سامي النصف

1961 ـ 1990

استضاف الزميل ماضي الخميس مجموعة من الإعلاميين للحديث عن تاريخ الكويت الحديث وتجربتي عامي 1961 و1990، وكان مما ذكرته الأخت الفاضلة نورية السداني ان قسم متابعة الأخبار في الإذاعة الكويتية كان يرصد ما يقال في الإذاعات العربية والأجنبية ومنها إذاعة بغداد ثم يتم ارسالها ليلا الى منزلنا في شرق حيث كان الوالد رحمه الله يكتب الردود عليها لإنزالها كتعليقات اذاعية وبيانات لسكرتارية حكومة الكويت.

 

في يونيو 1961 دفع الاتحاد السوفييتي طاغية العراق عبدالكريم قاسم للمطالبة بالكويت بقصد احراج الرئيس جمال عبدالناصر الداعي للوحدة العربية بعد ان اصبح ينتقدهم في خطبه وملأ المعتقلات المصرية والسورية بالشيوعيين ردا على مذابح الموصل عام 1959 التي سحل الشيوعيون خلالها القوميين وعلقوا جثثهم على أعمدة النور.

 

تصدت الجامعة العربية آنذاك لدعاوى قاسم وقام أمينها العام عبدالخالق حسونة بإصدار قرار (بالأغلبية البسيطة وليس بالإجماع بعد ان اعترض العراق) نص على ارسال قوات عسكرية للجامعة بلغ عددها 2250 ضابطا وجنديا (منهم 159 من ج.ع.م أي اتحاد مصر وسورية آنذاك) الى الحدود الشمالية للكويت كي تحل محل القوات البريطانية، وقد صرح مندوب ج.ع.م في الجامعة العربية محمود رياض في رده على المندوب العراقي بأن قواته لديها أوامر بعدم الاشتباك مع القوات العراقية مهما حدث! وهو فارق أساسي ورئيسي مع الموقف المصري والسوري المشرف عام 1990.

 

وقد أحسن «حسونة» في عمله وأصدر القرار الأنجح في تاريخ الجامعة العربية حتى يومنا هذا، حيث استطاعت الجامعة العربية للمرة الأولى ولربما الأخيرة في تاريخها ان تردع وتوقف عدوانا محتملا على احدى دولها، في حين أخفقت الأمم المتحدة آنذاك اخفاقا ذريعا في حل الاشكال بسبب الفيتو السوفييتي المعادي للكويت.

 

في أزمة عام 1990 حدث العكس تماما حيث أخفقت الجامعة العربية في حل الأزمة إبان عهد أمينها العام «القلابي» الشاذلي القليبي الذي لم يرد على أكاذيب وإهانات أحد الزعامات الثورية العربية الذي طالب بإصدار القرارات بالإجماع «المستحيل» دون ان يذكّره بسابقة عام 1961 وقرارات تحريك الجيوش بالأغلبية البسيطة، وبالمقابل كان هناك نجاح غير مسبوق للأمم المتحدة عندما توحدت دولها واتفقت على تحريك جيوشها لتحرير الكويت، لذا فبلدنا يبقى تاريخيا هو القاسم المشترك في النجاح الأكبر للجامعة العربية عام 1961 والأمم المتحدة عام 1991.

 

آخر محطة: نرجو من وزير الشؤون الفاضل د.محمد العفاسي ان يلحق قرار إلغاء نقابة الأطباء بإلغاء قرار انشاء نقابة ديوان المحاسبة، حيث انه أمر لا مثيل له في تاريخ الأجهزة الرقابية بالعالم، ديوان المحاسبة يجب ان يكون بعيدا عن اي ضغوط وطبيعة عمل النقابة هي الضغط والتهديد بالإضراب… الخ.

