احمد الصراف

أخلاقيات العفاسي

الكل تقريبا يعتقد بمسؤولية شركات النظافة عن مشاكل العمالة والمتاجرة بقوتهم واستغلالهم، وما أدى إليه ذلك من وقوع اضطرابات وإخلال بالأمن وتشويه لسمعة الكويت دوليا. ولكن للأمور وجها آخر. فهناك، كما هو معروف، شركات جادة وملتزمة وأخرى خلاف ذلك، لكن تصرفات السيئة منها هي التي تطغى وتعطي الانطباع بأن الجميع سيئون!
في قانون العمل الحالي يعتبر مبلغ 40 دينارا الحد الأدنى للأجور. ولتعديل الوضع صدر قانون عمل جديد، لم ينشر في الجريدة الرسمية، يرفع الحد الأدنى إلى60 دينارا لرفع الظلم عن كاهل طبقة كادحة طالما حرمت من الكثير، ولكن هل سيتحقق ذلك من دون تبعات قاسية حتى عليهم؟ أشك في ذلك! ففي عقود النظافة مثلا، والتي تتطلب تشغيل آلاف العمال، هناك عقود سارية وعقود تم التوقيع عليها ولكن لم يحن وقت سريانها، وهناك كذلك عقود جار تسعيرها. وحدها الأخيرة لن يتسبب رفع الأجر من 40 إلى 60 بتدمير أوضاع الشركات الملتزمة بها أو الإضرار بعمالتها! أما العقود الحالية، السارية أو التي ستسري بعد فترة قصيرة، فلم يبين القانون الجديد الكيفية التي سيتم بها التعامل مع عمالتها، فمن جهة ليس بإمكان الشركات المنفذة رفع أجور عمالتها بتلك النسبة الكبيرة، وهي التي سبق ان وقعت عقود الحكومة على أساس 40 دينارا. كما أن ليس بإمكانها الحصول على عقود جديدة ودفع 60 دينارا كحد أدنى، ودفع 40 دينارا في عقد آخر. وإن أجبرتها الحكومة على رفع أجر الجميع ل‍ـ 60 دينارا فسيعرضها ذلك لخسائر كبيرة وقد يجبرها على التوقف عن العمل، وإن لم تجبر على رفع الأجر فإن هناك احتمالا كبيرا في لجوء عمال العقود القديمة للعصيان للمطالبة بمساواتهم بعمال العقود الجديدة، أو دفعهم لترك أعمالهم والتسرب للعمل في عقود العمالة الجديدة، علما بأن هناك عقودا حالية لن ينتهي العمل بها قبل ثلاث أو أربع سنوات. وبالتالي لا يتبقى هنا غير حل تدخل الحكومة لسد فرق أجور العقود الحالية إنصافا لشركات وطنية لا ذنب لها، ولحفظ سمعة الكويت وتعهدات مسؤوليها.
معرفتي بالسيد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، أكثر الوزراء زهدا بمنصبه، وأكثرهم خبرة في مجال عمله، تقول إنه لا يمكن أن يقبل بإرضاء طرف على حساب طرف آخر. ومع إيماننا التام بأن العامل يستحق حد اجر أعلى بكثير مما هو سائد حاليا، لكن رفع الأجر يجب ألا ينتج عنه ظلم طرف أو أطراف آخرين من دون ذنب اقترفوه.
كما أن الحكومة مطالبة بوضع نظام مناقصات أفضل من الحالي، وأن تصنف شركات النظافة بطريقة صارمة، وتشطب الشركات المخالفة، مع التحفظ على عروض الشركات التي تتعرض أوضاعها المالية للاهتزاز، ولدينا أمثلة على أن ما يجري هو عكس ذلك!

***
• ملاحظة: بسبب رواسب الشك الساكنة في قلوب البعض، فقد كنا نضطر لتذييل مقالات محددة بنفي وجود مصلحة لنا في ما نكتب، بما في ذلك هذا المقال. ولبدء سريان مفعول تقاعدنا من «حي المال والأعمال» فإننا سنتوقف مستقبلا عن نشر مثل هذا النوع من النفي.

أحمد الصراف
[email protected]

سعيد محمد سعيد

الدفاع المدني… المتهم بالتقصير دائماً

 

أسرع وصف يمكن قوله عن عمل رجال الدفاع المدني أنهم: «يأتون بعد إخماد الحريق… لا يتقنون التصرف لإنقاذ حياة إنسان معرض للخطر… تنقصهم المهارات والكفاءة»، وربما غيرها الكثير من الأقاويل التي تلوكها الألسن… وأتذكر أنه منذ بداية عملي في الصحافة ابتداءً من العام 1988، وجدت أن الانتقادات – صحت أو لم تصح – أكثر بكثير من التقدير الحقيقي، ولا تقارن بالاستحسان وتقدير دور رجال الدفاع المدني الذين يخاطرون بحياتهم للقيام بواجبهم الإنساني، وفي هذا ظلم كبير لا يقبله منصف.

