محمد الوشيحي

اعلان تبرع

مقنع جداً ما ذكرته الروائية الجزائرية الرائعة أحلام مستغانمي على لسان بطل روايتها: «الإنجاز الوحيد بالنسبة إلى كاتب، هو ما يتركه في مساحته من بياض».

ولطالما راودتني هذه الفكرة عن نفسي. لطالما أغرتني وأغوتني وأثارتني بجمالها، حتى قبل أن أقرأ ما كتبته أحلام، فأنا رجل يضعف أمام الجمال… و»ياما» فكرت في أن أكتب مقالة بعنوان «فراغ»، وأترك المساحة فاضية، ثم أذيّلها بتوقيعي، لكنني أتراجع خوفاً من ألا يفهمها البعض، أو أن يساء فهمها، بل خوفاً من أن أسيء أنا نفسي فهم مقصدي من «كل هذا» الفراغ.

من خلال هذا العمود، أعلن وأنا بكامل قواي العقلية تبرعي بكل أجزاء جسمي بعد مماتي، بدءاً من شعر رأسي وانتهاء بأصابع قدمي، وفي ما يلي تفاصيل قطع غياري…

شعر رأسي غير قابل للتساقط والصلع – صادقاً أتحدث – فقد ورثت من والدي رحمه الله قوة الشعر، إذ أجلس متربعاً ويأتي من يشد شعري وهو واقف بيديه الاثنتين فلا أشعر بألم، وكأنه يشدني من ذراعي، لكنني منذ فترة بدأت أشعر بآلام في جلدة رأسي، وينتابني شعور أنها تزحزحت عن مكانها، وتحتاج إلى إعادة «تعيير».

أما من أراد الاستفادة من أصابع قدميّ، فلا أملك إلا أن أحذره، وذنبه على جنبه بعد ذلك، فالأصبع الوسطى في القدم اليمنى مطأطئة الرأس بشكل دائم كحال «عقلاء السلطة»، تحيط بها أصابع كرؤوس الشياطين، والسبب جنون اقترفته أثناء طفولتي المترفة، عندما تحدّيت الجميع بأن أضع قدمي تحت عجلات أول سيارة تمر بنا، فكانت النتيجة أن تهشم رأس أصبعي الوسطى، وانكسرت ركبتي، لكنني قاومت الألم ولم أبكِ، إلا بعد عودتي إلى البيت… بكيت بنحيب، وأكملت مسيرة بكائي في المستشفى.

وما دمنا في الأصابع، فسأذكّر بأن أصبعي الوسطى في اليد اليمنى كانت قد تعرضت لكسر شديد، أدى إلى انحنائها من أعلاها على شكل حرف (L)، وبقيت على وضعها هذا فترة، وكنت كلما رفعت يدي لتحية أحد كأنني أشتمه شتيمة قبيحة، ولولا تدخل الطبيب الشعبي «عبدالعال العتيبي» الذي كسرها مرتين وأعاد تجبيرها، لاستمرت أصبعي في الشتم القبيح.

أما بالنسبة لصدري ورئتيّ وكل ما يمكن أن يتأثر بالتدخين فالحذر الحذر لا أبا لكمُ، أي والله، فأنا أدخن أكثر من ثلاث علب دخان يومياً، وأكبسها بـ «دلّتين» من القهوة النيبارية المرّة. وقد أعذر من أنذر.

وعلى من أراد الاستفادة من لساني وأصابع يدي اليمنى أن يقصّ منها قليلاً، وإلا فسيهلك.

قسماً، أتحدث بصدق، «قيموا المزح هلّق» على رأي السوريين… إذا متّ فأعضاء جسدي كله حلال لكل محتاج من أي مذهب ودين وملة. 

حسن العيسى

ماذا تعلمنا؟

الكويت هي الدولة رقم عشرة في حجم التبرعات التي قدمت إلى ضحايا باكستان، وتسبقها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان وبعض الدول الأوروبية ومنظمات تابعة للأمم المتحدة. حجم الكارثة الباكستانية أكبر مما يمكن تصوره، فغير الضحايا الذين ماتوا هناك أكثر من عشرين مليون نسمة، وأكثرهم من الأطفال، معرضون لأمراض فتاكة مثل الكوليرا، بسبب تلوث مياه الشرب، وصرحت "اليونيسيف" بأن توفير مياه نظيفة يتطلب اكثر من مليوني دولار يومياً، وهو مبلغ لا يمكن أن تتحمله تلك المنظمة.
أرقام كبيرة، وهي ليست أرقاماً حسابية بل أرقام تشي بمأساة بشرية وأشباح الموت والجوع تقف فوق رؤوسهم. ونقلت "بي بي سي" عن مسؤول باكستاني ان الدولة الباكستانية قد تحتاج إلى أكثر من خمس سنوات لإصلاح الأضرار، وبتكلفة قد تصل إلى 15 مليار دولار… لكن هذه الدولة الباكستانية التي يئن شعبها اليوم من هول كارثة طبيعية هي قبل كل شيء دولة نووية، ولم تتأخر في الماضي بالصرف على إنتاج سلاح الرعب هذا قبل الهند، فهل أنفقت كما يجب لبناء جسور وسدود وطرق ووسائل تصريف مياه متينة، لا لتجنب مثل تلك الكارثة بطبيعة الحال وإنما للتخفيف من أثرها…؟ في بحث دورية "فورن أفيرز" نشر الباحثان الستر سميث وكوريز فلور بحثاً في "سياسة الكوارث"، فهما يقولان إن الأموال مسألة مهمة للتخفيف من هول الكوارث، إلا أنه قبل الأموال تأتي السياسة الحصيفة، فعلى سبيل المثال في 12 يناير عام 2010 أصاب عاصمة هايتي زلزال بقوة 7.0، وتسبب في قتل وهلاك ما يقارب 222 ألف نسمة، وفي الشهر التالي تعرضت تشيلي لزلزال بقوة 8.8، ولم يمت سوى 500 فرد… وقبل أربعين سنة أصاب بيرو زلزال قتل 66 ألف نسمة، ثم أصيبت عام 2001 بزلزال أقوى ولم يمت غير 150 نسمة، مع الأخذ في الاعتبار الكثافة السكانية ومعدلات النمو، لكن المعيار الأهم هو أن بيرو كانت عام 1970 دولة غير ديمقراطية، ولم تعد كذلك حين حدث الزلزال الثاني… ومضى الباحثان في ضرب عدة أمثلة من الصين واليابان وإيران وغيرها، لننتهي بنتيجة هي أن الوعي وسياسة الاستعداد للكوارث هما العامل الحاسم في التخفيف من مصابها.
لنعد الآن إلى الكويت التي كانت الأولى عربياً في سخائها بشأن مأساة باكستان، علنا نتعلم شيئاً من كل هذا، متسائلين ما إذا كانت الدولة تعي وتعمل حساباً لكل احتمالات الكوارث، سواء كانت طبيعية أو بشرية سياسية من فعل البشر بأخطائهم وحماقاتهم…! ماذا تعلمنا من تجربة الغزو مثلاً… وهو كارثة نتيجة فعل بشري إجرامي… وهل غيرنا من سياسات الماضي وتعلمنا من دروسه آخذين في الاعتبار اليوم نواقيس خطر الحرب التي تدق بشدة قربنا…؟ هل تعلمنا شيئاً أم مازلنا على "طمام المرحوم"؟ السؤال لكم. 

احمد الصراف

رسالة سامية وطلب هزيل

«قبولية حاكم الكويت بالمهادنة البحرية لأجل سنة واحدة في سنة 1841 ميلادية. مضمون هذه الأحرف بأني أنا يا صباح ابن جابر بنيابتي عن أبي جابر ابن عبدالله الصباح حاكم الكويت قد رضيت وقبلت عن نفسي وعن رعاياي والمتعلقين علّي بالقرار الذي قرره جناب في الشركة والأجلال الأجل الأفخم القبطان هذل باليرز خليج فارس مع المشايخ العرب المصالحين من استقامة المهادنة والصلح عن صدور التعديات والتعرضات في البحر وأن لا لي حرب ولا جدال في البحر مع جميع مشايخ العرب الداخلين في سلك الصلح والمهادنة مع جناب في الاقتدار والمفاخر السركار الأنقريز الأفخم وأن أصون رعاياي والمتعلقين علي من التعدي والتعرض على ساير الطوايف المتصالحين في البحر وأن لا قدر الله تعالى أحدا تجرى وتعرض رعاياي والمحسوبين علي في البحر فلا يكون فورا أقوم لأخذ القصاص والانتقام بل التزم برفع الأمر لجناب علي الجاه الباليرز صاحب المذكور حتى هو يقوم بلازم التنبيه والقصاص بعد تحقق الأمر وأجريت مع جناب المستشار ان مضمون ما ذكر من حين التحرير الذي هو غرة ربيع الأول 1257 إلى مدة سنة كاملة هذا والله خير الشاهدين». (ختم: صباح بن جابر).
هذا نص رسالة أو تعهد من قبل حاكم الكويت أرسلت في عام 1841 لممثل بريطانيا «العظمى» في الخليج، وكان الحاكم بأمره على كامل أوضاع المنطقة بما فيها العراق. وسبب ذكر هذه الرسالة المنقولة من كتاب «تاريخ الكويت الحديث»، لأحمد مصطفى أبوحاكمه، إضافة لأهميتها التاريخية، ما ورد فيها من أن الخليج الذي نشترك فيه، ودول مجلس التعاون العربية الأخرى، مع إيران، كان يسمى في الكويت، ومن واقع عشرات آلاف المستندات والخرائط والمراسلات، وحتى أواخر ستينات القرن الماضي، بخليج فارس. وبالتالي، وحفاظا على مصداقيتنا، وليس لأي سبب آخر يدور بكل رأس مشبع بنظريات المؤامرة، فإن الاسم يجب أن يبقى بالاسم الذي اشتهر به أكثر من غيره، وذلك لكي لا نتهم من قبل إيران أو غيرها أننا من مزوري التاريخ عند مطالبتنا لها أو من غيرها بحقوقنا في المياه أو اليابسة. كما أردنا من التطرق لرسالة الشيخ الجليل، والتي يوجد ما يماثلها الكثير، الإشارة للسؤال البرلماني الذي وجهه النائب وليد الطبطبائي للوزير أحمد الفهد والمتعلق باستخدام «الخليج الفارسي» بدلا من العربي في كتيب بعنوان «اللمحة الإحصائية» والذي صدر اخيرا عن الإدارة المركزية للإحصاء، حيث طالب النائب بالتحقيق في الواقعة وتزويده بنتيجة الإجراءات القانونية التي تم اتخاذها تجاه المسؤولين عن الواقعة!
وهنا نرى أن النائب يريد الانتقام من المسؤول عن كتابة اسم تاريخي، كما هو مدون في عشرات آلاف المستندات الحكومية الرسمية، ولكنه لا يود حتى الاقتراب من كل قضايا الإجرام والسرقات والمتاجرة بالبشر التي يرتكبها علية القوم، لأنه ربما يخاف الاقتراب منهم، ويبحث عن المواضيع التي يعتقد أنها أكثر إثارة للنعرات والغرائز الدفينة والعصبيات!
سنظل لسنوات نلتّ ونعجّ في تسمية لم نعرفها إلا في منتصف ستينات القرن الماضي، وسيستمر العالم أجمع في استخدام التسمية الصحيحة، شئنا أم أبينا!!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

ابتسامة «عبدالله»

 

الكثير من القراء الكرام، قرأوا قصة الطفل «عبدالله» التي نشرتها صحيفة «الوسط» يوم أمس الأول (الثلثاء)، وقد تأثر بها الكثير من القراء من المواطنين والمقيمين وهم يشاهدون وجه الطفل ورقبته وصدره وقد أصابه التشوه نتيجة احتراقه – حينما كان في سن الثالثة من عمره – بمادة الحمض القلوي الشديد المعروف باسم (التيزاب).

أولاً، أود أن أتقدم بالشكر الى القراء الكرام الذين وقفوا إلى جانب والدة الطفل بالمواساة، ولكنني، وعلى أنني لا أريد أن أسبب خيبة أمل ولوعة لأسرة الطفل أو للقراء الكرام، إلا أنني سأقول بصريح العبارة: «لم يتصل بنا أحد من المسئولين إطلاقاً… إطلاقاً حتى كتابة هذه السطور؟ ولا من أي جهة!»، ونحن لا نقول ذلك من باب أننا كنا ننتظر بفارغ الصبر اتصال طرف مسئول لكي يرسم البسمة والسرور على وجه «عبدالله ووالدته»! لكن من باب الشعور بالمسئولية، وخصوصاً في حالة كون المصاب طفلاً صغيراً يتأثر بمثل حالته حتى أصحاب القلوب الصخرية.

على العموم، كنا نقول دائماً ونكرر، إن أي مسئول يحترم مسئوليته وموقعه ويقدم خدماته للمواطنين فإننا سنشكره ونثني عليه ونحن على علم بأن الدولة إنما وضعته في هذا المكان أساساً لخدمة الناس، أما في حال التقصير، فلا يهم أن أصبح الكاتب (مجانفاً للحقيقة… لم يتحرَ الدقة.. .لم يتصل بنا… ينوي إثارة المشاكل… يؤلب المواقف ضد المسئولين)، فتلك من نوعية العبارات الفجة الكريهة التي مل الناس من قراءتها في الردود التي تتصدر معظم بيانات ومراسلات بعض الوزارات الخدمية.

على أي حال، فإن الفرج آتٍ للطفل وغيره من المرضى آتٍ دون شك، ونعم بالله وحمداً له على نعمه التي لا تعد ولا تحصى فهو الرب الكريم الذي لا ينسى عباده أبداً، ولهذا، ومن ألطاف الله سبحانه، أن هذا الطفل الصغير الذي يبلغ حالياً العاشرة من العمر، يعرف كيف يبتسم بصبر واحتساب وأمل في الحياة… في المستقبل، في القادم من الأيام… صحيح، أن مشاعرنا جميعاً تنصب في التضامن مع هذه النوعية من الأطفال، ونحاول أن نشعرهم بالحب ونأخذ بخاطرهم، إلا أنهم أنفسهم حين يبتسمون في وجه ما ألم بهم من بلاء، فإنهم يقدمون لنا درساً لا يعرفه الكثيرون منا.

عبدالله… ابقَ مبتسماً و(عَين من الله خيراً)، حتى تبقى والدتك سعيدة، والناس من حولك سعداء… لأنك تعلمنا معنى شكر النعمة.

سامي النصف

كباراً عاشوا وكباراً رحلوا

العزاء الحار للكويت في فقيدها الكبير الأديب والشاعر والإعلامي والسفير العم أحمد محمد السقاف الذي كان تقيا نقيا مؤمنا بالمصير الواحد للأمة العربية، فللفقيد والراحل الكبير الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وفقدنا بالأمس محب الكويت الكبير الأديب والشاعر والإعلامي والسفير والوزير د.غازي القصيبي الذي كان نابغة وجامعة قائمة بذاتها، فقد تولى الوزارة وهو في الثلاثينيات من عمره وظل يعطي لبلده من جهده وقدراته الفذة حتى توفاه الله وهو في موقع المسؤولية، رحم الله فقيد السعودية والكويت والأمة العربية الدكتور المبدع غازي القصيبي وأسكنه فسيح جناته.

كما رحل عنا قبل 3 أيام أديب الجزائر الكبير الطاهر وطار الذي زرته قبل عامين في مكتبه العامر بقلب العاصمة الجزائرية والذي حوله الى ملتقى ثقافي وأدبي وفكري للادباء والاعلاميين والفنانين، وقد كان مهموما بقضايا الامة العربية التي عكسها في روايته الأخيرة «الولي الطاهر» التي قصد من خلالها استرجاع احوال الأمة إبان الخمسينيات والستينيات عندما كانت دماؤها حارة ومظاهراتها حاشدة ضد التعديات وتحولها فيما بعد الى ما يشبه الولي الطاهر الذي يكتفي بالدعاء عند وقوع المصائب والكوارث، رحم الله الأديب الطاهر وطار وأسكنه فسيح جناته.

كما انتقل الى رحمة الله بداية هذا الشهر أديب وشاعر وديبلوماسي المغرب الكبير ابن اصيلة احمد عبدالسلام البقالي الذي درس في مصر اوائل الخمسينيات ثم عمل ديبلوماسيا بالخارجية المغربية ثم انتقل للعمل بالديوان الملكي، وقد تعرفت عليه في مهرجان الجنادرية وطلبت مؤخرا من الوزير محمد بن عيسى زيارته فأبلغني بأنه في حالة صحية حرجة وقد توفي بعدها بأيام، للفقيد الكبير الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

وقد صدر في ابريل 2010 كتاب من 250 صفحة يروي سيرة وذاكرة الأديب أحمد البقالي ومما أتى فيه ان الرئيس عبدالناصر وعد المهدي بن بركة ان يرأس «جمهورية» المغرب وان بن بركة كان يرى أنه لا مانع من التضحية بثلثي المغاربة ليعيش الثلث الباقي حياة أفضل (نفس نظرية ستالين وهتلر وصدام) وانه قام بقتل قائد جيش التحرير عباس الساعدي قبل ان يقتله الجزار الجنرال أوفقير الذي قام بقتله وسجن اسرته الجنرال أحمد الدليمي الذي قتل فيما بعد في حادث سيارة غامض.

آخر محطة:

1 ـ هناك مبالغة كبرى في تصوير احداث أسرة السفاح أوفقير الذي يذكر البقالي ان لمكتبه في وزارة الداخلية بابين الأول للدخول عليه والثاني لاخراج جثث من يقوم بقتلهم بنفسه في مكتبه ولا يتحدث احد عن مأساة أسر هؤلاء الضحايا.

2 ـ كتبت ضمن مقال الأربعاء 11/8 عن فقدان التيار التنويري العربي ثلاثة من اعمدته الكبار (الجباري، البغدادي، ابوزيد) وانه مازال في العام بقية، وقد أتت الأنباء بوفاة الأربعة الكبار هذه الأيام.. ومازال في العام بقية.

احمد الصراف

عندما نختلف مع القبس

تفاعلا مع قرار الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بضرورة قصر الفتوى في السعودية على المعنيين بها، قامت القبس (8/14) بكتابة افتتاحية بينت فيها حاجة الكويت لمؤسسة دينية مماثلة تتولى مسؤولية الفتوى وتؤمن شروطها الصحيحة وتمنع السطو المغالي عليها، وبالتالي تنهي سياسة تفريخ الفتاوى من غير المؤهلين، وتوقف سيل استيراد الفتاوى التي تتجاهل حقائق حياتنا وتقفز فوق مصالحنا وتوقف الإساءة للدين!
كلام الافتتاحية جميل في ظاهره، ولا شك لدينا في حسن نية من كتبها، ولكننا، وربما لأول مرة لا نتفق مع ما جاء في افتتاحية لـ القبس، فظاهرة الفتاوى الطيارة أو الغريبة، والتي «تقفز» فوق مصالحنا ليست بالأمر المستجد ولم تأت من فراغ، بل هي نتيجة حتمية لانتشار الجهل بيننا وعدم الرغبة في البحث، ولو البسيط منه، وبسبب ما أسبغناه من هالة عظيمة على رجل الدين، بحيث أصبح كل ما ينطق به شبه مقدس، ومسلماً بصحته، بصرف النظر عن الخلفية المتواضعة أو حتى المشبوهة لقائل الكلام!
فنحن نكن الاحترام للأطباء بشكل عام، ونستمع لنصائحهم ونتبعها ونعتبرها بمنزلة «الفتوى الطبية»، ولكن كلما ازداد تعليمنا واتسعت مداركنا أصبحت هالة الاطباء أقل سطوعا، وقدراته أكثر وضوحا، وأنهم في نهاية الأمر بشر مثلنا معرضون لارتكاب مختلف الأخطاء، ومنها المميتة أحيانا. وبالتالي فوضع الطبيب في إطاره الصحيح، عن طريق زيادة معلوماتنا ومعارفنا، هو الذي يجعلنا أقل تعرضا لأخطائهم وأقل تسليما بما يصدر عنهم وعدم اعتباره مقدسا، وهذا يعني أن علاج مشكلة الفتاوى المتضاربة والمتعددة والطيارة لا يأتي بمنعها بل برفع مستوى تعليم وثقافة المتلقي لها بحيث يرفض الغث والمريض منها ويتم تجاهله.
ولو اتفقنا فرضا مع افتتاحية القبس فكيف ستتم عملية اختيار أعضاء لجنة الإفتاء؟ ومن الجهة التي ستختار؟ ومن يضمن بأن صاحب الأمر لن ينحاز لجهة ضد أخرى؟ وهل من الممكن اختيار أعضائها من خارج نطاق أو نادي «الشخصيات» الدينية الحالية، التي هي سبب المشكلة في الكويت أساسا؟ ألم تساهم هذه الشخصيات في تفاقم المشكلة وتناحر المجتمع، من خلال سيطرتهم الكاملة على «الفضاء الديني» في كل أجهزة الإعلام من صحافة وتلفزيون، وهم المسيطرون أساسا على كل المناصب الرسمية الدينية ولجان الرقابة الشرعية؟ وهل سيتخلى هؤلاء، إن تم اختيارهم لعضوية اللجنة الموعودة، عن وظائفهم الحالية التي تبيض لهم ذهبا مقابل عضوية لجنة لا تسمن ولا تغني من جوع؟ وهل بالإمكان اختيار غيرهم وهم السادة على الساحة؟
نؤكد لـ القبس أن هذه اللجنة لن تخرج إلى النور أبدا، فمصالح البعض المادية والاجتماعية سوف تعمل على افشالها بطريقة او بأخرى، وإن خرجت فالفشل مصيرها، فليس هناك ما يمنع هؤلاء، من خلال برامجهم الدينية وصفحات صحفهم وزواياهم، من قول ما شاؤوا من فتاوى، فليس هناك حد فاصل بين ماهية الفتوى وماهية النصيحة، كما لا توجد حكومة واحدة بإمكانها إملاء شروطها على القنوات الفضائية الدينية كافة وهي مصدر الصداع الأكبر في قضية الفتاوى.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

قرار خاطئ

قرار مجلس الوزراء بالسماح لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بالاقتراض من البنوك لدفع رواتب موظفيها.. قرار غريب!! والغرابة ليست في الاقتراض بل في الحاجة للاقتراض! فأنت تقترض اذا كنت لا تملك السيولة، لكن هل هذه حال المؤسسة؟! أكيد لا!!.. فــ«الكويتية» لديها مديونية على وزارات الدولة تقدر بالملايين، وأذكر لكم على سبيل المثال لا الحصر مبيعات الكويتية لثلاث وزارات فقط خلال شهرين فقط (يونيو ويوليو 2010).
ــ تم صرف تذاكر لوزارة الصحة بقيمة 800 ألف دينار!
ــ تم صرف تذاكر لوزارة الدفاع بقيمة تزيد على مليوني دينار!
ــ تم صرف تذاكر لوزارة الداخلية بقيمة 778 ألف دينار!
هذا فقط خلال شهرين.. ولثلاث وزارات.. فأين ذهبت هذه الأموال؟ إنها مديونية!! وهل تم أو سيتم تحصيلها؟ الجواب لا.. بل ستضاف الى مديونية كل وزارة، وحسب المعلومات المتوافرة عندنا فقد بلّ.غت هذه الوزارات الثلاث بمديونياتها كالتالي:
ــ مديونية المؤسسة على وزارة الصحة 6548686 د.ك.
ــ وعلى وزارة الدفاع 3427131 د.ك.
ــ وعلى وزارة الداخلية 1790519 د.ك.
فإذا كانت هذه مديونية المؤسسة على وزارات الدولة، وهي مؤسسة حكومية والوزارات حكومية فلماذا الاقتراض اذاً من البنوك بفوائد نحن نعرف حجمها؟ ولماذا تقف وزارة المالية مكتوفة الأيدي من دون تسوية هذه المديونيات الحكومية – الحكومية؟ ولمصلحة من اقتراض المؤسسة في هذا الوقت بالذات الذي صدرت فيه قرارات تنفيذية لخصخصتها؟!
أسئلة كبيرة تذكرني بكلمة بوعبدالعزيز في مجلس الأمة: «وراء الأكمة ما وراءها»!!
هذا مثال بسيط على تخبط القرار الحكومي!! ويؤكد أن كثيرا من مشاكلنا التي نعيشها نحن من أوجدها بسبب قصر النظر في قراراتنا، ولذلك لا ننزعج اذا سمعنا من يشكك في إجراءات الحكومة أو قرأنا خبرا ان الكويت تراجعت الى الأخير في قائمة الشفافية الدولية!!

