علي محمود خاجه

عاشق وطن: سرحوني

أليس من الأجدى بدل أن يتم صرف 27 مليون دينار وأكثر للمسرّحين مقابل جلوسهم دون عمل أن يتم توظيفهم في مشاريع حيوية في البلد قيد الإنشاء والتطوير أو أن تخلق لهم الدولة مشاريع تستوعب هذا العدد منهم فيكون مردود الـ27 مليونا تلك مفيداً لهم ولنا؟! تابعت خلال الأيام الماضية ما أثير حول موضوع ما يُسمّى بـ»صندوق المسرّحين» الذي يعنى برعاية مَن تم تسريحهم من القطاع الخاص في الآونة الأخيرة، وهو أمر مؤسف بلا شك للموظفين الحقيقيين من أبناء وطني. وإليكم بعض المعلومات التي جمعتها من خلال متابعتي للصحف والتصاريح سواء النيابية أو الوزارية: – يتراوح عدد المسرّحين، حسبما تداوله النواب والوزراء، لأنه لا توجد إلى الآن إحصائية رسمية بعددهم، ما بين 4000 و5000 مسرّح. – المقترحات المتعلقة بصندوق المسرّحين تسعى إلى تخصيص ما يقدر بـ60 في المئة من رواتبهم. – المدة المقترحة لصرف هذه المبالغ للمسرّحين تتراوح ما بين 6 أشهر مقترحة من الحكومة، وعام كامل مقترح من عدد كبير من النواب، وطبعاً وكالعادة فستخضع الحكومة لضغط النواب وتوافق على مقترحهم. بحسبة بسيطة، فإن أقل ما سيُصرف من رواتب هو 500 دينار كويتي… ولنفترض افتراضاً غير دقيق، وهو أن المسرّحين كافة سيتقاضون هذا الراتب مدة سنة، مع العلم أن كثيراً منهم سيتقاضى أكثر من ذلك، وهذا ما يعني أن الحكومة ستصرف 2250000 د. ك، أي مليونين ومئتين وخمسين ألفاً شهرياً، إذا ما افترضنا أن عددهم 4500 مسرّح، وهذا ما يعني أن الحكومة ستصرف لهم 27 مليون دينار على أقل تقدير طوال العام المقترح. قبل أن أخوض في هذا الأمر، هنالك معلومة يستلزم علينا الالتفات إليها، وهي أن الحكومة وبمباركة من المجلس، ألزمت القطاع الخاص بتعيين نسبة معينة من الكويتيين في مؤسسات القطاع الخاص، أياً كان النشاط التجاري الممارس لهذا القطاع، حتى إن كان النشاط هو مكتب لسيارات الأجرة «تاكسي». وهذا ما أتاح الفرصة لعدد من الطامعين بالأموال بصفة غير مشروعة بالتحرك لكسب الكثير منها، فهم يذهبون إلى الشركات التي لا تحتاج الكثير من الموظفين الكويتيين ولا تتمكن من دفع رواتبهم الباهظة بالمقارنة مع العمالة الأجنبية، فيقدمون لهم فرصة بالتسجيل الوهمي لموظفين كويتيين، وبذلك فإن هؤلاء الموظفين لا يكلفون الشركة شيئاً سوى مبلغ بسيط يُدفع للتأمينات ويحققون بذلك النسبة المفروضة عليهم من العمالة الوطنية دون دفع رواتب باهظة، وفي المقابل يحصل الطامعون في الأموال على نسبة معينة من دعم العمالة، ويتلقى الموظف الوهمي نسبة أخرى من هذا الدعم. وما إن تقل حاجة الشركة إلى العمالة الكويتية بحكم إنهاء خدمات الكثير من الأجانب، فإنها تنهي خدمات عدد من الموظفين الوهميين، وبالتالي فالموظف الوهمي هذا يصبح مسرّحاً! إذن… فإن عدداً- لا أجزم به ولكني أتوقعه- من المسرّحين الحاليين، هو من هؤلاء الموظفين الوهميين، وستُصرف لهم رواتب الصندوق، وهم لم يعملوا أصلاً. ولكن لنفترض أن الأغلبية العظمى من المسرّحين، هم فعلاً موظفون حقيقيون أدّت الأزمة الاقتصادية للاستغناء عن خدماتهم، فهل يُعقَل أن يتم صرف الرواتب لهم مدة عام كامل، على الرغم من أن ديوان الخدمة المدنية يفتح باب التوظيف ثلاث مرات سنوياً؟ أو ليس من الأجدى بدلا من أن يتم صرف 27 مليون دينار وأكثر للمسرّحين مقابل جلوسهم دون عمل أن يتم توظيفهم في مشاريع حيوية في البلد قيد الإنشاء والتطوير، أو أن تخلق لهم الدولة مشاريع تستوعب هذا العدد منهم فيكون مردود الـ27 مليونا تلك مفيداً لهم ولنا؟! نعاني أزمة تخطيط وصنع قرار ليس من الحكومة المتخبطة كعادتها فحسب، بل من مجلس انجرف للأسف وراء هذا التخبط. ((خارج نطاق التغطية)): ((قررت الكتابة مرتين أسبوعياً بدلاً من مرة واحدة كل يوم اثنين، ولكي لا أزاحم الأساتذة الزملاء الكتّاب في «الجريدة»، فإن المقالة الثانية سأخص بها مدونتي المتواضعة Ali-Khajah.com ظهيرة كل يوم أربعاء وأتشرف بزيارة القراء الكرام.)) 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *