احمد الصراف

سبتيات في الزواج (*) ــ 3

سأل التلميذ مدرسته: ما هو الحب؟ فقالت: لكي أجيبك عن سؤالك عليك بالذهاب الى حقل القمح القريب وأن تعود بأكبر سنبلة فيه. ولكن تذكر أنك لا تستطيع العودة الى المكان الذي كنت فيه في الحقل لتختار ما سبق ان رفضته.
ذهب الصبي وشاهد سنبلة كبيرة، ولكنه قال لنفسه ربما هناك ما هو أكبر منها فتركها ووجد واحدة اكبر منها وعندما هم بقطفها سمع هاتفا يقول له ربما هناك سنبلة أكبر بكثير تنتظرك.. وهكذا، وما ان اصبح في منتصف الحقل حتى تبين له أن السنابل أصبحت أصغر وأصغر وأن ليس بمقدوره العودة للسنابل الأكبر، فشعر بخيبة أمل وعاد خالي الوفاض!
وما ان رأته المدرسة حتى قالت له: هذا هو الحب، فأنت بحثت وبحثت عن الأفضل، ولكنك اكتشفت في نهاية المطاف أنك فقدت ما سبق وان كان بيدك، وكان هو الافضل!
فقال لها: إذا ما هو الزواج؟ فقالت: لكي أجيبك عليك الذهاب الى حقل الذرة واختيار أكبر كوز والعودة به. وتذكر أنك لا تستطيع تغيير رأيك والعودة الى المكان نفسه في الحقل مرة أخرى. فذهب الصبي الى الحقل وهو حريص على عدم ارتكاب الخطأ ذاته مرة أخرى، وعندما وصل الى منتصفه اختار كوز ذرة متوسط الحجم أعجبه شكله فعاد به الى مدرسته، التي ما ان رأته حتى قالت له: لقد أحضرت معك هذه المرة كوز ذرة، وهو الذي أعجبك شكله، وثقتك به هي التي دفعتك لاختياره، وهذا هو الزواج.
•••
يقول المثل الإنكليزي ان العشب يبدو دائما أكثر اخضرارا، أو جمالا، في الجانب الآخر من السور أو الحاجز! أي أن ما في أيدي غيرنا يبدو دائما أفضل وأجمل مما لدينا. وعندما نذهب الى المطعم وننظر الى ما طلبه الآخرون من طعام نتحسر ونعتقد أنه كان يجب علينا طلب الشيء ذاته، وربما يكون الشخص الذي حسدناه على طلبه يفكر في الوقت نفسه بأنه كان يجب عليه أن يطلب مثل طلبنا.. وهكذا، والأمر ذاته ينطبق على الزوج والزوجة، فالكثيرون يعتقدون أن أزواج الآخرين، أو زوجاتهم، أفضل من أزواجنا أو زوجاتنا، وربما تكون القلة على حق، في الظاهر طبعا، فليس هناك ضمان بأننا سنكون اكثر سعادة مع زوجة أو زوج غيرنا، فالعلاقة الزوجية ليست وجها صبوحا ولا عضلات مفتولة أو قواما جميلا، بل مجموعة من العوامل الشديدة التعقيد من الانسجام الأسري والمحبة والاحترام المتبادل، وليس هناك ما يضمن أن من اختارته عيوننا يمتلك تلك المواصفات غير الحسية البالغة الأهمية. ولكن متى كان مثل هذا الكلام يقنع من هم أصغر منا عمرا بكثير، وهم المعنيون اكثر من غيرهم بمثل هذا الكلام؟
(*) من قراءاتي

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *