د.علي يوسف السند

الفرح

من منا لا يريد أن يفرح؟ وهل في البشر مَن لا يبحث عن الفرح؟ البحث عن الفرح أمر فطري عند الإنسان، فهو بحث عن الرضا الأمل والإنجاز، كما أنه يبعث على انشراح الصدر، وسرور الخاطر، لكن عندما لا يكون للفرح دواع حقيقية، ويأتي بالأمر، ويُطلب من الناس أن يفرحوا، فإن ذلك يكون محاولة لخداع النفس وخداع الآخرين، فيصطنع الناس الفرح دون سبب حقيقي، فهكذا طُلب منهم، ولأنهم لم يجدوا شيئا له قيمة يستحق أن يمنحوه مشاعر الفرح الصادقة!
الفرح ليس مجرد لحظة عابرة تصنعها مفرقعات وألعاب نارية، كما أنه ليس أغنيات تحمل كلمات ركيكة، يترنم بها مطرب فتتمايل له الجماهير، الفرح الحقيقي هو مشاعر صادقة تنبعث في النفس عندما ترى إنجازا معتبرا يعالج الخلل بشكل جذري، ويحل المشاكل المتراكمة، ويقفز بالبلد إلى مستويات متقدمة، فيشعر الناس بالطمأنينة على بلدهم، ومستقبل أبنائهم..
يكون الفرح حقيقيا عندما نرى المواطنين العاديين والمسؤولين يثقون بالخدمات الصحية التي تقدمها الدولة، ولا يتسابقون إلى المستشفيات الخاصة، ولا تتضخم مصاريف العلاج في الخارج..! متابعة قراءة الفرح

د.علي يوسف السند

حكومة المنة!

من الواضح أن هناك خللا في تصور مفهوم الدولة عند عدد من المسؤولين في الدولة، وليس مجرد خلل في السياسة الإعلامية للحكومة التي تسمح لبعض عناصرها بالظهور الإعلامي من دون إعداد مسبق أو تدريب أو تحضير!
يتلخص هذا الخلل في اعتقاد بعض المسؤولين بأن الحكومة بوزرائها ووكلائها أوصياء على الشعب، ومتفضلون عليه برعاية شؤونه، وكأنهم ينفقون على الشعب من أموالهم الخاصة، وأن الدولة بكل عناصرها مختزلة في الجهاز التنفيذي المتمثل في الحكومة وتوابعها، وأن أي مواطن يخرج عن الإطار الذي ترسمه هذه الحكومة فإنه مارق يستحق العقوبة والحرمان من الحقوق، وإذا لم يتعرض للحرمان والعقوبة، فهذا يعتبر تكرما من الحكومة وشفقة عليه! متابعة قراءة حكومة المنة!

د.علي يوسف السند

إرهاب دول.. وإرهاب جماعات

أثار انتباهي في وسائل التواصل الاجتماعي وجود تحفظات كثيرة على المبالغة في استنكار أحداث العنف والتفجيرات، التي حصلت في باريس الأسبوع الماضي، مع تأكيد الجميع أن هذه الأعمال مرفوضة تماما، فاستهداف الآمنين والمدنيين فعل غير جائز دينيا وأخلاقيا.
باعتقادي أن سبب التحفظ هو شعور العرب والمسلمين أن الدول الكبرى ــ التي بدأت تذوق ويلات أعمال العنف ــ لا تضع أي اعتبار لدماء العرب والمسلمين، وأن مصالحها الاستراتيجية، ورغبتها في الهيمنة وبسط نفوذها، يجعلان موضوع دماء الأبرياء في المنطقة العربية من آخر اهتماماتها، وأنها لا تتورع عن اختلاق أي مبرر (الإرهاب.. نشر الديموقراطية.. نزع أسلحة الدمار الشامل..الخ) من أجل التدخل في المنطقة وانتهاك سيادتها، مع كل ما يصاحب ذلك من سفك للدماء، وإحداث للفوضى والدمار. متابعة قراءة إرهاب دول.. وإرهاب جماعات

د.علي يوسف السند

تراثنا بين العبث والاجتهاد

الاجتهاد.. التجديد.. البحث العلمي.. حرية الرأي والتفكير.. نقد الموروث، كلها معان جميلة تحمل في طياتها دعوة للنهضة والتقدم، لكن أكثر من جنى عليها هم أكثر الناس حديثا عنها، ودعوة لها، وتباكيا عليها، فكانت النتيجة عكسية، حيث اكتست تلك المعاني صبغة التمرد والعبث والإقصاء، وسلخ المجتمع من هويته، وفصله عن ماضيه وثقافته، فصارت تلك المعاني الجميلة ملطخة بالممارسات الخاطئة للذين يرفعون شعاراتها! متابعة قراءة تراثنا بين العبث والاجتهاد

د.علي يوسف السند

صحوتهم متأخِّرة.. وغفلتنا مستمرّة!