ظاهرة الانتقاد والنظرة السلبية هي من أكثر الظواهر انتشاراً في المجتمع البحريني، فهناك على ما يبدو فئة كبيرة من المواطنين والمقيمين لا ترى أعينهم إلا الجوانب السلبية والعيوب فقط، وفي شأن دور رجال الدفاع المدني، فإنني استطيع القول انهم من أكثر الأجهزة الأمنية قرباً إلى قلوب الناس تقديراً واحتراماً شئنا أم أبينا… كثرت الاتهامات أم قلت، ويدرك هذه الحقيقة، حفظ الله الجميع، من تعرض لحريق أو أي كارثة من الكوارث ووجد رجال الدفاع المدني يبذلون قصارى جهدهم لمساعدته بدافع إنساني، قبل دافع الوظيفة.

لكن، لا بأس من القول ان هذه النظرة السلبية بدأت تتناقص شيئاً فشيئاً، وخصوصاً مع ارتفاع معدل الحوادث وكثرة البلاغات، وتيقن الكثير من المواطنين والمقيمين أن رجال الدفاع المدني يتمتعون بقدر كبير من الخبرة والدراية والقدرة على إنقاذ حياة الناس، وليس الأمر محصوراً في (فتح سيارة مغلقة على مفاتيحها)، أو التعامل مع البلاغات مهما كانت بسيطة باهتمام كبير، بل يمكننا أن نتصور الدور الذي يقوم بها رجال الدفاع المدني في الاستجابة لكمٍ هائل من البلاغات فاقت في العام الماضي 2009 على سبيل المثال، أكثر من 8 آلاف بلاغ من بينها 2764 بلاغ حريق، ناهيك عن بلاغات الإنقاذ والمساعدة التي بلغت 4369 بلاغاً في العام ذاته.

عصر الخميس الماضي، كانت مجموعة من أهالي قرية عالي تعمل بنشاط لمساعدة رجال الدفاع المدني لمحاصرة الحريق الذي اندلع بعمارة سكنية، وعلى رغم أن المخزن الذي اشتعل فيه الحريق ابتداءً يحوي كميات من الأخشاب والمواد البلاستيكية السريعة الاشتعال، إلا أن الأسلوب الاحترافي لرجال الدفاع المدني، جعلهم يسيطرون على الحريق ويمنعون انتشاره في وقت قياسي… فهل من المعقول أن نغض الطرف عن هذا الجهد، ونقول بأنهم لا يتقنون القيام بعملهم؟

كبر حجم البلاغات والحوادث التي تشهدها الكثير من المرافق والمنازل والمنشآت في البلاد على اختلافها يكشف بأن هناك قلة وعي وإهمال وافتقار لاشتراطات السلامة، وهذه لا يمكن القضاء عليها بإلقاء الاتهامات بالتقصير على رجال الدفاع المدني، وعلى الأقل، من باب الإنصاف، أن نتوجه بالشكر لهؤلاء الرجال الذين يعرضون أنفسهم للخطر لمساعدة المحتاجين، وإن كان هناك تقصير ما، فلا يمكن أن يحجب حقيقة أن جهاز الدفاع المدني ورجاله يعملون بإخلاص لمساعدتنا جميعاً… حفظ الله الجميع من شرور الكوارث.

محمد الوشيحي

أبوك زمن


كما نفعل نحن مع قطعة الخبز الملقاة على الأرض، يفعل الكوريون مع الأموال والمشاريع الملقاة على الأرض، يقبّلونها وجه وقفا ويضعونها على الرصيف، كي لا تدهسها أقدام المارة. لكن الكوريين يحترمون ويقدسون عادات غيرهم، لذلك قدسوا عادات الكويتيين، فعندما فازوا بعقد مناقصة ضخمة في وزارة الكهرباء تعاملوا معها بطريقتنا وعاداتنا وتقاليدنا، فرفعوا العقد على نور اللمبة بحثاً عن ثغرة ينفذون من خلالها ويتسللون، وخفّضوا الكميات، وتلاعبوا بالمواد، ولبّسونا العمائم. ومن عرف لغة قوم أمِنَ مكرهم. ونحن قوم يتحدثون بلغة السرقة، بشرط أن يكون السارق قريباً من أصحاب القرار، كي يأمن لهيب النار، ويدافع عنه «العقلاء» والشطار.

وفي هذا الزمن المجهول الأبوين، زمن المؤرخ محمد الجويهل (قد أتحدث لاحقاً عن اتصاله بي وما دار من حديث بيننا، عندما تكرّم ومنحني شرف المواطنة، ومنح أسرتي شرف الانتماء الحقيقي إلى الكويت، وكنت قبلها أشك في كويتيتي وأراقب تصرفاتها وأتفقد هاتفها النقال، لكن رحمة ربك أسعفتني بالجويهل الذي طمأنني، يا ما أنت كريم يا رب. حينها سمع مني كلمات لا يمكن أن تغنيها أم كلثوم، ولا غيرها، وأظنه لن يهاتفني مرة أخرى)، في زمن هذا الجويهل، وزمن «العقلاء»، وزمن كتّاب التحكحك الباحثين عن مناصب وزارية عبر ضرب المعارضة، وزمن الصحف والفضائيات الباحثة عن «الرينج روفر» و»البي أم دبليو» والعقود، باستثناء فضائية الراي، التي نعتبرها شباك سجن تتسلل إلينا منه شوية أشعة شمس انحرفت عن بقية القطيع، إضافة إلى مَن رحم ربي من الصحف والكتّاب… أقول، في زمن بارد كهذا، من لا يسرق ويرتشي ويرشو عليه أن يغادر البلد فوراً، أو «في لحظة التو» كما كتب أحد القراء في رسالته إليّ.

