علي محمود خاجه

أفتخر بشنو؟!

ولأنني أحب تميز أبناء وطني، فأنا أحرص دائما على حضور هذه النوعية من الفعاليات والمعارض، وآمل مع ذهابي إلى كل معرض أن أجد إبداعا كويتيا أتفاخر به أينما ذهبت، ولعل أبرز تلك المعارض في رأيي هو معرض «كويتي وأفتخر P2BK»، ومع كل زيارة أرجع بمعية آمالي خائبا من المجمل وفرحا ببعض الاستثناءات.

فأنا أشاهد أكثر من 60 قمرة متنوعة الألوان والأشكال، والمضمون متشابه، فهذا الذي يستورد بعض الملابس الرياضية من الخارج، وتلك التي وضعت لمساتها على بعض الملابس الجاهزة، وآخر لوّن بعض إكسسوارات الهواتف، وأخرى تجيد فن صناعة الحلوى، وآخر حاز وكالة من شركة أجنبية… لا داعي أن أستطرد فقد وصلت الفكرة على ما أعتقد.

لا مانع بلا شك أن ينمي المرء هوايته وموهبته سواء كانت فنية أو تجارية أو رياضية أو غيرها من المواهب والهوايات التي توافق ميوله، لكن هل حقا تستحق الأمثلة السابقة وشبيهاتها أن تكون مدعاة للفخر وأن يرفع لها شعار «رفعي راسج ياكويت»؟

نعم هناك أمثلة وإبداعات في تلك المعارض تستحق الإشادة ورفعة الرأس أيضا، ولكنها لا تتعدى للأسف حسب متابعتي الـ5% من محتوى المعارض، والبقية الباقية هي هوايات معروضة لا أكثر.

ولا يمكنني بأي شكل من الأشكال أن ألقي كل اللوم على شباب المعرض وأصحاب الهوايات والمواهب، فهم في النهاية ضحية لدولة سعت بشتى الطرق، ولاتزال في سعيها، إلى استخدام أقل وأصغر جزء ممكن من العقل، وهو ما يجعل الفكر يتمحور في أفق ضيق لا يتسع لأكثر من طعام لذيذ ولباس جميل والبحث عن الأموال.

نحن بحاجة حقا إلى أن نتمرد على ظروفنا التعيسة وعلى مفاتيح العقول الكثيرة لنتمكن فعلا من أن نكون كويتيين تفخر بنا الكويت.

ضمن نطاق التغطية:

لا يفوتني إلا أن أشير إلى أن الشاب ضاري الوزان وزملاءه القائمين على معرض «كويتي وأفتخر» هم أبرز المبدعين في معرضهم (رغم التحفظ على محتوى المعرض) لأنهم تمكنوا من استقطاب الشركات لرعاية المعرض رغم ما تبقى من الأزمة المالية، بل تمكنوا أيضا من جلب اهتمام القيادة السياسية في الدولة لهذا المعرض، وهو أمر بلا شك يحسب لهم، ومن الممكن أن يصنف كإبداع كويتي حقيقي.

خارج نطاق التغطية:

وجهت كلامي ناصحا للأستاذ جعفر رجب في مقالي السابق على خلفية مقال منسوب إليه نشر في أحد المواقع الإلكترونية، وقد نفى الأستاذ جعفر ما نسب إليه في ذلك الموقع، لذا فأنا أعتذر إن ساهمت في نسب مقالٍ إلى الأستاذ جعفر، هو قام بنفيه، وأعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

الأنبياء بعد خاتم الأنبياء

نشرت صحيفة الوطن السعودية نص الفتوى التي أدلى بها د.يوسف الأحمد بهدم المسجد الحرام وإعادة بنائه لإقرار مبدأ عدم الاختلاط الذي يؤمن به، ومما قاله حرفيا «فما المانع أن يهدم المسجد الحرام كاملا ليكون ضخما بالأضعاف، عشرة أدوار أو عشرين أو ثلاثين دورا».

واضح أن رب العباد، جلّت قدرته، لو أراد منع أداء المناسك بصورة مشتركة، ولا أقول الاختلاط، لأمر ولا راد لأمره، بأن يؤدي الرجال مناسك الحج أو العمرة يوما والنساء يوما آخر، أو أن تؤدي النساء المناسك نهارا والرجال ليلا إلا أنه أمر، وهو العالم بالعالم قديمه وحاضره ومستقبله، بأن تؤدى المناسك في بيته مشتركة بين الخلق كافة، ومخجل أن يوصي أحد وكأن في ذلك الأمر خطأ يجب تصحيحه بإعادة بناء الحرم.

إشكالية الإسلام الكبرى هي في متطرفيه، كونهم يعتبرون وبحق ألد أعدائه حيث يضعون أنفسهم أربابا من دون الله جل جلاله، وأنبياء بعد أن ختمت الرسالة برسول الرحمة صلى الله عليه وسلم، فيحلون بأقوالهم وأفعالهم ما يحرّمه الدين الحنيف (كحرمة الدماء والأموال)، ويحرّمون ما تحلّه (العلوم الحديثة) ويضعون أنفسهم في موضع من يعلم بما لا يعلمه رب العباد أو المزايدة عليه في رحمته ومغفرته، وهناك مئات الأمثلة على ذلك وسأعطي القليل منها للدلالة لا الحصر.

أتى في النص القرآني المنزّل، ولا اجتهاد بوجود النص، أن المرض (دون تحديد، أي قد يكون زكاما بسيطا) والسفر يبيحان الإفطار في رمضان إلا أن بعض أهل الفتوى وبعض أهل الطب المؤدلجين ما ان يسألهم أصحاب الأمراض الخطيرة كالقلب والسكر عن الصيام حتى يأمروهم بالصيام مع علمهم أن ذلك النصح المزايد على رخصة رب العباد قد يؤدي للتهلكة وأنه أمر لا يُقال به قط خارج الشهر الفضيل.

والأمر ذاته عندما يسأل بعض الطيارين المؤتمنين على أرواح المئات عن الصيام في عملهم فيأتيهم الأمر أو الفتوى بأن يصوموا رغم أن الرخصة الإلهية قد أعطيت للراكب من غير ذوي المسؤولية، وفي هذا السياق لم يسن رب العباد أو رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم، عقوبات على غير المسلمين أو المسافرين والمرضى من المسلمين عندما يمارسون إفطارهم علنا بينما زايد المتنطعون والمتشددون في ذلك الأمر وفرضوا العقوبات على المفطرين بعذر وكأنهم يدّعون النقص والقصور في التشريع والدين.

مثل ذلك ما هو معروف من أن الأصل في التشريع هو الإباحة، وان ما لم يحرمه رب العباد، وهو العالم بأمور الدنيا قديمها وحديثها، لا يجوز تحريمه بناء على الأهواء ولإظهار السطوة والكهنوتية، ومن ذلك ما نقرأه كل يوم من مزايدات جاهلة تحرّم كل علم حديث يفيد الإنسان أكرم خلق الله، ثم يتم التراجع دون خجل لاحقا، وينسى هؤلاء الكهنة أن تحريم الحلال قد يكون أكثر ضررا من تحليل الحرام كونه يعطي دلالات على أن هناك قصورا في الدين تم سدّه.

آخر محطة:

(1) أتت آيات رب العباد واضحة بتحريم الدماء والأمر بالدعوة بالموعظة الحسنة، وبعض الكهنة الجدد يستبيحونها ويتبارون في شتم المسلمين بأقبح الألفاظ كوسيلة.. للدعوة!

(2) كان رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم يجهد نفسه لإدخال الناس في الإسلام بينما يتسابق الأنبياء والكهنة الجدد على إخراج المسلمين من الإسلام، فهذا رافضي وذاك ناصبي وهذا صوفي وذاك ليبرالي.. الخ.

احمد الصراف

التصرف اللائق والسلوك الحسن

في صباح يوم قارس البرودة كنت أقف على رصيف محطة قطارات تحت الأرض في لندن، وكان ذلك قبل نصف قرن تقريبا، وكان على الرصيف ذاته رجلان عرفت من حديثهما أنهما كويتيان، أحدهما يتلقى العلاج في لندن والآخر مرافق له. وصل القطار بعد عشر دقائق طويلة وفتحت الأبواب بصورة أوتوماتيكية فقفزت للداخل فورا، وهنا قام أصغر الرجلين سنا بالطلب من الآخر ركوب القطار قبله، ولكن هذا وضع يده خلف ظهر صاحبه، وقال له «تيامن»، تقدم، فأنت على اليمين، ولكن الأصغر أصر والآخر أصر أيضا، وهنا أغلقت الأبواب وتحرك القطار، تاركا الرجلين مشدوهين على الرصيف!
هناك فرق بين الكياسة أو السلوك الحسن والمبالغة في اللطف، وأحيانا الإصرار عليه بشكل مزعج يفتقر إلى الكياسة أصلا، ويكون له أحيانا أثر عكسي، ولا يسري الأمر ذاته على كل تصرف. ففي مجتمعاتنا، بشكل عام، نفتقر إلى الكياسة والسلوك الحسن مع الآخرين، وكثيرا ما تتسبب تصرفاتنا الخالية من الذوق في جرح مشاعر الآخرين، أو تصدمهم، خاصة إن كانوا من القادمين من مناطق أكثر لطفا وحبا لمساعدة الغير أو تقديرا لظروفهم. وقد يعود سبب افتقادنا للسلوك اللائق إلى خشونة البيئة وقسوة الحياة بشكل عام من جهة، ومن جهة أخرى الى افتقار المناهج الدراسية، والحكومية بالذات، لمثل هذه المواد بشكل كاف، ونجد بالتالي أن التحدث بصوت عال، خاصة على الهاتف النقال، أمر عادي لدى الكثيرين، وبالذات في المكان والزمان الخطأين، كقاعة الاجتماعات والمستشفيات وحتى في دور العبادة. كما نجد بين طابور منتظري أي مصعد مزدحم من هو على استعداد للتصادم مع الخارجين منه وعدم انتظار خلوه تماما من ركابه. كما لا يتردد الكثير من المدخنين في التدخين في الأماكن التي يمنع فيها التدخين. كما اننا نفتقد عادة الإمساك بالباب بعد فتحه، لمن هو خلفنا، أو شكر من مسك الباب لنا للمرور. ونتردد، أو ننسى كثيرا، في تقديم الشكر لمن قدم لنا خدمة، ولو بسيطة، أو الاعتذار إن صدر منا فعل أو تصرف غير حميد.
ومن التصرفات الشديدة السوء عادة إيقاف المركبة خلف مركبات الآخرين وتعطيل أعمالهم بحجة عدم وجود مكان آخر لإيقاف السيارة. أو تجاوز الآخرين في الطرق السريعة باستخدام كتف الطريق، والتسبب في إتلاف مركبات الآخرين بالحصى المتطاير.
إن السلوك الحسن اللائق لا يكتسب بصورة تلقائية، بل يتعلمه الطفل من والديه أولا ومن المدرسة تاليا. وبسبب أهمية مثل هذه الأمور في حياة الإنسان فإن بعض دول «السنع» تخصص يوما في السنة لتعليم الأطفال السلوك الحسن. ونحن لا نطمع في تخصيص مثل هذا اليوم، فلدينا ما يكفي من الأعياد والمناسبات السنوية السياسية والاجتماعية والدينية التي لا تعني الكثير للغالبية منا، ولكن نتمنى أن يتم تضمين مادة السلوك، وربما آداب التصرف والجلوس إلى المائدة، وغيرها من التصرفات اللائقة لطلبة المراحل المبكرة لنبني جيلا يحترم الآخر.

أحمد الصراف