«كل المحاولات التي تُبذل لجعل الحرب شيئا سهلا وآمنا، تنتهي دائما بكارثة».. تذكرت هذه الكلمة التي قالها جنرال في الجيش الأميركي، أثناء قراء اعتذار رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير في لقائه مع cnn، حيث اعتذر عن مشاركتهم في غزو العراق، وأكد أن المعلومات الاستخباراتية التي تلقوها عن امتلاك صدام حسين أسلحة نووية، والتي كانت هي المبرر الرئيسي لتدخُّلهم، لم تكن صحيحة!
لم يكن ذلك السبب الوحيد الذي دفع طوني بلير الى الاعتذار، بل الأهم من ذلك اعتذاره حسب قوله «بسبب الأخطاء التي ارتكبناها حول الطريقة التي فهمنا فيها ما يمكن أن يحدث بعد إزالة نظام صدام..». فكل ما جرى في العراق بعد دخولهم، لم يكن أفضل حالا من الوضع قبل دخولهم، حيث سلموا العراق لنظام طائفي مقيت، وقاموا كما يتردد اعلامياً برعايته ودعمه بالتنسيق مع طهران، فكانت النتائج كارثية، ليست أقلها ظهور «داعش»! متابعة قراءة صحوتهم متأخِّرة.. وغفلتنا مستمرّة!

د.علي يوسف السند

الانتخابات المصرية.. بين العسكرة واستجداء الشرعية!

تأتي الانتخابات البرلمانية المصرية الأولى بعد تدخّل المجلس العسكري لعزل أول رئيس منتخب، وسط فتور وخيبة أمل باتفاق أغلب المراقبين، وقد تصدّر هاشتاق «محدش راح» موقع تويتر، تعليقاً على ضعف مشاركة الناخبين في أول أيام المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية. وذلك طبيعي، فالأحداث التي شهدتها مصر في السنتين الماضيتين تشير إلى أن مثل هذه الانتخابات لا يمكن التعويل عليها، فهي تأتي كخطوة لإكمال «الديكور» الديموقراطي للمشهد السياسي، بعيداً عن المعنى الحقيقي للإرادة الشعبية، حيث يرى كثير من المراقبين أن هذه الانتخابات تشبه إلى درجة كبيرة انتخابات برلمان 2010 الذي كان أحد أسباب اندلاع ثورة 25 يناير. متابعة قراءة الانتخابات المصرية.. بين العسكرة واستجداء الشرعية!

د.علي يوسف السند

البُعد الآخر .. فلسطين.. في كل مرة!

تأبى قضية فلسطين إلا أن تفرض نفسها على الواقع العربي، كلما شطت به الأحداث بعيدا، لتعيد البوصلة إلى الاتجاه الذي يجب أن تكون عليه، تعود هذه القضية والواقع العربي في غاية الارتباك والتوهان ما بين اليمن وسوريا وليبيا ومصر، والعراق، لتتصدر واجهات الإعلام من جديد مذكرة العرب بضرورة التوحّد، وأنه لا يمكن أن تُحل هذه القضية في ظل تواطؤ وتخاذل عربي، كما لا يمكن أن يكون لهذه القضية أفق للحل وليس للدول العربية مشروع يجمعهم، وإنما هناك مشروعات خاصة في كل دولة يتمحور حول الإبقاء على السلطة الحاكمة والمحافظة عليها، وقمع أي صوت يدعو للتغيير.
تأتي الأحداث المتصاعدة في القدس وفلسطين ـــ والمرشحة لأن تتحول إلى انتفاضة ثالثة ـــ في ظل محاولات شيطنة المقاومة ومحاصرتها عبر الدعوات المتصاعدة والمشبوهة لمحاربة الإرهاب، والتي يُقصد من ورائها تجميل صورة الأنظمة الشمولية في أعين الغرب، حتى لا تتجه للبحث عن أي بديل آخر، أو تطرح سؤال الديموقراطية والإرادة الشعبية، فالأولوية يجب أن تبقى لمحاربة الإرهاب، ولا صوت يعلو فوق صوت الحرب عليه! متابعة قراءة البُعد الآخر .. فلسطين.. في كل مرة!