***
• لفتة
● الأخ والزميل سامي النصف كتب في «الأنباء» تعليقا على مقالتي «ميثاق شرف» يؤكد أنه طرح موضوع حاجتنا الى ميثاق شرف قبل فترة طويلة، وأنا أشكر له هذا التنبيه وأتمنى ان يستمر في مسعاه بدعم الشرفاء، وما أكثرهم في صحافتنا المحلية، أما من رفض ميثاق الشرف ورفض هذا النوع من الإجراء الشريف وعندما أراد أن يمتدح أحد الزملاء الذي غادرنا الى الرفيق الأعلى قبل فترة بسيطة ونقل كلاما له ظنا منه بأنه يمتدحه فأقول له «اذكروا محاسن موتاكم» وادعوا لهم بالمغفرة والجنة.
اللهم آمين.

مبارك فهد الدويلة

محمد الوشيحي

احمد الفهد سيشربك قريباً


هو أحمد الفهد، أو الشيخ أحمد الفهد (بالإذن من النائب عادل الصرعاوي الذي يذكرنا بلاعب نادي الفحيحيل في الثمانينيات، المدافع الأسمر العملاق ربيع سعد، ذي القلب الجميل النقي، الذي يطلب منه المدرب مراقبة المهاجم طوال المباراة فيراقبه طوال الحياة). وكم من شيخ لا يُرى بالعين المجردة، في حين يسد أحمد الفهد الشمس بكتفيه، وإذا «تمغّط» اصطدمت كفّاه بالنظام الشمسي. وكم من شيخ يمشي على الرصيف، في حين «يتمشى» الفهد في منتصف «الهاي وي» إما لتنظيم السير أو للخبطته، بحسب ما يُطلب منه. وهو صياد يرمي شباكه في عرض المحيط، إذ لا تشبعه أسماك السلمون الصغيرة.

وهو في الشأن المحلي نجم شباك من الطراز الهوليوودي، ذو حضور سينمائي لافت ولا شكري سرحان أيام عزه. وهو لفرط ثقته بنفسه ينام وأبواب بيته مفتوحة على مصاريعها، ولفرط هيبته تسرح إبله في الفلاة بلا رعاة، كما كان يفعل فرسان البادية الأشداء. وهو كائن من خيال، يرأس اجتماعات خطة التنمية في البنك المركزي، ثم يجد متسعاً من الوقت لحضور حفلة طهور في الجهراء. وهو بسبعة أذرع، لذا يشاهده الناس يحمل سبع بطيخات، وللدلالة على تمكّنه يداعب الكرة برجله ورأسه كما يفعل «رونالدينهو» دون أن تقع بطيخة واحدة.

وجوده في الحكومة أعطى صورة مغشوشة لكتلة العمل الوطني، وأظهر بعض أعضائها بمظهر المعارضين، وهم ليسوا كذلك. ولولا وجود الفهد لما استطعنا تمييز بعض نواب «العمل الوطني» عن النواب عسكر والخنفور ودليهي.

وللفهد هواية جميلة، هواية تربية صغار النواب (سأطلق عليهم اسم «بتوعه»)، إذ يدربهم على القفز من خلال فتحة الإطار المحترق، ودحرجة الكرة لإضحاك الجماهير، وبضربة سوط واحدة يصطف بتوعه بعضهم وراء بعض ويدورون في الحلبة، وبضربة سوط ثانية يغادر بتوعه الحلبة فيبقى هو وحيداً في المنتصف، فينحني للجمهور ويفتح يديه بطريقة مسرحية على وقع التصفيق، ويغادر فتُزال الخيمة.

وهو يتعامل مع بتوعه كما كان يتعامل الديكتاتور السوفياتي ستالين مع أنصاره المخلصين من صغار الموظفين (مع الفارق)، إذ يختم ستالين على ظهر كل مخلص من أنصاره، فيستمتع المخلص بكل شيء في الدولة بالمجان، ويدخل الحانة ويحتسي ما شاء، وإذا جاءته الفاتورة خلع قميصه وأشار إلى «ختم الزعيم» فتحال الفاتورة إلى «الرئاسة»، ويدخل السوق ويشتري ما شاء ويخلع قميصه، ووو… كذلك حال «بتوع» الفهد.

وكان إلى وقت قريب، كلما عثرت بغلة في الكويت استنجدت الحكومة به، فيفرك بلورته السحرية فيتعبّد الطريق، وتسير القوافل بأمان. وإذا اشتعلت حرائق في الغابات، استنجدت به الحكومة، فيفرك بلورته السحرية فتنطفئ الحرائق… واستمرت الأوضاع على هذا سنوات… لكن دوام الحال من المحال يا صاحبي.

إذ قرر الرئيسان، رئيس الحكومة سمو الشيخ ناصر المحمد ورئيس البرلمان معالي جاسم الخرافي، الاستحواذ على «بتوعه» الذين ربّاهم وصرف عليهم دمَ قلبه. ونجحا في ذلك، وها هما اليوم يحكّان «ختم الزعيم» ليمسحاه من على ظهور «البتوع» كي يضعا ختميهما مكانه.

وقريباً جداً، ما لم ينتبه الفهد، سيشاهد الناس في جميع دور العرض الشيخ أحمد الفهد بلا ختم ولا بطيخة ولا سوط. وستتحرر كفّاه، وسيكون بإمكانه حينئذ الانضمام إلى أقرب فرقة شعبية للتصفيق و»الشربكة»، وحدة وحدة وحدة جك جك جك جكجك.

هوَ ذا أحمد الفهد، وهيَ ذي الكويت… هو نائب رئيس الوزراء اليوم، وغداً قد تقرأ اسمه في كشوفات الباحثين عن عمل. وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء. 

حسن العيسى

تحت يد الشيخ أم تحت أيديهم؟

أين ستودع أموال مدينة ألف ليلة و"نيلة" للصندوق الوطني المقترح للتنمية، ومن سيشرف على صرف الأرقام الفلكية المقدرة له لخدمة مدينة الأحلام القادمة؟ لم يعد سراً خافياً، فهناك معركة داخل بطن الحكومة بين وزير ووزير، بين وزير المالية الشمالي والشيخ أحمد الفهد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، وهي معركة أيضاً بين البنك المركزي ومعه البنوك المحلية من جهة، ومن يريد أن تكون أموال الصندوق بيد الحكومة وتحت إدارة الشيخ أحمد الفهد.
كل طرف في دولة "اغنم زمانك" له حجة وسند، أما مستقبل أولادنا فله الله…! المؤيدون لاستقلال الصندوق ووضعه تحت يد الحكومة أو تحت إشراف الشيخ أحمد، مثل النائبة رولا دشتي، يقولون إن البنوك المحلية غير قادرة على حمل هذا الثقل، فالحكومة مثلاً أودعت أربعة مليارات دينار لدى البنوك كضمان ولتحريك الائتمان، فماذا فعلت البنوك لزيادة التمويل للقطاع الخاص… لا شيء… فالانكماش على حاله والوضع الاقتصادي "مكانك راوح"، وتقول محامية الصندوق الوطني رولا دشتي لجريدة "الأنباء": "هناك تشويه منظم لفكرة مساندة الحكومة في تمويل هذه المشاريع، وهو (تقصد التشويه) لخدمة مصالح خاصة وقطاع بعينه…"! وكأن ما صرحت به رولا أمر جديد على الكويت… فالدولة، ومنذ زمن بعيد، كلها مفصلة على مصالح وقياسات البعض من جماعات إن "حبتك عيني ما ضامك الدهر".
أما المعارضون لولاية الحكومة على الصندوق أو فكرة خلقه من الأساس، ومنهم من أهل الحكومة ومنهم اقتصاديون وتجار وبنوك، فيقولون إن إنشاء مثل هذا الصندوق يعد سلباً لصلاحيات البنك المركزي في الرقابة على الائتمان، ويضعف النظام المصرفي، والصندوق يفتح أبواب التعدي على المال العام، وذكر الاقتصادي جاسم السعدون لجريدة "الجريدة": "أن الصندوق سيخلق منافسة غير شريفة بين الحكومة والقطاع الخاص… فالشركة التي تملك حظوة تمويلها سيكون أسهل من التي لا تملك مثل هذه الحظوة… وسيستخدم الكيان الجديد كمركز لتوظيف سيئ يرتكز على مصالح شخصية وعائلية وقبلية وطائفية كشروط توظيف أكثر من الكفاءات نفسها، وقد يشمله الفساد نظراً إلى محسوبية التوظيف والولاء لغير جهة العمل…".
أياً كان الأمر… فلا يبدو أن هناك اتفاقاً قريباً لتقسيم كعك العيد لمشروع مدينة الأحلام، لكنه من المؤكد في نهاية المطاف أن أصحاب النفوذ المؤلفة قلوبهم  سيقولون مثلما قاله هارون الرشيد: "امطري يا سحابة حيثما شئت فسيصلنا خراجك…" أما أولادنا فسيقولون غداً: كفاية… فقد غرقنا بخرابك…!