احمد الصراف

النظام الاقتصادي الفاشل

«.. إن من الغطرسة أن نزعم وجود اقتصاد إسلامي أمام هذا الكم الهائل من المؤلفات والأبحاث في الاقتصاد الوضعي والذي ساهم (ويساهم) في تطويره أفراد من ديانات وجنسيات مختلفة، ومن الظلم أن نضيع جهود المسلمين بأن نوحي لشبابنا بوجود مثل هذا المجال..»
(حامد الحمود، القبس 2010/2/8)

•••
إن قصة استغلال الدين الإسلامي وإقحامه في الاقتصاد، أو العكس، رغبة في تحقيق ثراء سهل، قصة محزنة ومؤلمة في الوقت نفسه، كما هي الحال في العديد من الأنشطة الأخرى التي ربطت بالدين ربطا. واستغلال الدين يكون أشد نفعا كلما كانت المجتمعات التي تعمل فيها هذه الأنظمة أكثر تخلفا، وليس غريبا أن فكرة الاقتصاد الإسلامي، وتطبيقاته في المصارف والشركات الاستثمارية، لم تر النور أبدا إلا مع بدء انهمار الثروات النفطية على الدول الخليجية ذات الأنظمة التعليمية والاقتصادية والمالية المتخلفة، مقارنة، ليس بدول الغرب فقط، بل حتى بأنظمة مثل مصر، ما قبل خمسينات القرن الماضي ولبنان، ودول غرب شمال أفريقيا.
لقد تطلب الأمر من البعض 40 عاما لكي يعرف حقيقة ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي، وقد يكون بعض مفكري إيران، عهد الشاه، ورجال دينها ومن يماثلهم مكانة في النجف من أوائل من كتب في هذا الموضوع قبل أكثر من نصف قرن بقليل، ولكن مع هذا لم تجد التجربة لها أي مجال للتطبيق الحقيقي إلا مع بروز ظاهرة البتروـ دولار التي وجد البعض أن الحصول على حصة منها يتطلب تقديم نماذج مالية جديدة.
ولو نظرنا الى الوضع المأساوي الذي وصلت اليه غالبية المؤسسات المالية الإسلامية لوجدنا أن الكثيرين خدعوا بالفكرة ودفعوا ثمنا غاليا لاعتقادهم هذا، فالتجربة بالرغم من عدم وقوفها على أرضية صلبة، تفتقر الى العمق. ولو استعرضنا ما كتب وألف في هذا الموضوع، من الناحية الإيجابية، لوجدناه بالكاد يذكر، مع غلبة التناقض والاختلاف فيه على الاتفاق. كما أن من عمل في مثل هذه المؤسسات اعتمد على أمرين: تجارب المؤسسات السابقة عليها، والتجربة الشخصية، وكانت نتيجة ذلك كارثية بصريح العبارة. ففي عام 2009 مثلا تكبد مؤشر غلوبل الإسلامي خسائر أكثر من %14 مقارنة بمعدل خسارة يقل عن %10 لمؤشر غلوبل العام (أوان 2010/1/7). وفي تقرير نشر في «الشرق الأوسط» في 5 يناير 2010، أكد علي القرة داغي أستاذ الشريعة الإسلامية، ورئيس الكثير من الهيئات الشرعية في دول الخليج، أن الكثير من البنوك الإسلامية لا تلتزم بقرارات المجاميع الفقهية فيما يتعلق بتحريم بعض المنتجات كالتورق والمرابحة في السلع الدولية. وأكد في حديثه للمجلة أنه تأكد شخصيا من وجود بضائع واقفة في مكانها منذ سنوات وتجري عليها البنوك والشركات الإسلامية عمليات البيع بأوراق صورية، وأن المستودعات الأوروبية، التي توجد لديها هذه البضائع لا تمارس البيع الحقيقي، ولكنها تتعامل مع البنوك الإسلامية.
من كل ذلك نرى أن المسألة برمتها لم تزد يوما عن محاولة استغلال الضعف البشري والوازع الديني لتحقيق أقصى الأرباح وأكثرها سهولة.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

آمال ثلث سكان البحرين معلقة على سمو ولي العهد

 

بعد توجيهات ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس التنمية الاقتصادية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بإلغاء مشروع البيوت الذكية يوم الخميس 11 فبراير/ شباط الماضي، طالب سموه بإعداد التصاميم الجديدة للمشاريع الإسكانية في غضون أسبوعين، ويوم الخميس الماضي 25 فبراير، ترأس سموه اللجنة التنفيذية لمجلس التنمية الاقتصادية، وتكمن أهمية ذلك الاجتماع لكونه لم يتأخر عن سابقه، وفيه أكد سموه على ضرورة منح المواطن البحريني فرصة الظفر بسكن كريم ولائق ودائم.

لذلك، فإن ثلث سكان البحرين يعلقون الآمال على سموه، فإجمالي الطلبات الإسكانية، حسب الأرقام الإحصائية الإسكانية المعلنة، يفوق 47 ألف طلب إسكاني، وهو ما يعادل ثلث عدد المواطنين، والأرقام تشير إلى أن هذا الرقم يتضخم بمعدل 7 آلاف طلب سنويا، ولهذا أيضا، يصبح من الصعب جدا أن يحصل المواطن الذي يتقدم بطلب إسكاني اليوم على مبتغاه في العام 2027، والوضع أصعب بكثير بالنسبة لثلث سكان البحرين الذين لا يزالون ينتظرون الفرج، ويرون في اهتمام سموه بارقة أمل كبيرة أنعشت آمالهم، خصوصا وأن سموه استفسر (بالتفصيل عن كل نقطة في المشروع لدى عرض التصاميم المتعلقة بالمساحة والانسجام مع روح المواطن البحريني، والسعي لتلبية متطلباته الاجتماعية ومناقشة كلفة هذه المساكن بغية تحقيق أفضل الأسعار لمصلحة المواطن الذي طالب سموه بتوخي مصلحته المالية والاجتماعية وتحقيق ما يصبو إليه من آمال والاستفادة من الشراكة المتكاملة والاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص).

لن يكون من المفيد استعراض جملة من المعاناة التي تتعرض لها مئات الآلاف من الأسر البحرينية… أي ثلث سكان البحرين وفق العدد المعلن، بسبب افتقارهم للمسكن الملائم، فهذه الصورة من المعاناة والضيق واضحة لدى قيادة البلاد تماما كما هي واضحة لدى المواطنين أنفسهم، لكن، هذا الثلث من المواطنين الذي يكبر عاما بعد عام، والذي تجددت الآمال لديه بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل اهتمام سمو ولي العهد ومتابعته الحثيثة لملف المشكلة الإسكانية، لا يتحمل العيش، مزيدا من السنين، في وضع معيشي مخنوق وبلا استقرار، ولا يستطيع أن يبقى متفائلا وهو يرى فرصته في الحصول على المسكن تضيع وتذهب إلى (آخرين) ليسوا بأفضل منه وليسوا أكثر منه استحقاقا أو أسبقية.

الوقت ملائم لتصحيح أخطاء فادحة وقعت على مدى السنوات السابقة بسبب افتقار الآلية القانونية والمنصفة لمنح المستحقين من المواطنين مساكن، وبسبب القفز على الطلبات بصورة حرمت الكثير من المواطنين من حقوقهم، ولهذا، حين يفرح ثلث سكان البحرين ويدعون لسموه بطول العمر ويبتهجون لأن ملف المشكلة الإسكانية خاضع اليوم لتدقيق لم تشهده الأزمة من قبل، فإن الفرحة ستكتمل وستدخل كل البيوت حينما يتسلم ثلث سكان البحرين مفاتيح مساكنهم اللائقة بهم، وهم يستحقون.

علي محمود خاجه

قصة بطل

نعم لم يبالِ الشهيد يوسف إبراهيم الفلاح بعواقب الأمور حتى إن وصل الأمر إلى فلذات أكباده وأعز ما يملك، فهذه الأرض هي عرضه وشرفه وأغلى ما لديه في الوجود، فإن أهدرت كرامتها فلا عيش له ولا كرامة، قتل هذا الشهيد البطل أكثر من 200 عراقي بشهادة من اعتقله من الغزاة، فمن الكفاح المسلح إلى دس السم للغزاة مع الشهيد البطل الآخر الدكتور هشام العبيدان.

تلك هي قصة بطولية من مئات القصص الأخرى التي شهدت البطولة ولاتزال دماء أبطالها تجعلنا نتذوق طعم العيش الحر، وإن ما يميز شهداء الكويت وأسراها الشهداء عطفا على بطولتهم وتضحيتهم أنهم جميعا ودونما استثناء لم يكونوا يبحثون عن مجد أو بطولة شخصية، ولم يفكروا يوما بكيفية تخليد ذكراهم وكيف ستعاملهم بلدانهم بعد رحيلهم، لم يكن يدفعهم سوى الحب ولا شيء سواه، فتمكنوا من بناء صرح شامخ في كل القلوب، لم ولن يتزعزع أبداً، اسمه: «شهداء الكويت وأبطالها».

