سامي النصف

غبار ومطار

دعا الأمير متعب بن عبدالله وفود الجنادرية لحفل غداء على شرفهم يوم الجمعة الماضي، وكان اليوم شديد الغبار حتى تسبب في إغلاق مطار الرياض وتأخر سفر الصديق د.محمد الرميحي، حال الجلوس ألقى الأمير متعب كلمة قصيرة قال فيها «لقد حضرتم هنا لرؤية ومتابعة التراث السعودي، ولا شك أن ما تشاهدونه من غبار هو جزء من هذا التراث»، وكانت لفتة ذكية وطريفة.

وتزامن هبوب الغبار مع فتوى أحد المتشددين بهدم الحرم الشريف فعلق أحد الزملاء في جريدة الوطن السعودية قائلا: إن ذلك المتشدد قد فتح مخه المغلق منذ قرون في ذلك اليوم المبارك لإصدار تلك الفتوى فخرج معها ذلك الغبار المتراكم والذي غطى الأرض والسماء.

ومن الغبار الى المطار واشكالية قائمة هذه الايام في مطار القاهرة الذي نقترح تسميته بمطار مبارك كونه الرئيس «الطيار» الوحيد في تاريخ مصر، تلك الاشكالية بدأت عندما أضيف الى المطار القديم (مبنى 1) المختص برحلات مصر للطيران مبنى جديد (مبنى 2) والذي خصص لشركات الطيران الأخرى الخليجية والعربية والأجنبية.

بعد مدة جدد المبنى «1» فأصبح بالتبعية المطار الجديد وأنشئ به 3 صالات أو مباني (1 و2 و3)، ثم تبع ذلك إنشاء صالة جديدة لمصر للطيران في المبنى الجديد الذي أصبح قديما بالتبعية وسميت بالصالة «3» اضافة الى الصالتين «1 و2» المجاورتين لها في ذلك المبنى، ولم يكن ذلك الأمر تعقيدا بل تم هذه الايام نقل الشركات الخليجية الى صالات المطار القديم الذي أصبح جديدا.

وعليك أن تتصور مشاكل الركاب في معرفة أي من المبنيين عليهم التوجه له، خاصة ان تعريفات «جديد، قديم» لم تعد ذات جدوى، كما ان الاستشهاد بالارقام (المبنى 1، 2، 3) لا قيمة له لتشابهها في الموقعين، لذا فالافضل لو سمي أحد المبنيين ضمن مطار مبارك الدولي باسم رمسيس (فرعوني) على سبيل المثال والثاني باسم إسلامي (المعز) أو باسم أول طيار مصري حتى يتم التسهيل على المسافرين، فقد حزنت وأنا أستمع لزوج وهو يعنف زوجته القادمة لاستقباله بصوت عال كونها لم تعرف أيا من المباني تتجه له.

رغم المليارات التي صرفت لتطوير مطار القاهرة بشكل يدعو للفخر والزهو، الا أن بعض المنغصات الصغيرة (غير الموجودة في أي مطار آخر في العالم) مازالت قائمة وإشكالها انها مرتبطة بأول وآخر انطباع للزائر وهما الانطباعان المهمان، المنغص الاول هو العسكري الذي تنتظر بالدور في السيارة حتى يسألك بعد الوصول عن اسمك ومكان توجهك، الثاني هو تدخل رجل الأمن عند المغادرة بطلب رقم حجزك وإحضار ورقة تثبت ذلك الحجز الذي هو علاقة مباشرة بين الراكب وشركة الطيران في عصر التذكرة الالكترونية والذي يفترض ان توفر الورق، اضافة الى حقيقة ان هناك كثيرين من رجال الاعمال وغيرهم يعتمدون كثيرا، بسبب المتغيرات السريعة، على السفر دون حجز والرهان على الكراسي الفاضية في الطائرة.

آخر محطة:

نشرت صحيفة «المصري اليوم» خبرا على صدر صفحتها الاولى أنشره دون تعليق واليكم نصه: «عاقبت المحكمة الاقتصادية النائب ياسر صلاح عضو الحزب الوطني بالحبس سنتين مع الشغل والنفاذ وتغريمه 50 ألف جنيه بعد إدانته بتهريب 500 هاتف نقال، وقد رفض وزير المالية العضو في نفس الحزب التنازل عن القضية كما يحدث عادة مع المهربين الآخرين وطالب بإحالة القضية للمحكمة الاقتصادية» انتهى.