في زمن كهذا، كئيب كالمسلسلات الكويتية، تعرض الحكومة مشاريعها، سواء «استاد كرة قدم»، أو «محطة ضخ» أو «خطوط سريعة»، أو غيرها، فيتنافس المتنافسون، فتفوز شركة اعتادت الفوز، واعتادت حرق الأسعار، ليبدأ اللعب بـ»الأوامر التغييرية». والأوامر التغييرية تشبه حليب الأطفال «سيريلاك»، يجعل طفلك ينمو وينمو وينمو. وقد تلتبس الصورة على الناس فيظنون أن كل التجار لصوص، وكلهم استحواذيون، وكلهم قريبون من الباشا، وهذا غير صحيح، واسألوا أنفسكم عن شيخان الفارسي، مثلاً، الذي يرفع أسفل ثوبه عن مشاريع الـ»هكّا هكّا» التي انتشرت في عهد حكوماتنا الأخيرة، وفي الوقت نفسه تجده أحد أكبر المتبرعين بصمت. وغيره كثر، نعدّهم على أصابع اليد المبتورة.

وأقول لوزير الكهرباء، الدكتور بدر الشريعان، شكراً على إحالة الكوريين إلى لجنة تحقيق، وتأكد أننا معك نتابع التحقيق، ونأمل أن تضع أصابعك في أعينهم الضيقة، وأن لا تتم طمطمة الموضوع بالاستعانة بأحد النواب «العقلاء».

وكانت الرشوة مقصورة على بعض المقيمين من غير الكويتيين، ومع انتشار الفساد انضم إليهم بعض صغار الموظفين الكويتيين، ثم جاء هذا الزمن، زمن المؤرخ، فانضم الكبار، وها هو أحد الأطباء الكويتيين في مستشفى الرازي يبتز المرضى بكل ثقة، ويجبرهم على شراء المستلزمات الطبية من صيدلية محددة، فتذمّر الناس، ولا من حسيب ولا رقيب… العب يا دكتور بنا لعب البرازيل بالكرة، فأنت ونحن نعلم أننا في «زمن مجهول الأبوين». أبوك زمن. 

سامي النصف

كلام بارد في قضية ساخنة

ما ان تطرح قضية في الكويت حتى تبدأ عملية التعصب وتغييب العقل والحكمة الواجبة، واستبدالها بعمليات التخندق والتطرف الضار بالآراء حول ما يطرح، ومن ذلك ما شهدناه ونشهده من توجهات حادة توافق على الخصخصة بالمطلق وتضرب المثل بما حدث في الصين وأوروبا الشرقية وبريطانيا دون ان تذكر أننا لا نقارن التفاح بالتفاح وان هناك فروقات ضخمة بيننا وبينهم فيما يخص نسب العمالة الوطنية في قطاعاتهم الخاصة.

بالمقابل وجدنا ان تطرف المعسكر المضاد يظهره اما الرفض المطلق للخصخصة عبر سلفية دستورية ترجعنا الى ما قاله هذا الخبير الدستوري المنتمي لبلد اشتراكي عام 62، وتطلب منا الالتزام برأيه حتى لو خالف متطلبات العصر الحديث، أو بالمقابل وضع شروط تعجيز وإذعان كفيلة بتطفيش المستثمرين وتجعل مشروع الخصخصة أقرب لنادرة زواج جحا من بنت السلطان، أي نسيان سؤال القطاع الخاص: هل ينوي حقا شراء مشاريع محملة بكل هذه الشروط؟

والسهم الذهبي الحكومي قضية تستحق التوقف عندها، فالهدف من الخصخصة بالاساس هو الهرب من القرار الحكومي المقيد بالضغوط الشعبية والنيابية والاعلامية، والسؤال المستحق: ماذا لو ان القطاع الذي تمت خصخصته بدأ بالخسارة التي تضطر المالكين لتقليل اعداد العمالة الوطنية العاملة لديهم، فهل ستستخدم الحكومة سهمها الذهبي لإيقاف ذلك القرار غير الشعبوي حتى لو غرق المحمل بما حمل؟! للمعلومة بعض تجارب الخصخصة والتحول للقطاعات المشتركة قامت بالعكس تماما، حيث أعطت ذلك السهم الذهبي لملاك الاقلية من القطاع الخاص لمنع تدخل القرار السياسي الحكومي في المتطلبات الاقتصادية الملحة.

ولم تعالج تشريعات الخصخصة كيفية خلق اداة تربط وتترجم الدعم الحكومي للقطاع الخاص المتمثل بألف شكل وشكل بغرض فتح الباب لتشغيل الكويتيين في تلك القطاعات المدعومة، كما يمكن التشكيك في صحة مقولة ان خلق شركات حكومية جديدة للمشروعات القادمة وطرح أسهمها للاكتتاب العام هو احدى وسائل التوظيف المستقبلية وتوزيع الثروة، متناسين ان الاغلبية المطلقة من تلك الشركات ستنشأ لأهداف محددة قصيرة المدة (انشاء مستشفيات ومدن عمالية.. إلخ) ولا أحد يتحدث عن: من أين ستأتي الايرادات لدفع الرواتب وتوزيع الارباح بعد الانتهاء من تلك المشاريع المرتبطة بمدد زمنية وعما سيحدث لشركات القطاع الخاص القائمة هذه الايام التي تزاول نفس الاعمال في سوق شديد الصغر كالكويت خاصة في حال انخفاض ايرادات النفط؟

آخر محطة:

(1) ما نشرته «الأنباء» في عدد أمس من إلغاء مهرجان للجالية السريلانكية الكريمة لا من قبل رجال الأمن المخولين بذلك، بل من جماعة جعلت من نفسها دولة داخل دولة، أمر يضر بهيبة الدولة وينذر بالخطر الشديد، فإما ان ذلك الحفل كان مخالفا والواجب على المعترضين ان يتوجهوا لأقرب مخفر لمنعه، أو ان يكون الحفل مسموحا به وكان الواجب ألا يراقب رجال الأمن من يتدخل في عملهم كما تظهر الصور، بل كان عليهم قيادتهم بعيدا وتسجيل قضية بحقهم.

(2) سؤال بسيط: لو كان ذلك الحفل يحضره 5 آلاف من الجالية الاميركية الكريمة هل كان يجرؤ احد من هؤلاء على الاقتراب من أسواره الخارجية؟! أم أن القضية مرتبطة باستضعاف ظالم وخارج ع‍لى القانون لجالية آسيوية يسوم أمثال هؤلاء رعاياها العذاب والضرب وحتى القتل ضمن نظرية الأسياد والعبيد (ارجع للمقال المؤثر «سبع سنوات يا بلاش» للزميل حمد نايف العنزي المنشور في جريدة «الجريدة» الصادرة أمس).

(3) والتسيب يدعو للتسيب وقضية خطيرة أوردها الزميل أمير زكي ونشرتها «الأنباء» في عدد أمس حول اختطاف 4 مجهولين لضابط في الجيش، والتساؤل: كيف تجرأ هؤلاء على ذلك الفعل الاجرامي الكبير أيا كانت مسبباته؟ وهل يجوز أن تسجل القضية كما نشر بـ «دهس واصطدام وهرب» وكأنها حادث مروري عادي لا عملية «اختطاف» لضابط في الجيش في رابعة النهار؟!

احمد الصراف

ميانة فؤاد الرفاعي الدينية

يقول المثل الشعبي المصري: «إللي عنده قرش محيره.. يشتري حمام ويطيره!».
* * *
يقوم السيد فؤاد الرفاعي، بنشر اعلانات صحفية وتوزيع مطويات مكلفة بين اليوم والآخر، ولو قام أي طرف بحساب تكاليف طباعتها وتوزيعها ونشرها لوصل إلى رقم يكفي لسد جوع مئات الأسر سنويا، ولكن ماذا نقول والرجل حر التصرف في قروشه! وضمن أنشطته «المتعددة» قام السيد فؤاد أخيراً بتركيب لوحة حديدية على ارتفاع شاهق فوق سطح بيته الواقع على طريق الفحيحيل السريع، مقابل مستشفى هادي، وعلى الرغم من خطورة سقوط أي من اللافتات العديدة التي تملأ جوانب وأسطح ذلك المبنى على رؤوس المسلمين، اضافة إلى مخالفتها لانظمة الإعلان والبناء، فإن أي جهة حكومية لم تتحرك لإزالتها، أو على الأقل الطلب منه تقليل علوها غير القانوني فوق بيت سكن، وربما يفسر تصرف السيد الرفاعي بكونه نوعا من «الميانة» على تلك الأجهزة، أو من هم أعلى منها!
ولكن ما لا يمون عليه السيد الرفاعي هو حقوق الآخرين وخصوصياتهم، ففي إعلان مدفوع الثمن غطى ثلاثة أرباع الصفحة الأخيرة من جريدة الوطن(الاثنين 4/19) والذي جاء على شكل رسالة تأييد وتثبيت وشكر موجهة «لفضيلة الشيخ سيد فؤاد الرفاعي»، من 1026 شاباً، والاحتمال الأقوى أنه هو الذي كتب الرسالة وأطلق فيها على نفسه لقب «فضيلة الشيخ»، اكتشف صديق أن اسم ابنته البالغة من العمر 13 قد ورد فيها، وحيث انه صاحب اسم مميز ولا يحمله أي كويتي آخر، ولان اسم عائلته لا تشاركه فيه عائلة أخرى، واسم ابنته مميز أيضاً، فإن من الاستحالة ان تكون هناك من تحمل الاسم الثلاثي نفسه لابنته، ليس في الكويت بل وفي العالم، وبالتالي فإعلان الشكر برمته يشكو من شبهة تلفيق واضحة، خصوصاً ان لا هو ولا أهله ينتمون لفهم ومنهج السيد الرفاعي، وهنا نتمنى ان نسمع منه أو من يمثل جنابه عن الكيفية التي وصل له شكر الفتاة وتأييدها لنهجه، وعلى أي أساس ضمن اسمها كشفه «المشبوه»، وهل حدث ذلك بـ«الميانة الدينية»؟ وهل في الكشف أسماء أخرى ملفقة؟
* * *
ملاحظة: حرصا على خصوصيات الآخرين نمتنع عن نشر الاسم، ولكننا على استعداد للتصريح به ان انكر أحد صحة ما ورد في هذا المقال.

