إذا استمر المجتمع البحريني، وخصوصا بالنسبة لعلماء الدين والخطباء والفئة المثقفة، في إرهاق الناس بالسياسة وحربها الضروس داخل أروقة المجلس النيابي وخارجه، وانشغلوا أو اشتغلوا بما يدور من عواصف قطباها موالاة ومعارضة، وتفرغوا لمتابعة مشهد التفكيك المتعمد المستمر بين فئات الناس، وأهملوا المجتمع وتركوا مسئولياتهم في التصدي للظواهر والممارسات المنافية للدين والعرف، فإننا سنكون أمام خطر داهم خفي بدأ يظهر شيئا فشيئا.
استقرار الأسرة البحرينية – من وجهة نظري – أهم بكثير من حملات الموالاة ضد المعارضة، وأهم بكثير من حوائط صد المعارضة ضد الموالاة، وأهم أكثر وأكثر من بيانات الكتل البرلمانية ضد بعضها البعض، فالناس تتطلع لحياة معيشية مستقرة هادئة، وتتطلع للأمن والأمان ولقمة العيش الهانئة، وليس لبيانات تشعل العداوة، ولا لصحف تبتعد عن قضايا الناس وهمومهم لتنضم إلى عرس (المواطنة الصالحة) الكاذب في شعاراته وممارساته، والصادق في تحقيق مكاسب فئوية وشخصية.
شخصيا، لا يهمني إذا اجتمعت كتلة برلمانية ما بسفير عربي أو غربي، سريا كان أم جهريا، بقدر اهتمامي بتعرض طفل بريء لاعتداء جنسي مثلا، وبالمناسبة، يبدو أن هناك عاملا مشتركا بين مثيري الفتنة والطائفية ومرتكبي الجرائم الأخلاقية في المجتمع فكلاهما يتحدث باسم الدين! فعلى سبيل المثال، حين ينشغل نائب هنا وآخر هناك بإثارة البغضاء باسم الدفاع عن الوطن والدين، فهو لا يختلف عن ذلك الشخص الذي حكمت عليه المحكمة بالسجن عشر سنوات في قضية اعتداء على عرض طفل يبلغ من العمر 9 سنوات بعد أن استدرجه إلى مكان الواقعة وحسر عنه ملابسه واعتدى على شرفه، ثم أعطاه 500 فلس وطلب منه عدم إخبار أحد بالأمر وطلب منه الاغتسال قبل الصلاة إذا كان يصلي!
فأقطاب إثارة الفتنة يخادعون الناس باسم حب الوطن والدفاع عن الدين، ويحذرونهم من 500 محذور وأكثر من شركائهم في الوطن، ثم يطلبون منهم أن (يغتسلوا) أو (يغسلوا) أيديهم من هدف واحد يصب في مصلحة الناس.
وحال الأصوات التي تحاول تأليب الناس على بعضها البعض، ويدعون أنهم يسعون للتصدي (للخلافات) وأنهم بمثابة الحصن الحصين للوطن وأهله، لا يختلف عن ذلك الشخص الذي اصطحب فتاة قاصرا إلى إحدى الشقق وعاشرها معاشرة الأزواج وفض بكارتها فقط لأنها لجأت إليه هربا من (خلافات) عائلية… هكذا هي حال من يدعون أنهم أولياء الله الصالحين الأتقياء، حماة الدين والوطن الذين ليس لديهم هدف إلا هتك أعراض المجتمع بالطائفية البغيضة وتنظيم الحملات العدائية تلو الأخرى، وإثارة حالة مستمرة من انعدام الثقة بين الحكومة والمواطنين… ولا ندري إن كانوا يغتسلون بعد كل هذا أم لا؟