احمد الصراف

المهاجر المجهول

هذه كلمات كتبها مواطن مصري هاجر إلى أميركا، ونشرها على الإنترنت، ولطرافتها قمت بنقلها هنا بتصرف: «… علمتني أميركا أن أنام بدري لكي أصحو بدري، لكي أتوجه لعملي بدري، لكي أؤدي عملا أستحق عليه راتبي. وتعلمت في أميركا أن العمل عبادة قولا وفعلا، وأن ‏الشعوب الكثيرة الكلام والشعارات لا يوجد لديها وقت للعمل والإنتاج، و‏تعلمت في أميركا ومارست لأول مرة في حياتي العمل التطوعي لمصلحة المجتمع الذي أعيش فيه، وأن التبرعات إلى جانب العمل الخيري هما من دعائم المجتمعات الإنسانية، وأن التبرعات ممكن أن توجه لأعمال كثيرة، ولا تقتصر على إنشاء دور العبادة، ورأيت جامعات ومستشفيات بنيت بأموال تبرعات من أغنياء ومتوسطي الحال.
و‏تعلمت في أميركا أن قيمتك في المجتمع نابعة من عطائك وعملك ومجهودك وثروتك الناتجة عن العمل، ولم أسمع شخصا طويلا عريضا يصرخ ويقول لك: إنت عارف إنت بتكلم مين؟ وإذا سمعتها فلا بد أن قائلها من رجال العصابات. لم يسألني أحد في أميركا: إنت إبن مين في مصر أو في أميركا، ولم يسألني أحد عن ديانتي أو شهادتي أو اصلي وفصلي، السؤال الوحيد الذي كان يوجه إلي يتعلق بطبيعة عملي وطريقة كسبي لعيشي. وعندما قررت ابنتي السفر لأوروبا للدراسة، عملت لستة أسابيع في الصيف لتسدد لي ثمن التذكرة، وعلمتني درسا آخر عندما شاهدتها تعمل في محل ستاربكس، ‏وتقوم بخدمة الزبائن وغسل الأطباق وتنظيف المحل، تأثرت للحظة على ما اعتبرته بهدلة لابنتي، ‏بمفهومي القديم، ثم ما لبثت أن شعرت بالفخر، لأنها فعلت ما لم أستطع فعله وأنا في سنها، وقمت بإعطائها «‏بقشيش» ‏خمسة دولارات مقابل فنجان قهوة ثمنه دولاران ونصف الدولار، وتعجب زملاؤها في المحل، وقالوا لها ‏الراجل ده ساب بقشيش خمسة دولارات على فنجان قهوة، فردت ابنتي قائلة: ‏ما تستغربوش أصله أبويا‏! وتعلمت في أميركا أن أحترم العمل اليدوي والعامل، مهما كان بسيطا، وتعلمت أن أخدم نفسي في البيت والعمل، وأن أتواضع إذا حضرت اجتماعا في الشركة مع الرئيس، فلا يمكن أن تميزه عن أي عامل إن لم تعرفه من قبل، فلكل واحد دوره في الاجتماع. كما تعلمت أن الحظ لا يطرق سوى أبواب المجتهد، وأن أفخر بعملي وأحبه‏، ‏تعلمت أن الكذب هو بوابة الشرور، وأن الصدق منجاة، وأن الإنسان صادق حتى يثبت كذبه، وانني مواطن حقيقي لأنني أشارك في اختيار الرئيس وكل المسؤولين من بعده في ولايتي، واشعر أن ما أدفعه من ضرائب يعود لي في شكل خدمات متنوعة، وان أميركا ليست الجنة على الأرض، ولكن أهلها يسعون إلى أن تكون كذلك، وهم يخطئون حينا ويصيبون أحيانا أخرى، ولا يخشون الاعتراف بأخطائهم. كما تعلمت في أميركا أن المرأة نصف المجتمع بحق، وأنها قد تكون مفترية على الرجل أحيانا ربما للانتقام لبنات جنسها المقهورات في بلاد أخرى، وأن أميركا تفوقت بعلمها وابتكار أبنائها عبر مائتي عام، وتعلمت أن الفرق بين التخلف والتقدم هو في التعليم وتشجيع التفكير الحر والابتكار، وعندما زرت بعض الجامعات الأميركية، ودخلت معاملها وتعاملت مع طلابها وطالباتها عرفت سر قوة أميركا، وأن الأقليات هم جزء من نسيج أي وطن، وأنها لم تصل بعد إلى كل ما تصبو إليه في القضاء على التفرقة العنصرية، وتعترف بأنها مازالت موجودة، لقد تم إنجاز الكثير في طريق القضاء عليها، وما اختيار أوباما رئيسا إلا أكبر دليل على هذا.
و‏تعلمت في أميركا أن القوانين سنت لكي تطبق على الجميع، وأن الذين يشرعون منتخبون، وأن القائمين على تنفيذها موظفون في خدمة الشعب، و‏تعلمت أن الفساد موجود في أميركا، ولكن المجتمع يحارب الفاسد ولا يرحب به! وتعلمت أن أحب أميركا، وان أخلص لها، فقد أعطتني أكثر مما أعطيتها.
* * *
ملاحظة: أرسل الشاعر حمود البغيلي رسالة هاتفية يطلب منا عدم النقل من الإنترنت، فأجبته بأخرى قائلا: لست بحاجة للنقل من الإنترنت فلدى محرر القبس 15 مقالا للنشر، وبالتالي لست بحاجة للنقل، ولكن إن رأيت نصا جميلا على الإنترنت يستحق مشاركة القراء فيه، فما العيب في ذلك؟ ولم يرد العزيز حمود علينا حتى الآن!

أحمد الصراف