نأتي اليوم- وفي الكويت التي تبرعوا لها بدمائهم كي تبقى حيّة- لنتجاهل حتى ذكراهم، ونكتفي بشريط أصفر وآخر أسود يزين قنواتنا في يومي التحرير والاستقلال، بل تسن القوانين كما يدعي المجلس البلدي لطمس هويات أبطالنا الشهداء.

فقد أطلق سكان المنصورية على سبيل المثال اسم الشهيد البطل يوسف الفلاح على أحد شوارعها وعلى الرغم من عدم إقرار الدولة بالاسم لقولهم إنه يمنع وضع أسماء الشهداء على الشوارع والمناطق باستثناء شارع الشهداء، على الرغم من وجود منطقة كاملة باسم الشهيد فهد الأحمد، وهو أمر مستحق لجميع الشهداء طبعا ومنهم الشهيد فهد الأحمد.

أكرر بأن شهداءنا الأبطال لم يبحثوا عن مجد أو شارع أو منطقة، ولكننا نحن الكويتيين من نبحث عن ذكرى خالدة مستحقة لأبطال يعتبرون لنا قدوة ونبراسا يضيء لنا طريق البناء، نعم نحن من نرفض أن تطمس هوياتهم من المناهج والمناطق والطرقات، فلو تعلمنا أو على الأقل أحيينا ذكراهم بشكل دائم فلعلنا نستوعب معنى التضحية الحقّة.

إن كان هناك قانون فعلا يحظر وضع أسماء الشهداء على معالم الكويت وطرقها، فاللعنة على مثل هذا القانون الكريه القاتل للبطولة في أنفسنا، وإن لم يكن هناك قانون فبئساً لمن يرفض أن تخلد ذكرى أفضل الكويتيين على الإطلاق.

ملحوظة: لقد تم استبدال باسم الشارع الذي أطلق عليه سكان المنصورية شارع الشهيد يوسف الفلاح، اسم أحد رجال الكويت الأخيار الذي نكن له كل احترام، ولن نرضى أبدا أن يطمس اسم كل من قدم للكويت سواء المال أو الدم أو الجهد، ولا نطلب سوى المساواة في تكريم أهل الكويت ورموزها.

خارج نطاق التغطية:

صراع أزلي على مسمى الخليج سواء كان عربياً أو فارسياً، وكأن المسمى سيغير من العالم شيئا، أو سيطوّر العقول و يجعلنا في مصاف الدول المتقدمة، لا يهم إن كان الخليج فارسياً أم عربياً، فهو في النهاية ليس من صنع العرب أو الفرس فما الفخر بالاسم يا ترى؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

«البروفة» الاستجوابية ودين «الكويتية» على «العراقية»

الموضوع لا علاقة له بشخوص الاستجواب الحالي، بل هي قضية متكررة تتناقلها الصحف من قيام طرفي الاستجواب بعمل «بروفات» له (!) أتحدى أن توجد ديموقراطية أخرى في التاريخ تقام بها «بروفات» للاستجوابات حيث إن «البروفات» أمور تختص عادة بها المسرحيات والأعمال الفنية ودور الأزياء، فصارت ديموقراطيتنا وبحق «طماشة» للعالم.

الخصخصة على الطريقة الكويتية لا مثيل لها في العالم كذلك وقد كتبنا عنها في السابق وسنكتب عنها لاحقا، وإنما يشغلنا هذه الايام ما يطرح عن مصير 1.2 مليار دولار دينا لـ«الكويتية» على «العراقية» في حال خصخصتها، والسؤال الساذج والبسيط: هل هذا دين استجد هذه الأيام أم انه كان موجودا عندما قرر وزير المواصلات الأسبق عبدالواحد العوضي إنهاء عملية خصخصة الكويتية في 10 أشهر حسب تصريحاته؟ ولماذا لم يناقش هذا الأمر الهام وغيره من قضايا عظام قبل صدور المرسوم لا بعده؟ ولماذا لم يسأل أحد أهل الاختصاص في تجربة الخصخصة الأولى بالكويت حتى لا نصبح مرة اخرى «طماشة» للخلق؟

لقد كتبنا عبر السنوات الثلاث الماضية العديد من المقالات المختصة المحذرة من الاستعجال بهذا المشروع الحيوي الكبير ولكن «على من تقرأ مزاميرك يا داود؟» ولنا عودة مفصلة في القادم من الايام.