احمد الصراف

يوم في حياتي

استيقظت اليوم مبكرا مع أصوات العصافير والفجر يحاول تمديد وقته، ليعطي الطيور ما يكفي من الهدوء، قبل أن يبدأ صخب الحياة. تسللت من غرفة النوم، مرتديا بنطالا قصيرا وحذاء رياضيا، وانطلقت إلى ممشى المنطقة. عدت بعد ساعة لتناول إفطاري المعتاد، وأنا استمع لفيروز تشدو «طلعت يا محلى نورها شمس الشموسة» ، وهنا خطر على بالي أمر لم أفكر قط في القيام به، وهو ألا أذهب إلى العمل في ذلك اليوم! فطوال 45 عاما لم أنقطع عن عملي الوظيفي أو التجاري يوما واحدا، إلا لظروف قاهرة! وهنا بدأت من فوري بوضع برنامج اليوم بعيدا عن الهاتف النقال والقيل والقال وقبض الأموال وصرفها!
خرجت من البيت مرتديا السهل من الثياب واتجهت إلى «ستاربكس» لارتشف قدحا من الكابوتشينو، والتقيت هناك بصديق قديم أصر على دفع فاتورة القهوة عني كدليل على سروره لما كتبت في ذلك اليوم، وهذه أول مرة أستفيد فيها بطريقة مباشرة مما أكتب. ثم انطلقت بعدها إلى صالة خاصة تقوم بعرض بعض أعمال الفنان كامل الفرس، المتعدد المواهب، وحجزت واحدة منها، كما زرت معرضا آخر، وكان للفنان التشكيلي الكبير سامي الصالح، المشهور بسامي محمد، وهناك أيضا حجزت تمثالا يرمز لتعانق مشاعر الغضب مع الحديد الصلب. وقبيل الظهر قمت بزيارة مكاتب «دار الآثار الإسلامية» للحصول على برنامج الموسم الحالي، وتبين لي كم هو دسم ومفيد، ومدى ما بذل المشرفون من جهود جبارة في ترتيبه، ووجدت أن الدار بصدد ترتيب أمسية موسيقية في الليلة التالية لمغنية الأوبرا الكويتية العظيمة أماني الحجي على مسرح الدار في حولي، وهو المسرح نفسه الذي استضاف قبلها عازفة البيانو والفنانة رينارا أخوندوفا. كما تبين أن فرقة إذاعة راديو وارسو، التي تزور الكويت بمناسبة مرور 200 عام على ميلاد الموسيقار العالمي شوبان ستعزف لساعتين في صالة الهاشمي 2 في فندق ساس، ومنيت نفسي بسهرة عظيمة في تلك الليلة. ومن هناك اتجهت إلى السالمية للاطلاع على بعض أنشطة جماعة «لوياك» النشطة، وفي الطريق استمعت للشريط الخاص والجديد الذي أهداني إياه عازف البيانو الشاب والواعد حمد العماري، ابن أخ الفنان الكبير سلمان العماري، آخر أساطين مؤدي أغاني البحر القديمة، وتضمن الشريط بعضا من أغاني حمد الإسبانية الجميلة.
وبعد أن خرجت من «لوياك» أوقفت سيارتي على شارع الخليج «العربي» وتمشيت على الشاطئ، وأنا أستمع من خلال الآيبود لكلمات مرتجلة لزياد الرحباني واشعار لفاروق شوشة. وفي طريق العودة إلى البيت استمعت لمزيد من المعزوفات الكلاسيكية العالمية مع أغان إيطالية قديمة، وأنهيت اليوم بالاستماع لأغنية «سكن الليل» لفيروز، بعد أن خرجت من الهاشمي 2، وعندما وضعت رأسي في نهاية اليوم على الوسادة تذكرت أن كل ما قمت به في ذلك اليوم من أفعال جميلة يعارضها نصف أعضاء مجلس الأمة وجميع أولئك «الأفذاذ» الذين وقعوا عرائض تطالب بتسهيل دخول فلان للكويت أو منع آخر من دخول جنتها وكأنهم نواب رضوانها.

أحمد الصراف