أحمد الصراف

سامي النصف

إلى بوعبدالله وبوعبدالله

ذكرت في مقالات سابقة ان الطريق الى الخصخصة وما سينتج عنها من إغلاق باب التوظيف بالقطاع العام يستدعي منع الاحتكار وتشجيع البادرة الفردية للشباب الكويتي في الدولة، وقد دعم الفكرة مشكورا الزميل العزيز فيصل عبدالعزيز الزامل في مقال لاحق له، وقد أتتني بالأمس شكوى مريرة من شاب كويتي عصامي ترك الوظيفة الحكومية واعتمد في رزقه على جهده وعمله الذي كان يمتد الى ما يقارب الـ 20 ساعة يوميا.

يقول محدثي الشاب: كنت منذ دراستي في أميركا ألعب الرياضة واعتمد على الغذاء الصحي المعتدل وهو ما يوفر الطاقة اللازمة للعمل اليومي المطول، وبعد تخرجي بتفوق وعودتي لعملي اللاحق في وظيفة حكومية لم تحقق طموحي اتجهت وبشراكة مع بعض الأصدقاء لفتح مطعم للغذاء الصحي وقررنا ان عوائده لن نصرفها علينا بل سنفتح بها فرعا آخر وهكذا استمر عملنا الناجح الذي جعلنا وآخرين بالطبع أحد المراكز المهمة للحفاظ على الحياة الصحية وإنقاص الأوزان.

ويكمل الشاب، كنا نسمع وكما أتى في مقالك اننا دخلنا عش الدبابير وان هناك من احترف ضرب وإخراج الشباب الكويتي من تلك النشاطات المحتكرة وان فلسفة إخراجهم الجهنمية هي ان الإخراج في بدء الطريق لا يتسبب بخسائر كبيرة ومن ثم لا يتم تعلم الدرس، بل يجب الانتظار حتى تكبر المصلحة وتزداد الفروع ويكبر معها الاقتراض والتوظيف.. الخ، ثم تأتي الضربة الشيطانية من جهة لا يتصورها احد، مستغلين بعض ضعاف النفوس من العاملين في الإدارات الحكومية.

يقول الشاب استيقظت فجر أحد الأيام لأداء صلاة الفجر فإذا بهاتفي مليء بالاتصالات والرسائل التي تنبهني الى صور بثت على كل مواقع الانترنت الشخصية والعامة، ويستطرد فتحت بريدي الالكتروني فاذا برسالة من مجهول بها صور لأحد مطاعمنا القريبة بالصدفة من منزلي والذي أتزود شخصيا بالغذاء الصحي منه لي ولعائلتي بشكل يومي وقد وضع على بابه شريط احمر يدل على الإغلاق بسبب مخالفات لا نعرف كنهها وان كانت الرسالة المصورة لها فحوى واحدة لا غير «اغلق وبع ما تملك وارجع الى عملك الحكومي كموظف يعتمد في عيشته على راتب المال العام ولا تعد انت وامثالك لانشطتنا المحتكرة قط».

ويطرح الشاب المتألم عدة تساؤلات محقة نرفعها للفاضل بوعبدالله وزير البلدية وبوعبدالله مدير عام البلدية وهي هل يحق لموظف البلدية ان يدمر مصلحة يملكها ويعمل بها شباب كويتي طموح ومئات الآخرين عبر ادعاء مخالفات يتم «تصويرها» من قبل الموظف ثم «إرسالها» لكل منضوي البريد الالكتروني في الكويت «ومن أين حصل على العناوين الالكترونية؟» بدعاوى يسهل الكذب بها فمن يعلم ان كانت حشرة ما قد دخلت من الباب أم ان هناك «احدا ما» قد قام بإيصالها بيده ثم تصويرها لا لمصلحة عامة بل للايذاء المتعمد مدفوع الثمن؟!

آخر محطة:

ما تعرض له ذلك الشاب الكويتي الطموح عرضة لان يتعرض له كل من يجرؤ على اختراق القلاع الحصينة للأنشطة المختلفة مستغلين منهاجية الرشوة المتفشية للأسف في بعض دهاليز الإدارة الحكومية، لذا نضم صوتنا لشكوى الشاكي، آملين من الأفاضل وزير البلدية ومديرها العام التحقيق في تلك القضية ومنع تكرارها عبر الالتزام التام بالأنظمة واللوائح التي تحكم تلك الأعمال ومعاقبة المتعدين ودون ذلك سنرى نزوحا معاكسا من القطاع الخاص الى العام فيئد مشروع الخصخصة قبل ان يولد.