يؤدي الأطباء والمحامون والطيارون والمهندسون والمدرسون خدماتهم الخيّرة للناس ثم يتقاعدون بعد سن معينة تاركين المجال للأجيال الشابة وأفكارهم الجديدة ليأخذوا دورهم، وأغلب فتاوى التشدد ومثلها الحروب الدينية التي قامت في المنطقة صدرت عن رجال دين أفاضل طاعنين في السن لم يغادر البعض منهم داره أو يعلم بمتغيرات واحتياجات العصر وحتى تبعات ما يصدره من فتاوى وقرارات.

السؤال: لماذا لا تفرض سن معينة لتقاعد بعض شيوخ الدين كحال الآخرين لإتاحة الفرصة للدماء الشابة (انظر افكار السيد حسين حفيد الإمام الخميني ود.احمد ابن الشيخ عبدالعزيز بن باز)، وفي هذا السياق كتب محمد عبداللطيف آل الشيخ مقالا في جريدة «الجزيرة» السعودية تساءل فيه إن كان من يفتي بحرمة الاختلاط ويستحل دم من يبيحه يطبق هذا القول في بيته ومنزله حيث يختلط اهل الدار من رجال ونساء بالسواقين والطباخين والخادمات من النساء، فهل جميع هؤلاء «ديوثون» مستحلة دماؤهم؟ وأعاد بوعبداللطيف للأذهان تجربة والده مفتي المملكة عندما حرم دخول التلفزيون للبيوت وطبق ذلك الأمر على أهله قائلا لابنه «تبيني احرمه على الناس واحلله لنفسي؟» كما لم يكفّر والده رحمه الله من يبيح اقتناء التلفزيون الذي لم يعد هذه الايام يخلو بيت سعودي أو مسلم منه.

آخر محطة:
 
(1) العزاء الحار لآل السميط والحميضي الكرام على مصابهم، للفقيدة الرحمة والمغفرة ولأهلها وذويها الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

(2) العزاء الحار لآل الجبلان من قبيلة مطير الكريمة في وفاة شيخهم الجليل صاهود بن لامي، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

احمد الصراف

ملاحظات على التقدم في العمر

دخل الرجل الستيني مجمع الوزارات وقدم معاملته للموظفة فاستلمتها قائلة: اتفضل استريح يا حجي. فقال لها: لا تناديني بـ «يا حجي» بل بـ «يا عمري»!
فتضايقت الموظفة واعتقدت بأنه قد جاوز حدوده، فبادرها بالقول انه لم يحج بعد بل ذهب للعمرة فقط، وبالتالي هو يا عمري وليس يا حجي.
***
سبق أن كتبت عدة مقالات عن الكيفية التي نعرف فيها أن العمر تقدم بنا، وقلت ان ذلك يبدأ عندما يبدأ الآخرون بمناداتنا ب‍ «يا عمي» أو «يا حجي»!
أو عندما نطفئ الأضواء من منطلق التوفير وليس الرومانسية، أو عندما لا تهتم المرأة بالكيفية التي ترتدي بها حمالة الصدر، وغيرها، وهذه مجموعة أخرى من الملاحظات، الدالة على التقدم بالعمر وهي أننا مع تقدم العمر نستمتع بالخروج من البيت، ولكننا نستمتع أكثر بالعودة إليه. وعندما يقول لنا الآخرون إننا نبدو في أفضل حال، وهم يقصدون «لمن هم في عمرنا»! وعندما نبدأ بالحصول على الخصومات على كل شيء لا نرغب في استعماله أو القدرة على تناوله. وعندما تبدأ في نسيان أسماء البعض من حولنا ونصدم عندما نعرف أنهم لا يتذكروننا حتى.
وعندما يصبح احتمال فقدنا لمحفظة نقودنا ومفاتيح السيارة والبيت أسهل من فقد الخمسة كيلوغرامات التي كنا نتوق دائما للتخلص منها.
وعندما يبدأ شريك حياتك بالاعتماد عليك في تذكر ما لا تتذكره أصلا. كما أصبحت لا تهتم بالقيام بما اعتدت دائما على القيام به، ولكنك مهتم جدا بأن من حقك عدم الاهتمام بالقيام بها بعد الآن.
كما تعرف أنك كبرت عندما تكتشف أن شريك حياتك يستمتع أكثر بالنوم على أحد أرائك الصالة. وكذلك عندما تتذكر نصائح أمك التي كانت تطلب منك ارتداء ملابس داخلية نظيفة، فقط لمواجهة أي طارئ. وبعد أن أصبح بإمكانك شراء ما تريد من مجوهرات أصبح ارتداؤها غير آمن، كما أصبح الأمر يستحق منك قراءة 100 صفحة على الأقل من كتاب ما لتكتشف أنك سبق ان قرأته من قبل. كما أصبحت لديك ملابس بثلاثة قياسات، اثنان يصعب ارتداؤهما، ومع هذا تحتفظ بهما على أمل أن يضمر الجسم، أو ينمو قليلا. وأنت أصبحت كبيرا في السن عندما تصبح أغاني الأمس جميلة، وأفلام الماضي رائعة، ونتمنى للجميع طول العمر.. والسعادة «من قراءاتي».

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

لا بطاطس ولا طماطس يا ياسمين

هذه فكرة سبق أن كتبت مثلها في الأزمنة السحيقة، في أول شهر كتابة، عندما كان لا يقرأ لي إلا المصحح وشقيقي منصور وذوو القلوب الرحيمة. واليوم أعمل للفكرة "ريسايكلنغ" وأعيد تكريرها وتصديرها مع بعض الإضافات والتوابل…
نحن الشعوب العربية – أجلكم الله – الأقل ولاء لبلداننا، ونحن الأكثر تنطعاً وتغزلاً في حبها بين الشعوب. خذ عندك أغاني  وطنية، وخذ احتفالات برغوة، وخذ مسيرات ورفع أعلام، وخذ مقالات كتّاب، في حين أنك لن تلاحظ مثل هذا التصنّع بين الشعوب التي تحتل بلدانها المراتب الأولى عالمياً، كفنلندا وآيسلندا وهولندا والنرويج، التي ترتفع فيها مؤشرات الإنتاج والتنمية الإدارية والحقوق المدنية والشفافية والاستقرار النفسي وبقية المؤشرات الدالة على الرفاهية. وهنا أرجوك ألا تقنعني أن ولاء الفنلنديين لوطنهم يعادل ولاء العربان لأوطانهم.
خذ الكويت والكويتيين مثالاً، ثم ارمِ المثال وارم الكويتيين واغسل يديك جيداً… فبعض الكويتيين لا يشعر فقط بعدم الولاء لبلده، بل يكرهه. ولا تصدق ما نقوله عن اشتياقنا أثناء السفر إلى الكويت، واللهفة على غبارها ورمالها وطوزها وكوسها فهذه "كليشة" نرددها كالببغاوات والغربان والخفافيش.
ولا أظنني في حاجة إلى سَوْق الأمثلة على كره هؤلاء الكويتيين لبلدهم، ولا على سوء إدارة الحكومة التي قادت إلى إضعاف الولاء في صدور الناس، فالأمثلة تسوق نفسها بنفسها وتكفيني العناء، وهي أكثر من التفاح في تشيلي، ومن الفضة في الأرجنتين، ومن أكياس الزبالة في مصر.
ولو نظرنا إلى دول العالم الثالث، لشاهدنا بوضوح كيف يجيّر الحاكم دولته وشعبه وخيرات البلد لأبنائه وأقربائه، إذ هم الوزراء وهم الوكلاء والمسؤولون والتجار. والأجهزة والمؤسسات الحكومية في خدمتهم. وستجد – يا للطرافة – هؤلاء هم الأكثر حديثاً عن الوطنية وعن الولاء ووجوب التضحية وحقوق الدولة على المواطنين. وهنا تذكرت اللقاء الذي أجرته إحدى المجلات المغربية مع ممثلة أفلام بورنو وخلاعة، وهي فرنسية من أصل مغربي اسمها ياسمين، إذ قالت ياسمين رداً على سؤالها عن نظرتها إلى الفتيات المغربيات: "لا مانع من أن يواكبن العصر، لكنني للأسف أراهن في طريق الانحلال، ويجب على الدولة توعيتهن وتذكيرهن بالعادات والتقاليد المغربية المحافظة". أي والله، هذا ما نقلته مجلة "تيل كيل" المغربية عن ياسمين، وهذا ما نقلته الصحف عن أولئك الوزراء. ومفيش حد أحسن من حد.  
ومن الجهة الأخرى، يرفع المشعوذون والحواة أيديهم في خطب الجمعة: "اللهم أصلح بطانة وزرائنا"! على اعتبار أن الوزراء، اسم الله عليهم، تقاة غرر بهم رفقاء السوء، المستشارون الفاسدون المحيطون بهم. ولطالما حاول الوزراء، يا كبدي، إبعاد مستشاريهم لكنهم عجزوا، ولطالما صرخوا في وجوههم: "ابعدوا عنا يا أشرار يا ويلكم من الله"، لكن لا حول ولا قوة، ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به. وإذا صرخنا: "بعض الوزراء أفسدوا في الأرض وأضرّوا بالناس وقتلوا الولاء"، صرخ الحواة: "هذه الخادمة الآسيوية تلبس البنطلون الضيق… واإسلاماه"، وارتفع صوتهم فغطى على صوتنا… كلهم أعضاء فريق واحد، المستشارون والدراويش، عيال الـ… ياسمين.
وزراعة الولاء كزراعة الخضراوات، ما لم تتوافر الشمس والماء والطقس المناسب، فلا بطاطس ولا طماطس ولا جرجير ولا لياليَ حمراء، وما لم تتوافر الحكومات القدوة فلا ولاء. ولا أظن أن الولاء سيملأ الصدور ما دام أكثر الأمثال شيوعاً عند الحكام الظالمين هو "جوّع كلبك يتبعك"، على أساس أن شعبه كلب… وهو ابن شعب.

سامي النصف

فبراير يا شهر الشهور

نرفض احتفالات «الفوم» ونرفض ان يكون رمز اعيادنا الوطنية صورا لأطفال يحملون علم الكويت في يد والفوم في اليد الأخرى، ان ندرة الفرح وقلة الاحتفالات في البلد على مدار العام هي التي تتسبب في ذلك الانفلات غير الحضاري حالنا حال من تربط يداه وقدماه 11 شهرا في السنة ثم يترك له المجال بعد ذلك للانطلاق فتجده يجري وينط ويسقط فرحا بفك قيده، اجعلوا شهور العام كلها فبراير وستختفي ظاهرة «الفوم» والمخالفات والتجاوزات إلا ما ندر.

شكوى مريرة من صديق اقتصادي مخضرم شديد الاحتراف يرى ضمنها ان بعض الشركات المساهمة تنهب وتضرب ضرب غرائب الابل دون ان يكون لوزارة التجارة دور فيما يجري مستشهدا بمقولة مدير ادارة الشركات في الوزارة داود السابج لجريدة «الأنباء» أمس: إن دور الوزارة هو «ضيف شرف» لغياب التشريعات الصارمة، ويرى الصديق ان هناك تلاعبات تتم في سجلات المساهمين وفي الحضور وفي ميزانيات الشركات لصالح بعض الادارات المتلاعبة ويستغرب من ان وزارة التجارة التي تمنح التصاريح للشركات لا تملك حق مراقبتها في وقت يجب ان تختص ادارة الشركات ـ لا المحاكم ـ بشرعية الجمعيات العمومية وقراراتها، ولنا عودة لاحقة للموضوع.

وشكوى مريرة من رئيس جمعية تعاونية أشهد له بالكفاءة والأمانة الشديدة يرى ان قانون الجمعيات الجديد به كثير من الايجابيات الا ان به سلبيات قد تقضي على تلك الايجابيات حيث ان تحديد وتقصير مدة بقاء مجالس الادارات قد يعني وجود ادارات جديدة للجمعيات طوال الوقت لا تملك الخبرة اللازمة مما سيفتح المجال للادارات التنفيذية للعب والتجاوز الشديد على اموال المساهمين، ويطلب ضمان وجود خبرات في مجالس الادارات.

