سامي النصف

القذف من خلف ستار الحصانة!

بعد تصريح النائب حسن جوهر الشهير بأنه سيشهد أمام لجان حقوق الإنسان الدولية ضد بلده الكويت، عاد بالأمس للطعن في أبناء بلده المخلصين القائمين على الجامعة و«التطبيقي»، مما يدل بشكل قاطع على أن الدكتورين الفاضلين الفهيد والرفاعي يسيران ويخدمان بلدهما بالشكل الصحيح، فلو كان الاثنان ممن يغيبون ضمائرهم ويقبلون توسط من لا يستحق لحصدوا ثقة البعض ولاستبدل العداء بالثناء الشديد.

 

إن الطعن في الشهادات قد حسمته المحاكم ـ كما يعلم النائب ـ لصالح مدير عام التطبيقي حين أصدرت أحكامها النهائية من محكمة التمييز ضد من طعن في شهادته العلمية، ولو كان ذلك الطعن صحيحا ـ وهو جزما غير ذلك ـ لأدان النائب قبل المدير لسكوته طوال الأعوام الماضية التي تردد خلالها على المدير في مكتبه، مما يعني اعترافا صريحا بشهادته ومكانته، وقبل ذلك عندما كان النائب عضوا في اللجنة التعليمية لمجلس الأمة، وكان الدكتور عميدا لكلية الدراسات التجارية لمدة ست سنوات طوال، ولو كانت الدعوى محقة لطالب كعضو في تلك اللجنة بإقالته من ذلك المنصب الأكاديمي الرفيع.

 

إن الحقائق الجلية تظهر أن الدكتور الفاضل يعقوب الرفاعي قد حصل على البكالوريوس بدرجة جيد جدا من جامعة الكويت، ثم أُرسل في بعثة حكومية، حيث حصل على الماجستير وبعدها ـ لا قبلها ـ الدكتوراه من جامعة كليرمونت الشهيرة التي تخرج فيها كثير من رجال الدولة الكبار الذين لم يطعن أحد في شهادتهم أو في أهلية تلك الجامعة العريقة، وأما الدكتور الفهيد فموقفه وهو مريض ـ إن صح الادعاء ـ خير من موقف ألف من الأصحاء المجاملين.

 

ويعلم الجميع أن التعليم قد دُمر في الماضي بسبب المجاملات وقبول الوساطات فيها لا يجوز التوسط فيه ونعني القضايا الأكاديمية والتعليمية، ويأتي هجوم من تغيرت عليه الأوضاع كشهادة وصك براءة لمسؤولي الجامعة والتطبيقي، ونأمل أن يكون الرد الحاسم على الهجوم غير المبرر هو الإسراع بإعلان التمديد للدكتورين الفاضلين كأمر مستحق ولتعزيز هيبة السلطة التنفيذية تجاه من يحاول القفز على مواد الدستور وسلب صلاحياتها.

 

لقد ضجت الناس ومجت من عمليات الابتزاز والتشهير القائمة على معطى «حقق لي مطالب وافعل بعدها ما تشاء»، أو بالمقابل إن رفضت ما أطالب به فسأستخدم حصانتي البرلمانية في غير موضعها وسأجعلها ستارا أقذف من خلفه الآمنين بالأحجار والدعاوى الكاذبة الزائفة. ولا حول ولا وقوة إلا بالله.

 

آخر محطة: الحمد على سلامة الزميل العزيز فؤاد الهاشم ونتمنى عودته قريبا لأهله وبلده وقرائه الكثر، وما تشوف شر يا بوعبدالرحمن.

احمد الصراف

الوطن العائم 3 ـــ 3

ما إن انتهت عملية التحرير وسارت السفينة في طريقها تتهادى بكل جلال حتى هبت ريح شمالية قوية عليها، ما لبثت ان تحولت لشرقية عاتية قبل ان تنتهي لجنوبية قاتلة ارتفع خلالها الموج عاليا، ولكن الأمور هدأت فجأة ولكن بعد ان تركت وراءها عددا من الضحايا والخسائر المادية، وبيّنت، وما سبقها من تجربة الاحتلال، مدى الحاجة لمشاركة الآخرين الرأي وعدم التفرد به، وان العودة لبرنامج التعاون السابق على الاحتلال هو الافضل. وعلى الرغم من اتفاق الجميع على ذلك فان التعاون لم يستمر طويلا، حيث اعتقد كل طرف ان الطرف الآخر يعتدي على «صلاحياته»، مما اضطر لحل لجان التعاون والتفرد، فساد التذمر والاحتجاج، ولكن مقاومة الركاب وبعض البحارة السلبية اعادت اللجان للعمل بروحية جديدة، مما كان له احسن الأثر في احداث تغيرات ايجابية ساهمت في تطمين النفوس القلقة، وتبين انه كان القرار الافضل لسلامة المركب وبحارته وقاطنيه.
سارت الامور على ما يرام لفترة، ولكن دوام الحال من المحال، فقد بدأت العلاقة بين الطرفين بالتخلخل، بعد ان اكتشف احد اعضاء اللجان الفرعية قيام بعض البحارة بالاستحواذ على كميات من طعام اكثر من حاجتهم، وقيام بحارة آخرين بالضغط على الربان لاعطائهم مساحات اكبر من السفينة لمزاولة تجارتهم ورغد عيشهم. وهنا بدأت عمليات الشد والجذب واضطر النوخذة للتدخل ووضع حل لخلافات البحارة والركاب، ولكنه غض الطرف عن بعض التجاوزات، مما ترك اثرا سيئاً في نفوس البعض وزادت الاعتراضات السلمية على ما يرتكب من مخالفات، الامر الذي دفع الربان لحل اللجنة مرة اخرى، لم يقبل الركاب بالوضع واستمر الشد والجذب بين الطرفين وانتهى الامر بتشكيل لجنة رئيسية جديدة.
سارت الامور لفترة على ما يرام ولكن النوخذة وبحارته احسوا ان من الافضل شراء ولاء فئة من الركاب لمساعدتهم في السيطرة على الاوضاع في السفينة، وهكذا سهلوا امر فئة محددة واطلقت يدها في العديد من المجالات، وبدأ هؤلاء بمصادرة كل الآلات الموسيقية بحجة انها «حرام» ثم تبعوها بأوراق اللعب وصادروا الكتب ومنع الجديد منها، وأصبح اداء الشعائر الدينية اجباريا وتم تقنين المؤن الغذائية بحيث تكون الاولوية في التوزيع للمرضي عنهم، وسنت انظمة تحرم الكثير على الاقليات وصودرت صحون التقاط القنوات، وطلب من النهام الجديد، الذي تحول سلفه لمؤذن، الابتعاد عن الشدو بأغاني الامس لاحتوائها على ما يخدش مشاعر البعض، ومنعت الافلام والمسرحيات وحتى الصور المتحركة لكونها مفسدة للاخلاق، وقصروا اطوال ملابسهم واطالوا لحاهم واستبدلوا فراشي الاسنان بمساويك، ولم تلق اعتراضات الركاب اذنا مصغية، وتدنى مستوى المعيشة وغادر البعض السفينة وفضل آخرون الانزواء والتفرغ لاعمالهم والسكوت على كل تجاوزات الملالي الجدد، وهذا افسح المجال للقطط السمان بحيث اصبح «المخامط» السمة السائدة، واصبح الملالي سادة الساحة وأصبحت السفينة، ولأول مرة، معرضة للخطر من الداخل، فهل ستنجو من هذه الكارثة؟

أحمد الصراف