالمزاج والطموح والطباع والأشكال والأسماء وكل شيء باستثناء الوزير المويزري.

حقا ان الحكومة الحالية لا تعكس التمثيل الحقيقي للشعب، فبعض الوزراء يحملون أفكار الأقلية السياسية، البعض الأخر ينتمي للماضي السياسي ومشكلاته التي لا تنتهي.

وبعيدا عن مجاملة سمو رئيس الحكومة يجب ان تعلنها الأكثرية النيابية واضحة وجلية، بأنهم لا يمكنهم التعاون مع بعض الوزراء.

٭ ملاحظة ختامية: الحديث عن الحكومة المنتخبة يبدو مبكرا، فلابد من وجود قانون للأحزاب السياسية ونظام انتخابي يقوم على مبدأ النسبية والقوائم، عندها يمكن التفكير في نوعية الحكومة التي تفضلونها.

 

عادل عبدالله المطيري

الأغلبية الهشة وطبلة الحكومة وعصاها

يقال إن أضعف الحكومات هي الحكومات الائتلافية التي تتشكل من مجموعة أحزاب، لأن مصيرها يكون أحيانا معلقا في يد حزب سياسي صغير جدا!

وكذلك حال الأغلبية البرلمانية الحالية في مجلس الأمة الكويتي، حيث جمعتها «عصا» الحكومة السابقة والتي قد تفرقها «طبلة» الحكومة الحالية، وأقصد بعصا الحكومة السابقة خروجها الصارخ على القواعد الدستورية والسياسية مما أدى إلى توحيد قوى المعارضة السياسية في جبهة واحدة، وهذا بالتأكيد حدث استثناء لا يتكرر كثيرا وإن كان مشابها لأحداث دواوين الاثنين في ثمانينيات القرن الماضي، حيث تشكل تحالف سياسي من نواب المجلس المنحل آنذاك وبعض السياسيين، عندما تعطل العمل ببعض مواد الدستور وحل البرلمان حلا غير دستوري وتشكلت في حينها جبهة سياسية معارضة من كل أطياف المجتمع، استمر هذا التجمع أو التحالف حتى تحقيق هدفه الأساسي وهو عودة الحياة الديموقراطية مرة أخرى، وبعدها انتهى تجمع دواوين الاثنين، ونشبت خلافات سياسية بين ممثليه في مجلس الأمة، وأتوقع ألا يكون مصير الأغلبية البرلمانية الحالية أفضل من مصير تجمع دواوين الاثنين.

فالتنسيق بين كتلة نيابية مكونة من 33 نائبا عملية صعبة ومعقدة جدا، فأي أغلبية برلمانية لا يجمعها وعاء فكري واحد لا يمكن أن تستمر، حتى ولو اتفقوا على بعض الأولويات ربما سيختلفون على طريقة تحقيقها.

كذلك تواجه الأغلبية البرلمانية صعوبة في التنسيق فيما بينها بالشق الرقابي للعمل البرلماني، فقد رأينا أكثر من مرة كيف أن الأغلبية البرلمانية بالكاد تنجح في وقف نوابها عن تقديم استجواباتهم منفردين.

الأغلبية البرلمانية هشة جدا حتى ان مجرد إقامة ندوة فكرية «كملتقى النهضة» كاد يعصف بها، حيث عارض قيامه بعض نوابها وأيده البعض الآخر، وجميعنا رأى التراشق الإعلامي بين نواب الأغلبية أنفسهم.

ربما تنجح الحكومة في المستقبل بتمزيق هذه الأغلبية على خلفية إقامة احتفالات أو مؤتمرات فكرية وسياسية أو حتى محاباة طرف على آخر داخل الأغلبية في التعيينات أو المناقصات، فلا يمكن أيضا أن تبقى الحكومة رهينة للأغلبية النيابية على طول الخط، وعندها سنتأكد أنه إذا ما كانت الشعوب العربية تنطبق عليها المقولة الشهيرة «تجمعهم الطبلة وتفرقهم العصا» فإن نواب وممثلى الأمة هم عكس شعوبهم «تجمعهم العصا وتفرقهم الطبلة».

والدنيا ربيع «عربي» والجو بديع «وربما فظيع» «أفلّي» على كل المواضيع!