وقوف بعض النواب بشكل مسبق مع أو ضد أي قضية (استجواب أو غيره) يحسب عليهم لا لهم حيث ان الحكم العادل يتم بعد المداولة أما الحكم الجائر القائم على الأهواء فيصدر قبلها، في كل قضية تطرح اسمعوا وأنصتوا وحكّموا ضمائركم ثم أعلنوا احكامكم للتاريخ وللأجيال المقبلة كي لا نخلق اعرافا لم يشهد لها العالم مثيلا تمزق ما تبقى من ثوب ديموقراطيتنا الذي ملأته ممارستنا السالبة ثقوبا حتى لم يبق منه ما يستر العورة.

آخر محطة:

(1) رغم ما يرفعه الاشتراكي ونصير الضعفاء والفقراء (!) مصطفى بكري من شعارات فضفاضة لا يؤمن شخصيا بها بدلالة «البزنس» المتضخم الخاص به وما يصرفه من مبالغ باهظة على صحيفته وحملاته الانتخابية، الا انه في النهاية قلم يمكن استقطابه بدلا من تركه يعتاش على مليارات أبناء صدام (المتباكي عليهم) المنهوبة من دماء الشعب العراقي.

(2) وكانت «حلوة» من بكري استباقه للزمن وإعلانه كذبة اول ابريل في نهاية فبراير عبر حكاية فقر وضنك عيش عائلة وأيتام صدام.. وهو بالطبع واحد منهم!

(3) اشكالية ومظلمة العرب الحقيقية ليست في قلة «الدكر» منهم كما ذكر بكري، بل بوفرة من جعلوا انفسهم حظايا ونساء وأيتاماً للطغاة ولـ «الدكور» الزائفين منهم، «دكر» ويختبئ كالفأر في الغار، ماذا لو كان غير ذلك؟!

احمد الصراف

مخيرق.. اليهودي الشهيد

لفت صديق نظري لمقال كتبه أحد الكارهين لكل جميل في الحياة تعلق بحادثة القبض على أحد اليهود في دولة عربية في بداية خمسينات القرن الماضي، بتهمة مساعدة اسرائيل، وكيف حكم عليه بالاعدام، وتم تنفيذ الحكم في ساحة امتلأت بعشرة آلاف «فضولي»! ويبدو ان صاحبنا نسي ان حادث سير في اي ساحة من مدننا يمكن ان يجذب الآلاف لوفرة اعداد العاطلين عن العمل والفضوليين في كل شارع وحي.
***
يقول د. مقتدر خان (*) ان هناك الكثير من القصص التي يتجنب ائمة مساجدنا التطرق اليها في خطب الجمعة، ومنها قصة «مخيرق»، اليهودي وراباي المدينة المنورة.
كان مخيرق من اغنياء المدينة، وكان زعيم قبيلة «ثعلبة» وشارك في عام 625 ميلادية في معركة «أحد» الى جانب المسلمين. وقد طلب مخيرق من قومه الانضمام اليه في الحرب، ولكنهم رفضوا لكون اليوم سبتا، وهم لا يقومون بشيء في ذلك اليوم، فلعنهم مخيرق لعدم فهمهم لمعنى «السباث»، وأوصى بثروته، ان قتل، ان تذهب بكاملها للرسول. وعندما نشبت المعركة كان مخيرق من اوائل «شهدائها»، وعندما سمع الرسول بموته، بعد ان تعافى من اصاباته البليغة، قال ما معناه انه كان افضل اليهود.
انتقلت تركة «مخيرق» للرسول وتضمنت سبعة بساتين، وثروات اخرى، وشكلت نواة اول وقف في الاسلام، وساهمت تلك الثروة، حسب قول «مقتدر خان» في التخفيف من عوز الكثيرين في المدينة.
***
ان مثل هذه القصص لا يميل لسماعها او التحدث عنها الكثير من الدعاة ورجال الدين والمتاجرين فيه، من كتاب وغيرهم، لانها ببساطة تشكل خطرا على مكانتهم وقوت يومهم. فتجارة الكثير من هؤلاء تعتمد على بث الفرقة بين المسلمين وغيرهم، وتكريس كراهية الآخر وبث الاعتقاد بان جميع اليهود مجرمون وغيرهم سفلة منحطون وان من صميم اهداف هؤلاء الاساءة لنا ولديننا والعمل على افنائنا!
(*) مقتدر خان، استاذ الدراسات الاسلامية في جامعة ديلاور في اميركا.

أحمد الصراف