احمد الصراف

سبتيات لطيفة وأخرى غير لطيفة *

قالت الزوجة لصديقتها: إذا كنت تحبين شخصا، أو حتى طيرا حرا، هو ملك يديك، فأطلقي سراحه فإن عاد فسيكون لك ابد العمر، وان لم يعد فهو لم يكن لك اصلا، ولكنه ان عاد وجلس هناك في غرفة المعيشة غير مكترث، مسببا الفوضى في كل مكان، يأكل طعامك ويستخدم هاتفك ويستعين بأموالك ولا يبدو عليه انه مدرك لحقيقة انك سبق ان اطلقت سراحه، فهو في هذه الحالة اما زوجك أو ابنك! وتذكري انه ليس هناك افضل من لبس حذاء ضيق لكي ننسى جميع متاعبنا الأخرى.
* * *
وبمناسبة الحديث عن الاخلاقيات والصداقة، فإن هناك في الشبكة العنكبوتية الموقع الالكتروني التالي: www.sorraq.com  الذي تخصص المشرفون عليه في البحث والكشف وعرض السرقات الادبية والصحفية، وبالذات في الصحافة الكويتية، وقد تمكن هؤلاء حتى ساعة كتابة هذا المقال، من رصد ثلاث سرقات صحفية لكتاب كويتيين معروفين، والبعض منهم سبق ان تكررت منهم السرقة لاكثر من مرة، ولكن بسبب «عرض» وجوههم فإنهم لم يكترثوا لهذه الاتهامات، وتمسكت احزابهم «السياسية الدينية» بهم بنواجذها، ربما لاعتقادهم بأن سرقة مخرجات أفكار الآخرين لا تمثل سرقة حقيقية، وهي لا تختلف، بنظرهم طبعا، عن سرقة الاموال العامة، فالمستولي على المال العام لا يمكن ان يكون سارقا، لانه «ببساطة» يأخذ حصة مما له فيه «حق»!!
ونتمنى على الزملاء الذين وردت اسماؤهم في هذا الموقع الرد، من خلال زواياهم وتوضيح اللبس أو التهمة لكي ترتاح النفوس وتطمئن القلوب.
اما الموقع الالكتروني الثاني فهو: www.Firewallffilter.com  الذي يمكن بواسطته الدخول على اي موقع من خلال طباعة اسمه في الفراغ المخصص لذلك اسفل صفحة الموقع.
و Voila !
(*) من قراءاتي

أحمد الصراف

محمد الوشيحي


 مرمانا… انتفخ

إطلاقاً، لا علاقة لي بالرياضة لا من قريب ولا من حبيب. مع أنني شاركت في بعض المباريات التاريخية، أهمها المباراة التي جمعت قبيلتي العجمان ومطير في مصر، أثناء الدراسة الجامعية، وكانت القوانين تنص على أن يلعب ستة من كل فريق، وكان عددنا على المقاس، ستة فقط، وكان الخصم، الذي هو قبيلة مطير الشقيقة، ستة وعشرين نسمة، ينتقون منهم ستة، والبقية عند اللزوم، أي أن لديهم فائضاً من الذخيرة في المخازن، بينما نحارب نحن بذخيرتنا المحشوّة في البنادق فقط، وعند انتهائها وانقضائها ليس لنا إلا أن نلجأ إلى السناكي والحراب وشد الشعر باليد المجردة.

وقبل بدء المباراة، مررت بجانب الخصوم الستة وهم يسخّنون ويهرولون متمتماً بخشوع وأنا أمسح شاربي: «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً»، وأشرت بيدي إلى حارس عرين مرمانا محمد صنيدح العجمي الذي أيقظناه من نومه والتحق بنا قبل المباراة بثوانٍ: «هذا كالقعقاع الذي هو عن ألف رجل… فاحذروه»، وتبين لاحقا أن قعقاع العجمان، الذي هو صنيدح، يعتقد أن القوانين تبيح اللكم والخنق والشلاليت، فطبّق القوانين على أكمل وجه وعلى خير ما يرام، فسحبه حكم المباراة من ياقة فانيلته إلى خارج الملعب، فجلس على الخط، وراح يمد كراعه أمام كل لاعب مطيري يمر بجانبه ليسقطه على وجهه. وكانت العقوبة الأصح التي يستحقها القعقاع هي حلق الشعر والنفي خارج البلاد وقطع يديه ورجليه من خلاف، لكنّ ربك سلّم. وأكملنا المباراة بخمسة لاعبين (انسحبنا من المباراة قبل نهاية الشوط الأول)، ولا أتذكر كم هدفاً سجلوا في مرمانا، فقط أتذكر أن المطران كانوا يهرولون باتجاهي بعد كل هدف: «فئة قليلة… هاه؟ والقعقاع وموسى بن نصير؟ والله لو استعنتم بالظاهر بيبرس والدولة الأيوبية». وكان محمد بن دبلان العجمي، كابتن الفريق، أو عقيد القوم، كلما هجمَ المطران على مرمانا، تركنا نواجه مصيرنا البائس وركز ساقيه وراح يجري بأقصى سرعة إلى مرماهم من دون كرة، فأصرخ فيه: «يا عمي وين رايح؟ تريد أن تلتف عليهم من وراء الجبل لتأسر الأطفال وتسبي النساء أم ماذا؟ تعال ساعدنا»، وكانت خطته أن نمرر له الكرة بسرعة أثناء وجود لاعبي الخصم في ملعبنا.

