حسن العيسى

جرة النائب علي الراشد

حسن النية مفترض في النائب علي الراشد حين قدم اقتراحاته بتعديل بعض مواد الدستور، لكن حسن النية المفترض لا يكفي حين تغيب القراءة الصحيحة للواقع  السياسي الكويتي، فماذا يريد النائب علي الراشد تحديداً؟ إذا كان الهدف الكبير من اقتراحات التعديل ضبط سيل استجوابات النواب للوزراء ورئيس الحكومة، كما انها (الاقتراحات بالتعديل) تهدف إلى الحد من مساءلة الوزراء ورئيس الوزراء، فقد جانب علي التوفيق… فليست حكومتنا، كما يروج وهماً، هي حكومة مشكلة من ديمقراطية حقيقية، هي حكومة عائلة واحدة هي أسرة الصباح الحاكمة، فرئيس الوزراء ومناصب وزارات السيادة، إن صحت التسمية (الدفاع والداخلية والخارجية وأحيانا وزارة الإعلام)، محتكرة بعرف غير ديمقراطي لأبناء الأسرة، وهم بهذه الصفة يشكلون قلب الحكومة والآمر الناهي فيها، فهم حكومة الحكومة كما سميتها قبل سنوات، فما تريده حكومة الحكومة في النهاية سيظل ويبقى دون جدل ولو خالفهم الرأي الوزراء الشعبيون.
لماذا ننظر إلى النصوص الدستورية كمثال، ويروج عبرها الوهم بالحلم الديمقراطي الكامل، بينما الواقع غير ذلك، فهل وزراء الحكومة هنا في حاجة إلى ضمانات أكثر من حقيقة الواقع السياسي في الكويت حتى يتقدم النائب الراشد باقتراحات ستصل في النهاية إلى ارتفاع الوزراء ورئيس مجلس الوزراء فوق المساءلة الدستورية، ويضحي التعديل المقترح ليس إلا واجهة تخفي نزعة تفرد واستبداد سلطوية تمحو القليل المتبقي من الرقابة والمشاركة الشعبية في الحكم.
الأمر الآخر، وعلى ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة، وما انتهت إليه نتائجها في تشكيل هذا المجلس، لا نتصور أن هناك أي عثرة في طريق حكومة الحكومة، فـ "اللي تبيه الحكومة يصير"، وهنا مكمن الخطر في اقتراحات النائب علي بالتعديلات الدستورية، فهي ستكون شبه مضمونة متى قدمت، فأين سيكون موضع النقاش والتحليل والجدل في جوهر تلك الاقتراحات متى عرفنا النتائج مقدماً؟!
تبقى هناك ملاحظة أخيرة، فالنائب علي يرفض أن يطرح تعديل المادة الثانية للدستور من قبل النواب الإسلاميين لتصبح الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع، ويقول إن مجرد طرح مثل هذا الاقتراح سيعتبر خلطاً للأوراق وتخريباً لمقترحه! هنا نسأل علي: لماذا يبيح لنفسه ما يحرمه على غيره؟ لماذا يكون له حق اقتراح التعديل ولا يكون للنواب الإسلاميين مثل حقه في تعديل المادة الثانية؟! ألا يرى حضرة النائب أن اقتراحاته بالتعديل ستكون بمنزلة فتح جرة بندورا للشرور، كما في الميثولوجيا اليونانية، هي جرة بندورا لا صندوق بندورا، كما جرى خطأ تسميتها، وهي جرة على رأس كل نائب في هذا المجلس، فليحذروا من إسقاطها، فتغرق الكويت في شرور التسلط والاستبداد.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *