محمد الوشيحي

حرية تلنتش

بدءاً، وقبل كل شيء، أنا لا أفرق في الشكل بين البامية والكوسة، ولا أميّز بين الرخمة والشيهانة، ولا بين الجمل والناقة، ولا الهامور والميدة، ولا المرسيدس والمازدا. فأنا ولله الحمد، غشيم غشوم. أنا فقط، أو «فكَت» كما تنطقها مذيعة الفضائية المصرية، أميز الشعر غثه وسمينه، وأميّز الكلمة والجملة والفقرة لهذا الكاتب أو ذاك، وأميز النساء بعضهن عن بعض، فهذه عليها القيمة وتلك عليها العوض، والأهم، أميّز الرجال وأعرف معادنهم، وأعرف أن أي نائب يمكن أن تفاوضه الحكومة، مجرد تفاوض، لتليّن دماغه وتغيّر قناعاته، هو نائب رخمة، بالطوابع والختم والتوقيع.

وعليّ النعمة، لو أن مسؤولاً حكومياً زار الرئيس الرمز أحمد السعدون في منزله بقصد إغرائه وإغوائه كي يغيّر السعدون موقفه، لنهض السعدون فوراً وأغلق الباب الخارجي بالضبة والمفتاح، وعاد لينتف حاجبَي المسؤول شعرة شعرة. لماذا؟ لأنه أحمد السعدون لا أمّ لك. ولو أن المسؤول ذاته زار النائب الفذ مسلم البراك لخرج المسؤول وعلى وجهه آثار أقدام، ليست للفراعنة. ليش؟ لأنه مسلّم البراك يا ابني.

وبالنسبة إلى النائب سعدون حماد العتيبي، فلا أظن أحداً يمكن أن يقبل أن تتعرض (طوايفه) – الذين هم عشيرته وأهله – للشتم والتوبيخ ويسكت عن الوزير الساكت، مهما كانت المبررات والمغريات والأسباب. أما حجته بأن المستجوبين لم ينسقوا معه، فأذكره بأن الحكومة أيضاً لم يسبق لها أن نسقت معه، ومع ذا نجده يصوّت دائماً مع الحكومة. ولن يضيره لو أنه اعتبر النائب الدقباسي اليوم هو الحكومة، ومشى خلفه عمياني كعادته.

أما بالنسبة للحريات، فحقيقة لا أدري، هل ما يردده البعض من أحاديث عن «حرية الآراء» هو من باب العبط والاستعباط، أم أنهم جادون؟ فالقانون يمنع التعريض بأي شريحة في المجتمع أو إهانتها أو ازدراءها. وفي سويسرا، التي هي سويسرا، والتي تضم قوميات ولغات عدة، لو تجرأ أو تجشأ أحد هناك وتعرض لأي قومية سويسرية لضُربت الكلبشات في يده هو والمسؤول الحكومي الذي لم يوقفه عند حده. فكرامات الناس في سويسرا خط أحمر ناري، والمناصب الوزارية هناك ليست آيس كريم تُمنح للدلوع غزير الدموع. لذلك أصبحت سويسرا سويسرا، ولذلك أيضاً يعجز أبناء العجائز عن السير على طريقها.

ثم ما حكاية «حرية الرأي» التي نستخدمها مرة ونتركها مرات، فإذا شُتِمَ الآخرون وغضبوا، تباكينا عليها، وحذّرنا من تشويه خدّها الناعم، أما إذا تعرضت مصالحنا للخطر فهي «كخّة» ونحن شعب لا يستحق الحريات! فعن أي حرية تتحدث يا عمنا الفاضل وأنت في الكويت؟

ويا أيها النواب، أنتم تعرفون البير وغطاه والذي غطّاه، وكثر الكلام يقل المعرفة، والناس ليسوا مثلي، بل يعرفون الفرق بين الكوسة والبامية والفلفل الأحمر الحار… وفتّكوا بعافية. 