واستمرت مبارياتي على شاكلة المباراة هذه، إلى أن سألني طالب مصري ملحوس: «زملكاوي أم أهلاوي؟»، فأجبته: «كلنا لآدم»، فشرح لي: «الزمالك بتاع علية القوم وركّاب المرسيدس، والأهلي بتاع الصنايعية وركاب الأتوبيس»، ولأن جيناتي وأنزيماتي تميل تلقائياً ناحية الأتوبيس، فقد شجعت الأهلي (اكتشفت لاحقاً أن الزملكاوية والأهلاوية يركبون الأتوبيس)، وإن كنت أتمنى أن يفوز الزمالك ولو بعد حين، كي لا يخلو الدوري المصري من الملح. والزمالك هم الفئة القليلة والأهلي هم الفئة الكثيرة. وكان صاحبي الملحوس بعد كل مباراة – طبعاً يفوز فيها الأهلي – يصرخ بتشفٍّ وشماتة: «هوّه فيه إيه يا جدعان، دا الهواء أصعب من الزمالك»، وترجمتها: «هوّه فيه ماذا؟».

كذلك الحال مع برشلونة وريال مدريد، فالأخير هو نادي الملك والطبقة الثرية، بينما برشلونة هو نادي عمال المصانع والمزارعين، لذا فأنا برشلوني. وفي الفن الخليجي انقسم الناس ما بين محمد عبده وطلال مداح، ولأن عبده هو فنان الصالات والمخمل، ومداح الله يرحمه هو فنان الحوش والحصير، فقد وجدت نفسي مدّاحياً متحمساً.

وحكومتنا اليوم، بميزانيتها ووزرائها ونوابها وفضائياتها وصحفها ورسلها وجهّالها وحقوق إنسانها وخليجها الفارسي، هي الفئة الكثيرة، ومشجعوها من ركاب المرسيدس، والراغبين في ركوب المرسيدس، ونحن المعارضة الفئة القليلة، ركاب الأتوبيس، وقتلانا وجرحانا اليوم لا عدّ لهم، لكننا سنلتف عليهم من وراء الجبل عما قريب، بعد أن ندفن قتلانا ونداوي جرحانا ونعيد ترتيب صفوفنا ورسم خططنا… يا معين. 

حسن العيسى

جرة النائب علي الراشد

حسن النية مفترض في النائب علي الراشد حين قدم اقتراحاته بتعديل بعض مواد الدستور، لكن حسن النية المفترض لا يكفي حين تغيب القراءة الصحيحة للواقع  السياسي الكويتي، فماذا يريد النائب علي الراشد تحديداً؟ إذا كان الهدف الكبير من اقتراحات التعديل ضبط سيل استجوابات النواب للوزراء ورئيس الحكومة، كما انها (الاقتراحات بالتعديل) تهدف إلى الحد من مساءلة الوزراء ورئيس الوزراء، فقد جانب علي التوفيق… فليست حكومتنا، كما يروج وهماً، هي حكومة مشكلة من ديمقراطية حقيقية، هي حكومة عائلة واحدة هي أسرة الصباح الحاكمة، فرئيس الوزراء ومناصب وزارات السيادة، إن صحت التسمية (الدفاع والداخلية والخارجية وأحيانا وزارة الإعلام)، محتكرة بعرف غير ديمقراطي لأبناء الأسرة، وهم بهذه الصفة يشكلون قلب الحكومة والآمر الناهي فيها، فهم حكومة الحكومة كما سميتها قبل سنوات، فما تريده حكومة الحكومة في النهاية سيظل ويبقى دون جدل ولو خالفهم الرأي الوزراء الشعبيون.
لماذا ننظر إلى النصوص الدستورية كمثال، ويروج عبرها الوهم بالحلم الديمقراطي الكامل، بينما الواقع غير ذلك، فهل وزراء الحكومة هنا في حاجة إلى ضمانات أكثر من حقيقة الواقع السياسي في الكويت حتى يتقدم النائب الراشد باقتراحات ستصل في النهاية إلى ارتفاع الوزراء ورئيس مجلس الوزراء فوق المساءلة الدستورية، ويضحي التعديل المقترح ليس إلا واجهة تخفي نزعة تفرد واستبداد سلطوية تمحو القليل المتبقي من الرقابة والمشاركة الشعبية في الحكم.
الأمر الآخر، وعلى ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة، وما انتهت إليه نتائجها في تشكيل هذا المجلس، لا نتصور أن هناك أي عثرة في طريق حكومة الحكومة، فـ "اللي تبيه الحكومة يصير"، وهنا مكمن الخطر في اقتراحات النائب علي بالتعديلات الدستورية، فهي ستكون شبه مضمونة متى قدمت، فأين سيكون موضع النقاش والتحليل والجدل في جوهر تلك الاقتراحات متى عرفنا النتائج مقدماً؟!
تبقى هناك ملاحظة أخيرة، فالنائب علي يرفض أن يطرح تعديل المادة الثانية للدستور من قبل النواب الإسلاميين لتصبح الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع، ويقول إن مجرد طرح مثل هذا الاقتراح سيعتبر خلطاً للأوراق وتخريباً لمقترحه! هنا نسأل علي: لماذا يبيح لنفسه ما يحرمه على غيره؟ لماذا يكون له حق اقتراح التعديل ولا يكون للنواب الإسلاميين مثل حقه في تعديل المادة الثانية؟! ألا يرى حضرة النائب أن اقتراحاته بالتعديل ستكون بمنزلة فتح جرة بندورا للشرور، كما في الميثولوجيا اليونانية، هي جرة بندورا لا صندوق بندورا، كما جرى خطأ تسميتها، وهي جرة على رأس كل نائب في هذا المجلس، فليحذروا من إسقاطها، فتغرق الكويت في شرور التسلط والاستبداد.

احمد الصراف

عماد حمدي وسنة 1980

شاهدت وأنا أمارس رياضة المشي في نادي الكورنيش، وبطريق الصدفة، مقطعين تلفزيونيين: الأول لحفلة غنائية بالأبيض والأسود لأم كلثوم، والثاني لفيلم غير ملون أيضا عن قصة حب بين أحمد (عماد حمدي) وفاطمة (شادية)، وربما يكون المقطعان من إنتاج ستينات القرن الماضي. في مقطع حفلة أم كلثوم استرعت نظري أمور كثيرة أهمها ذلك التغير الهائل الذي طال هيئات مرتادي الحفلات وحركاتهم في عاصمة كانت، بالنسبة لنا قبل نصف قرن، رائدة في كل شيء، وأصبحت بفضل «الثورة أو الانقلاب»، ومن بعدها الصحوة المباركة في آخر الركب، وأيضا في كل شيء! ولم أستطع مقاومة مقارنة ما كانت عليه الحال، وما أصبحنا نراه اليوم في شوارع القاهرة من ظواهر شديدة السلبية، ونسبة مرتديات الحجاب الطاغية، والتي لم تمنع الشباب، وحتى العجائز من التحرش بهن بالقول والفعل أمام الجميع، عيني عينك!! قد تكون هذه الأمور غير ذات أهمية لدى البعض، فتقدم الأمم لا يقاس بما ترتديه شعوبها، ولكن بما في عقول أبنائها، ولكن هل أصبحت مصر بالفعل، أو أي عاصمة عربية كبيرة أخرى، أكثر تقدما وفضيلة وعفة مما كانت عليه قبل نصف قرن مثلا؟ الجواب معروف ويمكن الاطلاع عليه في سجلات المخافر والإحصائيات الأمنية، وما يكتب في صحافتها، وصحافتنا الخليجية وزيادة نسبة الجرائم وتنوعها، والأخلاقية منها بالذات، بمعدلات مخيفة عاما بعد آخر. لقد عشت وشفت بما يكفي لكي أؤكد بكل ثقة أن الكويت، وهي ليست استثناء ولا تختلف عن أي دولة عربية أو إسلامية أخرى، كانت قبل الصحوة الدينية المباركة التي تاجر بها واستفاد منها الكثير من ملتحي الأطراف كافة، أكثر أمنا وأكثر اعتدالا ومحبة ووفاء منها الآن، بالرغم من زيادة الثروات في أيدي الأفراد وزيادة تعلمهم، فقد رأينا، وفي وقت قياسي، تطرفا من كل جهة وشحنا طائفيا من كل صوب، وصورا ولافتات دينية تتزايد كل يوم على حوائط البيوت وأمام المداخل وعلى المركبات. كما أصبحنا نرى من يضع لافتات وشاشات سينمائية ضخمة تعرض رسائله حتى لو تضمنت إساءة لمشاعر الغير، وهذا لم يحدث مصادفة، بل مهد له رجال الدين من كل طرف، بعد أن رأوا أن ارتفاع شأنهم في عيون بني ملتهم يكمن في زيادة تطرفهم، ولو على حساب وطنهم.
أما المقطع الثاني المتعلق بفيلم شادية وعماد حمدي، فكان تأثيره أكبر، خاصة عندما طلب بطل الفيلم (أحمد) من حبيبته (فاطمة) أن تخرج معه للمقهى القريب، فرفضت بحجة الخوف من كلام الناس، فقال لها: خلاص بأه، احنا بقينا في سنة ثلاثين، أي أن عليها أن تتشجع وتخرج معه لأن الزمن تغير والأمور اختلفت وأنهما الآن في ثلاثينات القرن العشرين! والآن، وبعد مرور ثمانين عاما على قصة ذلك الفيلم ما الذي نراه حولنا؟ ولماذا حدث كل هذا التغير؟ وهل هو للأحسن حقا؟ وهل بإمكان أحد أن يثبت أن أوضاعنا المعيشية والأمنية والأخلاقية هي بالفعل الآن أحسن مما كانت قبل 30 أو 60 عاماً؟

***
• ملاحظة: صدر في تركيا، وهي اكبر دولة صناعية إسلامية، 88 ألف ورقة بحثية بين عامي 1996 و 2005، ويمثل هذا الرقم عددا أقل من عدد البحوث التي نشرتها جامعة أميركية كبيرة واحدة خلال الفترة ذاتها!

أحمد الصراف