د.علي يوسف السند

ليس كل مرة.. تسلم الجرة

أشاد الجميع بالتلاحم المجتمعي إثر تفجير مسجد الصادق، فقد كان يعبر بحق عن استهجان كبير لأي محاولة للعبث بأمن البلد ونسيجه المجتمعي، وتم تفويت الفرصة على من يحاول اللعب على تناقضات المجتمع أو التكسب من ورائها، وإذا كانت هناك خطورة كبيرة وراء أعمال العنف، فإن انقسام المجتمع في موقفه من تلك الأعمال لا يقل خطورة عن العمل الإرهابي نفسه، وهذا ما لم يحدث بعد تفجير «الصادق» والحمد لله.
ورغم الإشادات الكثيرة بموقف المجتمع بكل أطيافه ومكوناته من تلك الحادثة، فإنه كانت هناك مخاوف من احتمالية عدم تكرر ذلك المشهد الجميل، إذا قدر الله ووقعت أعمال شبيهة، وعندها نكون قد وقعنا في المحظور، فالناس يجتمعون في المصائب إذا كانت طارئة وسريعة، أما إذا تكررت وطال وقتها فإن كل طيف سيبحث عن نجاته ومصلحته الخاصة، وعندها سيخسر الجميع، وعلى رأسهم الوطن.
متابعة قراءة ليس كل مرة.. تسلم الجرة

د.علي يوسف السند

هل ستتمدد إيران في الفراغ الأميركي؟

من المسلّم به في عالم السياسة أن الساحة السياسية لا تحتمل الفراغ، فإذا ما ترك أحد الأطراف موقعه فسرعان ما يقوم غيره بملء الفراغ الذي تركه، في هذا الإطار يمكن أن نفهم جانبا من جوانب الاتفاق الإيراني الأميركي.
متابعة قراءة هل ستتمدد إيران في الفراغ الأميركي؟

د.علي يوسف السند

البعد الآخر «دعشنة» الآخر

«الدعشنة» التي أعنيها في هذا المقال: هي محاولة شيطنة الخصم السياسي أو الفكري، وتشويه صورته من خلال ربطه
بـ «داعش» فكريا أو تنظيميا أو تشبيهه به، واتخاذ ذلك ذريعة لممارسة كل أشكال ودرجات الإسقاط والإقصاء في حقه.
لم يقتصر تمدد «داعش» على الأرض، وتثبيت وجوده عن طريق بث الرعب بين الناس نتيجة للعمليات الوحشية التي يمارسها ضد كل من يقف ضد مشروعه، ولكن استطاع أيضا -بسبب التفوق الإعلامي- أن يرسم لنفسه صورة ذهنية في عقول الجماهير، ترمز الى التوحش والإقصاء والتطرف.
ساهمت تلك الصورة الذهنية لـ «داعش» في تقديم خدمة كبيرة لأعداء إرادة الشعوب، وصُناع الثورة المضادة، فقد استطاعوا أن يجعلوا من هذه الصورة السيئة فزاعة يرفعونها في وجه كل من يقاومهم أو يسعى للإصلاح أو التغيير، وإن كان بشكل سلمي، فتم توظيف هذه الصورة الذهنية الوحشية لـ «داعش» في محاربة دعوات التغيير، وإيهام الناس بأن أي تحرك نحو المزيد من الحريات، والتخلص من ربقة الاستبداد سيكون مصيره التحول إلى الحالة الداعشية.
تتمثل «دعشنة» الآخر في جعل كل من يطالب بالإصلاح والتغيير معرضا للاتهام بأنه داعشي أو متعاطف معهم، أو يحمل بعض صفاتهم، وبالتالي عليه الاستمرار في التبرؤ منهم، فأصبح كل من يعارض الوضع السيئ ويسعى الى تغييره مشتبها فيه، وعليه أن يثبت عكس ذلك، وهكذا يتحول دعاة التغيير من الانشغال في الشأن العام إلى الانشغال في أنفسهم لدفع التهمة عنهم. متابعة قراءة البعد الآخر «دعشنة» الآخر