حسن العيسى

مخاطبون بحكم القانون لا بحكم الشرع

نحن مخاطبون بحكم القانون الوضعي لا بحكم الشريعة الإسلامية، القانون يعني هنا التشريع المدني أو التجاري إلى بقية القوانين الصادرة من سلطة التشريع، حتى قانون الأحوال الشخصية يعد، في هذا المقام، قانوناً وضعياً ولو كان أساسه الفقه الإسلامي ما دام نفاذه متوقفاً على الإرادة التشريعية، وإذا كانت المادة الثانية من الدستور تنص على أن "دين الدولة الإسلام، والشريعة مصدر رئيسي للتشريع" فلا يعني هذا أن الشريعة الإسلامية هي القانون الحاكم، وإنما هي مصدر من "مصادر" التشريع. على ذلك، فالحكم الصادر من المحكمة الكلية برفض الفوائد البنكية هو اجتهاد خاطئ من المحكمة حين طرحت حكم القانون جانباً وأعملت حكم الشرع أو اجتهاد البعض في حكم الشرع.
وليس هناك من مشكلة، فالبنك يمكن له أن يستأنف الحكم، وبالتأكيد فإن ذلك الحكم سيُلغى أمام المحكمة الأعلى درجة، هنا تحسم القضية أمام المحاكم ذاتها ولا أحد يخشى في هذه الحالة على حقه، لكن حين نترك القضايا والمحاكم ونتجه إلى مجمل أوضاع الدولة تحت وطأة حمَّى المزايدة الدينية ويتصور البعض أنه لا مكان للقوانين الوضعية وأن "فهم" الفقهاء للشرع هو ما يجب أن يحكم الدولة، وأن قوانين الدولة تخالف الدين الإسلامي، كما "يفهمونه" فهنا تكمن الكارثة التي لا تعني سوى حرق الدستور من أول حرف من نصوصه إلى آخر حرف ونسف النظام القانوني للدولة كله.

احمد الصراف

عشاء وطني..وجني«التربية»

دأبا على عادتها السنوية الرائعة، قامت ادارة بنك الكويت الوطني -مشكورة- باستضافة البروفيسورة «كونداليسا رايس» وزيرة الخارجية الاميركية السابقة في الكويت لتلقي كلمة في حفل عشاء فاخر، وكان ذلك يوم الاحد 3/14. تألقت الوزيرة السابقة، ومن واقع خبرتها السياسية والاكاديمية الطويلة ابدعت في كلمتها الموجزة وتمكنت من ان تضع يدها على العديد من النقاط المهمة التي كانت تشغل بالي انا على الاقل. كما بينت كلمتها كم هو ضروري تمسكنا بالتفاؤل، بالرغم من كل اجواء التشاؤم التي تحيط بنا محليا او تلك التي تسود بقعا كثيرة في العالم حولنا.
ما لفت نظري في حفل العشاء، اكثر من اي شيء آخر، ذلك الحضور النسائي الطاغي، فاضافة الى ضيفة الحفل ومتحدثته كانت هناك السفيرة الاميركية، وهي اول امرأة تشغل مثل هذا المنصب الرفيع في الخليج، كما كانت هناك نائبات من مجلس الامة ووزيرات سابقات وناشطات سياسيات وجمع من سيدات الاعمال، وهو حضور «نسائي نوعي» غير مسبوق في مثل هذه المناسبات التي كانت عادة ما تقتصر على الرجال، الا ما ندر.
وهذا التنوع في الحضور هو الذي يظهر وجه الكويت المشرق ورقيها، وليس ذلك المنطق الذي يحاول الآخر من خلاله سوق المرأة خلفه كالقطيع من غير احترام لآدميتها ولا اهتمام بمكانتها كزوجة او ام او ابنة او اخت او حتى زميلة عمل. ومعروف ان نظرة المجتمع للمرأة، ومكانتها فيه هما الوسيلة الاهم والاكثر فعالية لمعرفة مدى تحضر او انسانية اي مجتمع!

***
تطرقت في مقال سابق لموضوع قيام معلمة في مدرسة خاصة بادخال الرعب في قلوب الاطفال بروايتها لقصص خرافية عن قيام البعض باخراج الجن من الاصبع وما الى ذلك. وقد قام السيد الوكيل المساعد للتعليم الخاص بارسال كتاب لنا، نشرت «القبس» نصه يوم السبت الماضي، بين فيه ان الموضوع تمت متابعته من اعلى سلطة في الهرم التربوي، وان زيارات متكررة تم اجراؤها للمدرسة المقصودة بالمقال، وتم توجيه المعلمة المعنية، وباقي المعلمات، بضرورة التقيد بمواد المنهج الدراسي والبعد عن الاسفاف وتشويش العقول. كما ورد في الرد ان اصحاب المدرسة تمت مخاطبتهم لمتابعة المعلمين وتأكيد التزامهم بالمنهج.
وهذا ما كنا نتوقعه من تجاوب كبير من سيدة بمستوى وقدرات الاستاذة موضي الحمود التي نتمنى ان تطول اقامتها في «التربية» لتخلص هذه الوزارة السيئة الحظ مما لحق بها من تخلف على مدي عقود طوييييييلة!!

أحمد الصراف